حكم الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
من المقرر شرعًا أن الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنَّة من سنن الصلاة مطلقًا، سواء كانت صلاة فريضة أم نافلة، على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب؛ مستدلين على ذلك بعموم قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98].
ولما رُوِي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين افتتح الصلاة قال: «اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، والْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم قال: أَعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيم مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
وما ورد عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنه قام يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَيْطَانِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ» رواه عبد الرزاق في "المصنف" واللفظ له، وأحمد في "المسند".
مفهوم الاستعاذة في الصلاة
الاستعاذة هي اللجوء والاعتصام بالله عزَّ وجلَّ، يقال: عاذ فلان بربه يعوذ عوذًا؛ إذا لجأ إليه واعتصم به، وعاذ وتعوَّذ واستعاذ بمعنى واحد. ينظر: "تهذيب اللغة" للإمام محمد الهروي (3/ 93، ط. دار إحياء التراث العربي).
ومقصود الاستعاذة قبل قراءة القرآن: هي نفي وساوس الشيطان عند القراءة. ينظر: "تفسير الرازي" (1/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي).
قال الإمام أبو البركات النسفي الحنفي في "كنز الدقائق" (ص: 160، ط. دار البشائر الإسلامية) عند عدِّه سنن الصلاة: [وسننها: رفع اليدين للتحريمة، ونشر أصابعه، وجهر الإمام بالتكبير، والثناء، والتَّعوذ] هـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 325، ط. دار الفكر): [قال الشافعي والأصحاب: يستحب التَّعوذ في كل صلاة، فريضة أو نافلة أو منذورة، لكلِّ مصلٍّ من إمام ومأموم ومنفرد ورجل وامرأة وصبي وحاضر ومسافر وقائم وقاعد ومحارب، إلَّا المسبوق الذي يخاف فوت بعض الفاتحة لو اشتغل به] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 343، ط. مكتبة القاهرة): [الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنَّة، وبذلك قال الحسن، وابن سيرين، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي] اهـ.
وفي رواية عن الإمام أحمد أنَّه واجب؛ قال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وسنن الأقوال اثنا عشر: الاستفتاح، والتعوذ).. وعنه أنهما واجبان، اختاره ابن بطة، وعنه: التعوذ وحده واجب، وعنه: يجب التعوذ في كلِّ ركعةٍ] اهـ.
وقال عطاء بالوجوب أيضًا؛ بناء على ظاهر الأمر الوارد في الآيات. ينظر: "البناية" للإمام بدر الدين العيني (2/ 188، ط. دار الكتب العلمية).
مذهب المالكية في الاستعاذة
بينما ذهب السادة المالكية إلى كراهة التعوذ قبل القراءة في الصلاة المكتوبة، وإلى جوازها في النافلة على قولين، وعلى تفصيلٍ في محلها: قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها، وإلى أن تركها أولى إلا أن يُراعي المصلي الخلاف فيها.
قال الإمام الدرير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 337، ط. دار المعارف، ومعه "حاشية العلامة الصاوي"): [(وكره تعوذ وبسملة) قبل الفاتحة والسورة (بفرض) أصلي، وجازا بنفل ولو منذورًا، وتركهما أولى ما لم يراع الخلاف] اهـ.
قال العلامة الصاوي مُحشيًّا عليه: [قوله: (تعوذ وبسملة قبل الفاتحة) إلخ: ظاهره وأسرَّ أو جهر، وهو ظاهر "المدونة" أيضًا.. وقوله: (ما لم يراع الخلاف): أي من غير ملاحظة كونها فرضًا أو نفلًا؛ لأنَّه إن قصد الفرضية كان آتيًا بمكروه كما علمت، ولو قصد النفلية لم تصح عند الشافعي فلا يقال له حينئذٍ مراع للخلاف] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاستعاذة الاستعاذة بالصلاة الاستعاذة بالله الاستعاذة بالله من الشيطان قبل القراءة فی الصلاة الاستعاذة قبل قال الإمام الله ع
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر يلتقي طلاب مدرسة "الإمام الطيب" ويُوصيهم بمواصلة الاجتهاد في حفظ كتاب الله وفَهم معانيه
استقبل الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اليوم الأربعاء، بمشيخة الأزهر، مجموعة من الطلاب الوافدين الملتحقين بمدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده؛ بحضور عدد من قيادات المدرسة والمعلمين والإداريين.
ورحَّب شيخ الأزهر بأبنائه الطلاب، معربًا عن سعادته بلقاء أبنائه المتميزين من حَفَظَةِ كتاب الله بمدرسة الإمام الطيب، مؤكِّدًا أن الاهتمام بحفظ كتاب الله هو الأساس في بناء جيل جديد من الشباب القادر على حمل رسالة الخير والرحمة والسلام، التي هي جوهر رسالة الإسلام، إلى العالم أجمع، وهو ما يبعث الثقة في أن مستقبل الأمة سيكون بخير ما دام هناك مَن يُقبل بإخلاص وجد على مدارسة كتاب الله وحفظه وإتقان علومه، ليكون حصنًا له ووقاية من الأفكار المتطرِّفة.
واستمع شيخ الأزهر إلى تلاوات قرآنيَّة متميزة بالقراءات العشر من أبناء مدرسة الإمام الطيب المتميزين، وأشاد فضيلته بما لمسه عن قرب من إتقانٍ في حفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر من أبناء المدرسة، وهو ما يؤكِّد ما تم بذله معهم من جهد كبير من قبل القائمين على المدرسة من معلمين ومسؤولين كرَّسوا وقتهم وجهدهم للوصول إلى هذه النتيجة الملموسة، موصيًا الطلاب بضرورة مواصلة الاجتهاد في تحصيل المزيد من الفهم لمعاني القرآن الكريم وتفسيره، وعدم الاكتفاء بالحفظ، حتى يكونوا في المستقبل القريب سفراء للأزهر في بلادهم، مؤكدًا أن الأزهر الشريف لن يتوانَى عن تقديم كل سبل الدعم لهم.
من جانبهم، أعرب طلاب مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده، عن بالغ سعادتهم بلقاء فضيلة الإمام الأكبر، مؤكِّدين أن مدرسة الإمام الطيب قد سهَّلت عليهم حفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر بإتقانٍ، بما وفَّرته لهم من دعم كبير ومعلمين متميزين في تحفيظ القرآن ومدارسته، معبِّرين عن خالص شكرهم للأزهر الشريف ولفضيلة الإمام الأكبر على تزويدهم بكل الإمكانات اللازمة ليكونوا من حفظة كتاب الله.