كرت البرهان الذي لا ينبغي تضييعه
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
□ الحرب في بلادنا لم تبُح بكل أسرارها بعد، فما يزال هناك غموضٌ يلف كثيراً من المواقف والوقائع المتصلة بها منذ إنطلاقة شرارتها الأولى وحتى ما تمّ تداوله عن ظهور قائد التمرد في جولة إفريقية قبل أيام، وذلك برغم اجتهادات الصحفيين ومحاولاتهم لفك شفرة الكثير من تلك الأسرار.
□ منذ الأسبوع الأول من الحرب، قال رعاتها الدوليون والإقليميون (الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الإقليم)؛ إن هذه الحرب ليس فيها طرف منتصر وأن أمدها سوف يطول، وأنها قد تتحول إلى حرب أهلية، وقد يتمدد أثرها السالب إلى الإقليم، وذلك في سياق حيثياتهم للمطالبة والضغط لوقفها عن طريق عقد صفقة بين (الجنرالين) !!
□ والحقيقة أن ما قالوه قد وقع بالفعل، إن لم يكن وقع الحافر على الحافر في صورته العامة، فبما هو قريب منه، فأمد الحرب تطاول خلافاً لتوقعات الكثيرين، ولم يتمكن الجيش السوداني، حتى الآن، من حسم التمرد والقضاء عليه، بل إن مناطق نفوذ التمرد إتسعت لتشمل ولايات دارفور، وبعض ولايات كردفان فضلاً عن ولاية الجزيرة، وما يزال التهديد لبقية الولايات قائماً، ولم يبق مما “حذر” منه الكفلاء – وعملوا على تحقيقه في نفس الوقت – إلاّ إندلاع الحرب الأهلية، التي كانوا ومازالوا يعملون لحدوثها، وأهم أدواتهم في ذلك هي إحداث إنقسام عِرقي وسط القوات المسلحة، وفجوة ثقة بينها وبين بقية أبناء الشعب السوداني، فهم يخططون لكي يفقد الجيش الثقة في قدرته على الحسم العسكري، ويفقد الشعب السوداني الثقة في جيشه، فينهار الجيش وتنهار الدولة!!
□ في طيات محنة سيطرة المتمردين على عاصمة ولاية الجزيرة وتمددهم في بقية أنحاء الولاية، وبعدما عاثوا في الولاية من نهب وقتل وترويع وما مارسوه من إنتهاكات، ظهرت منحة “المقاومة الشعبية” إذ بدون ترتيب يذكر من أية قوة سياسية بدأت قيادات شبابية وشعبية في تنظيم صفوف أهلها في عدد من ولايات السودان، وخاصة في الشمال والشرق والوسط وفي ولاية الجزيرة نفسها وفي كردفان، وإعدادهم للدفاع عن أعراضهم وأموالهم بالتدريب والتسليح، وخاطبت تلك القيادات المجتمعية قيادات الفرق العسكرية في مناطقها لتسليح المستنفرين والإشراف على قيادتهم الميدانية.
□ حتى الآن جاءت استجابة القيادات التنفيذية والعسكرية في مناطق الاستنفار للمقاومة الشعبية متفاوتة وفوق الوسط، وإن كانت في حدود المعقول، ويُستشف من ذلك أن الضوء الذي منحته القيادة العليا للدولة كان ضوءً أصفراً، فالقيادة العسكرية العليا ما تزال – وهذا من باب التحليل – تعطي اعتباراً لما ينصح به كفلاء التمرد ورعاته حين يُقدمون أنفسهم بمدخل الحريص على مصلحة السودان الراغب في أن “لا يتحول الصراع إلى حرب أهلية” !!
□ لقد بات من الواضح أن رعاة التمرد يسابقون الوقت لكي يضعوا حداً للحرب في السودان نظراً لتطورات محلية وأخرى دولية متسارعة، لسنا الآن بصدد الخوض في تفاصيلها، لكنها قد تقلب الموازين في غير صالحهم، وقد جاءت جولة “البو” في عدد من دول الإيغاد في هذا السياق. ولأن الرعاة والكفلاء يخططون لأن تكون كفة التمرد هي الراجحة في أية مفاوضات قادمة، فقد تصاعدت وتيرة الدعم العسكري والمالي للتمرد خلال الشهور القليلة الماضية حتى يستطيع تجنيد أكبر عدد من المقاتلين والمرتزقة وحتى يحصل على تسليح نوعي يحقق له تفوقاً عسكرياً، ولو بشكل غير استراتيجي.
□ وإذا سارت الأمور وفق ما يخطط له رعاة التمرد، فإن قائد التمرد حين يلتقي الرئيس البرهان في اللقاء الذي يجري الإعداد له، سيمد رجليه وربما لسانه ساخراً من المطالبة له بتنفيذ ما سبق وأن وقع عليه في جدة شهر مايو الماضي، وسيصر إصراراً ويلح إلحاحاً على فرض شروطه التي أفشلت جولة مفاوضات جدة الأخيرة وربما زاد عليها !!
□ وعليه وفي ضوء ما تقدم، يتعين على الرئيس البرهان أن لا يفرِّط في كروت القوة التي ما تزال في يده أو تلك التي جاءته منحة من رب كريم، وأعني بذلك نجاح الجيش في الحفاظ على أسلحته الرئيسية في ولاية الخرطوم تحت سيطرته، وتدافع السودانيين إستجابة لنداء المقاومة الشعبية. ولو كنت مكان الرئيس البرهان لما ترددت للحظة في تقديم كل الدعم للمقاومة الشعبية ولاعتبرتها الكرت الرابح – وهي بالفعل كذلك – ولخصصت لها قيادات عسكرية في الخدمة أو من المتقاعدين للإشراف عليها وتنظيم صفوفها ولشجعتها لتصعيد وتيرة عملياتها لردع المتمردين وحرمانهم من تحقيق كسب سياسي عن طريق العمل المسلح.
كتب: السفير العبيد مروح
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
خريج جامعة القاهرة.. من هو كامل إدريس رئيس الوزراء السوداني الجديد؟
أنهى تعيين كامل الطيب إدريس عبدالحفيظ، رئيسًا لمجلس الوزراء السوداني، أربعة سنوات، فراغ المنصب الرفيع حيث أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، في وقت سابق من اليوم الاثنين قرارا ليتولى رئاسة الحكومة.
وكان آخر من تولى هذا المنصب هو الدكتور عبد الله حمدوك الذي رحل بقرار من البرهان في أكتوبر 2021 ، وتأزم الوضع في السودان بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 وتسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم بحسب تقارير المنظمات الأممية والإغاثية.
من هو كامل إدريس ؟وأثيرت تساؤلات عديدة حول شخصية الدكتور كامل إدريس رئيس الوزراء السوداني الجديد.. فمن هو ؟
ينحدر الدكتور كامل إدريس، إلى قرية الزورات في دنقلا شمال السودان، حيث ولد فيها في أغسطس 1954.
نال رئيس الوزراء السوداني الجديد، بكالوريوس الفلسفة من جامعة القاهرة.
حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الخرطوم.
حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية في جامعة جنيف بسويسرا.
مناصب كامل إدريسعمل كامل إدريس أستاذاً في الفلسفة والقضاء بجامعة القاهرة، وأستاذاً في القضاء بجامعة أوهايو، وأستاذاً في القانون الدولي وفي قانون الملكية الفكرية بجامعة الخرطوم.. كما تم تعيينه أستاذاً فخرياً للقانون بجامعة بكين.
أصبح عضوا في السلك الدبلوماسي السوداني برتبة سفير في أوائل عقد الثمانينيات.
شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، عام 1982 وأمينا عاما للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف) وعُرف بإسهاماته القيمة في مجالات الملكية الفكرية.
إلى جانب نشاطه الأكاديمي، كان لها دورا دبلوماسيا هاما في الشأن السوداني، حيث توسط بين الفرقاء في الأزمات الحادة التي شهدتها البلاد.
كان عضوا في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي خلال فترتين، الأولى من 1992 إلى 1996، والثانية من 2000 إلى 2001.
وعمل أيضا كمتحدث رسمي ومنسق لمجموعة البلدان النامية.
يتقن الدكتور إدريس ثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية، ولديه معرفة باللغة الإسبانية.