محللون سياسيون: اغتيال العاروري سيشعل فتيل المواجهة الكبرى
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
تسود حالة من الترقب لبنان والمنطقة، عقب اغتيال إسرائيل صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واثنين من قادة كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، و4 آخرين من كوادرها، بغارة جوية استهدفت جنوبي العاصمة بيروت.
وبحسب محللين، فإن اغتيال قادة من حركة حماس في العمق اللبناني بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة والمواجهات في جنوب لبنان، يشكل تصعيدا غير مسبوق، وينذر بمواجهة كبرى قد تمتد على صعيد المنطقة بأكملها، بين محور المقاومة وإسرائيل.
وفي حديث للأناضول، قال المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير، إن اغتيال العاروري عملية كبيرة وخطيرة جدا، تهدف لأخذ المنطقة نحو مواجهة كبرى، وأضاف أنه لا توجد معلومات حول طبيعة الرد على عملية الاغتيال حتى الآن، لكنه رجّح أن يكون هناك تصعيد في المواجهة على كل الجبهات.
من جانبه، قال مدير مركز "يبوس للدراسات" سليمان بشارات، إن عملية الاغتيال تضع الصراع على مفترق طرق، أولها يتمثل في اتساع وامتداد الصراع ليشمل كل الساحات، واتساع رقعة المواجهة، أما الثاني، بحسب بشارات، فإن هذا الاغتيال سيكون ثمنا للقبول الإسرائيلي بأثمان سياسية لحزب الله والمقاومة بغزة.
وعقب عملية الاغتيال، أصدر حزب الله بيانا نعى فيه العاروري ورفاقه، متوعدا بأن هذه الجريمة "لن تمر أبدا من دون رد وعقاب"، واعتبر الحزب أن جريمة الاغتيال اعتداء خطير على لبنان وشعبه، وتطور خطير في مسار الحرب بين إسرائيل ومحور المقاومة.
وأطلق حزب الله في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، 3 صواريخ مضادة للدبابات على الجليل الأعلى شمال إسرائيل، وقال في بيان إن مقاتليه استهدفوا مجموعة من الجنود الإسرائيليين في محيط موقع المرج بالأسلحة المناسبة وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح.
استهداف العمق اللبناني
بدوره، قال المحلل السياسي طوني بولس إن اغتيال العاروري يعتبر أعنف استهداف في العمق اللبناني منذ حرب 2006، مما يعني أن إسرائيل أسقطت ما كان يعرف بقواعد الاشتباك، ولم يعد لديها خطوط حمراء تجاه مواجهة إيران في المنطقة، مما ينذر باستهدافات أكبر.
وأكد أن اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت وضع حزب الله أمام مفترق "خطير جدا"، فهو مضطر للرد لحفظ ماء وجهه، لكن بالوقت نفسه هناك إشكالية تكمن في أنه لا يملك ضوءا أخضر إيرانيا، باعتبار أن إيران لم ترد بعد على مقتل القيادي بالحرس الثوري، وفق بولس.
وفي 28 أغسطس/آب الماضي حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من أن "أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيا أو فلسطينيا أو سوريا أو إيرانيا أو غيرهم، سيكون له رد فعل قوي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات".
وتأتي عملية الاغتيال في بيروت بوقت تشهد فيه حدود لبنان الجنوبية مواجهات وقصفا يوميا بين حزب الله من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.
وأمضى القيادي البارز في حماس أكثر من 18 عاما في السجون الإسرائيلية، وأبعد خارج فلسطين عندما أفرج عنه في المرة الأخيرة عام 2010، حيث اختير عضوا بالمكتب السياسي لحركة حماس، ثم نائبا لرئيس مكتبها السياسي في أكتوبر/تشرين الأول 2017، ومسؤولا لحماس في الضفة.
ويعتبر العاروري من مؤسسي كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، حيث بدأ في الفترة الممتدة بين عامي 1991 و1992 تأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اغتیال العاروری عملیة الاغتیال حزب الله
إقرأ أيضاً:
الصراع الإيراني الإسرائيلي من ثورة الخميني إلى اغتيال القادة| تفاصيل
لم يكن الصراع بين إسرائيل وإيران وليد لحظة سياسية عابرة، بل هو امتداد لعقود من التوتر والتصعيد، تعود جذوره إلى عام 1979، حين أطاحت الثورة الإسلامية بنظام الشاه، ورفعت طهران راية العداء المفتوح ضد "الكيان الصهيوني"، معتبرة إياه العدو الأول.
الصراع الإيراني الإسرائيليبالمقابل، رأت تل أبيب في إيران الثورية تهديدا استراتيجيا لا يمكن تجاهله.
ومع تمدد النفوذ الإيراني في محيط إسرائيل، عبر أذرع إقليمية كـ"حزب الله" في لبنان وميليشيات متحالفة في سوريا والعراق، تحول هذا الصراع إلى "حرب ظل" مفتوحة، تعتمد أدوات خفية كالهجمات السيبرانية، والاغتيالات الدقيقة، والضربات الجوية الخاطفة.
خلال 45 عاما من المواجهة المتقطعة، تنوعت جبهات وساحات التصعيد، وبلغت ذروتها في السنوات الأخيرة، مع تطورات دراماتيكية أفضت إلى مقتل كبار قادة الحرس الثوري وحزب الله، في مؤشر واضح على دخول الصراع مرحلة جديدة قد تكون أكثر عنفا ووضوحا.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبدالله نعمة، الخبير السياسي اللبناني، إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران بأنها "أبعد من مواجهة تقليدية".
وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أنها استهدفت تقويض الجهود الدولية لتثبيت الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأشار نعمة، إلى أن تل أبيب تسعى من خلالها إلى تعطيل المسارات الدبلوماسية وإفشال أي فرصة لتجنب الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة.
ومن خلال هذا التقرير، نستعرض 10 محطات بارزة شكلت مسار هذا الصراع الممتد:
1- القطيعة والبداية (1979):
إيران ما بعد الثورة تقطع العلاقات مع إسرائيل، وتعلن دعمها للمقاومة الفلسطينية، وتصف تل أبيب بالعدو الصهيوني.
2- ولادة "حزب الله" (1982):
بمساندة إيرانية مباشرة، تأسس حزب الله في خضم الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ليصبح ذراع طهران الأقوى في جنوب لبنان.
3- حرب يوليو (2006):
مواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين حزب الله المدعوم من إيران وإسرائيل. الحرب كرست دور الحزب كقوة إقليمية، وأظهرت مدى تعقيد الصراع غير المباشر بين طهران وتل أبيب.
4- البرنامج النووي الإيراني:
منذ بداية الألفية، ترى إسرائيل في مشروع إيران النووي تهديدا وجوديا، وردت عليه عبر الدبلوماسية، والهجمات الإلكترونية، واغتيال العلماء، أبرزهم محسن فخري زاده.
5- سوريا: ساحة مواجهة (منذ 2011):
مع الحرب الأهلية السورية، باتت الأراضي السورية ميدانا للمواجهة بين إيران، التي تسعى لترسيخ نفوذها، وإسرائيل التي تكثف غاراتها لإحباطه.
6- حرب السفن (2019–2022):
استهداف متبادل لسفن تجارية ونفطية في البحرين الأحمر والخليج، وسط تبادل للاتهامات والعمليات السرية.
7- صواريخ ومسيرات:
إيران تسلح حلفاءها بطائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة. إسرائيل تتعرض لهجمات من لبنان، غزة، اليمن، وسوريا، وتتهم طهران بالوقوف خلفها.
8- غزة 2023:
تصعيد كبير بين إسرائيل وحماس، تتهم خلاله تل أبيب إيران بدعم هجوم 7 أكتوبر. طهران تنفي التورط المباشر لكنها تقدم دعما معنويا وعسكريا لحماس.
9- الهجوم الإيراني المباشر (أبريل 2024):
إيران تطلق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة على إسرائيل ردا على استهداف قنصليتها في دمشق. الحدث شكل أول هجوم علني مباشر من طهران على تل أبيب.
10- اغتيال نصر الله (سبتمبر 2024):
ضربة جوية إسرائيلية تستهدف مقر قيادة في ضاحية بيروت الجنوبية، تؤدي إلى مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وقادة بارزين آخرين، تطور نوعي في الحرب الاستخباراتية يفتح الباب أمام مرحلة أكثر خطورة.
وكان التصعيد الأخير:
في يونيو 2025، تصاعدت وتيرة العمليات مع تنفيذ إسرائيل ضربة عسكرية موسعة استهدفت مواقع حساسة في عمق إيران، أسفرت عن مقتل قادة كبار في الحرس الثوري، بينهم حسين سلامي ومحمد باقري.
وردت إيران- حينها بموجة من الصواريخ والطائرات المسيرة تجاوزت 150 صاروخا و100 مسيرة، استهدفت بنى تحتية داخل إسرائيل.
والجدير بالذكر، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أن العملية "جاءت لسحق التهديد الإيراني الوجودي"، مما يشير إلى توجه واضح نحو مواجهة مفتوحة قد تخرج "حرب الظل" إلى العلن بالكامل.