شركة تسلا تسحب أكثر من 1.6 مليون سيارة من الصين بسبب مشاكل تقنية
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
عواصم - الوكالات
استدعت شركة تسلا الأمريكية للسيارات الكهربائية زهاء جميع السيارات التي باعتها على الإطلاق في الصين بسبب مشكلات فنية تتعلق بمنظومة مساعدة السائق (القيادة الآلية)، وتزيد من احتمالات وقوع حوادث للسيارات.
وذكرت الهيئة الحكومية للرقابة على الأسواق الصينية أن الشركة الأمريكية سوف تستخدم تحديث برمجيات يتم تنزيله عن بعد لإصلاح المشكلات الفنية في أكثر من 6ر1 مليون سيارة بيعت خلال الفترة من أغسطس 2014 حتى ديسمبر 2023.
ويتضمن قرار الاستدعاء طرازات إس وإكس وموديل 3 التي يتم استيرادها من الخارج، فضلا عن طرازي واي وموديل 3 اللذين يتم تصنيعهما في الصين.
وأوضحت الهيئة في بيان نقلته وكالة بلومبرج للأنباء أن سائقي سيارات تسلا ربما يقومون بإساءة استخدام وظائف القيادة الآلية، مما يزيد من خطر الحوادث ويمثل تهديدا للسلامة، وأضافت أن قرار الاستدعاء يتطابق مع إجراء مماثل اتخذته الشركة الشهر الماضي، في استجابة لتقرير الهيئة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة في الولايات المتحدة بشأن عدم اتخاذ تسلا إجراءات كافية لضمان استخدام سائقي تسلا منظومة القيادة الآلية بشكل سليم.
وقالت الهيئة الأمريكية إنها سوف تتابع التحقيق المستمر منذ عام لمراقبة فعالية الإصلاحات التي قامت بها تسلا وشملت مليوني سيارة.
ويذكر أن منظومة القيادة الآلية في تسلا خضعت لفحص متزايد بعد وقوع مئات الحوادث، وتسبب بعضها في سقوط قتلى.
وأعلنت تسلا في وقت سابق هذا الأسبوع تحقيق مبيعات خلال الربع الأخير من العام الحالي أكثر من التوقعات، لكنها جاءت أقل من مبيعات منافستها الصينية بي.واي.دي التي أصبحت أكبر شركة سيارات كهربائية في العالم من حيث المبيعات خلال الربع الأخير من العام.
وذكرت بلومبرج أن مبيعات تسلا خلال الشهور الثلاثة الماضية بلغت 484507 سيارات، في حين كان متوسط توقعات المحللين 483173 سيارة. في المقابل باعت بي.واي.دي خلال الفترة نفسها 526409 سيارات كهربائية، لتصبح الشركة الأكبر في السوق من حيث المبيعات بفضل مجموعة الطرز منخفضة السعر التي تطرحها الشركة في السوق الصينية.
ورغم أن تسلا الموجود مقرها في مدينة أوستن الأمريكية تجاوزت المستهدف لمبيعات العام الماضي وباعت 8ر1 مليون سيارة، فإن الرقم جاء أقل كثيرا مما تحدث عنه مؤسسها ورئيسها التنفيذي إيلون ماسك منذ 12 شهرا.
ففي ذلك الوقت قال ماسك إن الشركة قادرة على بيع أكثر من مليوني سيارة خلال العام الماضي. وخلال العام خفض أسعار سيارات تسلا عدة مرات لكنه لم ينجح في تحقيق المبيعات المستهدفة.
يأتي ذلك في حين خفضت تسلا أسعار سياراتها في كل من الولايات المتحدة والصين، منذ أن بدأت حرب أسعار في سوق السيارات الكهربائية في أواخر 2022 ثم خلال 2023.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
«حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
محمد الحسن محمد نور
حين ننظر إلى المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط من منظور القرار الأمريكي في واشنطن، فإن السؤال الأكثر إلحاحًا لا يدور حول أخلاقية دعم هذا الطرف أو ذاك، بل حول حساب الربح والخسارة في معادلة معقدة. لماذا تظل الولايات المتحدة متمسكة بدعم إسرائيل دعمًا مطلقًا، حتى عندما تتجاوز تصرفاتها حدود القانون الدولي وتسبب إحراجًا دبلوماسيا لواشنطن؟
الجواب لا يكمن في نقطة واحدة، بل في شبكة من المصالح المتشابكة التي تشكل عقيدة استراتيجية راسخة. فإسرائيل، برغم مساحتها الصغيرة، هي أكثر من مجرد دولة حليفة؛ إنها حاملة طائرات غير قابلة للغرق، ومختبر ميداني للتكنولوجيا العسكرية المتطورة، ووكيل موثوق لتنفيذ عمليات تحفظ واشنطن لنفسها تبعاتها المباشرة. هذا الدور التشغيلي الفريد يعطي لإسرائيل قيمة لا تُقدَّر بثمن في منطقة يعتبر الاستقرار فيها شحيحًا والولاءات متقلبة. ولكن تبقى هذه العلاقة محكومة بحسابات البراغماتية الصرفة، فالدعم الأمريكي لا ينبع من عاطفة أبدية، بل من تقاطع مصالح يُعاد تقييمه باستمرار تحت ضوء المتغيرات الإقليمية.
وفي الجهة المقابلة من هذه المعادلة، تقف المملكة العربية السعودية كعملاق جيوسياسي يطرح نفسه بديلاً استراتيجيا جذابًا لأمريكا. وربما مرعبًا لإسرائيل. فبرغم أن مساحة إسرائيل لا تقارن بمساحة السعودية الشاسعة، وبرغم أن ثروة الأخيرة الهائلة تجعلها شريكًا اقتصاديًا لا يُستهان به كما أشار ترمب، إلا أن المقارنة الحقيقية ليست في الجغرافيا أو الثروة وحدهما.
فالسعودية تمتلك ما هو أثمن: نسبة عالية من الاستقرار الداخلي والإقليمي، وغياب الأعداء المباشرين الذين يحيطون بإسرائيل من كل حدب وصوب، ونفوذ ديني وثقافي يمتد لقلب العالم الإسلامي. والأهم من وجهة النظر الأمريكية، أن شراكة السعودية لا ترهق أمريكا بالحروب العديمة الجدوى، ولا تفرض عليها الدخول في صراعات مباشرة؛ بل تقدم نفسها كقوة مستقرة قادرة على إدارة ملفاتها الأمنية بنفسها، وتكون ركيزةً للاستقرار الإقليمي بدلاً من أن تكون بؤرة للصراع الدائم. هذا الواقع يطرح سؤالاً وجوديًا في أروقة تل أبيب: هل تخشى إسرائيل أن تكون السعودية بديلاً لها في يوم ما؟ الخشية حاضرة وبقوة، ولكنها ليست خشية من زوال، بل خشية من إعادة ترتيب للأولويات.
فالقلق الإسرائيلي العميق لا يتعلق باحتمال أن تتخلى واشنطن عن دعمها بين عشية وضحاها، بل بأن يتقلص دورها من حليف استراتيجي لا غنى عنه، إلى مجرد أداة واحدة ضمن عدة أدوات في صندوق أدوات السياسة الأمريكية. إن صعود التحالف الأمريكي-السعودي ليكون المحور المركزي في المنطقة يعني ببساطة أن القيمة التفاوضية لإسرائيل ستهبط، وأن قدرتها على الحصول على دعم غير مشروط لأجندتها الأمنية ستنخفض.
ولهذا، نرى أن إسرائيل تعمل جاهدة على إبقاء ملفات المنطقة ساخنة ومفتوحة، وتقاوم أي محاولة لترتيب الوضع الإقليمي على نحو يقلل من أهميتها العسكرية والاستخباراتية لواشنطن – من مقاومة الاتفاق النووي الإيراني 2015، مرورًا بالضغط لإفشال انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وصولاً إلى عرقلة أي تقارب سعودي-إيراني حقيقي. إنها تدرك أن نفوذها مرتبط باستمرار حالة الطوارئ والصراع، فيما تقدم السعودية نفسها كضامن للاستقرار والطاقة والعلاقات الاقتصادية الواسعة، وهي سلع تزداد قيمتها في عالم تتزايد فيه المنافسة مع الصين وروسيا. وإذا حدث هذا التحول وأصبحت الرياض الشريك الأول لواشنطن، فإن المشهد سيتغير جذريًا.
فالسؤال المصيري هو: إذا تحول ميزان القوة لصالح السعودية، هل يزيد هذا من نفوذ أمريكا أم ينقصه؟ الإجابة معقدة وتحتوي على تناقضات.
على المدى القصير، قد يوسع هذا التحول من نفوذ أمريكا، إذ ستمتلك واشنطن بوابة مباشرة إلى قلب العالم العربي والإسلامي عبر شريك قوي ومستقر، قادر على تحقيق استقرار أوسع قد يخفف من حاجة الولايات المتحدة للتدخل المباشر المكلف.
لكن على المدى الطويل، قد تأتي الخسارة من حيث لا تُحتسب. فاستبدال حليف عسكري منضبط مثل إسرائيل، يتحرك كذراع تنفيذي سريع وحاد، بشريك كبير ذي أجندة وطنية مستقلة مثل السعودية، يعني أن واشنطن قد تفقد السيطرة على تفاصيل المشهد. قد تتبع الرياض سياسات اقتصادية أو تقاربًا مع منافسي أمريكا مثل الصين، أو تتبنى مواقف متصلبة في ملفات مثل إيران أو اليمن تتعارض مع الحسابات الأمريكية الدقيقة.
والأخطر من ذلك داخليًا، أن أي تحول في الدعم التاريخي لإسرائيل سيشعل حربًا سياسية ضارية داخل الولايات المتحدة بين المحافظين الإنجيليين والليبراليين وأصحاب المصالح، مما يُضعف قدرة واشنطن على تطبيق سياسة خارجية متسقة وقوية، وهو أكبر هدية يمكن تقديمها لمنافسيها على الساحة العالمية.
في الختام، إن اللعبة الكبرى التي تدور رحاها في الشرق الأوسط اليوم ليست بين السعودية وإسرائيل فحسب، بل هي اختبار حقيقي لذكاء الاستراتيجية الأمريكية نفسها. فالنفوذ الحقيقي لا يكمن في الانحياز الأعمى لحليف واحد، مهما بلغت قوته، بل في الفن الدقيق لإدارة التوازن بين جميع القوى في الساحة، وجعل كل طرف يشعر أنه في حاجة إلى الوسيط الأمريكي بطريقة مختلفة. المصلحة الأمريكية العليا ليست في دعم إسرائيل لأنها الأقوى عسكريًا، ولا في التحول إلى السعودية لأنها الأغنى، بل في منع أي منهما من أن تصبح قويةً لدرجة الاستغناء عن واشنطن، أو أن تشعر بالأمان لدرجة السير في طريق مستقل. الخطر الذي يتهدد النفوذ الأمريكي ليس من منافس خارجي يظهر فجأة، بل من تحول التنافس الخفي بين حلفائه إلى صراع مفتوح، يُجبر واشنطن على الاختيار فتخسر أحد رهاناتها.
وفي النهاية، الولايات المتحدة لا تخسر عندما يتقاتل أعداؤها… بل عندما يتصالح حلفاؤها.
الوسومأمريكا إسرائيل إيران الشرق الأوسط الصين الملف النووي الإيراني دونالد ترامب روسيا سوريا محمد الحسن محمد نور واشنطن