ميزان العدالة الدولية أمام اختبار تاريخي.. 15 قاضيًا في محكمة العدل الدولية يفصلون في ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
الرؤية- عبدالله الشافعي
7 قضاة قد يصوّتون لوقف الحرب وتجريم الاحتلال.. وموقف اليابان وجاميكا يرجح كفة الإدانة
◄ المحكمة تتخذ القرارات بأغلبية الأصوات.. والقرارات مُلزمة للدول الأعضاء
◄ الأحكام الصادرة عن المحكمة نهائية وغير قابلة للاستئناف
◄ للدول غير الأعضاء حق اللجوء للمحكمة وفق شروط خاصة
◄ للدولة طرف النزاع حق تعيين قاض إذا لم يمثلها أحد من الأعضاء
◄ الدول التي تمثل أمام المحكمة تتعهد تلقائيًا باحترام القرارات المُلزمة
◄ في حال رفض تنفيذ قرارات المحكمة يتم اللجوء إلى مجلس الأمن
تقف العدالة الدولية أمام اختبار صعب وتاريخي عندما تنعقد أولى جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في الدعوى الجنائية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية، بحق الشعب الفلسطيني، في ظل العدوان الهمجي الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 3 أشهر، والذي خلّف أكثر 23 ألف شهيد، وعشرات الآلاف من المفقودين والجرحى، علاوة على النزوح القسري لأكثر من 1.
ويتمثل دور محكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات بين الدول، إضافة إلى إبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية التي تحيلها أجهزة الأمم المتحدة، والوكالات الدولية المخولة.
وأُنشئت المحكمة بشكلها الحالي في عام 1945 بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكانت أولى جلساتها الافتتاحية في أبريل عام 1946، لتمارس اختصاصها فيما يتعلق بفض النزاعات بين الدول، واعتبرت بمثابة الوصي على القانون الدولي، وتعمل وفق نظام أساسي يشبه إلى حد كبير نظام سابقتها (محكمة التحكيم الدائمة) الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة. ويقع مقر محكمة العدل الدولية بقصر السلام بمدينة لاهاي جنوب هولندا على ساحل بحر الشمال، مما يجعلها الجهاز الوحيد من بين 6 أجهزة رئيسية تابعة للأمم المتحدة يوجد مقرها خارج مدينة نيويورك الأمريكية.
قضاة المحكمة الحاليون
أما قضاء المحكمة الحاليون فهم: الرئيسة جوان دونوهيو (الولايات المتحدة)، ونائب الرئيس كرييل غيفورغيان (روسيا)، إضافة إلى كل من: بيتر تومكا (سلوفاكيا)، روني أبراهام (فرنسا)، محمد بنونة (المغرب)، عبد القوى أحمد يوسف (الصومال)، شيويه هانكين (الصين)، جوليا سيبوتيندا (أوغندا)، دلفير بهانداري (الهند)، باتريك ليبتون روبنسون (جامايكا)، نواف سلام (لبنان)، أواساو يوجي (اليابان)، جورج نولتئ (ألمانيا)، هيلاري تشارلزوورث(أستراليا).
وفي الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية، فقد قررت المحكمة عقد جلستين علنيتين غدا الخميس وبعد غد الجمعة للاستماع إلى المرافعات، وقد وافقت إسرائيل على المثول أمام المحكمة.
ومن المتوقع أن يصوت قضاة من 7 جنسيات وهم: المغرب والصومال ولبنان وروسيا والصين وأستراليا وسلوفاكيا؛ لصالح التدابير المؤقتة من أجل "الحماية من أي ضرر إضافي جسيم وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" و"ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بعدم الانخراط في الإبادة الجماعية، ومنعها والمعاقبة عليها"، حسب نص الدعوى المرفوعة.
ولقد وقعت أستراليا على بيان مشترك مع كندا ونيوزيلندا لدعم وقف إطلاق النار في غزة، كما قال وزير خارجية الصين وانغ يي، إن وقف إطلاق النار وإيقاف الحرب في غزة من الأولويات في الوقت الحالي، وصوتت لصالح مشروع القرار الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لأغراض إنسانية، بالإضافة إلى أن خارجية سلوفاكيا طالبات قبل ذلك بوقف إطلاق النار في غزة.
وفي المقابل، من المتوقع أن يعارض القضاة من جنسيات دول: أمريكا وفرنسا وألمانيا وأوغندا والهند، اتخاذ أي قرارات ضد إسرائيل في الجلستين يومي الخميس والجمعة.
وفي الوقت الراهن، لا تظهر معالم موقف كل من جامايكا واليابان، من هذه الدعوى ضد إسرائيل، وما إذا كان القاضيان من هاتين الدولتين في المحكمة سيوافقان على اتخاذ أي إجراء ضد الاحتلال الإسرائيلي.
هيكلة المحكمة
تتألف محكمة العدل الدولية من 15 قاضيا مرشحين من قبل بلدانهم، ثم ينتخبون من طرف الجمعية العامة ومجلس الأمن التابعين لمنظمة الأمم المتحدة لمدة 9 سنوات للولاية، وتجرى انتخابات كل 3 سنوات على ثلث المقاعد، إذ تنتهي ولاية 5 قضاة خلال الأعوام الثلاثة الأولى من الولاية، و5 آخرين في نهاية السنوات الست من الولاية، مع إمكانية إعادة انتخابهم، وكل قاض ينتمي إلزاما إلى بلد مختلف، وهم لا يمثلون بالضرورة بلدانهم بل إنهم قضاة مستقلون، يؤدون القسم قبل بدء مهامهم.
ويعكس تأليف المحكمة توازنا جغرافيا محددا، إذ يشغل 3 مقاعد قضاة أفارقة، بينما يخصص مقعدان لقضاة من أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي، و3 مقاعد يشغلها قضاة آسيويون، و5 مقاعد من نصيب قضاة غربيين ومقعدان لقاضيين ينتميان إلى منطقة أوروبا الشرقية، غير أنه عمليا تتضمن المحكمة دائما قاضيا من كل دولة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين).
وإذا ما عرض أمام المحكمة نزاع، ولم تتضمن هيئة المحكمة قاضيًا يحمل جنسية دولة طرف في قضية ما، فإنِّه يجوز لتلك الدولة تعيين شخص يقوم مقام القاضي لهذا الغرض بالذات، ولهؤلاء القضاة الحقوق وعليهم الواجبات عينها كما للقضاة الأصليين أعضاء المحكمة.
وخلال كل 3 أعوام تنتخب المحكمة رئيسا لها ونائبا له، ويترأس الرئيس كل جلسات المحكمة ويدير أعمالها ويراقب نشاطاتها وأجهزتها.
وتتمتع المحكمة باستقلال إداري، وهي الجهاز الرئيسي الوحيد في منظمة الأمم المتحدة الذي لا تساعده الأمانة العامة للمنظمة، إذ يساعد القضاة مقرر المحكمة، وهو منتخب من جانب المحكمة لولاية مدتها 7 سنوات قابلة للتجديد.
ويعد مقرر المحكمة هو رئيس أمانتها العامة المكونة من موظفين من مختلف أنحاء العالم، ويقوم المقرر بمهام قضائية ودبلوماسية وإدارية أيضا.
أدوار محكمة العدل الدولية
المهمة الأولى للمحكمة هي البت في النزاعات القانونية بين الدول، فإجراءات التقاضي تشكل 80% من نشاط المحكمة، فضلا عن مسائل تتعلق بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي للبيئة واستخدام القوة والمسؤولية الدولية للدول.
وتلجأ الدول للمحكمة عند الاختلاف على ترسيم الحدود فيما بينها، أو في حالات النزاع على جزر أو مناطق بحرية، وعند ادعاء دول على أخرى أنها قد اخترقت معاهدة أو قاعدة من القانون الدولي، ولا يمكن للمحكمة أن تنظر في قضية إلا بموافقة الدول المعنية بهذه القضية.
إلى جانب ذلك، يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تنظر في أي مسألة قانونية دولية، ويمكن لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تقدم دعوى قضائية أمامها، وأيضا للدول الأخرى غير الأعضاء كذلك الحق في اللجوء إلى المحكمة وفق شروط معينة، ومن ثم فإن اختصاص المحكمة يشمل جميع دول العالم.
وتتمثل المهمة الثانية في إجابة الأسئلة القانونية التي تعرض عليها من بعض الهيئات والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وتصدر وفقا لهذه الإجراءات آراء استشارية تسمى "فتاوى".
إجراءات التقاضي
عندما تتولى المحكمة قضية ما تتم الإجراءات فيها على مرحلتين، أولا تقدم الدول الحجج والأدلة والتقارير خطيا، ثم يقدم الممثلون والمحامون المرافعات الشفوية أثناء الجلسات، وبعدها تنسحب هيئة المحكمة لتبدأ المداولات التي يغلب عليها طابع السرية، وعلى إثرها تتخذ القرارات من قبل أغلبية القضاة الحاضرين.
تدوم مداولات المحكمة بين 4 و6 أشهر، وكل قرار يصدر باللغتين الرسميتين للمحكمة، الإنجليزية والفرنسية، ويطبع بأكثر من لغة رسمية، ويسلم إلى كل الدول المعنية وتتم قراءة الأحكام في جلسة علنية، إذ تختتم الأحكام بـ"فقرة المنطوق" الذي تقدم فيه المحكمة قرارها المتعلق بكل النقاط المختلف حولها.
وجميع الأحكام الصادرة عن المحكمة نهائية وغير قابلة للاستئناف وينبغي الإشارة إلى أن الدول المعنية التي تمثل أمام المحكمة تتعهد تلقائيا باحترام قراراتها الملزمة. وعمليا تنفذ جميع الأحكام الصادرة عن المحكمة، وإذا ما رفضت إحدى الدول تطبيقها، فيمكن للدولة الخصم اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، إذ يجوز لهذا الأخير وفقا للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة إصدار توصيات أو إقرار تدابير لتنفيذ القرار، ولكن نظرا إلى الوزن القانوني والمعنوي والدبلوماسي للمحكمة، فإنه من النادر جدا أن تصل الأمور إلى هذه المرحلة.
التزامات أعضاء المحكمة
ولا يحق لأي عضو في المحكمة ممارسة أي وظيفة سياسية أو إدارية، أو الانخراط في أي مهنة أخرى، كما لا يجوز لهم التصرف كوكلاء أو مستشارين أو محامين في أي قضية من القضايا التي تعرض على المحكمة.
إضافة إلى ذلك، لا يسمح لأي عضو بالمشاركة في القرار في أي قضية شارك فيها سابقا كوكيل أو مستشار أو محام لأحد الأطراف، أو كعضو في محكمة وطنية أو دولية، أو في لجنة تحقيق، أو بأي صفة أخرى، ويجب على كل عضو من أعضاء المحكمة، قبل توليه مهامه، أن يدلي بتعهد رسمي أمام محكمة علنية بأنه سيمارس سلطاته بنزاهة وضمير.
ويتمتع الأعضاء داخل المحكمة بالامتيازات والحصانات الدبلوماسية، كما يستفيدون من إجازة دورية، تحدد المحكمة تواريخها ومدتها، مع مراعاة المسافة بين لاهاي ومنزل كل قاض.
وإذا رأى أحد أعضاء المحكمة، لسبب خاص، أنه لا ينبغي أن يشارك في الفصل في قضية معينة فعليه إبلاغ الرئيس بذلك، ومن جهته إذا عاين هذا الأخير أن أحد أعضاء المحكمة لا ينبغي له أن يحضر قضية معينة فعليه أن يخبره بذلك، وإذا اختلف عضو المحكمة والرئيس في أي حالة من هذا القبيل، يتم الفصل بينهما بقرار من المحكمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة الأمم المتحدة أعضاء المحکمة أمام المحکمة فی غزة
إقرأ أيضاً:
يضم مركز ثقافيًا.. وضع حجر الأساس لمسجد قضاة مصر بالتجمع
شهد الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة مراسم وضع حجر الأساس لأول مسجد يُنسب لقضاة مصر، وهو مسجد قضاة مصر، والذي يُقام على مساحة إجمالية تبلغ 5600 متر مربع بالتجمع ، ويضم إلى جانب المسجد مركز ثقافيًا يوثق دور القضاء المصري وقيمه ورسالة العدالة عبر التاريخ بالإضافة الي دار مناسبات.
وجاءت الفعالية تحت رعاية القاضي عاصم الغايش، رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى،والمستشار طارق ابو زيد نائب عن النائب العام وبحضور المستشار محمد الشناوي رئيس هيئة النيابة الإدارية، والاستاذ الدكتور محمد بيومي امين عام الشئون الإسلامية نائب عن وزير الأوقاف، الاستاذ الدكتور محمد الجندي امين عام مجمع البحوث الإسلامية نائب عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والقاضي محمد عبد العال النائب الأول لمحكمة النقض عضو مجلس القضاء الأعلى، والدكتور أحمد كريمة الفقية والداعية الازهري بجامعة الأزهر ،بالاضافة الي القارئ العالمي محمود الشحات انور إلى جانب عدد من القيادات القضائية والتنفيذية.
وأعرب الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، عن تقديره لأهمية هذا المشروع، مؤكدًا أنه يُعد إضافة حضارية ودينية وثقافية للعاصمة، ويسهم في تعزيز الوعي بالقيم الدينية وترسيخ مبادئ العدالة والانتماء، مشيرًا إلى حرص المحافظة على دعم المشروعات التي تخدم المجتمع وتحافظ على الهوية المصرية الأصيلة.
وخلال كلمته، أكد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، أن وضع حجر الأساس لمسجد قضاة مصر يُجسد قيمة القضاء المصري ومكانته الراسخة في بناء الدولة الحديثة، ويعكس التكامل بين مؤسسات الدولة في دعم المشروعات التي تجمع بين البعد الديني والثقافي والتوعوي، مشيرًا إلى أن المسجد بما يضمه من متحف ثقافي ديني يمثل رسالة حضارية تؤكد أن العدالة والقيم الإنسانية السامية كانت وستظل ركيزة أساسية في مسيرة الوطن. وأضاف أن المشروع يُعد إضافة مهمة للمجتمع المصري، ويعكس الاهتمام بتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم العدالة وسيادة القانون، مثمنًا الدور الوطني لنادي قضاة جنوب سيناء في إطلاق هذا المشروع المتميز.
وأكد المستشار عاصم الغايش، رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى، أن مسجد قضاة مصر يُعد خطوة نوعية لتوثيق الإرث القضائي المصري وإبراز الدور الوطني للقضاة عبر التاريخ، وأن المتحف الثقافي الديني المرافق للمسجد يبرز رسالة العدالة والمبادئ التي يقوم عليها القضاء المصري، مشددًا على أن مثل هذه المبادرات تعزز الوعي المجتمعي بالقيم الوطنية وترسخ دور القضاء في حماية حقوق المواطنين وصون الدولة وتحقيق العدالة.
والجدير بالذكر أن نادي قضاة جنوب سيناء هو صاحب الحق الأصيل في هذا الحدث، ويمثله المستشار عرفة دريع، نائب رئيس محكمة النقض و رئيس النادي، والمستشار سامح عبد الوهاب، سكرتير عام النادي، والسادة أعضاء مجلس إدارة النادي القاضي عادل الشاذلي رئيس محكمة جنايات القاهرة والقاضي باسم الدسوقي رئيس محكمة الاستئناف ،القاضي أحمد سلامة عفيفي رئيس المحكمة ،القاضي فادي شاكر رئيس المحكمة ، حيث يأتي المشروع في إطار دعم المبادرات التي تعزز الوعي الثقافي والديني وتبرز الدور التاريخي للقضاء المصري.