روسيا والغرب يكتبان نسختهما الخاصة من التاريخ
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
تجري اليوم إعادة نظر مبدئية في التاريخ، ويتباعد الفهم الروسي عن الفهم الغربي لتأويل أحداثه. حول ذلك، كتب مدير البرامج في نادي "فالداي" تيموفي بورداتشيوف، في "فزغلياد":
بات مصير الأراضي الأوكرانية في قلب المواجهة بين روسيا والغرب. ومع ذلك، هناك مزيد من الأسباب للاعتقاد بأن المواجهة المستمرة ليست سوى بداية لمرحلة جديدة في العلاقات التي لم تكن ودية على الإطلاق.
ولم نعرف بعد الأشكال التي ستتخذها هذه المواجهة. ولكن يمكننا أن نكون متأكدين نسبيًا من أن جزءًا مهمًا من العلاقة سوف يتمثل في قراءة مختلفة تمامًا للأحداث التاريخية.
لا يمكن للتاريخ أن يوحد الشعوب إلا في حالتين: أولًا، إذا كانت الشعوب جزءًا من حضارة واحدة وذات مصير تاريخي مشترك؛ وثانيًا، إذا تطابقت المصالح والقيم الأساسية للقوى المستقلة رسميا عن بعضها البعض.
وبالنسبة لروسيا والدول الغربية، فإن كلا العاملين، وحدة الحضارة السياسية والمصالح المشتركة، لم ينجحا على الإطلاق. فسرعان ما بدأت المواجهة بينهما بمجرد أن اكتسبت الدولة الروسية سيادتها في نهاية القرن الخامس عشر. تقوم الحضارة السياسية الروسية على فكرة الاستقلال، وأخطر التهديدات لهذه القيمة كانت دائما من صنع الغرب.
تزامنت المصالح التكتيكية في بعض الأحيان. ولذلك، عندما كانت المواجهة السياسية أقل عنفًا، وتراجعت التفسيرات المختلفة للتاريخ إلى الخلفية.
والآن، أصبحت حتى الوحدة الجزئية في فهم الأحداث التاريخية شيئًا من الماضي. إننا ندخل حقبة يلعب فيها تأويلهم للتاريخ دورا متزايد الأهمية في عملية الاندماج الداخلي هنا وفي الغرب.
الآن، تمر جميع الحضارات ذات الوزن العالمي بمرحلة من التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية العميقة، وبالتالي التغيرات السياسية. لا توجد وصفات جاهزة، الجميع يتعلم من تجربته الخاصة. ونتيجة لذلك، فإن التاريخ مهم بالنسبة لنا كمصدر لفهم طبيعة دولتنا. وهذا يعني أن مشاركة الآخرين هذا الفهم ستكون شديدة الصعوبة، إذا كان ذلك ممكنا من حيث المبدأ. لذلك، نحتاج إلى التآلف مع حقيقة أن فهم الحقائق الأكثر شهرة في التاريخ الأوروبي والعالمي سيختلف في روسيا عما هو في الغرب.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي النازية حلف الناتو فلاديمير بوتين كييف موسكو واشنطن
إقرأ أيضاً:
ماذا تعرف عن رجل الإمارات في الغرب؟.. من مانشستر إلى الذكاء الاصطناعي
في قلب دوائر صنع القرار العليا للعائلة الحاكمة في أبوظبي، يبرز اسم مارتين إيدلمان، المحامي الأمريكي البالغ من العمر 83 عامًا، الذي نجح في التغلغل في النخبة السياسية والاقتصادية للإمارة الخليجية الثرية، ليصبح حلقة وصل الإمارات في العالم الغربي.
ولد مارتين إيدلمان في أسرة يهودية ليبرالية في ولاية نيويورك، وكان منزله يغص بالنقاشات حول العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. ودرس في جامعة برينستون٬ ثم أصبح أحد كتاب خطابات المدعي العام الأمريكي آنذاك روبرت كينيدي٬ مما وضعه على تماس مع إحدى أكثر العائلات نفوذاً في السياسة الأمريكية.
وبعد تخرّجه من كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، التحق بالجيش الأمريكي وقضى ثلاث سنوات في الخدمة خلال حرب فيتنام. وعاد بعدها إلى نيويورك ليبدأ مسيرة قانونية الحقيقة٬ توّجها بصفقة إسكانية كبرى مع لاعب كرة البيسبول، جاكي روبنسون، ليصبح منذ ذلك الحين أحد أبرز المحامين في عالم العقارات في مدينة نيويورك.
من العراق إلى أبوظبي
في عام 2002، وبينما كان منخرطًا في جهود إنسانية لدعم قدامى المحاربين، تلقّى دعوة من الجنرال الأمريكي تومي فرانكس لمرافقته في جولة بالخليج العربي.
وكانت زيارته لأبوظبي نقطة تحول، إذ سرعان ما نسج علاقات وثيقة مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس الحالي لدولة الإمارات وشقيقه الشيخ طحنون، مستشار الأمن القومي، اللذين رأوا فيه وسيطًا مثاليًا بين ثقافات متعددة.
ورغم خلفيته اليهودية، رحّبت به القيادة الإماراتية، وعيّن مستشارًا خاصًا للدولة والعائلة الحاكمة، في سابقة نادرة لشخص أجنبي. حتى إنه حصل لاحقًا على جواز سفر إماراتي، وهي ميزة لا تُمنح إلا لأشخاص يتمتعون بأعلى درجات الثقة.
من مانشستر إلى الذكاء الاصطناعي
وكان إيدلمان في قلب الصفقة التاريخية عام 2008 لشراء نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، إذ لعب دور الوسيط بين الشيخ منصور بن زايد ومستثمري كرة القدم في الغرب.
كما كان له دور بارز في المفاوضات التي سبقت إنشاء فرع جامعة نيويورك في أبوظبي عام 2010، حيث وصفه خلدون المبارك، رئيس صندوق مبادلة، بأنه "الجسر" بين الطرفين.
في السنوات الأخيرة، عاد ليلعب دوراً محورياً في طموحات أبوظبي التكنولوجية، خاصة في سعيها لاقتناء شرائح شركة إنفيديا المتقدمة، في ظل شراكات متعددة مع شركات مثل G42 ومجموعة رويال المملوكة للشيخ طحنون.
التوازن بين واشنطن وأبوظبي
ومع تغير الإدارات الأمريكية، حافظ إيدلمان على موقعه الفريد كمبعوث غير رسمي بين الإمارات وواشنطن. فهو على علاقة وثيقة بعدد من كبار الشخصيات في الحزب الديمقراطي، مثل آل كينيدي وكلينتون وجورج سوروس، وفي الوقت ذاته يتمتع بعلاقة صداقة طويلة مع الرئيس دونالد ترامب، تعود إلى أيام ازدهار العقارات في نيويورك خلال الثمانينات والتسعينات.
هذا التنوع السياسي جعله شريكاً موثوقاً للطرفين، في وقت تسعى فيه أبوظبي إلى توسيع استثماراتها في مجالات حساسة مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية.
نفوذ واسع في مؤسسات كبرى
يشغل إيدلمان مناصب استشارية أو عضوية في مجالس إدارة عدة مؤسسات محورية في أبوظبي، من بينها مبادلة، G42، مانشستر سيتي، مجموعة رويال، وشركة MGX التي تمول مبادرة الذكاء الاصطناعي التي أطلقها ترامب بقيمة 100 مليار دولار. كما يرتبط بشركة GlobalFoundries، وهي أحد أكبر منتجي أشباه الموصلات في العالم.
ويقول ستيف ويتكوف، مستشار ترامب وصديق إيدلمان منذ ثلاثة عقود: "سر مارتي هو أنه محل ثقة الجميع. لا يُنظر إليه كمُتحيّز سياسيًا، بل كحلّال للمشاكل".
بين مجلس أبوظبي وقاعات مانهاتن
ولا تقتصر سياسة إيدلمان على تعدد العلاقات فقط، بل في قدرته على فهم تعقيدات الثقافة الإماراتية والانخراط في مجلسها التقليدي، بالتوازي مع تمرّسه في دهاليز السياسة الأمريكية. حيث يبدأ يومه في الرابعة والنصف صباحًا بسلسلة مكالمات وتمارين رياضية، ثم ينطلق إلى حلقة لا تنتهي من الاجتماعات والصفقات بين أبوظبي ونيويورك.
وبينما تتوافد كبرى الشركات العالمية على أبوظبي، أملاً في النفاذ إلى ثروتها السيادية التي تقارب 1.7 تريليون دولار، أصبح إيدلمان حلقة الوصل، مستفيداً من علاقات نسجها قبل سنوات من طفرة الاهتمام بالإمارة.