باحثون يبتكرون «الأنسولين الذكي» بديل الحقن اليومية
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
ابتكر باحثون في جامعة جيجيانغ الصينية أنسولين "ذكيا" بطيء الإطلاق يستجيب لمستويات السكر في الدم لتوفير التحكم لمدة أسبوع من دون أي حوادث انخفاض نسبة السكر في الدم تقريبًا، وتم اختبار الأنسولين الجديد على الفئران وحيوانات المختبر الصغيرة، وهو يفتح الباب أمام طريقة لحقن الأنسولين مرة واحدة في الأسبوع لمرضى السكري.
ونجح الفريق البحثي في تطوير زرعة تحت الجلد تحتوي على خلايا تفرز الأنسولين أو هيدروجيل مملوء بالببتيد الشبيه بالجلوكاجون بطيء الإطلاق GLP-1، إذ قاموا بالعمل بتركيز منذ فترة طويلة لبحث سبل تقليل عبء حقن الأنسولين المتعددة على مرضى السكري، وفقا لـ «العربية».
وقام الباحثون، الذين ينتمون إلى كلية العلوم الصيدلانية في جامعة جيجيانغ، بتطوير حقنة أنسولين "ذكية" قابلة للحقن تستمر لمدة أسبوع - أو أكثر - وتستجيب لمستويات السكر الطبيعية في الدم.
وقال جون بوس، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إنه "إنجاز مثير في تطوير الجيل التالي من الأنسولين"، موضحًا أنه على "مدى العقود الماضية، حاول العديد من الباحثين جعل استخدام الأنسولين مريحًا وآمنًا."
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
الحريات.. بين الإطلاق والضوابط
د. إسماعيل بن صالح الأغبري
ينشد الحريات ويسعى إليها ليس فقط بنو الإنسان من أي ملة ومدرسة وفكر؛ بل كل من يدب على هذه البسيطة ساع إليها، رافضا لكل قيد أو عائق يمنع حريته في القول والعمل؛ ذلك أنها فطرة مجبول عليها أهل البسيطة، ولذلك نرى الطائر مكسورًا وهو في قفصه وإن كان من ذهب وألماس؛ بل الوحوش ذاتها تنطلق في البرية لا تُريد حجابًا حاجزًا ولا سدًا مانعًا، والحيوانات الأليفة بالرغم من تدليلها والعناية بها والاهتمام بنظافتها إلّا أنها تتوق إلى الحرية، وتأبى وضعها في الأقفاص أو إحاطتها بالأغلال.
خُلق الإنسان حرًا، ولم تزل مقولة عمر بن الخطاب تدوي: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا"؟! فلا امتهان لكرامته، ولا مصادرة لحريته، الدينية (العقدية) والسياسية، لا في قول ولا في عمل إلّا أن الحريات المطلقة دون قيد ولا شرط تحول الإنسان من إنسان إلى نقيضه من الكائنات غير العاقلة، وتخرجه من مراعاة نفسه وغيره إلى أنانية، لا يرى إلا نفسه وما عداه السراب المحض أو له البقاء وغيره فليأخذه الطوفان.
إنَّ الليبرالية ذاتها ومع سعتها في الحريات في الأقوال والأفعال إلا أن من اختارها وضع قيودا في ممارستها فمنع ازدراء الأديان لما تورثه من عداوة وبغضاء كما منع المساس بأمن الأوطان عن طريق إثارة النعرات القومية أو العرقية وجَرَّم العدوان على الأوطان بالتجسس أو تزويد العدو بمعلومات حساسة، وما ذلك إلا تقييد للحريات؛ ترجيحاً لمصلحة الدولة والشعب على مصلحة الفرد الأناني.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية- عقر دار الرأسمالية ومركز الليبرالية ومهوى أفئدة طلاب الحرية- يقف تمثال الحرية شامخًا إلّا أنها حرية بقيود وشروط؛ فأمريكا أولًا والإخلاص لها وتجنب كل عمل ضدها من كل مواطن أو وافد أو مقيم إقامة مؤقتة، وإلّا جاز ترحيله وحق للسلطات محاسبته؛ بل ما كان مُعابًا في الشرق الإسلامي صار مُمارسًا في أمريكا من حيث حظر المظاهرات الطلابية أو التجمعات التي قد تُثير ما يسمونه شغبًا.
فرنسا والتي يحلو للبعض تسميتها بـ"أم الحريات"؛ فالحريات فيها ليس على إطلاقها بالرغم من انفتاح ذلك المجتمع، فمن يجرؤ على التشكيك في أعداد محرقة "الهولوكوست" ولو من باب الدراسات الأكاديمية والعلمية فضلاً عن إنكارها ولو كان ذلك عن تقصي لوثائق وتتبع لمصادر، فتلك نتيجة ممنوعة؛ بل مُجَرَّمَة؟!
يصل الأمر في عدد من تلك البلاد الغربية إلى اعتبار انتقاد إسرائيل هو انتقاد للسامية! وتحريض على اليهود! وفي ذلك الوسط المُنفتح يُحرم اصطحاب بعض الحيوانات الأليفة إلى بعض الأماكن، وفي هذا تقييد للحريات وحتى في الملبس. ومع ذلك الانفتاح إلّا أنه لا يتصور إجازة خروج أحد في الشارع أو الأماكن العامة من رجال أو نساء دون وضع أية قطعة قماش على الجسم تستر على أقل تقدير السوأتين، وفي ذلك تقييد للحريات.
ومع اعتبار ممارسة الحرية من الحقوق المكفولة بالتشريعات والنُّظُم والقوانين في دول منظمة التعاون الإسلامي إلّا أن هناك ضوابط في ممارستها، وهذه الضوابط مرجعيتها ليست كمرجعية ضوابط الدول الغربية؛ فالدول الغربية وضعت ضوابطها بما يتناسب وما هي عليه، ولا يمكن استنساخ ما هم عليه ليكون في دول العالم الإسلامي.
مرجعية ضوابط الحرية في منطقتنا، هي الشريعة الإسلامية، وفي ذلك تعزيز لمبدأ الحرية الذي يَدَّعيه الغرب؛ ذلك أن دين الشعوب هو الإسلام، وفي هذا الضابط مراعاة لعامة الشعوب ولما يريده السواد الأعظم منها؛ حيث إن أي إنكار لما هو قطعي من الإسلام بالضرورة سيؤدي إلى استفزاز الشارع؛ بل قد يثور الشارع ضد هذا المُتجاوِز ما يسفر عنه أخذ الحق من هذا المُستفِز للمجتمع خارج إرادة هذه الدول الإسلامية، كما إن التشكيك في رموز الإسلام وشخوصه يعني انتهاك حرمة المقدس، وزعزعة الثقة به؛ كالطعن في الأنبياء أو الكتاب العظيم. وإذا كان الغرب يرفض التشكيك في أعداد "محرقة الهولوكوست" ولو من باب البحث العلمي والأكاديمي، فكيف يمكن إعطاء الحرية في التشكيك في ثابت قطعي من ثوابت الشريعة الإسلامية؟!
ومن مرجعية ضوابط الحرية الأعراف والعادات والتقاليد؛ فإن انتهاك أفراد من المجتمع لها يعتبر مساسًا بحرية الجمع في مقابل الفرد، ومعروف أن صياغة القوانين والتشريعات لخدمة عموم الناس لا الأفراد منهم.
ومن مرجعية ضوابط الحرية الهُوية لأي بلد من البلدان، فكل ما يمس بالهوية أو الشخصية سيؤدي إلى تعكير صفو الحياة في هذه الدولة أو تلك، ما يُنذر بخلخلة اجتماعية وأمنية وبذلك تصبح الحرية مجلبة للنقمة، وليست موردا للنعمة.
الحريات في سلطنة عُمان ذات سقف عالٍ؛ فالحريات السياسية بارزة للعيان من حيث حرية النقد والتعبير؛ بل قد يصل النقد إلى مستوى شخصيات ذات مناصب على وسائل التواصل الاجتماعي أو خلال الأحاديث البينية أو المجالس الواسعة، وقلَّما يتعرض أحد لصدور حكم قضائي عليه، إلّا في أضيق حد، كما إن التعبير عن التعاطف مع قضايا الأمة الإسلامية والإنسانية كقضية فلسطين عالي المستوى، ويتجلى ذلك من خلال غض الطرف عن تجاوز عدد من الخطباء خطب الجمعة أو ما يرفعه البعض عند التجمعات أو من خلال التغريدات. ولعل هذه الحرية السياسية في عُمان ليس لها مثيل في أقطار العالم العربي؛ بل لعل الموقف العُماني الرسمي والشعبي في نصرة فلسطين هو من أرقى المواقف وأعلاها في العالم الإسلامي؛ فالتصريحات الرسمية والبيانات في المؤتمرات والقِمَم لعلها أسبق من تعبير الجمهور وأرقى.
وإذا كان سقف الحرية السياسية والتعبير الحُر للمواطن في ميادين القضايا السياسية الساخنة فيما يجري في بعض مناطق العالم الإسلامي مترجمة عمليًا من خلال ما تمت الإشارة إليه، وكذلك انتقاد أداء المسؤولين بالوزارات الخدمية، فإن الحرية الاجتماعية مُمارَسة عمليًا إلّا أنها لها ضوابط كحال الحريات في الغرب، لها ضوابط وأُسس، منها عدم المساس بالأمن الاجتماعي، وذلك من خلال عدم إثارة ما يُنغِّص السِلم الأهلي والحياة الهانئة الهادئة في البلاد. وكذلك عند ممارسة الحرية الاجتماعية لا بُد من مراعاة ضابط عدم المساس بهُوية الدولة والشعب؛ فالأعراف والعادات والتقاليد يجب صيانتها كصيانة حقوق دين الدولة ومعتقدات الأمة ومقدساتها، ولا غرابة في ذلك؛ فالغرب نفسه لا يقبل المساس بمُفردات الأنظمة والقوانين التي سَنَّها عبر عقود؛ بل إن الدول الغربية عمدت إلى ترحيل كل لاجئ يُخالف ما عليه من أنظمة وقوانين؛ بل إن عددًا من هذه الدول تفرض قيودًا صارمة على الإعلام إن أراد تناول قضية من قضايا العالم كقضية فلسطين، إذا كان عرضها يُنافي ما عليه الغرب من توجهات داعمة لإسرائيل، وقد تتعرض الوسيلة الإعلامية للإغلاق إن تناولت قضية فلسطين بحيادية وموضوعية، وقد يتعرض الصحفي والإعلامي للطرد من المؤسسة الإعلامية.
إن الدروس الغربية في مجال الحريات لم تعد تُسمن أو تُغني من جوع، فقد كشفت الأزمة الروسية الأكرانية وما يتعرض له الفلسطينيون في غزة تناقضات الغرب وزيف ادعائه حماية الحقوق والحريات؛ فالغرب ما هو إلا مُتاجِر فيها وبها، وما هي إلّا وسيلته في التدخل في شؤون الدول من أجل فرض سيادته وهيمنته على شعوب العالم كما إنه راغب في فرض العولمة حسب ما يراه وهذا منهج مناقض للحرية.
وقد قَمَعَ الغرب لمظاهرات الشبيبة في الجامعات لا لشيء إلّا لتأييدها الحق الفلسطيني مع أنها مظاهرات سلمية، ومنع بذلك حرية الكلمة والتعبير؟! وأسكتت بعض دوله وسائل الإعلام التي حاولت تغطية أحداث فلسطين بموضوعية، وأقصت بعض دوله كل إعلامي غربي حاول كشف جرائم إسرائيل ضد الإنسانية بالوثائق والأدلة، والتهمة جاهزة وهي "معاداة السامية"!
رابط مختصر