لجريدة عمان:
2025-07-01@21:51:35 GMT

علي أبو عجمية في «ضمير البنات»

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT

علي أبو عجمية في «ضمير البنات»

يقول الشاعر عمر شبانه عن تجربة علي أبو عجمية الفائز بمسابقة جائزة فلسطين للآداب عام 2018: (يشكّل الشاعر علي أبو عجمية حالة من حالات الخروج عن المألوف، في القصيدة الفلسطينية، إذ يضرب في طرقات جديدة، حتى لو كانت على صورة متاهة، بحثا عن مخارج ومداخل بحثا عن وطن شعري جديد، هذه هي السمة البارزة في تجربة الشاعر، الذي يبدو متمردا على شعرية الوطن ومفرداته المألوفة، من خلال كسر المتوقع وولوج الغرائبي).

هذه وقفة مع هذا الشاعر الثلاثيني المهندس، الذي قرر مبكرًا ولوج الغرائبي، منذ نعومة أنفاسه الشعرية، عرضًا لخرائط مختلطة مركبة في مفهومه للشعر والحياة، في نصوصه عمومًا لا يقدم أبو عجمية حلولًا لأزمات شعرية أو اجتماعية، ولا يهمه أصلًا بأن يفكر في إنقاذ أحد، شعريته لا تصلح أبدًا للاستدلال عن مفقودين أو طرق مغيبة تحت ثلج الحياة، ثمة هدير غريب في قصائده المنفلتة من العقل اللغوي، هدير مثقف دقيق وواعٍ، يصلح تمامًا لأن يكون مَساقا في جامعة، شاعرنا من جيل ما بعد الألفين، هذا الجيل شهد الانتفاضة الثانية بكل ما فيها من غضب وتحفيز مشاعري وانتماء للفكرة وأيضا من حزن وإحساس بالخيبة من قيادة لا يشبه وجهها وجه البلاد، تقاسم هذا الجيل أسئلة لم يجب عنها أحد، الموت الفلسطيني في كل مكان، وفلسطين بلا مستقبل واضح والتضحيات مخيفة والإرادة الشعبية لا تنكسر لكن القيادة البعيدة عن الناس، لا تلتقط هذه الفضاءات، فيصير لدم فلسطين معنى يبعث على الحسرة، فتذهب قصائد هذا الجيل نحو عبثية ما، وبناءات شعرية مفتتة، وتفاصيل يومية حزينة، لكن علي أبو عجمية كان أشد شعراء جيله قربا من اللامعنى المراوغ، والبعد عن النبرة الغنائية التي ربما أحس هو أنها مرادفة للخسارة، فجاء بناؤه الشعري اغترابيا بشكل متطرف وبعيدا عن المألوف الشعري الفلسطيني.

هل أراد أبو عجمية أن يبني وطنًا عاليًا للشعر فيها من انتصارات اللغة وقوة التخييل وتفوق الصورة ما يشكل ردا على هزائم واقع شعبه وخساراته؟.

(أطوي تدوينة الدنيا في مشافهات الأبد، وجهك يا كتاب القبلة الأخّاذ، أسكن شعراء كسالى يستعدون نبيا يأخذ عني الكلمات، أنا ماء في الهواء، أسطع في مخيلة الأسماك وأتنفس نفسي).

لن نصل إلى معنى مريح وواضح، ومن قال إن علي موجود ليريحنا؟ هو يستمتع بضياعنا في قاع الجيل ونحن نبحث عن طريق للعودة إلى البيت بعد أن صدقنا وعده بحفلة شواء شعري في الجبل، علي لا يعزم أحدا على شواءات شعرية، لا تصل النار في شعره إلى درجة الشواء، يقسم علي الحرارة في نصوصه تقسيما عجيبا، يطلق نارا هائلة ثم يتبعها بثلج مستطير وإذا حدث وأن صدقتكم وتناولتم قطعة لحم من شوائه، لا تتذمروا أن وجدتموها نيئة، أبو عجمية يعرف كيف يطهو صوره، النار ليست دائما دليل عافية، هذا درس كامل، وهكذا نألف بحب وتفهم تجربة هذا الغرائبي، غياب النزعة التبليغية في شعره، مقصود بشكل عنيد، وكأني به يقول: لن تأخذوا مني معلومة ولن أدلكم على الطريق، من يرغب منكم في التجوال في خرائطي فليبق وإلا فليذهب إلى شعراء التبليغ وهم كثر حولنا.

في كتابه الشعري الجديد الصادر عام 2023 عن دار الأهلية الأردنية (ضمير البنات)، يواصل الشاعر، المهندس الكهربائي، قراءة العالم بطريقته التي يحبها، في عالم أبو عجمية الشعري، توقعوا أن تلسعكم كهرباء صوره، لسعات ستوقظ داخلكم رؤى غير متوقعة، إننا نحن نقرأ هذا العالم المكهرب بعيون متاهة لغوية عجيبة:

(في آخر الصيف المشيع بالخصال السبع: وجهك ناضج، خدر الندى أعلى جذوع التين، كرْمُه مثقل بالخمر، تشربه منابع خوفه، شمس الزجاج على انعكاس النوم، في الذكرى، بخار الظل وخرقة الفران، يرغول الغناء على سياج القمح تعبره القطا، وشم الأفاعي، في سرير القيظ: أسباب الحبيبة من حرارة لدغة في رسغها).

(في ضمير البنات) الذي وصل فيه أبو عجمية أعلى درجات معماره الشعري، وبرقه اللغوي، يهدي الشاعر قصائده المتنوعة ببنائها إلى عديد من أصحابه: خالد شاهين طارق العربي، نجوان درويش، وأمير داود، وزكريا محمد، وآخرون، المحير في تجربة أبو عجمية هو حيرتها بين البناءات الشعرية ، فهو يبدو منسجما في تنقلاته بين قصيدة العمود والتفعيلة والنثر، هذا الطمع الشعري يميز تجربة هذا الغرائبي، يقول الشاعر قصي اللبدي عن تجربة أبو عجمية: (يثبت الشاعر علي أبو عجمية، امتلاكه لغة شعرية خاصة تجمع بشكل مميز بين أدوات التعبير الكلاسيكية من بناء متين ومفردات جزلة، ومعرفة بالتراث الشعري، وبناء عروضي، من جهة وصور شعرية مبتكرة وطازجة ورؤى حديثة).

في ضمير البنات يواصل أبو عجمية صدمنا بمفردات وصور مدهشة لم تحدث قبل ذلك: صداقة نقطة التقويم، في الرواية عقرب بطل الحواس، واكتب لنا على درج المروءة، وتسكن سندسا في السرو، لا تدابير تكابد نجدة القاموس.

هذا الغرائبي لا يتوقف وهو يكتب فوضاه وصوره الشعرية وغير الشعرية على الفيسبوك، مثيرا دائما حالة من الجدل الجميل، تأتي له بالأعداء والمحبين.

علي أبو عجمية في سطور

شاعر وكاتب من مواليد مدينة الخليل عام 1988. يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية. مهتم بالدراسات الثقافية، والنظرية النقدية، والفِكر العربي المعاصر. صدرت له أربع مجموعات شِعريّة: «سَفر ينصت للعائلة» 2013، «نِهايات غادرها الأبطال والقتلة» 2017، «مُعْجَم الآلام» 2023، «ضَميرُ البنات» 2023. يكتب المقال الثقافي والنقد الأدبي في صحيفة العربي الجديد..

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

"العوض على الله".. الشاعر محمد عاطف يكشف لـ"الفجر الفني" عن تعاون جديد مع رامي صبري: كلمات تنزف إحساس، ولحن من قلب موجوع

 

 

 

 كشف الشاعر الغنائي الكبير محمد عاطف في حوار خاص لموقع الفجر الفني،   عن تعاون جديد يجمعه بالنجم رامي صبري، من خلال أغنية تحمل عنوانًا إنسانيًا موجعًا وعميقًا هو "العوض على الله"، وهي من ألحان رامي صبري وتوزيع المبدع طارق توكل، وتُعد واحدة من أبرز الأعمال المنتظرة على الساحة الغنائية.

وتحدّث محمد عاطف عن كواليس هذا التعاون، قائلاً: "سعيد جدًا بالشغل مع رامي صبري، وباعتز بيه على المستوى الفني والإنساني.. اشتغلنا مع بعض قبل كده، وكل مرة بنتقابل بيبقى في حالة صدق فنية حقيقية، رامي بيحس الكلمة من أول سطر، وبيعرف يطلّع منها إحساس لامس كل الناس".

وأضاف عاطف: "أغنية (العوض على الله) مش بس كلمات ولحن، دي حالة شعورية كاملة، بتحكي بصوت هادي عن الوجع والصبر والتسليم، فيها ملامح من كل واحد فينا مرّ بلحظة خذلان أو ضياع.. كتبتها من قلبي، ورامي لحنها من روحه، وطارق وزّعها بإحساس عالي جدًا".

الأغنية المنتظرة، التي سيُعلن عن موعد طرحها قريبًا، تُجسّد واحدة من أصدق الحالات الفنية، فهي ليست فقط عملاً غنائيًا، بل تجربة وجدانية تلامس تفاصيل كل مستمع، وتُحاكي بصوت هادئ ذلك الحوار الداخلي الذي يدور داخلنا حين لا نجد تفسيرًا للخسارة سوى أن "العوض على الله".

وقد صاغ محمد عاطف كلمات الأغنية بروح فيها الكثير من الشجن والتسليم، بينما جاء التوزيع الموسيقي لطارق توكل ليعزف على أوتار القلب، بإحساس ناعم يشبه النسيم في عزّ الحزن، ولحنٍ صادق يفيض صداه داخل الروح.

ويُعد هذا العمل الجديد تتويجًا لمسيرة فنية طويلة ومميزة للشاعر محمد عاطف، الذي استطاع عبر السنوات أن يخلق لنفسه مساحة متفرّدة في الأغنية العربية، بأعمال تُحفظ في الوجدان قبل الأرشيف، ويُشكّل هذا التعاون خطوة جديدة تضيف للاثنين، وترسّخ مكانتهما كأسماء تعرف كيف تُلامس القلب دون صخب.

"العوض على الله".. عنوان قدريّ، ونغمة حزينة، وكلمة صغيرة تختصر وجع العمر.. لكن لما تخرج من صوت صادق وكلمة مخلصة، بتتحوّل لترياق للوجدان."

مقالات مشابهة

  • للمرة الثالثة.. رامي جمال يتعاون مع الشاعر مصطفى ناصر في "تيجي نرجع"
  • للمرة الثالثة.. رامي جمال يتعاون مع الشاعر مصطفى ناصر في تيجي نرجع
  • القضاء العراقي يصدر مذكرة قبض بحق الشاعر عبد الحسين الحاتمي (وثيقة)
  • طعنته داخل الحرم الجامعي.. ماذا حدث بين طالبة وفرد أمن إداري بكلية البنات؟
  • راجي الشراري بعد ملحمة الهلال يصدح بقصيدة وطنية تشيد برؤية ولي العهد.. فيديو
  • العمل التطوعي.. ضمير المجتمع ونهضته الصامتة
  • «الصحافة لم تكن البداية».. حفيد الشاعر مأمون الشناوي يكشف أسرار جده لأول مرة
  • حفيد مأمون الشناوي يكشف أسرارا جديدة لأول مرة: الصحافة لم تكن البداية
  • "العوض على الله".. الشاعر محمد عاطف يكشف لـ"الفجر الفني" عن تعاون جديد مع رامي صبري: كلمات تنزف إحساس، ولحن من قلب موجوع
  • أيمن بهجت قمر يصنع أغنية بالـ AI: خلاني أعبر عن حالتي في لحظتها