تزخر الألعاب الأولمبية القديمة بقصص مدهشة عن منافسات وأبطال غير عاديين مثل ملاكم يدعى ميلانكوماس، فاز بأكاليل الغار الأولمبية مرات فقط بتجنب ضربات الخصم إلى أن يستسلم من التعب.
إقرأ المزيدأما القصة الأكثر غرابة والتي تشبه الأساطير في مجرياتها فقد كانت من نصيب رياضي يدعى أريخيون من فيغاليا القريبة من أثينا.
هذا النوع من الرياضة العنيفة يعد باكورة فنون القتال المختلطة الحديثة، وهي تجمع بشكل رئيس عناصر لعبتين هما الملاكمة والمصارعة.
مارست "أريخيون" هذا النوع من الرياضة القديمة العنيفة التي دخلت الألعاب الأولمبية في العصور الغابرة لأول مرة في عام 648 قبل الميلاد، وسرعان ما أصبحت الرياضة الأكثر شعبية في ذلك الوقت، وكان القدماء ينظرون إلى هذه النوع من الرياضة على أنه يمثل "الاختبار النهائي في القوة والفنون القتالية".
فاز "أريخيون" في أولمبياد 52 و53، واشتهر كبطل تتحمس له الجموع وتهنف باسمه، وجاء دور اولمبياد 54 في عام 564 قبل الميلاد.
في ذلك الأولمبياد القديم حدثت مباراة فريدة من نوعها خلدها التاريخ. في ذلك الصراع الفائز لم ينهض من الحلبة مسرعا ملوحا بيديه للمشجعين. كان جثة هامدة.
المباراة المصيرية تلك كانت بين "أريخيون" ومنافس وصف بأنه كان أقوى منه، إلا أن التاريخ لم يحتفظ باسمه.
الفليلسوف اليوناني "فيلوستراتوس"، وصف الواقعة بالكلمات التالية: "خصم أريخيون، بعد أن أحكم عليه بقبضة قوية، كان ينوي قتله، كان قد لف بالفعل ساعده حول حلقه لمنع تنفسه، واستراح بقدميه على فخذه، ولف ساقيه حول كل ركبة. بعد أن أخمد مقاومة أريخيون، بدأ في خنقه، وبدأ شعور الموت في الاستيلاء على حواسه. ومع ذلك، من خلال تخفيف التوتر في ساقيه، ساعد أريخيون على تنفيذ خطته الماكرة. دفع الأخير للخلف بنعل قدمه اليمنى وقرص الخصم بقوة مع الفخذ. احتجزه حتى توقف عن المقاومة، وبعد ذلك، سقط على الجانب الأيسر وضغط بقوة على ساق الخصم بركبته، وكسر كاحله بعنف".
أجبرت تلك الضربة القاصمة الخصم على الاستسلام، وبحسب القواعد رفع إصبعه عاليا، وأعلن الحكم انتصار "أريخيون"، وخين هرعت الحشود إلى أريخيون لمساعدته على النهوض وتهنئته على فوزه، أصيبوا بصدمة، فقد وجدوا بطلهم ميتا. توفي بسبب كسر في الرقبة، ويعتقد أن ذلك حدث حين استجمع كل قوته ووجه ضربته التي حررته من الاختناق.
على الرغم من وفاة، أعلن وفقا للقواعد المتبعة انتصاره في هذه المبارزة الأخيرة في الأولمبياد 54، لأن خصمه قد استسلم.
سكان مسقط رأسه فيغاليا كرموا بطلهم، وأقاموا له نصبا تذكاريا في ساحة المدينة الرئيسة، ولا يزال تمثاله قائما حتى الآن.
لم يلق "أريخيون" التكريم والتبجيل في مدينته فقط، بل وفي جميع أرجاء اليونان، وبلغت شهرته روما القديمة حيث أقيمت له التماثيل ولوحات تخلد إنجازاته الرياضية.
ربما لم يكن هذا البطل يفكر بمثل هذا الانتصار المأساوي، لكنه أخلص لتعليمات مدربه الذي كان يردد أمامه دائما قائلا: "لا استسلام حتى الرمق الأخير".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
إقرأ أيضاً:
وضع الرياضة لم يترك مجالا للكتابة
في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها اليمن، تعاني الرياضة من تحديات كبيرة، حيث غاب الدوري والمنافسات الرياضية وتدهورت أوضاع الأندية الرياضية، هذا الوضع لا يترك مجالاً للكتابة عن الرياضة وقضاياها دون أن نشعر بالحيرة والأسى.
تعطلت الرياضة ونشاطاتها، وأصبح الرياضيون والشباب بدون هدف أو هواية يمارسونها، البطالة الرياضية أصبحت واقعًا مؤلمًا، حيث فقد الشباب أحد أهم مصادر الإلهام والتنافس، غياب المنافسات الرياضية أثر بشكل كبير على الروح المعنوية للرياضيين، وجعلهم يعانون من الفراغ والإحباط.
كما أن غياب الأنشطة الرياضية أثر على الكتاب الرياضيين، حيث أصبحت الأفكار والمشاكل الرياضية غائبة عن أذهانهم. أصبح من الصعب العثور على مواضيع جديدة ومثيرة للاهتمام في ظل هذا الوضع الراهن.
وفي ظل هذا الوضع، لا يمكننا إلا أن ننتقد الجهات المعنية التي فشلت في الحفاظ على قطاع الرياضة. إن غياب الدعم المالي والإداري، وعدم وجود خطط واضحة لإعادة إحياء الرياضة، يعكس قصورًا واضحًا في رؤية هذه الجهات. كما أن الأندية الرياضية التي من المفترض أن تكون رائدة في هذا المجال، لم تقم بدورها المطلوب في تنظيم البطولات والأنشطة الرياضية.
يجب أن نطرح السؤال: أين دور الجهات المعنية في دعم الرياضة؟ أين دور الأندية الرياضية في تنظيم البطولات والأنشطة؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة ستساعدنا على فهم أسباب هذا الوضع المأساوي، وستفتح الباب أمام حلول جذرية لإعادة إحياء الرياضة اليمنية.
في الختام، يصبح من الضروري البحث عن حلول جذرية لإعادة إحياء الرياضة اليمنية. يجب على الجهات المعنية والأندية الرياضية العمل سويًا لوضع خطة إنقاذ للرياضة اليمنية، تشمل إعادة بناء البنية التحتية الرياضية، ودعم الرياضيين والشباب، وتوفير الفرص التدريبية والمنافسات الرياضية.
إن إعادة إحياء الرياضة اليمنية ليست فقط مسألة رياضية، بل هي مسألة وطنية تتعلق بصحة الشباب ورفاهيتهم. يجب على الجميع العمل سويًا لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، وإعطاء الرياضة اليمنية الفرصة للعودة إلى سابق عهدها.