أثار تعليق قطر إمدادات الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مخاوف في أوروبا من احتمالية تأثر واردات القارة العجوز من الطاقة.

 

والإثنين، أوردت وكالة بلومبرغ للأنباء، أن قطر توقفت مؤقتا عن إرسال ناقلات الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق باب المندب، بعد أن أدت الغارات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة على أهداف للحوثيين في اليمن إلى زيادة المخاطر.

 

وقطر هي أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بعد الولايات المتحدة، وشكلت حوالي 13 بالمئة من استهلاك أوروبا الغربية في العام الماضي.

 

وقبل قطر أعلنت شركة بريتش بتروليوم "بي بي"، تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر، واتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح جنوب دولة جنوب إفريقيا ممرا بديلا لشحنات النفط والغاز.

 

و"تضامنا مع قطاع غزة" الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن بالبحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

 

شريان حياة

 

وفي قطاع الطاقة، يعتبر مضيق باب المندب أحد الشرايين الرئيسة التي تمر عبره إمدادات النفط الخام والغاز الطبيعي المسال من آسيا إلى أوروبا.

 

ووفق بيانات وزارة الطاقة الأمريكية، تحصل أوروبا على قرابة 25 من حاجتها من الغاز الطبيعي المسال المنقول بحرا، عبر مضيق باب المندب وقناة السويس.

 

بينما تحصل على أكثر من 20 بالمئة من حاجتها للنفط الخام عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، ما يعني أن استمرار أزمة البحر الأحمر، سيتسبب بتأخير شحنات الطاقة المتجهة للقارة العجوز.

 

ومما يفاقم أزمة عبور الطاقة في البحر الأحمر ارتفاع الطلب على النفط والغاز في أوروبا بنسبة 6 بالمئة في ديسمبر/كانون أول الماضي على أساس شهري، بالتزامن مع هبوط درجات الحرارة إلى ما دون 5 درجات مئوية في بعض دول أوروبا الغربية.

 

وقبل أزمة البحر الأحمر عانت دول أوروبا خلال الشهور الماضية لملء مخزونات الغاز، بالتزامن مع استمرار حظر الغاز والنفط الروسيين، بسبب الحرب في أوكرانيا.

 

وبحسب بيانات للمفوضية الأوروبية، فإن دول الاتحاد الأوروبي وفرت 90 بالمئة كمتوسط من حاجتها للغاز الطبيعي لفصل الشتاء الحالي، مع استقرار الإمدادات دون تغيير.

 

إلا أن فرضية طول أمد أزمة البحر الأحمر تعني أن فبراير/شباط ومارس/آذار المقبلين قد يشهدا نقصا بإمدادات الغاز، وبالتالي ارتفاع في الأسعار.

 

وحاليا، يبلغ سعر المليون وحدة حرارية للغاز الطبيعي قرابة 3.1 دولارات، بزيادة 5 بالمئة عن مستويات ما قبل هجمات الحوثي منتصف نوفمبر الماضي.

 

هل تتأثر الأسعار؟

 

تعتبر أزمة مضيق باب المندب، واحدة من عشرات المؤثرات على أسعار الطاقة خلال الربع الأول 2024، أبرزها زيادة الإنتاج الأمريكي وعيد السنة القمرية في الصين الشهر المقبل، والتي تدفع نحو تراجع الإنتاج وبالتالي تراجع استهلاك الطاقة.

 

لكن تجار الطاقة حذروا من احتمال ارتفاع الأسعار في المستقبل القريب، حيث يهدد الصراع الناجم عن الحرب الإسرائيلية على غزة بالتصعيد مع لبنان ومع جماعة الحوثي، وقد يمتد إلى إيران.

 

وحذرت الرابطة الدولية لأصحاب الناقلات المستقلة (إنترتانكو)، التي تمثل نحو 70 بالمئة من جميع ناقلات النفط والغاز والكيماويات المتداولة دولياً، أعضائها، الجمعة، من "البقاء بعيداً" عن مضيق باب المندب.

 

والإثنين، قالت جماعة الحوثي في بيان، إن أية سفينة مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالولايات المتحدة، ستكون عرضة للهجمات؛ بعد أن اقتصر الهجوم سابقا على السفن المرتبطة بإسرائيل.

 

وأكد بعض أكبر مشغلي الناقلات في العالم، مثل MSC وميرسك وبريتش بتروليوم، وكوسكو، أنهم سيتجنبون المنطقة، في خطوة يمكن أن تضيف وقتا وتكاليف كبيرة للشحنات من الشرق الأوسط إلى أوروبا مع إعادة توجيه السفن حول إفريقيا.

 

وفي حين أن قرابة 91 بالمئة من حركة سفن الحاويات كانت تتجنب بالفعل الإبحار عبر مضيق باب المندب، كانت شركات شحن النفط أكثر استعدادا لاستخدام هذه الطريق، لكن تقديرات صحيفة "فايننشال تايمز" تشير إلى تراجع سفن الشحن بنسبة 20 بالمئة اعتبارا من الجمعة الماضية.

 

والجمعة، أعلن البيت الأبيض، في بيان مشترك لـ10 دول، أنه "ردا على هجمات الحوثيين (..) ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، قامت القوات المسلحة الأمريكية والبريطانية بتنفيذ هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن".

 

وتسبب تحويل سفن الحاويات بالفعل في حدوث مشكلات للصناعة الأوروبية، حيث أكدت شركة "تسلا" الجمعة أنها أوقفت العمليات مؤقتا في مصنعها لتصنيع السيارات الكهربائية في ألمانيا، بسبب التأخير في استلام الأجزاء.

 

وأدت المخاوف من حدوث انقطاع طويل الأمد إلى دفع تكاليف شحن الحاويات إلى أعلى مستوى خارج نطاق جائحة كورونا؛ إذ ارتفع متوسط تكلفة نقل حاوية بحجم 20 قدماً من شنغهاي إلى روتردام بنسبة 100 بالمئة إلى 3103 دولارات.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن باب المندب الحوثي أوروبا الملاحة الدولية الغاز الطبیعی المسال عبر مضیق باب المندب البحر الأحمر بالمئة من

إقرأ أيضاً:

ماذا سيحدث إذا أغلقت إيران مضيق هرمز؟

أنقرة (زمان التركية) – بعد الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية في إيران، كان من بين أبرز ردود الفعل الأولية من طهران إغلاق مضيق هرمز، وهو قرار وافق عليه البرلمان اليوم وينتظر موافقة مجلس الأمن القومي عليه.

وقد دعا حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المعروفة بقربها من المرشد الأعلى الإيراني، صراحةً إلى شن هجوم صاروخي على القوات البحرية الأمريكية في البحرين وإغلاق مضيق هرمز أمام السفن التجارية الأمريكية والأوروبية. فماذا يعني هذا؟

أهمية مضيق هرمز

يُعتبر مضيق هرمز أحد الشرايين الرئيسية لتجارة الطاقة العالمية. يقع المضيق بين إيران وعُمان ويربط الخليج العربي ببحر عُمان، وهو نقطة عبور لحوالي 20% من نفط العالم.

وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، يمر عبر هذا الممر ما متوسطه 20.5 مليون برميل من النفط الخام يوميًا اعتبارًا من عام 2023. يمثل هذا المبلغ حوالي ثلث النفط العالمي المنقول بحراً.

ليس النفط فقط، بل يمر جزء كبير من الغاز الطبيعي المسال القادم من دول الخليج، وخاصة قطر، عبر هذا الممر الضيق. لذلك، في حال إغلاق مضيق هرمز، يمكن أن يتقلص إمداد الطاقة العالمي فجأة، وقد تشهد أسعار النفط ارتفاعات حادة.

ووفقًا للخبراء، فإن هذا الوضع قد يتجاوز بكثير سيناريو عام 2011، عندما تجاوز سعر نفط برنت 125 دولارًا بعد تهديد إيراني مماثل.

أزمة طاقة وتأثير دومينو

لا تقتصر الأزمة على الطاقة وحدها، بل ستتأثر سلاسل التجارة العالمية بشكل مباشر بإغلاق المضيق. خاصة الدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند، وهي اقتصادات تعتمد بشكل كبير على الطاقة، ستكون في الحلقة الأولى من الأزمة. أما السوق الأوروبية، فقد تنجرف بسرعة إلى أزمة طاقة بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال ومحدودية مصادر الإمداد البديلة.

من منظور عسكري، لا يعني إغلاق مضيق هرمز مجرد انهيار اقتصادي، بل يمثل نقطة تحول جيوسياسية. فالقواعد الأمريكية في قطر والبحرين والكويت والإمارات تقع ضمن مدى الصواريخ قصيرة المدى الإيرانية. ويشير المحللون، في حديثهم لشبكة CNN، إلى أن إيران يمكن أن تستهدف هذه القواعد بآلاف الصواريخ الباليستية، مما يجعل الصراع المباشر بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة أمرًا حتميًا.

تأثير الدومينو

من الناحية القانونية الدولية، يُعرّف هذا النوع من عرقلة حركة الملاحة البحرية بأنه “عمل حربي”. في هذه الحالة، لن تكون الولايات المتحدة وحدها، بل العديد من الدول الأعضاء في الناتو قد تتدخل مباشرة لأسباب تتعلق بأمن الطاقة.

وفقًا للبروفيسور جيسون بوردوف من مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، فإن إغلاق مضيق هرمز سيخلق تأثير دومينو متزامنًا في مجالات الطاقة والتأمين واللوجستيات والقانون البحري والاستقرار الجيوسياسي. ويؤكد بوردوف، قائلاً: “إن هشاشة النظام العالمي تتجمع في هذا المضيق”، مشددًا على أن تأثير مثل هذه الأزمة لن يكون إقليميًا فحسب، بل قادرًا على زعزعة جميع التوازنات في الاقتصاد العالمي.

الهجوم الأمريكي على إيران

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان كان “نجاحًا عسكريًا تاريخيًا”. وزُعم أن البنية التحتية النووية الإيرانية “دُمرت بالكامل” في العملية التي شاركت فيها قاذفات B-2.

وفي المقابل، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الهجوم وأعلنت أنها ستطلق إجراءات قانونية دولية ضد الولايات المتحدة. وفي نفس البيان، تم توجيه رسالة مفادها أن إيران ستواصل برنامجها النووي.

هنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب على قراره الشجاع. من جهة أخرى، أدت التصريحات القادمة من مصادر قريبة من إيران إلى تصعيد التوتر. فقد دعا حسين شريعتمداري، أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، إلى إغلاق مضيق هرمز واستهداف الحرس الثوري الإيراني للقواعد الأمريكية. لم يصدر عن المرشد الأعلى خامنئي أي تصريح مباشر حتى الآن.

خطر الانتقام

على الجانب الأمريكي، لا يزال مستوى التأهب مرتفعًا. فقد صرح الرئيس ترامب في منشور على منصة Truth Social: “أي انتقام من جانب إيران ضد الولايات المتحدة سيُقابل بقوة أكبر بكثير مما شهدتموه الليلة.” وأفادت التقارير أن أنظمة الدفاع الجوي قد تم تفعيلها في المنطقة، وشهدت سماء طهران حركة جوية كثيفة طوال الليل.

وفقًا لريا موغول من CNN، قال الرئيس دونالد ترامب إن هناك “قلقًا حقيقيًا من انتقام إيران”.

تتجه الأنظار الآن إلى كيفية رد فعل إيران. وقد يكون اتخاذ خطوة جذرية مثل إغلاق مضيق هرمز بداية لعملية لا تزعزع الصراع الأمريكي-الإيراني فحسب، بل تزعزع أيضًا التوازنات الهشة للاقتصاد العالمي.

Tags: إيرانالقنابل النوويةطهرانمضيق هرمز

مقالات مشابهة

  • صحيفة إسبانية: إغلاق مضيق هرمز "ضربة قاصمة" لاقتصاد أوروبا ويرفع أسعار النفط والطاقة عالميًا
  • 200 مليون ريال استثمارات لإنتاج الملح الطبيعي في الوسطى
  • باحث: غلق مضيق هرمز يؤثر على أسعار الطاقة عالميا ويهدد أمريكا
  • بإنتظار موافقة أعلى هيئة أمنية.. البرلمان الإيراني يوافق على إغلاق مضيق هرمز
  • تقرير: ارتفاع تهديد الشحن التجاري المرتبط بأمريكا في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن
  • البرلمان الإيراني يوافق على إغلاق مضيق هرمز.. ليس قرارا نهائيا
  • ماذا سيحدث إذا أغلقت إيران مضيق هرمز؟
  • التوقيع على اتفاقية امتياز لإنتاج الملح الطبيعي لمنطقة الامتياز رقم I-51 بمحافظة الوسطى
  • معلومات الوزراء يستعرض جهود مصر بالفيديو في استقبال سفن إعادة التغييز وربطها بشبكة الغاز الطبيعي
  • أسهم أوروبا تصعد مع تراجع المخاوف من تدخل أمريكي وشيك في الشرق الأوسط