من غزو العراق… إلى حرب غزة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
آخر تحديث: 17 يناير 2024 - 10:30 صبقلم: خيرالله خيرالله توجد حاليا أسئلة كثيرة تفرضها حرب غزّة التي يتأكد في كلّ يوم أنّها ستغيّر طبيعة المنطقة على غرار ما غيرها الغزو الأميركي للعراق في العام 2003. من بين هذه الأسئلة تلك المتعلّقة بمستقبل إسرائيل من جهة وطبيعة علاقتها بالولايات المتحدة ودول المنطقة من جهة أخرى.
يمكن اعتبار حرب غزّة حدثا يساوي في أهمّيته التغيير الذي فرضه الأميركيون في العراق والمنطقة بعدما قررت إدارة جورج بوش الابن في 2003، من حيث تدري أو لا تدري، تقديم هذا البلد العربي المحوري إلى “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران على صحن من فضّة. حصل ذلك عن طريق تسليم الحكم في العراق إلى ميليشيات مذهبيّة عراقيّة تابعة لـ“الحرس الثوري” الإيراني في معظمها. دخلت هذه الميليشيات بغداد على دبابة أميركيّة وراحت بعد ذلك تعتبر نفسها “مقاومة” للوجود الأميركي في العراق. لا يمرّ يوم، خصوصا في ظلّ حكومة محمد شيّاع السوداني، إلّا ويؤكد العراق أنّه مجرد غطاء للسياسة الإيرانية في المنطقة. لا حاجة إلى الذهاب إلى الهجوم الذي شنته إحدى الميليشيات العراقية على السفارة الأميركية في بغداد أو إلى قصف ميليشيات من “الحشد الشعبي” قواعد أميركية في العراق أو في سوريا… أو حشود “الحشد” على الحدود الأردنيّة. يمكن الذهاب إلى ما هو أعمق من ذلك. ففي القمة العربيّة – الإسلامية التي انعقدت في تشرين الثاني – نوفمبر من العام الماضي في الرياض، اعترض الجانب العراقي على خيار الدولتين بديلا من الاعتراض الإيراني على الدعوة إلى اعتماد هذا الخيار! بالمختصر المفيد، اختلف التوازن الإقليمي في المنطقة كلّها في ضوء استيلاء إيران على العراق، بل يمكن الحديث عن اختلال حقيقي في التوازن بعدما اخترقت إيران العالم العربي، أو العوالم العربيّة القائمة، من خلال وجودها في العراق وهيمنتها على القرار فيه. استطاعت “الجمهوريّة الإسلاميّة” التخلص من كلّ صوت عراقي كان يقول إن إيران هي إيران والعراق هو العراق، خصوصا في ضوء كلّ الخدمات التي قدّمها لها رجل الدين العراقي مقتدى الصدر الذي أساء التصرّف بعد فوز مناصريه في الانتخابات النيابيّة الأخيرة في العام 2021. فتح مقتدى الصدر بفضل سوء تصرّفه الأبواب كلّها أمام سيطرة نهائيّة لإيران على العراق عبر “الحشد الشعبي” والحكومة القائمة. في حرب غزّة، تبدو إيران حاضرة أكثر من أي وقت. يكشف ذلك ما يفعله الحوثيون في البحر الأحمر وما يفعله “حزب الله” في جنوب لبنان مباشرة أو عبر مجموعات من صنعه تعلن مسؤوليتها عن عمليات تستهدف إسرائيل. الأهمّ من ذلك كلّه، أن حرب غزة أوصلت المنطقة كلّها إلى المزيد من اللاتوازن، بما في ذلك العلاقة الأميركيّة – الإسرائيلية. مهما فعل بنيامين نتنياهو، الذي يعتقد أنّ إطالة الحرب على الشعب الفلسطيني ستكتب له حياة سياسيّة جديدة، لا يمكن الاستخفاف بما فعله اليمين الإسرائيلي من خلال مراهنته على “حماس” لضرب المشروع الوطني الفلسطيني. هناك ما تغيّر في العمق في العلاقة الأميركيّة – الإسرائيليّة بغض النظر عن وجود إدارة حائرة لا تمتلك القدرة على لعب دور قيادي في الشرق الأوسط والخليج وفي إسرائيل نفسها. فقدت إسرائيل قوة الردع التي كانت تتباهى بها بعدما عرّاها “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول – أكتوبر الماضي، أي قبل ما يزيد عن مئة يوم. باتت إسرائيل تخوض حاليا حربا من دون أفق سياسي وهي في حاجة إلى السلاح الأميركي والذخائر الأميركية لمتابعة هذه الحرب التي دمّرت غزّة على رؤوس أهلها، لكنها لم تدمّر “حماس” نهائيا. لا يكفي الكلام الكبير الصادر عن “بيبي” لتبرير الفشل الإسرائيلي في التعاطي مع الموضوع الفلسطيني ومع قضيّة هي قضيّة شعب موجود على الخريطة السياسيّة للمنطقة أكثر من أي وقت. القضيّة قضيّة شعب وليست قضيّة “حماس” التي لم تهتمّ يوما سوى بالمشروع السياسي للإخوان المسلمين الذي يلتقي في محطات كثيرة مع المشروع التوسّعي الإيراني. قال رئيس الحكومة الإسرائيلية أخيرا في معرض تبرير فشله وفشل إسرائيل “سنستمر في الحرب إلى النهاية، حتّى تحقيق النصر النهائي وتحقيق كل أهدافنا، أي إنهاء ‘حماس’ واستعادة الرهائن والعمل من أجل ألّا تشكل غزة يوما تهديدا لإسرائيل”. مثل هذا الكلام غير الواقعي لا يمكن أن يبرّر الفشل الذي لا مفرّ من تسميته باسمه. يحرج مثل هذا الكلام جو بايدن وإدارته كما يكشف أن إسرائيل غير مهتمة بإقامة علاقات جيدة مع محيطها العربي الذي لا يتحمل ممارساتها في غزّة حيث سقط 24 ألف قتيل فلسطيني في مئة يوم وحيث بات يوجد ما يزيد عن مليون ونصف مليون مهجّر فلسطيني. لكنّ السؤال يبقى ما الذي ستكون عليه المنطقة في مرحلة ما بعد حرب غزّة؟هل تعيش الملاحة الدولية في البحر الأحمر تحت رحمة الحوثيين في اليمن، أي تحت رحمة إيران التي تريد خنق قناة السويس متذرعة بحرب غزة؟ ماذا عن لبنان هل يتكرس الاحتلال الإيراني للبنان الذي يعبر عنه امتلاك “حزب الله” لقرار الحرب والسلم في البلد؟ ماذا عن التوازن الإقليمي ككل؟ يبدو واضحا أنّ المنطقة ما زالت تعيش في ظلّ آثار الزلزال العراقي الذي وقع في العام 2003 وتداعيات هذا الزلزال. كان ذلك حدثا مفصليا إلى درجة أن إيران صارت في السنة 2024 تفاوض باسم المنطقة فيما إسرائيل تلعق جروحها التي تسببت بها حرب غزّة والإصرار على الاستمرار فيها “إلى النهاية” كما يقول بنيامين نتنياهو مدفوعا بحاجته إلى تفادي استحقاقات داخليّة يمكن أن تودي به إلى السجن!أكثر من أي وقت، تظهر الحاجة إلى تغيير في إسرائيل، وهو تغيير تفرضه الحاجة إلى السياسة وإلى صفات قيادية تفتقدها إدارة جو بايدن… وليس إلى المزيد من العنف والدمار.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
ما هي الصواريخ الفرط صوتية التي استخدمتها إيران ضد إسرائيل ومداها وسرعتها؟
ما هي الصواريخ الفرط صوتية التي استخدمتها إيران ضد إسرائيل وأقصى مدى لها؟، سؤال مثار بعد الهجوم الإيراني الواسع على إسرائيل ردا على الضربة الإسرائيلية التي بدأت فجر الجمعة، خاصة بعد الإعلان عن استخدام طهران لصواريخ فرط صوتية متطورة، هذه الخطوة غير المسبوقة وضعت العالم أمام مشهد عسكري جديد في الشرق الأوسط.
ما نوع الصواريخ التي ضربتها إيران؟في الهجوم الذي شنته إيران ضد إسرائيل، تم استخدام مزيج من الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيّرة، لكن ما أثار القلق الشديد هو إدخال صواريخ فرط صوتية إلى المعادلة.
هذه الصواريخ تتميز بسرعتها الهائلة التي تفوق سرعة الصوت بأضعاف، وقدرتها على المناورة أثناء الطيران، مما يصعب اعتراضها حتى من قبل أنظمة الدفاع المتقدمة مثل "القبة الحديدية" و"أرو 3".
إيران استخدمت صواريخ من طراز فتاح ضمن ترسانتها، ومن المرجح أن تكون النسخة الجديدة فتاح 2 أو حتى فتاح 3 قد دخلت الخدمة الفعلية.
ما نوع الصواريخ التي استخدمتها إيران على إسرائيل؟الهجوم الإيراني على إسرائيل ضم ما يقارب 170 طائرة مسيّرة، و120 صاروخ كروز، وأكثر من 150 صاروخًا بالستيًا، إلا أن اللافت هو إعلان الحرس الثوري عن استخدام صواريخ فرط صوتية في الضربة.
هذه الصواريخ الفرط صوتية تتجاوز سرعتها 5 ماخ (خمسة أضعاف سرعة الصوت)، ما يعني أنها تستطيع الوصول إلى أهدافها خلال دقائق، مما يمنحها تفوقًا تكتيكيًا كبيرًا.
ومن بين الصواريخ المستخدمة على الأرجح: صاروخ فتاح 1 وصاروخ فتاح 3 الجديد، واللذان يمكن أن يكونا أول النماذج الفرط صوتية التي تصل إلى ساحة المعركة فعليًا من الجانب الإيراني.
ما هي الدول التي تمتلك صاروخ فرط صوتي؟حتى عام 2025، عدد قليل من الدول فقط يمتلك الصواريخ الفرط صوتية تم اختبارها ميدانيًا أو دخلت الخدمة الفعلية. هذه الدول تشمل:
الولايات المتحدة: تعمل على تطوير عدة نماذج، مثل AGM-183A.
روسيا: تمتلك صواريخ "أفانغارد" و"تسيركون"، وهي في الخدمة.
الصين: طورت صاروخ DF-ZF وأثبت فعاليته.
كوريا الشمالية: أعلنت عن تجارب ناجحة لصواريخ فرط صوتية.
إيران: أعلنت امتلاك صواريخ مثل "فتاح"، وتعد من أول الدول في الشرق الأوسط التي تدخل هذا النادي.
الهند: تعمل بالتعاون مع روسيا لتطوير نماذج خاصة بها.
الجيش اليمني (الحوثيون): رغم الشكوك، إلا أن تقارير أشارت إلى تطوير صاروخ فرط صوتي حوثي بدعم إيراني.
هل تمتلك إيران صاروخا أسرع من الصوت؟نعم، إيران تمتلك الآن أكثر من صاروخ قادر على التحليق بسرعات فرط صوتية، أول إعلان رسمي جاء في يونيو 2023 عندما كشف الحرس الثوري الإيراني عن صاروخ فتاح 1، وقال إنه يبلغ سرعة تفوق 13 ماخ (أي 13 ضعف سرعة الصوت).
بعد ذلك، أعلنت طهران عن تطوير صاروخ فتاح 2 بسرعات أعلى وقدرات مناورة متقدمة، وبحلول 2024، جاء الإعلان المفاجئ عن صاروخ فتاح 3 الذي قيل إنه مزود بقدرات توجيه دقيقة ومرحلة دفع تعمل بالوقود الصلب، مما يجعله أكثر خطورة.
الدول التي تمتلك فعليًا الصواريخ الفرط صوتية حتى الآن هي:
روسيا: سبّاقة في المجال.الصين: طورت وصنعت نماذج فعالة.الولايات المتحدة: في مرحلة الإنتاج.كوريا الشمالية: تمتلك نسخًا أولية.إيران: أول دولة شرق أوسطية تستخدمها فعليًا في معركة.الهند: قيد التطوير.كوريا الجنوبية واليابان: تعملان على مشاريع مشتركة.صاروخ فرط صوتي حوثيأفادت بعض التقارير الاستخباراتية أن الحوثيين في اليمن، الذين تدعمهم إيران، يمتلكون صاروخًا فرط صوتيًّا محلي الصنع، يُعتقد أنه نُقل إليهم من طهران أو تم تجميعه بمساعدة خبراء إيرانيين.
هذا الصاروخ قد يكون نموذجًا أوليًا مستندًا إلى تكنولوجيا فتاح، إلا أن هذه المزاعم لم يتم تأكيدها رسميًا، لكنها إن صحت، فإنها تشكل تهديدًا استراتيجيًا جديدًا في المنطقة.
صاروخ فتاح 3صاروخ فتاح 3 هو أحدث ما أعلن عنه الحرس الثوري الإيراني ضمن سلسلة صواريخ فرط صوتية.
يتميز بسرعته التي تفوق 15 ماخ، بالإضافة إلى قدرته على المناورة لتفادي الدفاعات الجوية. الصاروخ مزود بمرحلة توجيه مستقلة بعد الدخول في الغلاف الجوي، ويستخدم وقودًا صلبًا ما يزيد من سرعة الإطلاق والاستجابة في ساحة المعركة.
ويُعتقد أنه تم استخدام هذا الصاروخ خلال الهجوم الإيراني الأخير ضد إسرائيل، ما يضعه ضمن الإجابة عن السؤال المتكرر: ما هي الصواريخ الفرط صوتية التي استخدمتها ايران ضد إسرائيل؟
أسرع صاروخ فرط صوتيبحسب البيانات المتاحة، فإن صاروخ "أفانغارد" الروسي يعتبر من أسرع الصواريخ الفرط صوتية في العالم، إذ يمكنه الوصول إلى سرعة 27 ماخ.
إلا أن الصواريخ الإيرانية، خاصة فتاح 3، تقترب كثيرًا من هذه الأرقام، ما يجعل إيران منافسًا حقيقيًا في هذا المجال.
صواريخ إيران الجديدةتضم الترسانة الإيرانية الآن مجموعة متنوعة من الصواريخ المتقدمة، تشمل:
فتاح 1: أول صاروخ فرط صوتي إيراني.فتاح 2: تحسينات في المناورة والدقة.فتاح 3: قفزة نوعية في الأداء.خرمشهر 4: صاروخ بالستي بعيد المدى.ذو الفقار بصير: صاروخ أرض-أرض مطور.رعد وقيام وسجيل: ضمن الترسانة المتوسطة إلى البعيدة المدى.حتى اللحظة، يُعد صاروخ فتاح 3 هو أقوى صاروخ إيراني على الإطلاق، بفضل سرعته التي تفوق 15 ماخ، وقدرته على ضرب أهداف دقيقة على بعد مئات الكيلومترات، وتفادي الدفاعات الجوية.
الصاروخ دخل الخدمة رسميًا في 2024، وتم استخدامه لأول مرة في الهجوم على إسرائيل.
الفرق بين الصاروخ البالستي وسكودالصاروخ البالستي: يتحرك عبر مسار منحني، ويبلغ سرعات عالية، لكنه يعتمد على مسار ثابت.
صواريخ سكود: هي نوع من الصواريخ البالستية القديمة، تم تطويرها في الاتحاد السوفيتي، وتتميز ببساطتها وقلة دقتها مقارنة بالصواريخ البالستية الحديثة أو الفرط صوتية.
الفرط صوتية: يمكنها المناورة أثناء الطيران، مما يصعب إسقاطها، وتصل إلى سرعات أعلى بكثير من الصواريخ التقليدية.
صاروخ فتاح 1فتاح 1 هو أول صاروخ فرط صوتي تصنعه إيران، وأُعلن عنه في منتصف 2023، يتميز بقدرته على الوصول إلى سرعة 13 ماخ، وقدرته على ضرب أهدافه بدقة بفضل تقنيات التوجيه الجديدة.
هذا الصاروخ مهد الطريق لما تلاه من إصدارات أكثر تطورًا، ويُعتقد أن تجربته في الهجوم الأخير كانت بمثابة إثبات فعلي للقدرة الإيرانية.
في النهاية، لا يزال السؤال يطرح نفسه بقوة في الأوساط العسكرية والاستخباراتية الدولية: ما هي الصواريخ الفرط صوتية التي استخدمتها ايران ضد إسرائيل؟، وقد أعاد هذا التساؤل رسم معادلات القوة في الشرق الأوسط، وأثبت أن سباق التسلح بات يدخل مرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة مع دخول صواريخ فرط صوتية إلى ساحة المواجهة