المناطق_متابعات

رصدَ تلسكوب “هابل” الفضائي أصغر كوكب معروف خارج المجموعة الشمسية يحتوي على الماء في غلافه الجوي، وفق ما أعلنت وكالتا الفضاء الأميركية (ناسا) والأوروبية الخميس.

وأوضحت المديرة المشاركة في البحث لورا كريدبرغ من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك في ألمانيا أن “رصد الماء على مثل هذا الكوكب الصغير هو اكتشاف تاريخي، و”يقرّب أكثر من أي وقت مضى من العوالم التي تشبه الأرض حقا”.

أخبار قد تهمك اكتشاف كوكب يدور حول نجم قزم أحمر 4 ديسمبر 2021 - 4:12 صباحًا

ويقع الكوكب GJ 9827d الذي رُصد عليه الماء والذي يبلغ قطره نحو ضعف قطر الأرض في كوكبة الحوت، على بعد 97 سنة ضوئية، أي أكثر من 900 ألف مليار كيلومتر، وفقا لبيان أصدرته ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية.

ورأى مسؤولو الوكالتين أن هذا الكوكب أشبه إما بـ”نبتون صغير” بغلاف جوي غني بالهيدروجين ومليء بالماء، أو بنسخة أكثر دفئاً من قمر المشتري أوروبا الذي يحتوي تحت قشرته على ضعف كمية الماء الموجودة تحت قشرة الأرض.

وأشار بيورن بينيكه من جامعة مونتريال الذي شارك في إدارة البحث إلى أن “GJ 9827d قد يكون مكوّنا بالمناصفة من الماء والصخور”. ورجّح وجود “الكثير من بخار الماء على الكتل الصخرية الصغيرة”.

وأضاف “لم نتمكن قبل اليوم من رصد الغلاف الجوي لمثل هذا الكوكب الصغير مباشرة، ونحن نتوصل إلى ذلك تدريجا”.

ونجح “هابل” طوال ثلاث سنوات في تحليل الطول الموجي للألوان في الغلاف الجوي لكوكب GJ 9827d، عندما كان الضوء الصادر من النجم الذي يدور حوله يرشح عبر غلافه الجوي، وتمكن من اكتشاف وجود جزيئات الماء.

ومع أن لهذا الكوكب غلافا جويا غنيا بالماء، إلا أن درجة حرارته البالغة 425 درجة مئوية تجعله غير صالح للحياة.

غير أن هذا الاكتشاف يمهد الطريق لإجراء المزيد من الدراسات على كوكب GJ 9827d والكواكب المماثلة، وخصوصاً بواسطة تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي الذي يستطيع استخدام صوره العالية الدقة بالأشعة تحت الحمراء للبحث عن جزيئات الغلاف الجوي الأخرى مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان.

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: المجموعة الشمسية هذا الکوکب

إقرأ أيضاً:

عبدالنبي .. الذي ليس عُمانيًّا

مدة طويلة قضاها عبدالنبي في عُمان، لا أذكر عدد السنين بالضبط، ولكن يكفي أن أقول إنه في ذاكرتي مذ كنتُ ألعب الكرة صبيًّا في مزرعتنا بالردة، وكانت الكرة تدخل أحيانا بالخطأ المزرعةَ المجاورة التي كان يعمل فيها، فيعيدها عبدالنبي بركلة قوية بعد أن يتراجع خطوات إلى الوراء ثم يَكُرُّ على الكرة راكضًا على طريقة البرازيلي روبرتو كارلوس. لعلها 30 سنة أو أكثر تَنقّلَ فيها عبدالنبي بين أكثر من كفيل، لكنه ظلّ مقيمًا وعائلته في الردة إلى اليوم. خفيف الظل كان، ولا يزال. يتميز بذلك النوع من الظُرف الذي يأتي عفويًّا غير متكلف. ويمتاز عن أنور صميم، البنجالي الآخر المقيم في الردة منذ سنين طويلة، بالذكاء الاجتماعي، وسرعة التعلم، وإجادة اللغة العربية باللهجة العُمانية، ولذا فهو كثير الكلام، على عكس أنور الذي يظنه المرء من فرط صمته أخرس.

كل من نسِيَ عبدالنبي في الردة بسبب تراكم السنين، وكل من لم يعرفه سابقًا في عُمان، عرفه خلال الأيام الماضية، بعد أن انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في البترول، فيديو مدته دقيقة ونصف يظهر فيه عبدالنبي بالصورة وهو يدافع عن انتمائه إلى عُمان، بعد أن قرر ــ دون انتظار وثائق رسمية أو قرارات سيادية ــ أن يُصبح عُمانيًّا، بل واختار لنفسه اللقب العائلي الذي يحبّ. طوال مدة الفيديو يوبخه صوتان عُمانيان لا يظهران في الصورة، وبطريقة تقترب من التنمّر، على هذا الخيار. يخبره الأول أن أفراد القبيلة التي اختار أن يتسمّى بها غاضبون منه لأنه لا ينتمي إليها، وليس عُمانيًّا أصلًا، أما الآخر فيطلب منه بطاقته الشخصيّة ليتأكد من اسمه فيها، مضيفًا: «أنتم البنجاليين لستم عربا». هنا يردّ عبدالنبي: «لا حول ولا قوة إلا بالله. كيف ما عرب؟ قول لي». يرد عليه الصوت: «لأنك بنجالي»، فيتساءل عبدالنبي باستنكار: «أنت حالك رب موجود وأنا ما حالي رب؟!!».

تُحيلني هذه المناظرة على أسئلة الهُويّة الشائكة: ما الذي يحدد بشكل قاطع جازم انتماءنا إلى هذا الوطن أو ذاك، إلى هذه الأرض أو تلك، إلى أولئك القوم أو غيرهم؟ هل يكفي أن نولد في أرضٍ ما لنحمل اسمها؟ وهل تكفي ولادتنا بين جماعة من الناس كي نصير محسوبين عليهم؟ هل العربي فقط هو الذي يولد في بلد عربي؟ فماذا عن سيبويه الفارسي مثلًا، الذي نتعلم اللغة العربية من «كتابه»، أو البخاري (الخراساني) الذي حفظ لنا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟

يخبرنا سارتر في فلسفته الوجودية أن الإنسان محكوم بالحرية، وأنه ليس ثمة جوهر معين يحدد هويته، بل إن الإنسان هو من يحدد هويته من خلال اختياراته وأفعاله. وهذا ما فعله عبدالنبي بالضبط. لقد اختار. هذا كل ما في الأمر. إذ وجد أن البلد الذي آواه نصف عمره تقريبا، ووفر له الرزق والحماية، يستحق أن يعتبره وطنًا، دون أن يعني هذا تنكُّره لوطنه الأصلي الذي وُلِد وترعرع فيه.

يمكنني تشبيه عبدالنبي هنا - مع الفارق - بأمين معلوف؛ الأديب اللبناني الأصل، الذي هو اليوم واحد من أهم الشخصيات الثقافية الفرنسية. ينتمي معلوف؛ كما يخبرنا في كتابه «الهويات القاتلة» إلى أسرة تنحدر من جنوب الجزيرة العربية، استقرت في جبل لبنان منذ قرون، وانتشرت لاحقًا عبر الهجرات المتعاقبة في مختلف بقاع الأرض؛ من مصر إلى البرازيل، ومن كوبا إلى أستراليا. يبلغ الآن من العمر 75 عامًا، قضى 48 منها في فرنسا منذ وصوله إليها عام 1976م فارًّا من الحرب الأهلية في لبنان. آوته فرنسا واحتضنته، ووفرت له أسباب العيش الكريم، ومنحته جنسيتها، كما أنها كرمته بأهم جوائزها الأدبية: «غونكور»، ومنحته مقعدًا في الأكاديمية الفرنسية كان يشغله قبله كلود ليفي ستروس، وغيرها من التكريمات. من هنا أفهم رد إحدى شخصيات روايته «التائهون» على مقولة الرئيس الأمريكي جون كينيدي: «لا تسأل ماذا يمكن لوطنك أن يفعل لك، بل اسأل نفسك ماذا يمكن أن تفعله لوطنك» بجواب مؤثر سبق أن استشهدتُ به في مقال سابق: «من السهل قول ذلك حين يكون المرء مليارديرًا، وقد انتُخِب للتو، في الثالثة والأربعين من العمر، رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية! أما حين لا تستطيع في بلدك إيجاد وظيفة، ولا تلقّي الرعاية الصحية، ولا إيجاد المسكن، ولا الاستفادة من التعليم، ولا الانتخاب بحرية، ولا التعبير عن الرأي، بل ولا حتى السير في الشوارع على هواك، فما قيمة قول جون كينيدي؟ لا شيء يُذكر!».

وإذن، فإن الوطن لدى معلوف وعبدالنبي هو الذي ترفع رأسك فيه (بالعيش الكريم)، أكثر منه الذي يسقط رأسك فيه (بالولادة). الفرق أن الأول ذهب إلى فرنسا صحفيًّا، في حين جاء عبدالنبي إلى عُمان فلّاحًا في مزرعة العمّ سيف بن محمد. وحين أجدبت الأرض ولم يعد بالإمكان فلاحتها، بدّل مهنته والكفيل لكنه لم يترك المكان، بل إنه أحضر عائلته لتكون بجواره (أحد ابنيه يعمل في محل تجاري كبير بالردة، والآخر ما زال يبحث عن عمل). إن لسان حال معلوف وعبدالنبي هذان البيتان البليغان للشاعر علي بن الحسن البغدادي الشهير بــ«صَرَّ دُرّ»:

هذه الأرضُ أمُّنا وأبونا / حملتْنا بالكره ظَهرًا وبطنا..

إنما المرء فوقها فهو لفظٌ / فإذا صار تحتها فهو معنى.

وإذا كان أمين معلوف يرى في «الهويات القاتلة» أن «نظرتنا هي التي غالبًا ما تسجن الآخرين داخل انتماءاتهم الضيقة، ونظرتنا كذلك هي التي تحررهم» فإنني أزعم أن ما قدمه

عبدالنبي لعُمان خلال سنين مكثه فيها يفوق بأضعاف ما قدمه بعض العُمانيين الذين يتحدثون بحب الوطن في كل مناسبة، بينما هم لم يقدموا شيئا ، ولو كان الأمر بيدي لمنحته الجنسية دون تردد.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • عمان تستضيف حلقة عمل إقليمية لتعزيز الزراعة المستدامة في المناطق الجافة
  • نهاية الاحتمالات
  • عبدالنبي .. الذي ليس عُمانيًّا
  • اكتشاف بقايا وحش من عصور ما قبل التاريخ.. عمره 10 ملايين سنة
  • منهم كبار السن.. هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري
  • اكتشاف ثوري جديد يساهم في علاج أمراض الكلى والكشف المبكر عنها
  • «الجارديان»: الوجه القبيح لـ ChatGPT.. «الذكاء الاصطناعي» يهدد كوكب الأرض
  • احذروا: الأرض على موعد مع أطول وأقوى عاصفة شمسية، وهذا تأثيرها
  • القمر يعانق كوكب زحل في مشهد بديع .. الليلة
  • اكتشاف آلية تشكل الرياح الشمسية “البطيئة”