السفير طارق الأنصاري يكتب: بعد 100 يوم من الوصول إلى أرض الكنانة
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
كتب: السفير طارق الأنصاري
لقد كان تكليفي من لدن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله" للقيام بمهمتي كسفير لدولة قطر لدى جمهورية مصر العربية الشقيقة، تشريفاَ لي وثقةَ غاليةً من جانب القيادة، خاصة وأن هذه المهمة تأتي في بلد بحجم مصر ذات المكانة العروبة والثقل الاستراتيجي.
وقد اسُتقبلت بحفاوةٍ واحتفاءٍ كبيرين في القاهرة، بدء من عبارة "أهلاَ بك في بلدك "ولم ألق منذ وصولي وحتى الآن إلا كل ودٍ ومحبة وتقدير، ولم أشعر إلا أنني بين أهلي وخاصتي وإخواني، وقد لمست ذلك بوضوح سواء خلال لقائي بفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي عند تقيم أوراق اعتمادي، أول خلال لقاءاتي مع السادة الوزراء والمسؤولين الذين استقبلوني أحسن استقبال ورحبوا بي أيما ترحيب، وآنستُ منهم جميعًا رغبة صادقة وحازمة في التعاون.
ولا شك أن أولوياتي كلها تندرج في إطار تعزيز العلاقات الثنائية وتقويتها وتمتينها بما يصب في المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين والوصول بهذه العلاقة إلى أعلى درجاتها استراتيجياَ بحيث لا تهتز من تقلبات الرياح السياسية.
وترتكز العلاقات بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية إلى الروابط التاريخية التي تربط البلدين الشقيقين وتقوم على جوانب عديدة منها السياسية والروابط الاجتماعية والاقتصادية.
وحرص البلدان خلال التاريخ الطويل بينهما أن تكون علاقاتهما مبنية على التقدير والاحترام المتبادل بالرغم من تعقيدات المشهد الدولي وتقلباته وتغيراته المستمرة.
وتمتد جسور الأخوة والتعاون في العلاقات "المصرية – القطرية" في مختلف المجالات، فثمة ركائز أساسية يعمل البلدان الشقيقان على البناء عليها لدفع العلاقات قُدمًا إلى الامام، انطلاقًا من إيمان الشقيقتين، مصر وقطر، بأن تطوير علاقاتهما يصب في مصلحة الجانبين، ويعمل على تدعيم الاستقرار في المنطقة العربية التي هي رابط طبيعي في قلب العالم.
لقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية في الفترة الأخيرة بوتيرة مشجعة، من حيث تبادل الزيارات الرسمية على كافة مستوياتها وتنوع أطر التعاون والتنسيق المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بما يخدم تطلعات مواطنيهما، خاصةً في ضوء الدور الاستراتيجي للبلدين في ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية على الصعيد الإقليمي وفي إطار الدفاع عن قضايا الأمة العربية.
وعكست أحداث العدوان الإسرائيلي الجاري على دولة فلسطين المحتلة أهمية التنسيق العالي المستوى بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية من أجل الدفع نحو اتخاذ خطوات سريعة وجادة لوقف الحرب وحماية المدنيين وإدخال المساعدات للشعب الفلسطيني الشقيق، فقد جاء التنسيق بين البلدين، منذ الأيام الأولى للعدوان الأخير، ليتوج بزيارتين خلال ثلاثة أسابيع لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدى،حفظه الله، لجمهورية مصر العربية، حيث أظهر القائدان توافقًا كبيرًا تجاه قضية العرب المركزية وحقوق الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال.
ولايزال التنسيق بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية قائمًا بشأن إنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل مستدام وآمن لتوفير الدعم الإنساني للمدنيين الفلسطينيين، إضافة للتنسيق بشأن نقل الجرحى والمصابين لعلاجهم خارج الأراضي الفلسطينية فضلًا عن عمليات اجلاء حملة الجنسيات المزدوجة والتوسط للتهدئة ووقف القتال.
إن هذا التنسيق غير المسبوق بشأن قضايا المنطقة يعكس المستوى الكبير الذي بلغته العلاقات بين البلدين الشقيقين وتبادل الرؤى ووجهات النظر فيما يخص كافة القضايا محل الاهتمام المشترك ومن شأنه أن يدفع بالتعاون بين البلدين في المجالات الأخرى إلى مزيد من التطور والتقدم بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين ويُلبي طموحاتهما.
ومن الروابط التعاونية بين البلدين الشقيقين، جُملة من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم الجديدة التي تشمل القطاعات السياسية والاجتماعية التجارية والاقتصادية والعمالية وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، والنقل الجوي والشباب والرياضة والتعليم والبحث العلمي والمجال الإعلامي والثقافي والتعاون الثقافي والأثري.
وفي إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، انعكست أجواء الحراك السياسي الإيجابي على مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، إذ حظي الشق الاقتصادي في العلاقة بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية بتركيز واهتمام المسؤولين المعنيين في كلا البلدين، بهدف الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي القطري المصري إلى آفاق أرحب وتذليل العقبات امام الاستثمارات القطرية في مصر.
وكان انعقاد المنتدى الاستثماري القطري المصري في نوفمبر 2023 تجسيدًا وانعكاسًا للتطور الذي تشهده العلاقات على المستوى السياسي حيث تتمثل أهمية انعقاد مثل هذه المنتديات في اتاحة المجال لعرض الفرص الاستثمارية المتاحة في البلدين الشقيقين والقطاعات والمجالات الواعدة للاستثمار فيها وهو ما يساهم في زيادة انتقال رؤوس الأموال بين البلدين الشقيقين وفتح آفاق جديدة للتعاون بما يعود بالفائدة على شعبي البلدين، كما شهدت الآونة الأخيرة توقيع البلدين على 7 اتفاقيات اقتصادية واستثمارية شملت قطاعات حيوية عدة من شأنها أن تخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين منها توقيع مذكرة تعاون بين هيئة قناة السويس، وشركة "بلدنا" القطرية، في مجال الأمن الغذائي بقيمة مليار ونصف المليار دولار.
وحرصت جمهورية مصر العربية، قيادةً وحكومة وشعبًا، على الاحتفاء والحضور بجانب شقيقتها دولة قطر حين استضافت "بطولة كأس العالم قطر 2022"، إذ حضر فخامة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حفل الافتتاح بجوار شقيقه حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى "حفظه الله" وافتخر الشعبان القطري والمصري بهذا الحدث التاريخي وأشادوا بنجاح دولة قطر في التعريف بحضارتنا وقيمنا وثقافتنا وهويتنا بأفضل شكلٍ ممكن، وتصحيحها الكثير من المفاهيم المغلوطةِ لدى الغرب.
ولا شك أن هناك رغبة سياسية صادقة لترسيخ وتعظيم أطر التعاون بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية الشقيقة، على كافة الأصعدة والمستويات، سواءً على الصعيد السياسي والاقتصادي والرياضي، أو الانساني والتنموي ولأجل ذلك تتضافر جهود البلدين من أجل الدفع بعلاقات التعاون بين الدوحة والقاهرة إلى مستويات أرحب بما يُلبي تطلعات الشعبين الشقيقين ويُساهم في تحقيقِ المزيد من الرخاء والرفاهية والتقدم، تحت قيادتهما الرشيدة ضمن رؤيتهما لتحقيق خططهما التنموية وأمنهما ومصالحهما المشتركة كمثال على العمل العربي المشترك الذي نحتاجه من أجل الإنسانية جمعاء.
السفير/ طارق علي فرج الأنصاري - سفير دولة قطر بالقاهرة - مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: القاهره جمهورية مصر العربية الاحترام المتبادل أرض الكنانة أمير البلاد دولة قطر الشيخ تميم بن حمد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني السفير طارق الأنصاري بین البلدین الشقیقین العربیة ا
إقرأ أيضاً:
مصر وروسيا توقعان عددًا من الاتفاقات لتوسيع الشراكة العلمية والأكاديمية بين البلدين
أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي على عمق العلاقات المصرية-الروسية والتي تمتد لعقود، مشيرًا إلى حرص مصر على تعزيز هذا التعاون خاصة في المجالات الإستراتيجية، مثل: علوم الفضاء، والطيران، والذكاء الاصطناعي، وتوطين التكنولوجيا، إدراكا من الجانبين للأهمية المتزايدة للعوامل العلمية والتقنية للتنمية الاجتماعية لكلا البلدين في عالم اليوم.
توقيع بروتوكول تعاون لإنشاء فروع جديدة للجامعات الروسية في مصروفي هذا الإطار وقّعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في جمهورية مصر العربية ونظيرتها وزارة التعليم العالي والعلوم في روسيا الاتحادية حزمة اتفاقات جديدة لدعم التعاون المشترك.
جاء ذلك على هامش فعاليات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية الذي استضافته جامعة العاصمة (حلوان سابقًا)، خلال يومي 7_8 ديسمبر، تحت عنوان: «جسور حضارات المعرفة: التعليم، الابتكار، والمستقبل المستدام».
ويأتي المنتدى بالتعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واتحاد الجامعات العربية واتحاد الجامعات الروسية، وبمشاركة نخبة من قيادات التعليم العالي في الدول العربية وروسيا الاتحادية، في خطوة تؤكد توسيع الشراكة العلمية والأكاديمية خلال المرحلة المقبلة بما يمثل ركيزة جديدة للتبادل العلمي والبحثي بين البلدين.
وقع على الاتفاقيات الدكتور حسام عثمان نائب الوزير لشؤون الابتكار والذكاء الاصطناعي والبحث العلمي ممثلًا عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، والدكتور كونستانتين موغيليفيسكي نائب وزير التعليم العالي والعلوم الروسية ممثلا عن الجانب الروسي، بحضور الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، والدكتور عمرو عزت سلامة أمين عام اتحاد الجامعات العربية.
وأوضح الدكتور أيمن فريد مساعد الوزير ورئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات أن توقيع الاتفاقيات يأتي كثمرة لجهود القطاع، والمكتب الثقافي المصري في روسيا بإشراف الدكتور محمد السرجاني، لتعزيز مسارات التعاون العلمي والبحثي بين مصر وروسيا الاتحادية، ومواصلة الشراكة بين الطرفين التي كان من بينها الاتفاقية الموقعة بين الطرفين عام 1997، والبروتوكول بين وزارتي التعليم العالي المصرية والروسية بشأن التعاون في مجال التعليم في عام 2006.
وتضمنت الاتفاقيات الجديدة توقيع البرنامج التنفيذي للتعاون العلمي والتقني للأعوام 2026–2029، والذي يضم إطارًا متكاملًا لتطوير التعاون في العلوم والتكنولوجيا عبر تبادل السياسات والخبرات، وتنفيذ مشروعات بحثية مشتركة، وتسهيل التواصل بين المؤسسات العلمية، وتبادل الباحثين والمتخصصين، وتبادل الإنتاج العلمي.
ويشمل البرنامج عددًا من المجالات البحثية ذات الأولوية، ومنها: العلوم الأساسية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأبحاث وتكنولوجيات الفضاء والاستشعار عن بعد، والعلوم الطبية الحيوية، والمواد الجديدة، والنانوتكنولوجي، والطاقة البديلة والنووية والمتجددة، وتقنيات معالجة الهيدروكربون الخام، وتوحيد المقاييس، والجيوديسيا ورسم الخرائط، والزراعة، وعلم الآثار، والبحوث البحرية.
وبموجب البرنامج التنفيذي الجديد يقوم الطرفان بتشجيع تبادل الخبرات والمعلومات ووفود العلماء والمتخصصين، وتنسيق فعاليات مشتركة لتنفيذ مشروعات بحثية في المجالات ذات الأهمية للطرفين.
وفي نفس السياق وقع الجانبان بروتوكولا للتعاون في مجال التعليم العالي، ويهدف البروتوكول إلى تعزيز الشراكات الأكاديمية المباشرة بين الجامعات، وتشجيع إطلاق برامج تعليمية مشتركة، وكذلك العمل على زيادة التبادل الأكاديمي للطلاب والباحثين، وكذلك التعاون بين الطرفين لتنظيم مؤتمرات وندوات ومعارض علمية مشتركة.
كما تتضمن بنود البروتوكول دعم التعاون القائم بين الجانبين، لتسهيل إنشاء فروع للجامعات الروسية داخل مصر، والالتزام بالتعاون القائم بجامعة برج العرب التكنولوجية في الإسكندرية، فضلًا عن تدريب الكوادر المؤهلة في مجال الطاقة النووية، وأنظمة التحكم الآلي، والأتمتة والميكاترونكس، وتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، وتجهيزات محطات الطاقة النووية، والرياضيات التطبيقية، والروبوتات والميكاترونكس، وكيمياء وفيزياء المواد، وهندسة الطاقة الفعالة، والفيزياء والتكنولوجيا النووية.
كما تتضمن البروتوكول تعزيز الشراكة بين الجانبين لدعم تعليم اللغة الروسية في مصر واللغة العربية في روسيا، عبر مبادرات وبرامج مشتركة تعزز التفاهم الأكاديمي والثقافي، وتنظيم دورات تدريبية في اللغة.
وتعكس هذه الاتفاقات، بكل ما تحمله من مشروعات وآليات تنسيق، حرص القاهرة وموسكو على تعميق التعاون في التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا، ودعم الجهود الرامية إلى تطوير منظومات البحث والابتكار وتحقيق التنمية في البلدين.