هل تستطيع قوات الحرس الوطني الفيدرالي إشعال حرب أهلية في أمريكا؟
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
ظهرت علامات تشير إلى احتمالية نشوب حرب أهلية ثانية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أثارت هذه الأفكار تصريحات حاكم ولاية تكساس الذي هدد بالاستعانة بقوات الحرس الوطني للتصدي لأي تهديد داخل حدود ولايته، وتنشأ هذه الأزمة من خلاف بين قوات الحرس الوطني في تكساس وحرس الحدود الأمريكي بشأن كيفية التعامل مع قضية المهاجرين غير النظاميين، وبسبب هذا الخلاف، يثار السؤال حول الجانب الذي سينتصر في حالة وقوع حرب أهلية ثانية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ما هي قوات الحرس الوطني؟
تعد الحرس الوطني هي قوة عسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية، تأسست بموجب القانون الفدرالي وتجمع بين القوات المحلية للولايات المختلفة.
يتم تكليف الحرس الوطني بتوفير الأمن الداخلي والدفاع على مستوى الولاية، ولكنه قد يتم استدعاؤه أيضًا للخدمة الفيدرالية بواسطة الجيش الأمريكي.
تعود جذور الميليشيات الأمريكية إلى القرن السابع عشر، حيث بدأت ولاية ماساتشوستس بتشكيل ميليشيا للتصدي لهجمات السكان الأصليين ولقيادة الثورة الأمريكية.
تطور دور الميليشيات على مر القرون، حيث شكلت جزءًا كبيرًا من قوات الولايات المتحدة خلال الحروب الهندية في القرن التاسع عشر والحرب العالمية الأولى.
يمتلك الحرس الوطني لتكساس تجهيزات قوية، حيث يُذكر أنه ثاني أقوى قوة أمريكية بعد الجيش الأمريكي، بتصنيف يشمل مدفعية وطيران واستخدام متنوع للتكنولوجيا العسكرية.
ميليشيا تكساس
تأسست في عام 1823 وكانت تهدف إلى مواجهة السكان الأصليين باسم ميليشيا تكسان.
شاركت في مقاومة الاستعمار المكسيكي وخوضت معارك مشهورة، مثل معركة سان جيسينتو.
تكونت جمهورية تكساس بعد انتصارها، وشاركت الميليشيا في الحرب الأهلية الأمريكية على جانب الكونفيدراليين، مسجلة إحدى أهم الانتصارات.
شاركت في العديد من المعارك الهامة، بما في ذلك حرب الاستقلال عن المكسيك والحرب الأهلية الأمريكية.
تمتلك ميليشيا تكساس اليوم قوة عسكرية قوية تتألف من العديد من الوحدات، بما في ذلك الفرقة المشاة والألوية والأسراب الجوية، وتحتل مكانة بارزة كإحدى أقوى القوات العسكرية في الولايات المتحدة.
تملك ميليشيا تكساس مجموعة متنوعة من الأسلحة والتجهيزات العسكرية، بما في ذلك المدفعية والطائرات والمروحيات والمعلوماتية والدعم اللوجستي.
تعتبر من أقوى القوات العسكرية في البلاد، وتمتلك مجموعة من القدرات العسكرية المتقدمة.
شارك في العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق.
وعلى الجانب الآخر هناك حرس الحدود الأمريكي ويعتبر الخصم الأقل تسليحًا لميليشيا الحرس الوطني في تكساس، حيث يقوم بتنفيذ أوامر الدولة والتعامل مع البنية الشائكة التي أقامتها الميليشيا على الحدود الأمريكية المكسيكية، ووفقًا لمصادر هيئة الجمارك والحدود الأمريكية، يحمل أفراد حرس الحدود مسدسات جلوك، وبعضهم مجهزين برشاشات إم4 الخفيفة وقواذف للقنابل المسيلة للدموع، إضافة إلى أسطول يتكون من 10 ألف سيارة رباعية الدفع موزعة على طول الحدود الأمريكية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حاكم ولاية تكساس قوات الحرس الوطني القرن التاسع عشر قضية المهاجرين الولايات المتحدة الامريكية فی الولایات المتحدة الحدود الأمریکی
إقرأ أيضاً:
لهذا تتعثر استراتيجية الولايات المتحدة تجاه لبنان
ترجمة: أحمد شافعي -
بعد عام من بدء ما يطلق عليه «وقف إطلاق النار» بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، قد تكون إسرائيل على أهبة استئناف أعمال عدوانية شاملة ضد الجماعة، لتؤكد من جديد أن الاتفاق ليس إيقافًا حقيقيًا للأعمال العدائية، ولا يمكن أن يكون كذلك.
واقع الأمر أن سياق لبنان يمثل حالة واضحة لنهج «السلام من خلال القوة» الذي تتبعه إسرائيل وواشنطن، أي العدوان السافر على أعداء حقيقيين أو وهميين لتحقيق انتصارات سياسية تكتيكية قريبة الأجل، لا مكاسب استراتيجية كبيرة؛ وذلك ما لن يغير بجدية التركيبة الجيوسياسية في الشرق الأوسط دون إعادة تقييم جادة.
من المؤكد أن جهود نزع السلاح في لبنان، ناهيكم بجنوب نهر الليطاني ـ بحسب المنصوص عليه في وقف إطلاق النار المعيب ـ كان على الدوام من أصعب المواضيع في الشرق الأوسط الموبوء أصلا بالمواضيع الصعبة.
ومع ذلك، بموجب اتفاق نوفمبر 2024؛ كان على كل من حزب الله وإسرائيل إجلاء قواتهما وأصولهما العسكرية من جنوب لبنان، ووقف إطلاق النار على مواقع أحدهما الآخر وعلى أي مواقع مدنية بصفة أعم.
وكان الظن السائد هو أن حزب الله قد ضعف إلى حد أن صار بوسع إسرائيل أن تتراجع وتحقق مكاسب مستدامة في البلد على حساب أحد أعدائها غير الحكوميين.
ولكن ما حدث هو أن إسرائيل رفضت أن تخلي خمسة مواقع محورية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية المتنازع عليها، وآثرت أن تواصل ضربات شبه يومية لجارتها الشمالية ـ منها ضربات لجنوب بيروت ـ مع توغلات متفرقة في قرى الجنوب اللبناني وجهود متواصلة للقضاء على البنية الأساسية المدنية.
وتواصل القيادة السياسية الإسرائيلية الإصرار على أنها لن تغادر الأراضي اللبنانية ذات السيادة التي تحتلها بصفة غير شرعية ما لم تتلق تأكيدا تاما بنزع سلاح حزب الله في شتى أرجاء البلد.
وتستمر في التهديد بمعاودة الأعمال العدوانية الشاملة ضغطا على قيادة لبنان السياسية من أجل أن تضغط بدورها على الجماعة، ومن أجل تعزيز ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف الذي يبقيه في السلطة.
وإدراكا منها لاضطراب الوضع، آثرت بيروت التدرج ثم اللِين في جهود نزع السلاح، مع تزايد نشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب، وهذه الجهود أساسية في وقف إطلاق النار.
غير أن عمليات إسرائيل المستمرة تعوق هذه الجهود إعاقة بالغة، إذ لقيت أعداد غفيرة من القوات اللبنانية مصرعها على أيدي الجيش الإسرائيلي خلال محاولة التحرك إلى الجنوب. كما استهدفت هذه العمليات مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلد أي قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان المعروفة بيونيفل.
وبالنسبة لقيادة لبنان السياسية، تمثل هذه الدينامية موقفا خطيرا: أي التعرض لضغط إسرائيل والغرب بصفة عامة للاشتداد على حزب الله من جانب، والتعرض لضغط حزب الله وحلفائه لوقف تعاونها الوثيق مع أولئك الفاعلين الغربيين في قضايا من قبيل نزع السلاح في الجانب الآخر.
فالسيناريو هو الخسارة في كل الحالات بالنسبة لحكومة الرئيس الإصلاحي جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، وكلاهما يفهم تمام الفهم بأي سهولة يمكن أن ينهار الوضع السياسي الداخلي في لبنان بعد المرور بحرب أهلية استغرقت خمس عشرة سنة قبل عقود قليلة.
ويفهم حزب الله أيضا الدينامية الفاعلة، ولو أنه يعمل من موقف الضعف. فالجماعة تعرف أنه لا يمكن اقتلاعها ببساطة ومحوها تماما، وبخاصة بعد أن شاهدت صمود حماس في غزة. وما احتلال إسرائيل المستمر إلا تقوية لعزيمة الجماعة إذ يرسخ سبب وجودها: وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
فالأمر ببساطة هو أنه ما دام بقيت إسرائيل في أراض لبنانية؛ ازدادت قاعدة حزب الله السياسية دعمًا للجماعة في المقاومة ورفض نزع السلاح.
لن يفضي هذا المأزق إلى حل جدي، ولكنه سوف يفاقم الصراع في البلد الذي يصارع أصلا من أجل التعامل مع اضطرابه الداخلي.
ومع ذلك يبدو أن الوضع القائم هو الغاية بالنسبة لإسرائيل. فهي تشعر بالاجتراء على خلق وقائع على الأرض تتيح لها أن تفرض الحد الأقصى من المطالب على أعدائها الحقيقيين والموهومين. ويعني ذلك قيامها بأفعال تعطيها حرية مطلقة في المنطقة، وبخاصة داخل البلاد المجاورة وضدها، ما خلا الاتفاقيات مع الفاعلين الذين يضمنون لها ضمانا كاملا مصالحها الجيوسياسية وتبطل الاحتياج إلى الوضع القائم.
لكن في الوقت الذي يشهد محاصرة قيادة لبنان السياسية بين المطرقة والسندان، لا تستطيع إسرائيل أن تحقق مطالبها القصوى أيضا. وليس معروفا اليوم إن كانت قيادتها السياسة تعترف بهذا الواقع أم لا، لكنها سوف ترتقي إلى ما يشبه نسخة محدثة من استراتيجية «جز العشب» في لبنان.
فالوعود الإسرائيلية المستمرة باستئناف حملة عسكرية كاملة النطاق في لبنان تشير إلى أن هذه الدينامية هي الفاعلة، خاصة أن البديل ـ أي إشعال فتيل حرب أهلية لبنانية أخرى ترغم قوى لبنان السياسية على محاربة حزب الله بنفسها ـ بديل غير وردي مطلقا.
وحالة سوريا لها دلالتها في هذا المقام.
ففي نهج شبه مطابق لنهج لبنان، تحتل إسرائيل بغير صفة شرعية أراضي سورية ذات سيادة ضمن عقيدة أمنها الوطني الجديدة التي توسع نطاق الأمن مع فرض المطالب القصوى.
وتظل محتفظة بحقها المفترض في ضرب البلد كيفما تشاء بينما تعاني المحادثات من الركود. وبالنسبة لإسرائيل، يبدو هذا الوضع الراهن ملائما لقيادتها السياسية والعسكرية، خاصة أن حرية العمل في سوريا تتيح لهم ضرب إيران كيفما يشاؤون إذا رغبوا في ذلك.
وهكذا، فإن الوضع الجيوسياسي الناشئ في الشام والشرق الأوسط بعامة يعكس محاولة إسرائيل أن تحافظ على سيطرتها المهيمنة على جيرانها. وهي تفعل ذلك من خلال دعم أمريكي سياسي وعسكري واقتصادي لا يمكن بدونه أن تستمر في جهودها.
ويشاع أن جهود الولايات المتحدة سوف توسع حضورها العسكري في سوريا، بجانب إسرائيل، بما يعكس عزم واشنطن على دعم الهيمنة الإسرائيلية وصولا إلى مستوى جدي مع إدارتها الدقيقة لشريكتها الصغيرة وجيرانها الضعفاء في المنطقة.
غير أن هذا المشروع في ما يعرف بـ«الشرق الأوسط الجديد» ليس سوى تكرار للماضي؛ فترسيخ الوضع الراهن غير المستدام القائم على الاحتلال والعنف العسكري لن يحقق «للشرق الأوسط السلام» المراوغ. وقد أدى القيام بذلك في الماضي إلى أهوال اليوم؛ منها هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، وغزو إسرائيل لغزة. والقول بأن إيران الضعيفة وما يسمى بـ«محور المقاومة» التابع لها يمثلان لحظة فريدة يمكن فيها أن تنجح هذه الاستراتيجيات التدخلية أخيرا هو جنون محض، وليس صناعة سياسات سليمة.
بعد عام من وقف إطلاق نار كارثي أحادي الجانب، يقف لبنان واستراتيجية الرئيس دونالد ترامب الأوسع في الشرق الأوسط عند مفترق طرق. ولو أن ترامب حقا صانع صفقات وصانع سلام؛ فعليه أن يعترف بدور إسرائيل في إفساد الصفقات والسلام في الشرق الأوسط، وعليه أن يكبح جماح شريكه الأصغر من خلال استغلال النفوذ الكبير الذي تتمتع به واشنطن على إسرائيل لإنهاء رعايتها للاضطراب والفوضى على حساب جيرانها.
أما البديل ـ أي الثبات على المسار الحالي ـ فسيؤدي إلى أن تنتهي استراتيجية هذه الإدارة في الشرق الأوسط إلى سلة قمامة التاريخ، وذلك عن جدارة واستحقاق، نظرا للإخفاقات التي نتجت عنها والتي ستظل تنتج عنها إذا تم تطبيقها.
ألكسندر لانجلوا محلل للسياسة الخارجية، ورئيس تحرير مجلة «داون»، وزميل مساهم في «أولويات الدفاع».
ـ الترجمة عن ذي ناشونال إنتريست