مجاعة وشيكة تداهم مناطق سيطرة السلطة الشرعية في اليمن
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
دقّت الغرفة التجارية والصناعية في عدن جرس الإنذار محذّرة من مجاعة قالت إنّها وشيكة الحدوث في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية. وناشدت الدولتين الرئيسيتين في الإقليم، السعودية والإمارات، المساعدة على وقف التدهور السريع لقيمة العملة اليمنية وما خلقه من وضع اجتماعي بالغ الصعوبة غدا المواطن العادي في ظلّه غير قادر على الحصول على أكثر من وجبة غذائية واحدة في اليوم.
وواصل الريال اليمني في المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين انهياره الثابت خلال الفترة الأخيرة مسجّلا أرقاما قياسية في تدهور قيمته ومتجاوزا سقف الـ1600 ريال مقابل الدولار والـ425 ريالا مقابل الريال السعودي. وجاء ذلك في ظل حالة من عجز السلطة اليمنية المعترف بها دوليا والبنك المركزي التابع لها عن إيجاد الحلول لهذا التدهور الذي تسبب في قفزة جنونية لأسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية انهارت أمامها القدرة الشرائية للسكّان الذين يواجهون أصلا انتشار الفقر والبطالة في صفوفهم بشكل غير مسبوق.
ويعتبر انهيار قيمة العملة صدى لاضطراب الحركة الاقتصادية وتعذّر تصدير النفط الخام الذي كان يغطّي جزءا هاما من الاحتياجات المالية للحكومة التي تقوم على إدارة شؤون مناطق السلطة المعترف بها دوليا. وضاعف صعوبةَ الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن التصعيدُ العسكري الذي فرضه الحوثيون في البحر الأحمر وباب المندب باستهدافهم السفن التجارية، وما تطلّبه ذلك من ردّ عسكري أميركي - بريطاني عليهم.
ويهدّد التصعيد بتعطيل وصول الكثير من السلع إلى اليمن سواء في نطاق العمليات التجارية أو على شكل مساعدات عينية مرسلة من دول ومنظمات أجنبية. وقالت الغرفة في ندائها الموجّه إلى الرياض وأبوظبي إنّها تود إطلاعهما على ما يعانيه اليمنيون “من ترد مستمر للأوضاع المعيشية والاقتصادية الناتجة عن زيادة معدلات التضخم المتصاعد بنسب كبيرة في مقابل التدهور المستمر في أسعار العملة".
وأضافت قولها "إذ نتابع بحزن وألم كبيرين ما آلت إليه الأوضاع وما لحق بالمواطنين من فقر وجوع وبؤس وصل إلى حد لم يعد معه معظم السكان قادرين على تأمين حاجاتهم من الغذاء واقتصار الكثير من الأسر على وجبة واحدة في اليوم لا تكاد تسد الرمق، فإننا في الوقت ذاته نشعر بالكثير من القلق لتبعات الوضع الحالي والذي سيقود حتما إلى الكثير من الكوارث والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والتي باتت وشيكة وبدأ بعضها يلوح في الأفق، وهو تطور خطير لا يمكن التنبؤ بتبعاته وانعكاساته".
كما ورد في النداء قول المسؤولين في الغرفة إنه "لإيماننا بقوة الروابط الأخوية بيننا كيمنيين وبينكم في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعوبا، ولإدراكنا لمدى اهتمامكم الكبير بالوضع الحالي في اليمن وحرصكم المعهود على تقديم كل ما بوسعكم من دعم اقتصادي وحرصكم على تخفيف معاناة إخوانكم المعيشية، فقد رأينا أن نخاطبكم بشكل مباشر آملين تدخلكم في دعم العملة اليمنية وإيقاف تدهورها كما هي مواقفكم المعهودة مع أشقائكم، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي وسريع على إيقاف التدهور والتخفيف من معاناة الناس وتحسين معايشهم عما هي عليه والسيطرة على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنشأ نتيجة للتدهور المستمر".
وتعليقا على المناشدة قال السياسي اليمني مصطفى النعمان إنّ توجّه “التجار اليمنيين للقيادتين السعودية والإماراتية لإنقاذ الاقتصاد جاء بعد أن يئسوا من قدرات السلطات اليمنية واهتمامها بما يعانيه الناس". وأضاف في تعليق عبر منصة إكس "أن سبب وصول الأوضاع إلى هذه الحالة هو هروب كبار المسؤولين من البلاد ليتابعوا أعمالهم الخاصة وأوضاع أبنائهم"، معتبرا تلك المناشدة "إهانة مستحقة لكل المسؤولين على كافة المستويات”.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن مجاعة الحكومة اقتصاد
إقرأ أيضاً:
خبير اقتصادي يحذر: اليمن يواجه أزمة.. وهذا هو المخرج الوحيد!
شمسان بوست / متابعات:
كشف رئيس نقابة المحاسبين اليمنيين والخبير الاقتصادي المعروف، معاذ الشريحي، عن خارطة طريق شاملة لإنقاذ العملة الوطنية من الانهيار المتواصل الذي تشهده منذ سنوات، في ظل أزمة نقدية غير مسبوقة تفاقمت مع تصاعد الصراعات السياسية والانقسامات المؤسسية بين فرعي البنك المركزي في صنعاء وعدن.
وقال الشريحي خلال حديث صحفي إن الاقتصاد اليمني يمر بمرحلة حرجة تتجلى في الفوضى التي تسود أسواق الصرف الأجنبي، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي أكثر من 2700 ريال يمني في السوق السوداء، بينما تحاول كل جهة مصرفية فرض سعر رسمي لا يتماشى مع الواقع، ما زاد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والإنسانية ودفع البلاد إلى حافة الهاوية.
وأشار إلى أن “الانقسام النقدي بين البنك المركزي في صنعاء، الذي يتبنى سياسة سعر صرف ثابت عند مستوى 536 ريال للدولار مع رقابة صارمة على التعاملات، وبين البنك في عدن الذي يعتمد سياسة التعويم الحر التي أدت إلى انهيار العملة وتفاقم عمليات المضاربة والفساد، يُعد أحد أهم أسباب التدهور المتسارع في قيمة الريال اليمني”.
مقترحات خارطة الطريق لإصلاح العملة
وشدّد الشريحي على ضرورة وضع خارطة طريق شاملة ومتكاملة للإصلاح النقدي تتضمن عددًا من الخطوات العاجلة والجذرية، وهي:
1. توحيد العملة المحلية
اعتبر الشريحي توحيد العملة خطوة أساسية لا غنى عنها لإعادة استقرار الاقتصاد، واقترح تحقيق ذلك عبر ثلاثة مسارات محتملة:
إلغاء العملة القديمة المتداولة قبل عام 2016 واستبدالها من خلال فتح حسابات بنكية وإيداع العملات القديمة ضمن فترة زمنية محددة.
إيقاف العمل بالإصدارات الجديدة التي طُبعت في عدن بعد 2016 دون غطاء نقدي كافٍ، واستبدالها بطريقة مشابهة.
إلغاء فئة الـ 1000 ريال (قبل وبعد 2016) واستبدالها بالعملات الجديدة، بهدف دفع المواطنين نحو التعامل البنكي الرقمي بدلاً من السيولة النقدية، وذلك ضمن استراتيجية للشمول المالي والتحول الرقمي.
وأكد أن هذا الإجراء يتطلب حملة توعية واسعة النطاق لتثقيف المجتمع حول أهمية التعامل البنكي وتقليل الأمية المالية، وإعادة الثقة في النظام المصرفي.
2. إيقاف سياسة التعويم وضبط سوق الصرف
طالب الشريحي بإلغاء سياسة التعويم الحر التي أدت إلى فقدان الريال قيمته، واقترح تثبيت سعر صرف واقعي للدولار، يدعمه البنك المركزي باحتياطيات حقيقية من التحويلات الخارجية والاستثمارات، مما يساهم في تهدئة السوق وتقليل التقلبات السعرية.
3. مكافحة المضاربة بشدة
شدد على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين في العملة، بما في ذلك:
تجميد حسابات المشتبه بهم في البنوك.
منع استيراد الدولار خارج القنوات الرسمية.
إنشاء وحدة خاصة لمتابعة حركة العملة بين المناطق والمدن.
تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة لرصد وملاحقة المتلاعبين في السوق.
4. إنشاء منصة مركزية لبيع وشراء العملات الأجنبية
اقترح الشريحي إنشاء منصة إلكترونية مركزية تديرها الجهات الرقابية المعتمدة لتكون الجهة الوحيدة التي تشرف على عمليات البيع والشراء في محلات الصرافة، بحيث تضمن توفير العملات الأجنبية بشفافية وتلبية احتياجات السوق الرسمية.
5. التحول الرقمي والشمول المالي
رأى الشريحي أن التحول الرقمي هو حجر الزاوية لأي إصلاح نقدي مستدام، واقترح:
تعميم نظام الدفع عبر الهواتف الذكية.
تشجيع الحلول غير النقدية في التعاملات اليومية.
توسيع شبكة الصرافات الآلية.
إعفاء التحويلات الرقمية من الرسوم.
صرف الرواتب والمعونات الحكومية عبر الحسابات البنكية.
تحصيل الإيرادات الحكومية رقميًا.
وأوضح أن هذه الخطوة تحتاج إلى خطة مدتها حوالي 6 أشهر لتغيير الثقافة المالية لدى المواطنين وتعويدهم على التعامل الرقمي.
الخاتمة: معركة البقاء بين خيارين فقط
في ختام حديثه، حذر الشريحي من أن اليمن تقف الآن على مفترق طرق، أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما تنفيذ خطة إصلاح جذرية تجمع بين حزم الإجراءات الرقابية الصارمة كما هو الحال في صنعاء، وشفافية الإدارة كما يجب أن تكون في عدن.
أو الاستمرار في التردّي نحو الانهيار الكامل للعملة، والانهيار الموازي للدولة.
وشدّد على أن الوقت ينفد بسرعة، وأن القرار الآن بيده البنك المركزي وكل الجهات المعنية ذات العلاقة، مشيرًا إلى أن أي تأخير في اتخاذ القرارات الحاسمة يعني المزيد من المعاناة للمواطنين، وفقدان آخر ما تبقى من استقرار اقتصادي.