سودانايل:
2025-06-24@18:37:25 GMT

الان كل البلد دارفور

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

بروفيسور حسن بشير محمد نور

نعم حدثت في دارفور انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وتم ارتكاب ابشع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ولفترة طويلة امتدت لاكثر من عشرين عاما ولا زالت مستمرة، لكن مع ذلك هناك انتهاكات مماثلة خطيرة ارتكبت في مناطق اخرى من السودان ومن ضمنها ما تم في واقعة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم عندما تم القتل والحرق والاغتصاب ورمي الناس أحياء مكبلين في النيل من فوق الجسور، اضافة لجرائم في مختلف انحاء السودان في الشرق أو النيل الأزرق أو جبال النوبة وكردفان وغيرها.

ايضا هناك الجرائم المرتكبة بعد ثورة ديسمبر وتصاعد تلك الجرائم بعد انقلاب 25 اكتوبر 2021 والذي تم تنفيذه من قبل (المكون العسكري) بجميع فروعه بما فيها الجيش والدعم السريع.
أما الحرب المستعرة الان في السودان منذ 15 ابريل 2023 فهي حرب علي الشعب السوداني في مجمله، وما تم من انتهاكات في الخرطوم والجزيرة ومناطق واسعة في كردفان وغيرها عبارة عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب كاملة الاركان.
اذن لماذا اهتمام المجتمع الدولي ومنظمات الامم المتحدة والعديد من المنظمات والدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الامريكية (التي يقال إنها خصصت في هذه الايام جائزة مالية كبرى لمن يرشد علي أحمد هارون المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور منذ زمن طويل) ، لماذا كل هذا الاهتمام بدارفور علي وجه التحديد دون أخذ الانتهاكات والجرائم بشكل شامل ومتوازن سواء في التقارير والاحاطات الدولية وفي التناول الاعلامي المهمل في تغطيته للحرب الجارية في السودان ولانتهاكات طرفيها بالشكل الذي يتناسب مع الواقع؟. الاسباب عديدة لكن اهمها:
1/ ان دار فور دخلت ضمن منظومة الرأي العام العالمي والغربي علي وجه الخصوص والامريكي بشكل اخص وبالتالي أصبحت ملف جيد التوظيف للكسب السياسي وفي الحملات الانتخابية خاصة وإن هناك انتخابات أمريكية علي الأبواب.
2/ عندما تصبح اي قضية مسألة رأي عام يتكون لها لوبي مساند، وهذا اللوبي بقدر ما يفيد يستفيد سياسيا وماديا وما اكثر المكاسب المادية والمالية التي تقف وراءها السياسية بشكل غير مباشر في الدول المتقدمة وفي العلن خارج تلك الدول.
3/ أصبحت قضية دارفور بقرة حلوب تستجلب التمويل للعديد من المنظمات ومن ذلك التمويل تخرج (لقمات حلوة) لموظفي تلك المنظمات والقائمين علي امرها مما يجعل اولئك الاشخاص كافراد أو كشخصيات اعتبارية شديدي الحرص علي تعلية صوت تلك المناطق الساخنة (Hot spot area) لضمان التمويل وبالتالي تحقيق المكاسب.
لذلك يجب ان نكون ساذجين حتي نصدق أن الاهتمام الكبير بما يحدث في دار فور (رغم ايجابيته بشكل عام) مع أهمال الانتهاكات الاخري، كما يحدث مع فظائع حرب 15 ابريل أو علي الاقل وضع تلك الحرب وماسيها بما فيها ويلات الجوع والمرض في دائرة الاهتمام، يجب ان نكون ساذجين حتي نصدق أن كل ذلك الاهتمام بدارفور يتم من أجل عيون الدارفورين بعيدا عن المكاسب السياسية والمالية وبدون التوظيف في تعظيم تلك المكاسب وإلا لعملت تلك الجهات علي ايقاف الحرب هناك، والمستمرة لحوالي ربع قرن أو علي الاقل الذهاب بمجرمي تلك الحرب للعدالة الدولية وجعلهم عبرة لمن بعتبر، لكن يبدو ان الاستثمار في الماسي وويلات الشعوب وتحقيق المكاسب من وراءها اهم من الارواح التي تزهق والفظائع التي ترتكب هناك. انني علي قناعة بان القوى الفاعلة دوليا إذا ارادت لكل ذلك العبث ان يتوقف لتوقف.

الان بالاضافة لجميع انتهاكات طرفي حرب 15 ابريل هناك مجاعة تهدد ما لا يقل عن نصف سكان السودان بناءا علي اجماع الجهات المختصة حول ذلك، والامل ان يكون للمجتمع الدولي والمنظمات الأممية والدولية والدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية تجاه هذه الكارثة المحدقة وتجاه انتهاكات طرفي حرب 15 ابريل، ان يكون لتلك الأطراف نفس الحساسية والاهتمام إلذي تجده انتهاكات دارفور دون العمل علي تطاولها أو استثمارها في تحقيق اهداف معادية للانسان السوداني اينما كان موقعه أو جنسه أو عرقه.
لقد هتف ثوار وثائرات ديسمبر (يا عنصري ومغرور كل البلد دار فور) والان بالفعل أصبحت كل البلد دار فور فهل سنشهد الاهتمام المنشود بما يجري في السودان بشكل متكامل.

mnhassanb8@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: دار فور

إقرأ أيضاً:

حوار.. محمد الفكي: تحالف الفساد والعنف يقود السودان نحو الهاوية

 

يرى القيادي في تحالف القوى المدنية الديمقراطية “صمود” محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة السابق أن وقف الحرب يمثل الخطوة الأولى نحو مسار سياسي جديد يفتح النقاش حول القضايا المؤجلة والجروح الطازجة التي خلفها الصراع. 

التغيير ــ وكالات

و في حوار مع “راديو تمازج”، يتناول الفكي مأزق قوى الثورة، ومعضلة الهوية، وإمكانيات بناء مشروع وطني جامع، مؤكدًا أن تحالف الفساد والعنف هو من جرّ البلاد إلى هذا الدمار، وأن كسر هذا التحالف يبدأ بالشجاعة في تسمية الأشياء بأسمائها.

كيف يمكن للسودانيين، استعادة الدولة المختطفة دون إعادة إنتاج أدوات القمع ؟

الدولة نفسها الآن على المحك، إذ تحللت معظم ممسكاتها السياسية والاجتماعية نتيجة سنوات طويلة من القمع واختراق المنظومة الأمنية للمجتمع المدني والأهلي والأحزاب السياسية. كانت ثورة ديسمبر علامة مضيئة وفرصة لترميم أجهزة الدولة التي حطمها التمكين والاستبعاد السياسي والإثني. لكن انقلاب أكتوبر 2021، وكان انقلاباً عجولاً وغبياً، لم يُحسن حتى قراءة المهددات الأمنية الداخلية، وسرعان ما تفككت المنظومة الأمنية نفسها، وتقاتلت فيما بينها، فأدخلتنا في هذا النفق المظلم.

بالعودة إلى السؤال، فإن الخطوة الأولى هي إيقاف هذه الحرب وفتح مسار سياسي شامل لطرح عشرات القضايا المؤجلة، وأخرى نتجت لاحقاً من هذه الحرب المزلزلة. وطبعاً لا يمكن الإحاطة بكل هذه القضايا في هذه العجالة.

ما السبيل إلى بناء مشروع وطني جامع يتجاوز الانقسامات الإثنية والجهوية، ويُعيد تعريف الهوية السودانية على أساس المواطنة والكرامة؟

لا يمكن بناء مشروع وطني ما لم يكن هناك اعتراف بأن هذه الرقعة الجغرافية التي تجمعنا تسكنها شعوب شديدة التنوع، ولها كامل الحق والطموح في المشاركة في صياغة هذا الوطن ليصبح ملكاً لنا جميعاً. ولن يتحقق ذلك إلا عبر مشروع ديمقراطي وتمثيل عادل في كافة أجهزة الدولة، وعلى رأسها المؤسسة الأمنية، التي ظلت حتى الآن حصناً مظلماً لا تتوفر معلومات دقيقة حول تركيبته الاجتماعية.

تفاقم الأمر عندما تحولت أجهزة الدولة إلى أدوات عنف تحمل هوية سياسية واضحة وانحيازاً لمشروع إقصائي، وهو ما يظهر جلياً في خطابها في مواجهة “الآخر”.

المشروع الوطني يبدأ بطرح الأسئلة “الممنوعة”، من الهوية إلى تقاسم السلطة والموارد، مروراً بتركيبة الأجهزة الأمنية وضرورة حيادها.

هل تستطيع قوى الثورة أن تنتقل من الاحتجاج إلى التأسيس، ومن الشارع إلى المؤسسات، دون التفريط في جذوة الوعي الثوري؟

قوى الثورة اليوم أمام امتحان حقيقي، وهي بعيدة عن موطن قوتها الأساسي، وهو الجماهير والحراك المدني. تواجه واقعاً معقداً، فالحرب أدواتها مختلفة، والصوت الغالب فيها هو صوت البندقية.

لكن رغم ذلك، يظل مطلوباً منها الكثير في ملف السلم الأهلي، حتى لا تنحدر البلاد من قتال مسلح بين أطراف سياسية إلى حرب أهلية شاملة. عليها أيضاً بذل جهد سياسي ودبلوماسي لدفع المتقاتلين إلى طاولة التفاوض. وقبل ذلك، هناك واجب إنساني ضاغط لا يحتمل الانتظار، يتعلق باللاجئين والنازحين والاحتياجات الإنسانية العاجلة.

كيف يتم تحويل الذاكرة الجماعية للحرب والمجاعات والانتهاكات إلى قوة سياسية وأخلاقية تدفع نحو عدالة انتقالية حقيقية لا تسويات فوقية؟

تجارب الحروب موجودة في كل العالم. هناك شعوب نهضت من وسط الرماد بدروس جديدة وملهمة، وذاكرة حية وطموح نحو حياة أفضل، وهناك شعوب تبددت وأصبحت جزءاً من كتب التاريخ كأممٍ آفلة.

واجب القيادة في هذه اللحظة التاريخية أن تكون ثابتة، تنظر إلى المستقبل وتبشّر به، فالقائد هو من يرى بعيداً، ويظل ثابت الجنان في لحظات المِحَن، ولديه القدرة على مواصلة الطريق.

لدى السودان ما يؤهله للنهوض، من موارد بشرية وطبيعية هائلة. فقط علينا أن ننظر إلى ما يحدث الآن كدرس قاسٍ من دروس التاريخ لا يجب أن يتكرر.

ما هو شكل الاقتصاد الممكن في السودان ما بعد الحرب؟ وكيف يمكن كسر الحلقة الجهنمية بين الفقر والفساد والنخب المسلحة؟

الاقتصاد يواجه أسئلة كبرى. فالحرب دمّرت البنية التحتية الصناعية، من طرق وجسور ومحطات كهرباء. وكان لدينا أصلاً عجز مريع في قطاع الطاقة، والآن تضاعف الوضع تعقيداً.

لكن كل ذلك يظل ثانوياً مقارنة بما حدث من نهب منظم لموارد البلاد خلال الحرب، وتغوّل شبكات الفساد التي نمت وترعرعت وأصبحت صاحبة مصلحة مباشرة في استمرار الحرب.

توحشت هذه الشبكات، وبدأت تمنح الحرب غطاءً دينياً تارة، ودستورياً تارة أخرى، بينما الحقيقة أنهم مجرد لصوص يريدون استمرار غياب الرقابة الشعبية والمؤسسية.

عقب الحرب، من الضروري تفكيك مركزية الاقتصاد وإعادة بناء البنية التحتية، خصوصاً في الطاقة والنقل، ومحاربة الفساد بشكل جذري. بقية القطاعات ستنهض بجهد السودانيين وموارد بلادهم.

كيف يتم التصدى لهيمنة الخطابات العسكرية والدينية الرجعية على الفضاء العام، ونفتح الطريق أمام خطاب مدني إنساني ينهض بالبلاد؟

الخطابات العسكرية والدينية الإقصائية تنمو وتزدهر في لحظات الشمولية والاضطراب. وهي خطابات لا تخاف إلا من النور والمواجهة.

الخطاب العسكري يحب الحرب، فهي ملعبه، وأدواتها بالكامل في يده، وتصبح الحياة كلها ملحقة بالمعركة: الإعلام يصفق، الفن يمجّد، والشعب يُهتف باسمه. أما من يسأل “لماذا نموت؟” فمكانه محجوز في دفتر الخونة.

وقف الحرب واستعادة الحياة المدنية والحريات وفتح الفضاء العام للنقاش الحر، هو الخطوة الأولى لهزيمة هذه الخطابات.

هل تمتلكون الشجاعة لتسمية الأشياء بأسمائها: أن الحرب في السودان ليست قدراً، بل نتيجة مباشرة لتحالف الفساد مع العنف؟ وكيف يمكن تفكيك هذا التحالف؟

الحرب في السودان لم تكن قدراً، بل نتيجة مباشرة لانقسام قوى المصلحة في الوحدة والاستقرار، بينما توحّد تحالف العنف والفساد.

وهو تحالف شرس ودموي، لا يتردد في استخدام أقصى درجات البطش إذا ما اقترب أحد من مصالحه. أثبتت الأيام أنه لا مانع لديهم من إحراق البلاد كاملة إذا طالب الشعب بأن تكون بلاده له.

نعم، نحتاج إلى شجاعة التسمية والمواجهة، فهي الخطوة الأولى في طريق التفكيك.

الوسومإيقاف هذه الحرب الاحتياجات الإنسانية العاجلة اللاجئين النازحين تحالف الفساد والعنف عشرات القضايا المؤجلة فتح مسار سياسي شامل محمد الفكي سليمان

مقالات مشابهة

  • هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
  • الأمم المتحدة ترى أن خطر وقوع إبادة جماعية في السودان "مرتفع جدا"
  • من الحرب إلى العقوبات: السودان في طريق مسدود اقتصاديًا
  • حوار.. محمد الفكي: تحالف الفساد والعنف يقود السودان نحو الهاوية
  • رؤى حول الإصلاح العدلي في السودان إثر الحرب
  • إيران بين المكاسب والخسائر: قراءة في حصيلة المواجهة مع إسرائيل بعد وقف إطلاق النار
  • خطاب حميدتي العرجاء لمراحها
  • مسؤولة أممية: خطر الإبادة الجماعية في السودان لا يزال مرتفعاً وسط هجمات عرقية تقودها للدعم السريع
  • السودان: توقعات بطقس حار إلى حار جداً في معظم أنحاء البلاد اليوم
  • هل تدخل روسيا على سكة الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟ كاتب صحفي يفسر