أميركا تسمح للعراق بسداد تكلفة الكهرباء الإيرانية عبر بنوك غير عراقية
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
قال مسؤول أميركي لرويترز إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وقع اليوم الثلاثاء على إعفاء جديد يتعلق بالأمن القومي يسمح للعراق بسداد تكلفة الكهرباء لإيران ويتيح لأول مرة إيداع المدفوعات في حسابات ببنوك غير عراقية.
وأضاف المسؤول -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه ومنصبه- أن الولايات المتحدة تأمل في أن يساعد الإعفاء الذي يمتد 120 يوما في تخفيف الضغط الإيراني على العراق من أجل الحصول على الأموال التي كان من الممكن في السابق إيداعها في حسابات مقيدة في العراق فقط.
وكانت الحكومة العراقية طلبت من واشنطن حل مشكلة المستحقات المالية لإيران عن صادراتها من الغاز والكهرباء إلى العراق.
وأوضحت وزارة الخارجية العراقية في بيان صدر في يونيو/حزيران الماضي أن الوزير فؤاد حسين أكد -خلال لقائه نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في الرياض- على ضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة، لأنها تؤثر تأثيرا مباشرا على القطاع الكهربائي في العراق.
وتغيب الأرقام الرسمية لحجم الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، لكن أرقاما غير رسمية تشير إلى وجود نحو 50 مليار دولار في كل من الصين والعراق واليابان وكوريا الجنوبية ولا يمكن تحويلها إلى إيران بسبب العقوبات.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
انقطاع الكهرباء في العراق: عندما تمنع الضغوط الأمريكية حل مشكلة الكهرباء
الاقتصاد نيوز - بغداد
انقطاع الكهرباء في العراق لم يعد ظاهرة فصلية، بل تبدل إلى جزء من حياة الشعب في هذا البلد. ففي البلد التي تصل درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية في الصيف وتعد البنية التحتية الحضرية فيه هشة، غياب الكهرباء لا يسبب إزعاجا فقط، بل يخلق أزمة حياتية. ولكن لماذا بعد عقدين من الزمن وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات، لم تحل هذه المشكلة؟ الجواب يكون في تقاطع ضعف الكفاءات الداخلية، والضغوط الخارجية، والبنية الرديئة للتجارة الإقليمية. الحكومة العراقية منذ عام 2003 إلى الان أنفقت أكثر من 80 مليار دولار[1] من أجل تحسين البنية التحتية للكهرباء، ومع ذلك لم تستطع حتى الان حل مشكلة الكهرباء.منذ حوالي 14 عامًا، لجأت بغداد إلى استيراد الغاز من إيران من أجل تعويض نقص الكهرباء، وتم توقيع عقد لتوريد 20 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً. ولكن تنفيذ هذا العقد لم يصل أبدا إلى المستوى المتوافق عليه. في عام 2023، استورد العراق 7.3 مليار متر مكعب من الغاز؛ يعني أقل من نصف الكمية المتوقعة. ظاهرياً قد تبدو المشكلة من إيران، ولكن تشير الدراسات أن إيران لا تواجه نقصا في موارد الغاز، ولا في القدرة على إنتاجه، ولا تواجه مشكله في تصديره إلى العراق والحصول على العوائد بالنقد الأجنبي. وتعد إيران ثاني أكبر دولة من حيث احتياطي الغاز في العالم، وفي عام 2022 احتلت المركز الثالث عالميًا في إنتاج الغاز بإنتاج قدره 259 مليار متر مكعب. وتشكل الصادرات البالغة 20 مليار متر مكعب من الغاز إلى العراق أقل من 8% من إنتاج إيران.
أين تكمن المشكلة؟ الجواب يكمن في السياسة، لا في التكنولوجيا. العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وتسلط واشنطن على النظام المصرفي في العراق، وهما العائقان الرئيسيان أمام التنفيذ الفعلي لهذا العقد. إذ إن الأموال الناتجة عن صادرات الغاز الإيراني مجمدة في البنك التجاري العراقTBI.ولا تستطيع إيران أن تسحبها. حتى إن رئيس مجلس الوزراء العراقي قد أقر بأن ديون العراق لإيران من واردات الغاز قد بلغت 11 مليار يورو[2]، وهي متراكمة في هذا البنك. وفي مثل هذه الظروف، تتراجع رغبة إيران في تصدير الغاز إلى العراق، وتحت وطأة هذه العقوبات والضغوط تفضل طهران استهلاك الغاز في الصناعات الداخلية مثل البتروكيماويات والصلب، وتصدير المنتجات النهائية إلى الأسواق العالمية، وهو نهج يوفر عائدا نقديا أكبر ويقلل من المخاطر السياسية.
ومن اللافت أن العراق، في سعيه إلى إيجاد بديل عن إيران، اتجه إلى تركمانستان، لكن مسار انتقال غاز التركمانستاني يمر عبر الأراضي الإيرانية، وبالتالي يتعين على العراق دفع تكلفة شراء الغاز بالإضافة إلى رسوم عبوره من إيران. وينتج عن هذا زيادة تكاليف الطاقة وضغط أكبر على الميزانية العامة وعلى الشعب العراقي.
النقطة الرئيسية في هذه الأزمة هي أن السياسة قد حلت محل التنمية. في حين كان من الممكن تعزيز أمن الطاقة، وتحقيق مصالح اقتصادية مشتركة، ورفع مستوى رفاه الشعب من خلال تجارة الغاز الإقليمية، اليومبسبب العقوبات الاقتصادية والعراقيل الأمريكية، لا يزال الشعب العراقي يعاني من الانقطاعات المتواصلة في التيار الكهربائي.
إذا تحرر مسار التفاعل بين إيران والعراق من الضغوطات السياسية الخارجية، فإن البلدين لن يتمكنا فقط من تجاوز أزمة الكهرباء، بل سيتمكنان من تأسيس نموذج ناجح للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة. ولكن ما دامت واشنطن هي من يضع قواعد اللعبة، فيبدو أن ليس فقط مصابيح منازل العراقيين ستبقى مطفأة، بل فرص التنمية الإقليمية ايضا ستبقى مطفأة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام