يقدم جناحا الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين بمعرِض القاهرة الدولي للكتاب 2024 لزوارهما كتاب "مدخل لدراسة المنطق القديم"، بقلم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، يعرض خُلاصَةً مُركزةً لمادة "المنطق القديم" مُمَثَلًا في قسميه الشهيرين عند المناطقة المسلمين، وهما: التصور، والتصديق.

 

يذكر شيخ الأزهر أنه كان نصب أعينه وهو يعالج المسائل المنطقية التي اشتملت عليها هذه الصفحات أمران ..

الأمر الأول عرض المعلومات بأسلوب ميسور قدر الإمكان، وهذا أمر تمليه طبيعة المرحلة الحاضرة؛ حيث تندر نوعية الطلاب القادرين على التعامل بشكل مباشر مع النصوص القديمة لهذا العلم، فضلا عن استيعابها والإفادة منها في نهاية المطاف.

الأمر الثاني الاقتصار على أهم المباحث المنطقية، وهو أمر فرضته المساحة الزمنية المحددة لتدريس هذه المادة، مما اضطرنا إلى أن نضرب صفحا عن تفريعات وتقسيمات شتى، إن في مباحث الألفاظ أو التعريف، أو نظرية الاستدلال بقسميه: المباشر وغير المباشر، كُلُّ ذلك أملا في أن يصل أكبر قدر ممكن من المعلومات المنطقية إلى الطلاب في صورة مألوفة ومأنوسة لديهم.

 

الحيوان يشارك الإنسان في بعض العمليات المعقدة


تحت عنوان "الحاجة إلى علم المنطق" يوضح الإمام الأكبر أن أمرين يتميز بهما الإنسان عن بقية الكائنات التي تشاركه في الحياة على مسرح الكون، أولهما: التفكير أو العقل. وثانيهما: الكلام أو اللغة. وبرغم ما يقال من أن الحيوان يشارك الإنسان في بعض العمليات المعقدة، كالتفكير والذكاء  أن الإنسان يفارق كل أنواع الحيوانات الأخرى بقدرات ذهنية لا تجدها عند هذه الحيوانات، وذلك مثل قدرته على نقل أفكاره وخواطره إلى خارج ذاته، وأنه الكائن الوحيد الذي يتمتع بالقدرة على الحكم بالصواب والخطأ والصدق والكذب على ما يراه ويسمعه، وهو الكائن الوحيد أيضا الذي يتمتع بقدرات ذهنية معقدة تتمثل في مجال المقايسة والمضاهاة، والاستنتاج والاستنباط، وربط النتائج بمقدماتها. وإذا أردنا أن نصف الإنسان بصفة تعزله تمام العزل عن بقية الكائنات الأخرى، فإن بإمكاننا أن نصفه بأنه "كائن مفكر".


ينبه شيخ الأزهر  أن ذلك لا يعني أن الإنسان ما دام مفكرا فهو يفكر دائما بطريقة منطقية صحيحة، لأنه كثيرا ما يخطئ في استعمال عقله أو تفكيره الاستعمال السليم، فيستنتج نتائج خاطئة من مقدمات صحيحة أو من مقدمات خاطئة أيضا، وقد يلتبس عليه الأمر في التفكير فيظن أن «أ» علة في "ب»، بينما العلة الحقيقية قد تكون «ج» مثلا، وإذا كان من المسلم به أن يخطئ الإنسان في استعمال لغته وفي اختيار الفاظه؛ وبالتالي يصبح في حاجة إلى قانون يراعيه في الكلام، ليعصمه عن الخطأ الذي قد ينشأ من استعمال اللغة استعمالا خاطئا، وهو ما تكفل به علم النحو أو علم اللغة بشكل عام - فمما لا شك فيه أن الإنسان محتاج أيضًا إلى قانون يراعيه ليعصمه عن الخطأ في التفكير. هذا القانون الذي تشتد إليه حاجة الإنسان باعتباره كائنا مفكرا هو: "علم المنطق".

 

يشتمل الكتاب على. خمسة مباحث، الأول: "مباحث الألفاظ"، ويشتمل على المطالب التالية:  لماذا مباحث الألفاظ، مبحث الدلالة، تقسيمات الألفاظ. المبحث الثاني: "مباحث الكلي" ويشتمل على المطالب التالية: الحد الكلي والجزئي، المفهوم والماصدق، النسب الأربع، الكليات الخمس. فيما يتناول المبحث الثالث: مبحث "التعريف" ويشتمل على المطالب التالية: أهمية مبحث التعريف، أقسام التعريف، شروط التعريف. ويناقش المبحث الرابع "القضايا" في المنطق، ويشتمل على المطالب التالية: تعريف القضية، أقسام القضية، استغراق الحدود في القضايا، القضية المحصلة والمعدولة. ويأتي المبحث الخامس والأخير تحت عنوان "الاستدلال" ويشتمل على المطالب التالية: الاستدلال المباشر، الاستدلال غير المباشر، الاستدلال المباشر (التقابل)، الاستدلال المباشر (بالعكس المستوي)، الاستدلال المباشر (العكس بنقض المحمول)،  الاستدلال غير المباشر (القياس)، أشكال القياس، رد الأشكال، القياس الشرطي، القياس الاستثنائي.


يشارك الأزهر الشريف للعام الثامن على التوالي بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.


يقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر حكماء المسلمين الإمام الأكبر المنطق القديم التصور التصديق

إقرأ أيضاً:

مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «22»

إضافة إلى ما ذُكر فـي الحلقة السابقة، فإن أطروحة سيغِفْرِد كرَكاور Siegfried Kracauer الكبرى هي ان الأفلام السينمائيَّة الألمانيَّة التي أُنتجت خلال حقبة فايمار (Weimar)/ الرَّايخ الألماني/ الجمهورية الألمانيَّة (1918—1933)، بما فـي ذلك بعض من أفضل أفلام المدرسة التعبيريَّة الألمانيَّة وأكثرها فنيَّة وشهرة، قد عكست، فـي الحقيقة، صعود النازيَّة ووصولها إلى السُّلطة، حيث يحاجج كرَكاور بأن الأفلام لا تعكس «روح الأمَّة» (zeitgeist) خلال حقبة تاريخيَّة معيَّنة فحسب، ولكنها توفِّر أيضًا متنَفَّسًا للرغبات المقموعة للثَّقافة، ومجالًا للتخلُّص من أكثر نزعاتها ومكبوتاتها اللاواعيَّة سوداويَّة وشناعة. وبصورة من الصُّور، يقول كرَكاور إن الأفلام الألمانيَّة التي أُنتجت خلال تلك الحقبة قد تنبَّأت بمجيء أدولف هتلر Adolf Hitler، شخصيّا.

وبصورة مشابهة، فإن المؤرخ السينمائي الفرنسي مارك فـيرو Marc Ferro معنيٌّ بأسئلة من قبيل كيف ان السِّينما تبوح بـ«عقليَّة» (mentalité) حقبَّة تاريخيَّة معيَّنة لدى أمَّة ما. وفـي هذا السياق، فإنه يتساءل عما إذا كانت السِّينما تُعَدُّ وثيقة مهمة ومهمَلة فـي الغالب لدراسة التَّاريخ. لقد انكبَّ فـيرو على دراسة تاريخ السينما السوفـييتيَّة ليتوصل، على عكس النُّقاد والمؤرخين «الجَماليِّين» المفرِطين فـي حقل الدِّراسات النَّظرية والنقديَّة السِّينمائية، إلى أن السينما يمكن أن تكون «مصدرًا» أو «محرِّكًا» للتاريخ، أو كلا الأمرين معًا. إن السِّينما مصدر للتاريخ لإنها ترينا الكثير من التَّمظهرات الخارجيَّة، كالجوانب الأيديولوجيَّة، والقناعات السياسيَّة، والمواقف الاجتماعيَّة والثَّقافـيَّة السَّائدة فـي برهة تاريخيَّة محدَّدة. وعلاوة على ذلك، فـيمكن للسِّينما، فـي الحقيقة، أن تحل أحيانًا محل «التَّاريخ» كما هو الحال فـي فـيلم «المدمِّرة بوتِمكِن» The Battleship Potemkin (سيرغي آيزنشتاين Sergei Eisenstein، الإتحاد السوفـييتي، 1925). لقد أصبح ذلك الفـيلم مرادِفًا فوريًَّا ولاواعيًا كلما فكرنا بما حدث فـي روسيا فـي عام 1917 على الرغم من انه يتضمن مشاهد تصوِّر «أحداثًا» لم تحدث على الإطلاق فـي تدفق الوقائع المتسارعة التي قادت إلى تأسيس أول جمهوريَّة اشتراكيَّة فـي التَّاريخ. فـي هذه الحالة، إذًا، تصبح السِّينما أداة «محرِّكة» ومساهمة فـي صياغة التَّاريخ. وحقَّا، فإن الأفلام السّينمائيَّة التي صُنِعت قبل فترة وجيزة من اشتعال أتون الحرب العالميَّة الثانية فـي عام 1939، أو بعد ذلك بمدة قصيرة، أدَّت دورًا مهمًا باعتبارها محرِّكات تاريخيَّة؛ وذلك لسبب بسيط هو أنه، وفـي ضوء سرديَّات تلك الأفلام وتمثيلاتها، فإن أفرادًا ومجموعات من النَّاس اختاروا أصدقاءهم أو أعداءهم (1).

تقدِّم نظريتا كرَكاور وفـيرو فـي العلاقة بين السِّينما والتَّاريخ أداة منهجيَّة مفـيدة لبحث العديد من الأسئلة والموضوعات التي يطرحها علينا تطوُّر أفلام الشَّيخ العربي فـي السِّينما الأمريكيَّة والمسارات المختلفة التي اختطَّها؛ حيث اقترحتُ، فـي مكان أسبق من هذه الدِّراسة، أن «التَّطور» السَّردي فـي تلك الأفلام إنما يعكس ويتمحور حول عدة أنواع من القلق والمخاوف التي انتابت المجتمع الأمريكي نفسه، سياسيَّا وثقافـيَّا، ويعبِّر عنها بصور متباينة.

لا بد، إذًا، من طرح أسئلة مُلِحَّة (ثم الإجابة عنها)، وذلك من قبيل كيف يمكن أن تساعدنا شخصيَّة الشَّيخ العربي للوصول إلى فهم أفضل للمُشَاهَدِيَّة السينمائيَّة الأمريكيَّة على النَّحو الذي مؤسِست فـيه فـي مختلف الفترات، وكيف تعكس شخصيَّة الشَّيخ العربي السِّينمائيَّة أزمات وطنيَّة مثل القلق السّياسي/ الأيديولوجي والجندري/ الجنسي كما هو مُلَمَّح به من خلال شخصيَّة الشَّيخ العربي الخُنْثَوي متكررة الظُّهور، والموضوعة جنبًا إلى جنب، بصورة تثير المفارقة، شخصيَّة الشَّيخ العربي الفحل التي لا تختفـي أبدًا، وكذلك شخصيَّة الشَّيخ العربي نصير النَّازيَّة فـي الأربعينيَّات من القرن الماضي، وشخصيَّة الشَّيخ العربي حليف السوفـييت فـي الحرب الباردة. بكلمات أخرى، لماذا وكيف أصبح الشَّيخ السِّينمائي العربي «أمريكيَّا» إلى أبعد الحدود؟

مثل الاستشراق، الذي هو ممارسة تمثيليَّة فـي المقام الأول، فإن التمثيلات تبوح بذاتها أكثر مما تكشف عن موضوعها. وبكلمات كيث موكسي Keith Moxey فإن علاقة التَّمثيلات بـ«الواقع المُحاكائي (mimetic)» تتجسد بأقل مما تظهر به فـي «الإسقاطات الثقافـيَّة، وبناء، وتقديم، ونشر القيم الثقافـيَّة» (2). وعلى نحوٍ مشابه لذلك، فإن بيتر إكس فِنغ Peter X. Feng يحاجج بأنه «لا يوجد هناك شيء اسمه تمثيل إيجابي أو تمثيل سلبي. بالأحرى، هناك تمثيلات تُحشَد وتُنشَر بصورة إيجابيَّة أو بصورة سلبيَّة، وذلك حسب السِّياقات البنائيَّة» (3). لذلك فإن على دراسة صورة الشَّيخ العربي فـي السِّينما الأمريكيَّة ألا تكون «تصحيحيَّة»، وإنني أستخدم هنا مفردة إيلا شُحط Ella Shohat وروبرت ستام Robert Stam (4) (ولهذا فإن عمل شاهين Shaheen «تصحيحيٌّ» بصورة مبالغ فـيها. ومع ذلك فإن ما قام به من دراسة مفـيد فـي حالة الجمهور عديم الفهم بالكامل للموضوع، وليس للمُنْجَمَعات النَّقديَّة والفكريَّة).

إن المرء يستحضر هنا ما أكَّده إدوَرد سعيد Edward Said عن الاستشراق نفسه: «لا ينبغي أبدًا أن يفترض المرء أن مبنى الاستشراق ليس أكثر من بناء من للأكاذيب أو الخرافات التي، إن قيلت الحقيقة بخصوصها، فإنه، ببساطة، سيذوي». على النقيض من ذلك، فإن على المرء أن يضع فـي اعتباره أن الاستشراق، بوصفه ممارسة تمثيليَّة، «يعتمد فـي استراتيجيَّته على تفوُّقٍ موضعي مرن يجعل الغربي فـي علاقة من سلسلة كاملة من العلاقات الممكنة مع الشَّرق من دون أن يفقد أبدًا الغَلَبَة النِّسبيَّة» (5). وعلى نحوٍ مشابه لما يذهب إليه سعيد، فإن ستيف نيل Steve Neale ينقد المقاربة «الواقعيَّة» لتفكيك الصُّورة النَّمطيَّة؛ إذ انه، بعد عام واحد فقط من ظهور كتاب سعيد «الاستشراق»، نشر بحثًا يحذِّر فـيه من محدوديات «تصنيف... الشَّخصيات... التي يُحَدَّد بها لها مجال ضيِّق من الأدوار المُنَمَّطة الحاطَّة من القدر» (6). وبالتالي فإنه يدعو إلى دراسة الصُّور المُنَمَّطة من منظور «السَّرد والفنتازيا» (7).

-------------------------------------

(1). Marc Ferro, Cinema and History, trans., Naomi Greene (Detroit: Wayne State University, 1988).

(2). Keith Moxey, The Practice of Theory (Ithaca: Cornell University Press, 1994), 30.

(3). Peter X. Feng, “Introduction,” in Screening Asian Americans, ed., Peter X. Feng (New Brunswick: Rutgers University Press, 2002), 5.

(4). Shohat and Stam, Unthinking Eurocentrism, 178. مصدر سابق الاقتباس

(5). Said, Orientalism, 6, 7, التوكيد أصلي. مصدر سابق الاقتباس

(6). انظر بحثه فـي:

Screen Education, nos. 32/33, Autumn/Winter 1979/80.

(7). Steve Neale, “The Same Old Story: Stereotypes and Difference” in The Screen Education Reader: Cinema, Television, Culture, eds., Manuel Alvarado, Edward Buscombe, and Richard Collins (London: The Macmillan Press, 1993), 42. التوكيد أصلي.

عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يُطلق النار على وفد دبلوماسي عند مدخل جنين و"الخارجية" تُعقّب
  • فتاوى وأحكام.. ماذا أفعل إذا نسيت سجدة وقمت إلى الركعة التالية؟ هل يجوز الحج عن المتوفى المُستطيع حتى لو تم من مال غيره؟ لا أستطيع الجلوس مع ثني الركبة أثناء الصلاة؟
  • ماذا أفعل إذا نسيت سجدة وقمت إلى الركعة التالية؟.. مركز الأزهر يجيب
  • عريسان يقدمان قافلة غذائية لأسر الشهداء في مديريتي ذي السفال والسياني
  • «المنفي» يستقبل وفد أعيان وحكماء مصراتة ويشيد بدورهم في تعزيز الوحدة الوطنية
  • حكماء المسلمين يشارك في مراسم تنصيب البابا ليو الرابع عشر
  • لماذا تواصل النيابة المصرية حبس مسيحيين بتهم الانتماء للإخوان المسلمين؟
  • صلاة الضحى.. الأزهر للفتوى يكشف عن عدة أمور متعلقة بها
  • رابطة عايز حقي: قانون الإيجار القديم قيد حرية المالك بما يخالف المنطق والدين
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «22»