قلت وأقول وسأقول إن التوهج والنجاح ليس ضربة حظ. لا يوجد بشر محظوظون وآخرون متعوسون. ثمة فعل بشرى فى كل أمر. سبب منطقى. تحرك ما. جهد، فعل، وعطاء يوازى المكافأة. رأيت ذلك فى كثيرين، ويقينى أنه لا نجاح مع تمدد، ولا تفوق مع سكون. الحركة بركة، والعمل أمل، والسعى للسبق ضرورة حياتية لمَن يحب التميز والسبق.
أمثلة عديدة اختبرتها على مدى عقود طويلة، وكان أبرزها فى دوائر الإبداع، حيث الشكوى واسعة، وحيث الرضا عملة نادرة فى عالم ثالث لا ينحنى أدبا أمام أصحاب المواهب.
كلما فكرت فى مبدع جدير بالسحر، أطل طارق إمام باقتدار. ذلك لأنه أخلص لمشروعه الابداعى بحرص ودأب وجهد غير عابئ بمحبطات وانكسارات عانى منها كل المبدعين فى بلادنا على المستويين المادى والمعنوى. فكما كتب نزار قبانى يوما فإن عالمنا العربى يفتقد تقدير الجمال لدرجة أنه يسأل مستنكرا «هل إذا مات شاعرٌ عربى / يجد اليوم مَن يُصلى عليه؟»
التجريب، التجريب، التجريب. هذا أجمل درس تعلمنا إياه نصوص طارق إمام الساحرة، وبين يدى مجموعته القصصية الجديدة التى صدرت مؤخرا عن دار الشروق بعنوان «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها»، وكأنه يقول لنا إنه يتحدى ظاهرة أفول القصة القصيرة بالجمال. ففى السنوات الأخيرة انفضت دور النشر عن القصة القصيرة، وأصدر جمهور القراءة قانونا جديدا باستبعادها من مشتريات القراء، لكن طارق إمام أبى الانصياع لهذا القانون، بل وتحداه ليس بقصص قصيرة وإنما بقصص أقصر من أعمار أصحابها. وكأنه هنا يُقرر بوضوح عكس كل الأطروحات أن العبرة بالجمال لا باللون الأدبى. فأينما كان الجمال، فاح الاهتمام، واتسع الجمهور.
لا يلتفت طارق لنظرية نقدية بعينها، ولا يسير خلف قطيع، وإنما ينبت منفردا محررا إبداعاته، ومستدعيا الرواد الخالدين الذين لا يأبهون لتيار أو يخضعون لقوالب.
ومن الإهداء الرائع نلمح الفارق الخيالى والجمالى، فهو يهدى النص إلى والده الناقد الكبير سيد إمام قائلا «إلى السيد إمام: أنت فوق التراب. أنا تحته».
ويحكى لنا الكاتب عن شخص لم يختر شيئا فى حياته، مثل الملايين بيننا وحولنا ليختتم قصته بقوله « حتى موته كان بلا سبب: استيقظ مرة ولم ينم»، وكأن الموت هنا هو الحياة الحقيقية. ويكتب أيضا «أنا ذلك الاسم الذى أخفق مرة بعد مرة فى العثور على من يحمله. لقد حرمت حتى فرصة أن أموت، فمن أجل ذلك يجب أولا أن أولد».
ونقرأ له عبارات شعرية مبهرة تصلح مأثورات خالدة لأجيال قادمة فيقول مثلا «الأرض حكاية خرافية، تغادرها فقط كى تُثبت لأطفالك أن كل اكتشافات النضج نبوءات فى قصص الساحرات».
وتبدو حكاياته القصيرة موجعة وساحرة وهى تخالط واقعنا المعاصر، فيقول مثلا «لتوسيع الطرق القديمة.. أزالوا مقابر. لم يمت قاطنوها بعد». ويكتب أيضا «الأسطح.. كم أوقع رجالها من طائرات.. ورقية». ونقرأ له نصا آخر يقول «الجسور شيدوها حين جاعت الأرض.. كى تتغذى الشوارع.. بمن يخافون القفز من النوافذ».
وهكذا يرتقى بالكلمات والقص دون التفات لخناقات صغيرة يعج بها الوسط الابداعى، فينجو بجماله، ويسمو، ويشع ويستعر.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد فعل بشرى نجاح تمدد ولا تفوق طارق إمام
إقرأ أيضاً:
بـ قميص الأهلي | إمام عاشور يوجه رسالة غامضة
نشر نجم الاهلي إمام عاشور رسالة غامضة عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وظهر إمام عاشور في صورة بـ زي النادي الاهلي وعلق علي الصورة كاتبا : الحمد لله.
وقاد إمام عاشور نجم الأهلي فريقه لتحقيق فوز مهم على حساب المصري البورسعيدي بنتيجة 4-2، مساء اليوم الخميس، على إستاد برج العرب بالإسكندرية، ضمن الجولة الخامسة لمجموعة التتويج بالدوري المصري الممتاز.
وسجل عاشور هدفين في اللقاء، لينهي فترة صيام تهديفي دامت منذ 16 فبراير الماضي، عندما أحرز آخر أهدافه أمام الإسماعيلي، ويعزز صدارته لترتيب هدافي الدوري المصري برصيد 11 هدفًا.
وجاء هدفه الأول في الدقيقة 35، بعد عرضية متقنة من المهاجم الفلسطيني وسام أبو علي، حولها عاشور ببراعة داخل شباك المصري. ثم عاد ليضيف هدفه الشخصي الثاني في الدقيقة 80 من علامة الجزاء، مؤكدًا تفوق فريقه في اللقاء.
ويبتعد إمام عاشور بهدف وحيد فقط عن أقرب ملاحقيه على لقب الهداف، وهما ناصر منسي مهاجم الزمالك، وأسامة فيصل مهاجم البنك الأهلي، اللذان يمتلكان في رصيدهما 10 أهداف لكل منهما.
من جانبه، واصل طاهر محمد طاهر تألقه اللافت بقميص الأهلي، بإضافة الهدف الثاني لفريقه في الدقيقة 45، وهو رابع أهدافه في الدوري هذا الموسم، منح به الأهلي التقدم 2-1 قبل نهاية الشوط الأول.
وبهذا الفوز، تصدر الأهلي مجموعة التتويج، في ظل المنافسة المشتعلة مع بيراميدز والزمالك على لقب الدوري المصري الممتاز لموسم 2024-2025.