عصفت أزمة الدولار في مصر  - أكبر سوق للدواء في الشرق الأوسط بقيمة 10 مليارات دولار - ما أدى إلى ارتفاع أسعار الدواء المستورد والمحلي بشكل حاد، ونقص في أنواع واسعة من الأدوية لعلاج أمراض مزمنة وخطيرة ما ينذر بحدوث أزمة أكبر وأعمق خلال عدة أشهر.

تطالب شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، برفع أسعار الأدوية 100% بدلا من متوسط زيادة 20% التي أقرتها هيئة الدواء المصرية لمواكبة ارتفاع تكاليف استيراد مدخلات الإنتاج الناجمة عن أزمة توفير الدولار وارتفاع سعره لمستويات غير مسبوقة منذ آذار/ مارس 2022.



ويخضع الدواء الذي يتم تصنيع نحو 93% محليا ويتم استيراد 7% من الخارج، للتسعيرة الجبرية من قبل الحكومة المصرية، ولكن جميع المصانع والشركات تستخدم خامات مستوردة وهي المادة الفعالة وتسببت زيادة سعر الدولار في خلق مشكلة في تسعير الدواء ودفعت عددا من الشركات إلى تخفيض طاقتها الإنتاجية.

ويستهلك المصريون أدوية بقيمة 140 مليار جنيه (نحو 4.5 مليار دولار)، وتشير الدراسات إلى أن شراء الدواء من المال الخاص للمرضى يمثل ما لا يقل عن 55% من سوق الدواء، بحسب وزير الصحة، بسبب عدم وجود منظمة تأمين صحي شاملة.



ورغم اجتماع شركات تصنيع الدواء من خلال غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات برئيس مجلس الوزراء المصري، ووعدهم بتدبير 150 مليون دولار للإفراج عن جزء من الخامات المحتجزة بالموانئ، والتي تحتاجها المصانع لتلبية احتياجات السوق المحلي الذي يعاني من تضاعف نواقص الأدوية لم يتم تدبير تلك المبالغ المطلوبة.

الأزمة تنتقل للبرلمان دون حلول
ألقت أزمة ارتفاع أسعار الدواء وزيادة النواقص بظلالها على عمل المستشفيات وأوضاع المرضى، واشتكى بعض ذويهم في تصريحات لـ"عربي21" أن العديد من الأصناف غير متوفرة من بينها محلول "الباراسيتامول" لخفض الحرارة وتسكين الآلام وأدوية بعض الأمراض المزمنة وحتى العادية لم تعد موجودة لا في المستشفيات ولا الصيدليات.

واشتكوا من ارتفاع فاتورة روشتة الدواء التي أصبحت بمئات الجنيهات وتكلف الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل فوق طاقتها، لو أن هناك مريض يعاني من ارتفاع الكوليسترول والضغط أو السكر ويحتاج إلى صنف ثالث لحفظ المعدة يحتاج المرض إلى ألف جنيه شهريا (33 دولارا).

وتقدم نواب بالبرلمان المصري بطلب إحاطة يتعلق بالنقص في الأدوية وبشكل خاص أدوية الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والأورام وبنج الأسنان.


وأدى النقص في مستلزمات الأدوية إلى عودة زيادة "قوائم الانتظار" لأكثر من ستة أشهر في المستشفيات الحكومية بمختلف أنواعها.

وأشار النواب إلى أن القطاع الطبي والصحي وسوق الدواء في مصر يعانيان من نقص حاد في مختلف أصناف الأدوية والعلاجات بجانب نقص المستلزمات الطبية والجراحية بغالبية المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي.

أزمة دولار وأزمة تسعير وأزمة نقص
حذر المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، من "الحكومة المصرية تنتهك الحق في الصحة والدواء، ومحاولة الضغط على الحكومة لتحرير سعر الدواء كما تحاول شعبة الدواء سيؤدي إلى نتائج وخيمة وخطيرة على صحة المرضى الذين لا يستطيعون تدبير قيمة الأدوية والعلاجات الخاصة بهم، وأدعو المسؤولين إلى عدم الرضوخ لضغوط الشعبة لأنها ليست المعنية بصناعة الدواء وتحاول استغلال فوضى الأسواق".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "أزمة تصنيع الدواء وارتفاع الأسعار زادت منذ عام 2022 وقامت الحكومة منذ ذلك التاريخ برفع أسعار 3.5 ألف صنف بنسبة 80% على الأقل فيما وصلت الزيادة في بعض الأصناف المستوردة إلى 300% وكان الحل الأفضل لعلاج الأزمة هو تدبير العملة لأكثر من 178 شركة ومصنع دواء لاستمرار عملها وإنتاجها بشكل كامل ".



وبشأن طبيعة الأزمة، أوضح فؤاد أنها "ليست أزمة في تصنيع الدواء وإنما أزمة في الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمة توفير الدولار وقيود الاستيراد؛ لأنها صناعة مرتبطة باستيراد 90% من مكوناتها ومستلزماتها من الخارج وبالتالي مرهونة بسعر الصرف وتدبير العملة من البنك المركزي، الشق الثاني من الأزمة هو أزمة تسعير الدواء بعض الشركات نجحت في الوصول إلى اتفاقات ضمنية مع هيئة الدواء المصرية لزيادة أسعار منتجاتها مقابل أنها لا تتوقف عن الإنتاج".

المرضى والصيدليات والشركات تحت وطأة الدولار
وصف أمين صندوق نقابة صيادلة مصر سابقا، الدكتور أحمد رامي الحوفي، أزمة نقص الدواء وارتفاع أسعارها "بأنها الأسوأ في مصر بسبب شح الدولار والاعتماد على استيراد المواد الخام من الخارج لصناعة الدواء، والدولة هي من تحدد سعر الدواء وهناك بعض الأدوية لا تحقق هامش ربح للصيدلية أو الشركة المصنعة مع الارتفاعات المتزايدة في الأسعار".

وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "بعض الصيدليات أغلقت أبوابها بسبب عدم تحقيق هامش ربح يمكنها من الاستمرار في العمل، وبالتالي لا أعتقد أن هناك شبهة استغلال من قبل الشركات أو الصيدليات لأنهم أمام أوضاع صعبة ومعاناة مع نقص المواد الخام".


وتساءل الحوفي "عن مصير مدينة الدواء التي افتتحها السيسي في أبريل من عام 2021 كأكبر مدينة للدواء على مستوى الشرق الأوسط باستثمارات بمليارات الجنيهات والحديث عن توفير أكثر من 2.5 مليار دولار لخزينة الدولة، وكان الحديث عن توفير الأدوية بأسعار مخفضة وتعويض النواقص في أصناف الدواء ولكنها لم تتحقق، وكل يوم تزيد قائمة النواقص من أمراض الغدة الدرقية والمسكنات والمخدر وأمراض القلب وأمراض نقص المناعة".

وحذر من مغبة تداعيات ما يجري في سوق الدواء على صحة المواطنين، قائلا: "مصر أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان ونسبة الفقر تتجاوز الـ50% وأعداد المرضى في تزايد وتكلفة العلاج أصبحت باهظة.. ما يزيد بالتالي من معاناة المرضى من جهة ويضعف الصحة العامة للشعب المصري من جهة أخرى، وهناك تداعيات على أسر أكثر من 70 ألف صيدلية وأكثر من 170 شركة، وبعض الأسر باتت تعتمد على ذويها في الخارج لإرسال أدوية بدلا من الهدايا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدولار مصر الدواء الاقتصاد مصر القاهرة الدولار الاقتصاد الدواء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سوق الدواء

إقرأ أيضاً:

خاص| تراجع مبيعات قطاع الدواء لـ 50% بسبب النواقص وزيادة الأسعار

أزمة أسعار الدواء.. قال الدكتور حاتم البدوي، الأمين العام لـ شعبة الصيدليات بـ اتحاد الغرف التجارية، إن مبيعات قطاع الدواء في مصر شهدت نسبة تراجع تراوحت من 40 إلى 50% حجم التراجع خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن قطاع الدواء يعاني من أزمات متلاحقة نجم عنها انخفاض في حجم المبيعات بسبب نقص في إنتاجية الدواء، بالإضافة إلى زيادة الأسعار المستمرة للأدوية.

ولفت الأمين العام لـ شعبة الصيدليات، في تصريحات لـ «الأسبوع»، إلى أن أسعار الدواء تواجه زيادة مستمرة منذ عام 2017 حتى الوقت الحالي، وهو ما يؤثر على مبيعات قطاع الأدوية وخاصة أصحاب الصيدليات.

وعن المطالبات التي تندد بها شعبة الأدوية من ضرورة زيادة أسعار الدواء حتى تتوافق مع التطورات الاقتصادية الحالية في مصر وخاصة بعد تحرير سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، وارتفاع سعر الدولار في البنوك الرسمية عن معدل الأسعار الماضية الذي كان لا يتخطى الـ 30 جنيهاً، فأشار البدوي إلى أن مثل هذه المطالبات لا تعود على منظومة الصيدليات بالنفع وزيادة المكاسب، بل تضر بالمنظومة في ظل الأزمات التي يعاني منها قطاع الدواء في مصر، ومنها تغيير تسعيرة الدواء بشكل مستمر على الرغم من أن الدواء يتم تسعيره بشكل جبري حتى الوقت الحالي.

كما أوضح أن قطاع الصيدليات يعاني في الوقت الحالي من انهيار في الحالة الاقتصادية للطبيب الصيدلي نتيجة عدم تواجد الدواء، والانكماش الرهيب في هامش الربح نتيجة وجود أزمات ومن بينها تطبيق زيادات سعرية إضافية على سعر الدواء، مطالباً بضرورة متابعة تنفيذ قرار رقم 499 المتعلق بهامش تحديد ربح الصيدلي.

وأشار البدوي إلى أن المستفيد من تطبيق زيادة سعرية في سعر الدواء هم أصحاب المصانع والموزعين، ولا دخل للطبيب الصيدلي بهذه المنافع عكس ما يعتقده أغلب المواطنين.

وذكر أن هناك اتهامات تنال من الصيادلة بتخزين الأدوية لتحقيق أكبر استفادة في حالة تطبيق زيادات سعرية على الدواء وهو ما يخالف الأمر القائم كليةً.

وطالب البدوي بضرورة إلغاء قرار 23 لسنة 2017، الذي يفرض على الصيدليات بتسعير الدواء بأكثر من سعر، كما طالب بضرورة تطبيق فرضية على شركات الأدوية لإجبارهم على تحصيل منتجات الدواء الغير صالحة للاستخدام بعد انقضاء فترة صلاحيتها.

اقرأ أيضاًحقيقة فرض رسوم مقابل صرف «الروشتات».. «شعبة الصيدليات» تحسم الجدل (خاص)

«الصيدليات» تشكو ارتفاع أسعار الدواء.. قرارات اجتماع الشعبة مع رئيس «الغرف التجارية»

شعبة الصيدليات: المادة الخام «أصل» صناعة الدواء.. وحوافز التوطين ليست كافية

مقالات مشابهة

  • أسعار الأدوية في مصر.. المصنعون يطلبون زيادة عاجلة لـ700 صنف
  • بعد تخفيض الدعم| عمرو أديب لـ متحدث الوزراء: "المواطن هيدفع منين"
  • شعبة الأدوية: لابد من تحريك سعر الدواء 25% (فيديو)
  • أسعار الدواء 2024.. ننشر الزيادات المقترحة
  • أستاذ اقتصاديات الصحة يكشف سبب نقص الأدوية في الأسواق
  • 1000 صنف دواء.. ناقص فى الصيدليات
  • الدواء أمن قومى
  • خاص| تراجع مبيعات قطاع الدواء لـ 50% بسبب النواقص وزيادة الأسعار
  • عاجل .. ارتفاع في أسعار الدواء 50 ٪ والهيئة تعتمد الزيادة
  • رئيس الوزراء: الدولة تعمل على توفير الأدوية بعد إتاحة المكون الأجنبي