في ظل الاضطرابات الكبيرة التي تشهدها التجارة العالمية بسبب الرسوم الجمركية المتزايدة التي فرضتها الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تلجأ الشركات بشكل متزايد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدتها في إدارة هذه التحديات والتكيف مع التغيرات المستمرة.

اعتمدت عدة شركات تكنولوجية على الذكاء الاصطناعي لتصوير وفهم سلاسل الإمداد العالمية، بدءاً من المواد الأولية المستخدمة في التصنيع وحتى مسارات الشحن، بهدف تقييم تأثير الرسوم الجمركية المتبادلة، في هذا الإطار، أعلنت شركة Salesforce عن تطوير وكيل ذكاء اصطناعي خاص بالواردات قادر على معالجة التغييرات الفورية في أكثر من 20,000 فئة منتج ضمن النظام الجمركي الأميركي واتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة.

وقال إريك لوب، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الحكومية في Salesforce، إن “سرعة وتعقيد التغيرات في الرسوم الجمركية تجعل من الصعب على الشركات التعامل معها يدوياً، مما دفع الشركات إلى الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي”.

وفي خطوة مماثلة، تستخدم شركة Kinaxis، المتخصصة في إدارة سلاسل الإمداد، تقنيات تعلم الآلة لتحليل المنتجات وموادها المكونة، إضافة إلى بيانات اقتصادية وأخبار خارجية، لإجراء محاكاة تساعد الشركات على تعديل مكوناتها وتقليل تأثير الرسوم الجمركية على منتجاتها.

تأتي هذه الجهود في وقت أُجبرت فيه شركات كبرى مثل وولمارت ونايكي على رفع أسعار بعض منتجاتها نتيجة لهذه الرسوم، وسط واردات أميركية تجاوزت 3.3 تريليون دولار في 2024.

وفي منتدى أمبروزيتي بإيطاليا، وصف زاك كاس، الرئيس السابق لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي في OpenAI، الإجراءات الجمركية الأميركية بأنها “لحظة تألق للذكاء الاصطناعي”، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي يوفر حلاً عملياً وسط تعقيد وإدارة هذه التغيرات بشكل فوري دون الحاجة إلى توظيف أعداد كبيرة من الموظفين.

وأكد ناغيندرا باندارو، الشريك الإداري والرئيس العالمي لخدمات التكنولوجيا في شركة Wipro الهندية، أن العملاء يستخدمون حلول الذكاء الاصطناعي القائمة على الوكلاء لإعادة توجيه استراتيجيات الموردين، وتعديل طرق التجارة، وإدارة المخاطر الجمركية بشكل ديناميكي مع تغيّر السياسات، كما تعتمد الشركة على تقنيات متنوعة مثل النماذج اللغوية الكبيرة، وتعلم الآلة، ورؤية الحاسوب لمراقبة الأصول أثناء عبورها الحدود.

ورغم قوة الذكاء الاصطناعي، أكد باندارو أنه “ليس حلاً سحرياً”، بل أداة تعزز الاستراتيجيات التجارية بتحويل التحديات إلى فرص تنافسية قائمة على البيانات.

وقد صنّف تقرير صادر عن شركة Capgemini أن نحو ثلاثة أرباع قادة الأعمال يضعون الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن أولويات الاستثمار لعام 2025، في ظل تعقيد بيئة الأعمال العالمية.

ومن جهته، قال أجاي أغروال، الشريك في Bain Capital Ventures، إن نجاح حلول الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كبير على جودة البيانات المتاحة، مشيراً إلى شركات مثل FourKites التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم التأثيرات اللوجستية لتغيير الموردين بسبب الرسوم الجمركية، وتعمل مع شركات ضمن قائمة Fortune 500 لتعزيز الرؤية والتحليل الذكي في الشحن البحري والبري.

وأشار أغروال إلى أن تغيير الموردين قد يقلل من الرسوم، لكنه يرفع من أوقات التسليم وتكاليف النقل، مؤكداً أن تقلبات الرسوم الجمركية أثرت بشكل كبير على أسعار السلع وعلى السعة في شبكات الشحن البحري والمحلي.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية الذکاء الاصطناعی الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

الرسوم الجمركية تحفّز ثورة ذكاء اصطناعي في سلاسل التوريد العالمية

الاقتصاد نيوز - متابعة

قال أندرو بيل، كبير مسؤولي المنتجات في شركة كيناكسيس لبرمجيات إدارة سلسلة التوريد، إن المصنّعين والموزّعين الذين يسعون لفهم كيفية استجابتهم للرسوم الجمركية يستخدمون تقنية التعلم الآلي التي توفّرها شركته لتقييم منتجاتهم والمواد المستخدمة فيها، إلى جانب إشارات خارجية مثل المقالات الإخبارية وبيانات الاقتصاد الكلي.

وصرّح بيل لشبكة "CNBC": "باستخدام هذه المعلومات، يمكننا البدء في إجراء بعض عمليات المحاكاة، مثل: إذا كان هناك جزء محدد في مواد البناء لديك يخضع لرسوم جمركية مرتفعة، فماذا يحدث إذا استبدلته بجزء آخر؟ ما هو الأثر الإجمالي؟".

أجبرت قائمة ترامب الجمركية - التي تشمل عشرات الدول - الشركات على إعادة النظر في سلاسل التوريد وأسعارها، حيث قامت شركات مثل "وول مارت" و"نايكي" بالفعل برفع أسعار بعض منتجاتها. ووفقًا لبيانات التعداد السكاني، استوردت الولايات المتحدة سلعًا بقيمة تقارب 3.3 تريليون دولار في عام 2024.

وقال زاك كاس، الخبير المستقبلي والرئيس السابق لاستراتيجية طرح المنتجات في السوق بشركة OpenAI، لسيلفيا أمارو من قناة CNBC خلال منتدى أمبروسيتي في إيطاليا الشهر الماضي: "إن حالة عدم اليقين بشأن إجراءات الرسوم الجمركية الأميركية تُشكّل على الأرجح فرصة مثالية لتألق الذكاء الاصطناعي".

وأضاف: "إذا كنت تتساءل عن مدى صعوبة الموقف في غياب الذكاء الاصطناعي مقارنةً بالأتمتة، وما الذي سيحدث في عالم لا يمكن فيه توظيف مجموعة من الأشخاص بين ليلة وضحاها، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم بديلاً واعدًا".

وقال ناجيندرا باندارو، الشريك الإداري والرئيس العالمي لخدمات التكنولوجيا في شركة Wipro الهندية العملاقة لتكنولوجيا المعلومات، إن العملاء يستخدمون حلول الذكاء الاصطناعي الوكيلة التي توفرها شركته "لتحويل استراتيجيات الموردين، وتعديل مسارات التجارة، وإدارة التعرض للرسوم الجمركية بشكل ديناميكي مع تغيّر المشهد السياسي".

وأوضحت Wipro أنها تستخدم مجموعة متنوعة من أنظمة الذكاء الاصطناعي – سواءً كانت مطورة داخليًا أو مقدّمة من جهات خارجية – بدءًا من نماذج اللغات الكبيرة وصولًا إلى تقنيات التعلم الآلي والرؤية الحاسوبية التقليدية، لفحص الأصول المادية في عمليات النقل عبر الحدود.

ورغم أن Wipro فضّلت عدم الكشف عن أسماء الشركات التي تستخدم حلولها، إلا أنها أوضحت أن عملاءها يشملون شركة تصنيع إلكترونيات مدرجة في قائمة فورتشن 500 وتملك مصانع في آسيا، بالإضافة إلى مورد قطع غيار سيارات يصدّر إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وقال باندارو لشبكة "CNBC": "الذكاء الاصطناعي أداة تمكينية قوية، لكنه ليس حلاً سحريًا. فهو لا يحلّ محل الاستراتيجيات التجارية، بل يعززها عبر تحويل التجارة العالمية من تحدٍّ تفاعلي إلى ميزة استباقية قائمة على البيانات".

وكان الذكاء الاصطناعي بالفعل أولوية استثمارية رئيسية للشركات العالمية قبل إعلان ترامب الشامل عن الرسوم الجمركية في أبريل. ووفقًا لتقرير صادر عن "كابجيميني" نُشر في يناير، صنّف نحو ثلاثة أرباع قادة الأعمال الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي المُولّد ضمن أهم ثلاث تقنيات للاستثمار في عام 2025.

وقال أجاي أغاروال، الشريك في "باين كابيتال فينتشرز"، لشبكة CNBC: "هناك عدة طرق يمكن من خلالها للذكاء الاصطناعي أن يساعد الشركات في التعامل مع الرسوم الجمركية وما تسببه من غموض. لكن نجاح أي حل يعتمد أساسًا على جودة البيانات المُتاحة له".

وأضاف أغاروال أن إحدى الشركات التابعة لمحفظته الاستثمارية، وهي "فوركايتس"، تستخدم بيانات شبكة سلسلة التوريد مع الذكاء الاصطناعي لمساعدة الشركات على فهم الآثار اللوجستية لتعديل الموردين نتيجة التغييرات في الرسوم الجمركية.

وتابع: "إنهم يعملون مع عدد من شركات فورتشن 500 للاستفادة من وكلائهم في الشحن والنقل البحري لتوفير هذا المستوى من الوضوح والذكاء".

واختتم بالقول: "قد يؤدي تغيير الموردين إلى تقليل تكاليف الرسوم الجمركية، لكنه قد يرفع فترات التسليم وتكاليف الشحن. كما أن تقلب الرسوم الجمركية أثر بشكل كبير على الأسعار والسعة المتاحة في كل من شبكات الشحن البحري والمحلي".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء اليابان: سنواصل محادثات الرسوم الجمركية مع أميركا
  • الشركات تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لمواجهة "فوضى" الرسوم الجمركية
  • الرسوم الجمركية وتأثيرها على التجارة العالمية
  • فولفو ترغب في إجبار عملائها على تحمل الرسوم الجمركية
  • الرسوم الجمركية تحفّز ثورة ذكاء اصطناعي في سلاسل التوريد العالمية
  • ترامب يخير اوربا بين الرضوخ او الرسوم الجمركية
  • ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بـ50% من الرسوم الجمركية
  • مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقّع مذكرة تفاهم مع شركة “عِلم” لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعاقة
  • ترامب يحث الاتحاد الأوروبي على خفض الرسوم الجمركية أو مواجهة جمارك إضافية