كثير من القضاة والمحامين يفهمون كون المحاماة عوناً للعدالة بمفهوم يذهب إلى اعتبار القضاة وحدهم يمثلون العدالة وأن المحامين ليسوا سوى عون لهم ورهن مشيئتهم وكأن علاقة المحامي بالقاضي علاقة التابع بالمتبوع والعدالة وصفة جاهزة مرتبطة بشخص القاضي يتصف بها ويتسلح بها أي قاضِ فيمنحها لمن يشاء ويشهرها في مواجهة من يشاء ويمنعها عمن يشاء، وهذا الفهم يضر بالقضاة وبالعدالة وبمهنة المحاماة أيما ضرر ويخلق لدى القضاة حالة من الزهو تبعدهم عما يوصل للعدالة، مع أن صراط العدالة يعتمد على بلورة مفهوم إيجابي خلاق للشراكة الصادقة بين القاضي النزيه وبين المحامي الذي يحترم مهنته، وهي شراكة تجعل كل من طرفيها عوناً للآخر لتحقيق موضوعها وهو العدالة في مكانة المحراب للجميع والمقصر منهما في أدائها يجب أن يخضع للآلية المحددة للرقابة والمحاسبة القانونية في إطار وظيفة عامة هدفها الوصول إلى إجلاء الحقيقة التي يتأسس عليها الحكم بعد بسط الأدلة والوثائق والمستندات ومناقشتها وفحصها بالقدر اللازم والضروري، من احترام القانون والتفاهم والمسؤولية وإعطاء روح العدالة ما تستحقه من التقديس والاحترام والتمييز بين ما هو عام وما هو شخصي والربط بينها بصورة تحقق الغاية المنشودة من كل منها، ومهنة المحاماة في إطار هذه الوظيفة من أبرز إن لم تكن أبرز مهنة ينطوي مضمونها على مزج بين العام والخاص، ولهذا تدخل وظيفة المحامي ضمن التعريف الشامل للموظف العام في معظم إن لم يكن مختلف القوانين في العالم وهي ذات العلة التي جعلت كثيراً من قوانين القضاء في العالم تشترط لشغل وظيفة القاضي ممارسة المحاماة لمدة ست سنوات أو نحوها، وإحاطة مهنة المحاماة بروح القداسة ذاتها التي تحاط بها مؤسسة العدالة بكل ما يرتبط بها .


هذا المزج الواعي بين العام والخاص يجب أن يشعر المحامي أولاً بمكانة مهنته ومسؤوليته تجاه قدسيتها وعلاقتها العضوية بالعدالة والتي لا تقل عن مسؤولية القاضي، ويشعر القاضي كذلك بأهمية دور المحامي كشريك كامل الحرية ومسؤول بما تستوجبه الحرية والمسؤولية في تحقيق العدالة، وبذلك يترجم بالفعل والممارسة مفهوم كون المحاماة مهنة علمية حرة ترجمة تمزج بين الحرية والعلم والمسؤولية أيضاً، ورغم حرية المحامي في اختيار القضية التي يقبلها أو يرفضها كوكيل عن من اختاره والطريقة المناسبة للدفاع عن حقوق موكله فإنه من واقع الاحترام لهذه المهنة يجب أن لا يقبل تقمص شخصية من وكله فيما يخالف القانون ويرفض استخدام وسائل غير مشروعة لمحاولة التدليس على القاضي أو تضليله أو استخدام شهود زور أو أدلة أو أساليب قائمة على التزوير والخداع، بل إن ذلك يعرضه للمساءلة المهنية والجنائية انطلاقاً من مسؤوليته تجاه احترام العدالة ويتعامل مع موكله ابتداءً بصدق ومسؤولية ويتخاطب معه خطاب القاضي المسكون بِهَمِ البحث عن كل ما يؤدي إلى العدالة من منطلق يتجلى فيه المعنى المتكامل للمقولة أو الحديث الذي جعل:(النصيحة) بمنزلة الدين كله (الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسولَ الله قال : (لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، صورة تجعل كل مواطن شريك شراكة كاملة ومسؤولة في السلطة واتخاذ القرار.
إن روح المسؤولية لدى المحامي المتشبع بها تحول عمله الخاص الحر إلى عمل أقرب إلى العام الذي هو أساس وظيفة القاضي وجوهر مسؤوليته تجاه المجتمع، وانعدام هذه الروح لدى القاضي يقربه من الانزلاق بالعدالة إلى هاوية تحويل الوظيفة العامة المقدسة التي يمثلها في منصة الحكم أو في أي موقع من مواقع مؤسسة العدالة القضائية إلى موقع المتاجرة غير الشريفة أي إلى استباحة تحويل العمل العام إلى خاص وهو ما يعد مدخلاً للاعتداء المباشر المستبيح لدماء الناس وأموالهم وأعراضهم وسرقة شاملة واضحة الأركان من خلال ما يصدره من أحكام يساوم بكل جرأة على إصدارها، والحديث هنا عن القاضي الذي لا يحترم موقعه كملاذ للمظلومين والمنتهكة حقوقهم أو حرياتهم، أما القضاة المحترمون فهم في موضع التبجيل ومكانتهم محفوظة مصانة شأنهم شأن كل من يحترم نفسه ومكانته ولهم درجة أعلى لعلو مكانة العمل الذي يقومون به في رد الحقوق إلى أصحابها وإنقاذ الأبرياء مما وقعوا فيهم من ظلم سواء بناء على إجراءات باطلة أو تجاوزات مستهترة، والوصول إلى هذه المكانة بحاجة ماسة إلى ذكاء وفطنة وشجاعة ونزاهة لدى القاضي والمحامي على السواء باعتبار العدالة القضائية بجناحيها الرسمي والحر وظيفة عامة تعتمد على الإحساس المشترك بالمسؤولية ووعي كامل بمتطلبات الشراكة بين القاضي والمحامي في معركة ساحتها الوطن وذخيرتها القانون والدستور وهدفها تحقيق العدالة .
(ليس من مات فاستراح بميتٍ * إنما الميتُ ميت الأحياء
وغيابُ الضمير موتٌ أكيدٌ * قد وهبناه مجدنا المفقودٌ)

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تحديث اتفاقية الشراكة بين الجمعية المغربية للصحافة الرياضية والمغربية للألعاب والرياضة

تم يوم الاثنين 10 يونيو 2024، بمقر المغربية للألعاب والرياضة، التوقيع على تحديث اتفاقية الشراكة بين الجمعية المغربية للصحافة الرياضية والمغربية للألعاب والرياضة، هذه الشراكة، التي انطلقت سنة 2010، وتمخضت عنها العديد من المبادرات، التي استهدفت أساسا دعم أنشطة الجمعية ودعم المغربية للألعاب والرياضة في كل مشاريعها الرامية إلى مساندة ودعم الرياضة الوطنية.

وخلال حفل التوقيع، أعرب السيد يونس المشرفي، المدير العام للمغربية للألعاب والرياضة، عن اعتزازه بنتائج هذه الشراكة.

وأكد أن " تجديد هذه الشراكة تأكيد لعلاقات الثقة والقيم المشتركة بين المغربية للألعاب والرياضة والجمعية المغربية للصحافة الرياضية، وبالتالي مع أسرة الإعلام الرياضي الوطني".

كما أعلن السيد المشرفي أن "هذه الشراكة المحينة، ستكون في خدمة القضايا الرياضية الوطنية الكبرى، مثل كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030".

من جانبه، عبر السيد بدر الدين الإدريسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، عن اعتزازه وفخره بالمرجعية والنموذج الذي تمثله هذه الشراكة القائمة بين المؤسستين منذ 14 سنة، والتي يهدف تحديثها إلى الاستفادة من هذا الإرث.

وصرح الرئيس بالقول: " لقد حققت المغربية للألعاب والرياضة، باعتبارها مؤسسة مواطنة، تقدما كبيرا على جميع المستويات خلال السنوات الأخيرة. ويشمل ذلك زيادة الدعم السنوي للصندوق الوطني لتنمية الرياضة، من خلال الحكامة الجيدة، وشفافية الإنفاق والاستراتيجيات ذات الصلة، بالإضافة إلى سلسلة من الابتكارات لنظام الرهان الرياضي المسؤول والمتوافق مع المعايير الدولية التي تشدد على محاربة كل أشكال الممارسات غير القانونية، وقطع الطريق أمام أشكال الرهان الرياضي غير القانوني التي تستغل اليوم الفضاء الافتراضي".

ووقف رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، عند التحديات الكبيرة التي تواجهها المغربية للألعاب والرياضة، الداعم القانوني والمساهم الرئيسي للصندوق الوطني لتنمية الرياضة: "وتشمل هذه التحديات التهديد الذي تشكله مافيا الرهانات غير القانونية، والتي تنتشر على المستوى الدولي، وتجد لها للأسف أرضا خصبة في المغرب، مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للدولة المغربية، ستزداد حتما إذا لم نتعبأ جميعا، لتجريم آفة الرهانات غير القانونية في المغرب" يضيف رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية. 

ونبه رئيس الجمعية لضرورة تسريع إنهاء مصادقة المغرب وطنيا على "اتفاقية ماكولين" التي وقعت عليها المملكة قبل سنوات، وتعتمدها الدول التي تكافح التلاعب بالمسابقات الرياضية، وتمت صياغتها لغرض قطع الطريق على تغول مافيات الرهان الرياضي غير القانوني.

 

واختتم السيد الإدريسي كلمته، بالتأكيد على التزام الجمعية، بالتعاون مع كافة المؤسسات الرياضية الوطنية، لحماية المغربية للألعاب والرياضة، من هذه الأعمال الإجرامية وحماية المغاربة من مافيا الرهانات الفاسدة وغير الشرعية.

 

مقالات مشابهة

  • تحديث اتفاقية الشراكة بين الجمعية المغربية للصحافة الرياضية والمغربية للألعاب والرياضة
  • مؤتمر دولي بمراكش يناقش العلاقة الوثيقة بين الطاقة وتدبير الماء
  • مجريات جلسة الحكومة.. هذا ما تقرّر بشأن خطة النازحين
  • بدء جلسة مجلس الوزراء برئاسة الرئيس ميقاتي
  • محام لبعيوي يعتبر القضية "بسيطة" بعد تنازل زوجته السابقة في ملف "إسكوبار الصحراء"
  • بيت المحامي يحتضن مؤتمرا عن الفساد في القطاعين العام والخاص
  • منى المري: حريصون على تعزيز الشراكة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
  • الإمارات تعلن دعمها لمبادرة «التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية للعمالة»
  • الإمارات تدعم مبادرة التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية للعمالة
  • أزمة القانون الدولي.. حرب غزة وإعادة النظر في منظومة العدالة العالمية