يوميات عيش العدوان على غزة «5»
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
أريد أن أتخيّل أشياء كثيرة، من بينها، أن المترجمين اللذين عكفا على ترجمة أليخاندرا بيثارنيك عن الإسبانية وللعربية عندما كتبا «لا أحد يمكنه إنقاذي فأنا غير مرئية حتى بالنسبة لي أنا التي أناديني بصوتك. أين أنا؟/ أنا في حديقة./ هناك حديقة» توقفا وتعانقا دون أن يتحدثا عن شيء».
أريد أن أتخيّل وأحلم بالأحجار التي أرتديها في يدي اليمنى، الأحجار القادمة من شطآن مترامية في هذا العالم، كما لو أنها تميمة ستحرسني، تصدرُ طاقة المحيطات التي لم نكتشفها بعد.
أريد أن أتخيّل أشياء مستحيلة، كأن يصبح الانتباه، فرضا مثل الصلوات الخمس، فتصير حواسنا يقظة للهواء، ولكن أكثر ما سنحسُ به هم الآخرون، العابرون إلى جانبنا في هذه الحياة، حتى لا تجرحهم أظفارنا، ولا تعيقهم أجسادنا عن السير في الطريق الطويل لهذا العالم. وأن نكون «العابرون» خاصة وديع سعادة الذين قال عنهم صفات عديدة من بينها: «العابرون سريعًا جميلون. لا يتركون ثقلَ ظلّ. ربما غبارًا قليلا، سرعان ما يختفي». أريد أن أتخيل عالما لا يفكر فيه الناس بالربح السريع، ولا يرثون فيه الأراضي المترامية، بينما صبي شقي في مكان ما لا يجدُ كسرة خبز أو ترابا بحجم طبعة قدميه. أريد أن أتخيل أرضا يطحنها الظلم، ويوقفها عن الدوران، ويتجمد فيها كل شيء عدا الرغبة في تحقيق العدالة لكل المقهورين. أود لو أتخيل عالما، عندما يقول فيه أحدنا «البحر» يعرف من استمعوا إليه، بأن البحر الذي يعنيه غير البحر الذي نعرف. وأن اللغة ليست الكلمات، فنحاول جاهدين أن نسأله ولو لمرة واحدة مترددة: قل لنا ما هو البحر بالنسبة إليك. فبحارنا كثيرة. أريد أن أتخيل هذا التعاطف اللانهائي، وهذه الدعة التي ستدحر الأنانية والظلم وإساءة الفهم. آه أريد عالما يحتفل بإساءة الفهم، لاحتمالاته العديدة التي يقول بها أن العالم ليس محدودا، وأننا لم نقف يوما على أي حافة، وأن هنالك المزيد المزيد والمزيد من الإجابات. أريد أن أتخيل بأن ما أكتبه له معنى ما، أو ربما أريد أن أتخيل أنني لن أكترث لذلك بعد الآن، متمسكة بمقطع شعري لبيسوا، لا يكف عن الإضاءة في قلبي: «أريد أن أكون ذلك الذي أتعاطفُ معه». وأريد ألا ينتهي الشتاء في مسقط، لكن ذلك لا يعني، ألا تأتي مواسم القيظ التي ينتظرها الفلاحون، وأولهم أبي، وألا يضيع عليهم حصاد الأصياف التي تعوض غلة العام كله، أريد أن أتخيل عالما لا يسير بمنطق المقايضة ولا أن الأضداد وجدت من أجل صالحنا العام. أريد الأشياء متجاورة بلا حد، متجاورة دون أن يقضي أحدها على الآخر. لكنني عبثا لا أستطيعُ أن أتخيل كل هذا، فأنا لا ألتفتُ لكي أرى ما يحدث في غزة الآن من وحشية وبشاعة، وحقيقة ناصعة لهذا العالم، أنا لا ألتفت؛ لأن ما يحدث يغمرني، يضربني بشكل مباشر، وتخيلوا ماذا؟ إنه يُنشفُ دمي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
عراقجي: على المجتمع الدولی إدانة العدوان الأمیرکی فورا
الثورة نت /..
طالب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي،في رسالة رسمية وجهها إلى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وأعضاء مجلس الأمن الدولي، على خلفية الهجوم العسكري الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، باتخاذ موقف واضح وحازم من هذا “الاعتداء الخطير والمنتهك للقانون الدولي”.
وحسب وكالة تسنيم الدولية للأنباء قال عراقجي اليوم الاحد في هذه الرسالة، إلحاقًا برسالتنا المؤرخة في 13 يونيو 2025، أوجّه إليكم هذه الرسالة في أعقاب العدوان العسكري الصريح الذي شنّته الولايات المتحدة الأميركية فجر 21 يونيو 2025 ضد منشآت إيران النووية السلمية، بما فيها مواقع نطنز، أصفهان وفوردو، والذي يشكل انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
واضاف إننا نحيطكم علمًا بخطورة هذا العدوان المروّع، حيث أقدمت دولة تملك أسلحة نووية على الهجوم العسكري على دولة غير نووية وعضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، رغم أن أنشطتها النووية تخضع بالكامل لرقابة وضمانات شاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال كما تعلمون، فإن هذا الاعتداء الأميركي يأتي امتدادًا لهجمات سابقة نُفِّذت من قبل كيان العدو الإسرائيلي، الذي لا يعدّ طرفًا في معاهدة عدم الانتشار ويمتلك ترسانة نووية غير خاضعة لأي رقابة دولية.
واكد إن هذه الخطوة المتهورة من قبل الولايات المتحدة لا تشكّل فقط انتهاكًا صارخًا للسلم والأمن الدوليين، بل تنطوي على مخاطر جسيمة على الصعيدين الإنساني والبيئي.
وتجدر الإشارة إلى أن استهداف المنشآت النووية محظور بشكل صريح في عدد من الوثائق الدولية، بما فيها قرارات المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية (رقم 444، 475 و533)، وكذلك المادة 56 من البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف.
وطالب عراقجي بإدانة هذا العدوان الإجرامي من قبل الولايات المتحدة بأشدّ العبارات، معتبرا أن الحكومة الأميركية تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذا الهجوم، الذي نُفّذ بدعم من كيان يقوده مجرم حرب مطلوب دوليًا ويُسهم في دفع العالم نحو الفوضى وعدم الاستقرار.
وقال ننتظر من مجلس الأمن عقد جلسة طارئة على الفور للبتّ في هذا الاعتداء، وإصدار إدانة واضحة وصريحة دون أي مواربة تجاه الولايات المتحدة، بوصفها دولة دائمة العضوية في هذا المجلس.
واوضح إن الأمم المتحدة والنظام متعدد الأطراف يقفان اليوم على حافة أزمة خطيرة، ونتوقع منكم بصفتكم أمينًا عامًا وحاميًا لميثاق المنظمة الدولية، أن تتخذوا موقفًا حازمًا ضد هذا الانتهاك الصارخ والعدواني. إن العالم يراقب، وإن الصمت والتقاعس لن يؤديا إلا إلى تصعيد الأزمة وتفاقم حالة انعدام الأمن على مستوى العالم.
واضاف ننتظر من مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أن يؤدّوا واجباتهم القانونية والأخلاقية بالكامل وبدون تأخير.