الحرب تدفع السودانيين إلى ركوب المصاعب لأوروبا
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
الخرطوم- دفع استمرار الحرب في السودان، منذ نحو 10 أشهر، آلاف الشباب السوداني للتفكير في المغامرة بحياتهم و"ركوب المصاعب" بالهجرة خصوصاً إلى أوروبا، بعدما قضت الحرب على أحلامهم ودمرت منازلهم ومؤسساتهم التعليمية وفقدوا مصادر رزقهم وتضاعف قلقهم على مستقبلهم.
ويخشى خبراء من مخاطر الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، واستغلال شبكات التهريب والاتجار بالبشر وفقدان السودان عقولا وأيادي عاملة تحتاجها البلاد لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد الحرب، وتمزق الأسر والتداعيات الاجتماعية المترتبة على ذلك.
وحذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من تدفقات جديدة للاجئين والمهاجرين غير النظاميين من السودان -عبر ليبيا- بسبب فشل الأطراف المتصارعة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال غراندي في تصريح الاثنين الماضي عقب زيارته السودان وإثيوبيا إنه "إذا لم يوقع اتفاق على وقف إطلاق النار في وقت قريب بين الأطراف المتحاربة في السودان، وتعزيز جهود الإغاثة، سيبحث اللاجئون عن ملاذ آمن في الدول المجاورة".
وأضاف "يشعر الأوروبيون بالقلق دوما بشأن المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، وأنا أحذر إذا لم يجر دعم مزيد من اللاجئين النازحين من السودان، أو حتى هؤلاء النازحين داخل السودان، فسنرى تدفقات جديدة تتحرك صوب ليبيا وتونس. لا شك في ذلك".
وتابع المفوض الأممي لشؤون اللاجئين "تعاني البلدان المجاورة للسودان، تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا، عوامل الضعف الداخلية، ولن تكون قادرة على استيعاب مزيد من اللاجئين، وتقديم ما يكفي من الدعم لهم".
وحسب تقديرات رسمية، تصاعد عدد المهجرين من منازلهم نحو 11 مليون سوداني بسبب الحرب حتى نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، منهم 9.2 ملايين نزحوا داخلياً غالبيتهم من ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، بينما لجأ 1.7 مليون إلى دول الجوار.
وتستضيف تشاد 37% من اللاجئين السودانيين، وجنوب السودان 30%، ومصر 24%، ويتوزع ما تبقى على إثيوبيا وليبيا وأفريقيا الوسطى.
ويقدر مسؤول بالداخلية السودانية أن نحو 40% من المواطنين اللاجئين بالدول المجاورة من الشباب، يفكر نصف عددهم على الأقل في الهجرة إلى أوروبا، بعدما فقدوا فرص الدراسة والعمل، وتملكهم الإحباط بسبب تطاول أمد الحرب.
ويوضح المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت أن عدد اللاجئين في تزايد بسبب استمرار الحرب، وثمة تقارير أن مئات الشباب خاصة الذين فروا إلى تشاد وليبيا توجهوا إلى دول أوروبية في هجرة غير منظمة.
ويقول المسؤول السوداني إن بلاده دولة شابة، حيث يبلغ عدد السكان 46.26 مليون نسمة عام 2022، وتعتبر البنية السكانية فتيّة إذ تبلغ نسبة الشباب دون 24 عاماً حوالي 60% من مجمل السكان. ويرى أن هجرة الشباب ستكون خسارة لأنهم عماد المستقبل وركيزة البناء والتنمية.
دروب الهجرة
ويقول "عصام" الذي وصل -بعد مغامرة خطيرة إلى إحدى الدول الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط– إنه خرج من السودان إلى تشاد ثم ليبيا، بينما خاطر بعض زملائه بالسفر إلى النيجر، ثم الجزائر وأخيراً تونس.
ويحكي للجزيرة نت أن بعض الشباب السودانيين فضلوا العمل في مناجم الذهب بالمناطق الحدودية الصحراوية وبعضهم انتقلوا عبر شاحنات صغيرة يستأجرها مُهرّبون من النيجر إلى الجزائر قبل الوصول إلى تونس، حيث صارت مدينة صفاقس مركزاً للمغادرة على طول ساحل البحر المتوسط.
ويضيف "عصام" أن بعض الشباب الذين غادروا من ليبيا ذكروا أن نساء مع أطفالهن رافقوهم في رحلة عبر قوارب مطاطية متهالكة بعد دفع 1500 دولار إلى المهربين، ووصفها بأنها رحلات مخيفة.
من جانبه، يرى الناشط الحقوقي بشؤون الهجرة أبو الحسن سليمان أن السودانيين باتوا يملكون فرصة حقيقية لنيل صفة اللجوء في أوروبا وأميركا الشمالية، بعد الحرب الأخيرة، وتعتبرهم الولايات المتحدة وفرنسا وبلدان أخرى لاجئين شرعيين (نظاميين) وقد وسّعت الحكومة الأميركية نطاق الحماية المؤقتة التي تمنحها للسودانيين والأوكرانيين وصولاً إلى العام المقبل.
ويقول سليمان -في تصريح للجزيرة نت- إن محاكم استئناف فرنسية منحت صفة الحماية المؤقتة لعدد من اللاجئين السودانيين من الخرطوم ودارفور بعد رفض طلبات لجوئهم في البداية، فاعتُبِرت مناطقهم الأصلية غارقة في حالة من العنف، لذلك نشأت سوابق قانونية تمنح كل من يأتي من تلك المناطق شكلاً من الحماية، ولو مؤقتاً.
أوضاع معقدةوترى الباحثة والخبيرة في قضايا الهجرة والتنمية الدكتورة نوال نور الدائم أن الصراع المسلح في السودان يؤثر على الملايين من الناس، وأسهم في إيجاد أوضاع سياسية وأمنية تتسم بالتعقيد، الأمر الذي يمثل تحدياً للمجتمع الإنساني.
وتقول الباحثة -للجزيرة نت- إن السودان شهد خلال الأعوام الخمسة الماضية موجة كبيرة من الهجرة لا سابق لها، نتيجة عوامل متعددة، سياسية واقتصادية اجتماعية ومهنية، شملت الآلاف من أساتذة الجامعات والأطباء والمهنيين وغيرهم، كما فضل الكثير من الشباب ركوب أمواج المجهول والمخاطرة بحياتهم في سبيل الهجرة إلى الدول الأوروبية.
وتتوقع مع استمرار الحرب وتزايد أعداد النازحين واللاجئين -وصعوبة الأوضاع التي يعيشونها، إضافة إلى التطورات التي طرأت على الوضع الاقتصادي للبلاد وسوق العمل- أن تشهد الأسابيع المقبلة تصاعدًا مستمرًا في معدلات الهجرة وسط السودانيين وتنامي الهجرة غير النظامية إلى أوروبا ومختلف دول العالم.
وتدعو الباحثة الاتحاد الأوروبي إلى منهج أكثر جدية تجاه الوضع الحالي في السودان وتقديم الدعم والتمويل اللازم، وتقديم حلول عاجلة لدعم السودانيين ومساعدة النازحين بالداخل واللاجئين في دول الجوار، وتبني سياسة تسمح للمهاجرين السودانيين بسلامة دخول أوروبا حتى لا يتعرضوا للمخاطر.
وقد أطلق الاتحاد الأوروبي، قبل 9 سنوات، شراكة مع السودان عبر "عملية الخرطوم" لمكافحة أسباب وتبعات الهجرة غير النظامية من دول القرن الأفريقي وصارت العاصمة الخرطوم مقراً لإدارة هذه العملية.
ويعتبر السودان مركزًا رئيسيًا للمهاجرين كبلد منشأ وعبور ومقصد، ويربط طرق الهجرة من شرق وغرب أفريقيا إلى الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من اللاجئین فی السودان إلى أوروبا للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
توجيهات من مجلس السيادة بشأن رفاة قتلى الحرب في الخرطوم وتحذير من مخاطر
متابعات تاق برس- وجه عضو مجلس السيادة الانتقالي إبراهيم جابر مساعد قائد الجيش السوداني، رئيس اللجنة العليا لتهيئة بيئة عودة المواطنين إلى ولاية الخرطوم الجهات المعنية بضرورة الإسراع في نقل رفات الذين قتلوا خلال فترة الحرب، خارج المناطق السكنية ومراكز الخدمات.
واكد دعم اللجنة العليا لتوفير المعدات والآليات المخصصة لإصلاح البيئة من أجل تقليل خطر الإصابة بالأمراض.
ترأس عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام رئيس اللجنة العليا لتهيئة بيئة العودة إلى ولاية الخرطوم الفريق مهندس إبراهيم جابر إبراهيم، اجتماع اللجنة رقم 24.
وأشار إلى أن حكومات المحليات تمثل خط الدفاع الأول فى مواجهة تحدي توفير الخدمات وتلبية تطلعات المواطنين، داعيا إلى أهمية توسعة المشاركة الشعبية فى إصحاح البيئة وزيادة الوعي الجمعي بضرورة المحافظة على البيئة وصون الممتلكات العامة.
كما وجه رئيس اللجنة العليا الجهات المعنية بضرورة الإسراع في نقل رفات الذين لقوا حتفهم خلال فترة الحرب، خارج المناطق السكنية ومراكز الخدمات ، مؤكدا دعم اللجنة العليا لتوفير المعدات والآليات المخصصة لإصلاح البيئة من أجل تقليل خطر الإصابة بالأمراض.
وأشاد عضو مجلس السيادة رئيس اللجنة العليا لعودة المواطنين بآداء اللجنة الإعلامية في عكس نتائج عمل اللجان المختلفة وتمليك الرأي العام حقيقة الأوضاع بالولاية.
ووجه بأهمية إتاحة قدر كبير من البرامج والأنشطة الإعلامية لاستطلاع آراء المواطنين وعكس وجهة نظر المهتمين وملاحظاتهم حول آداء اللجنة.
فيما أكد وكيل وزارة المالية الاتحادية د.عبد الله إبراهيم استعداد الوزارة التام للمساهمة في دعم جهود اللجان المختلفة، مبينا أن الوزارة رصدت نحو 481 مليار جنيه لدعم تنفيذ جهود اللجنة وأن الوزارة ملتزمة بسداد مستحقات تأهيل وتشغيل المرافق الخدمية في ولاية الخرطوم وفق البرمجة المالية للإيفاء بالمتطلبات المعنية.
من جانبه، ألمح والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، إلى ظهور النتائج الملموسة لأعمال لجنتي إصلاح مؤسسات القطاع الصحي وإصحاح البيئة في خفض معدلات الإصابة بالأمراض مضيفا أن الولاية مهتمة بقضية إعادة تشغيل مراكز خدمات الرعاية الصحية الأولية إضافة إلى التركيز علي تأهيل المحطات الوسيطة لنقل النفايات بالسعي في توفير آليات ومعدات نظافة جديدة.
وأعرب عن تقديره للجان الأحياء والأجهزة الأمنية التي عملت على نظافة الأحياء والمؤسسات العامة كما جدد الوالي عزم حكومته بالعمل على تحسين شكل العاصمة قبل عيد الاستقلال القادم.
تجدر الإشارة إلى أن إجتماع اللجنة العليا لتهيئة بيئة العودة إلى ولاية الخرطوم رقم 24 ناقش عدد من التقارير المتعلقة بالأداء الشهري للجنة الصحية حول
خطة إصلاح المؤسسات الصحية عبر مراحلها الخمس بتكلفة مالية بلغت نحو 35 مليون دولار توظف فى مجالات شراء الأجهزة والمعدات الطبية إلى جانب إعادة تأهيل المرافق الصحية ومكافحة نواقل الأمراض بالإضافة للإمداد الدوائى والاسعاف المركزي .
حيث أوضح رئيس اللجنة الصحية وزير الصحة الاتحادي د. هيثم محمد إبراهيم، إلى التقدم المحرز في عدد من المحاور و إنخفاض معدلات الإصابة بمرض الملاريا وحمى الضنك ومرض الكوليرا. معلنا عن افتتاح عدد من المستشفيات والمراكز الصحية بنهاية العام الحالي.
واستمع الاجتماع كذلك إلى تقرير اداء لجنة إصحاح البيئة عن شهر نوفمبر فى عدد من المحاور المعنية بالصرف الصحي و تشغيل عدد من محطات الرفع والمعالجة التي تعرضت للتدمير بسبب الحرب مشيرين إلى أهمية توفير المعدات والمتحركات اللازمة لتسيير دولاب العمل.
كما أكدت اللجنة على تأثير الجهود المبذولة فى إنخفاض انتشار الأمراض بفضل المكافحة المستمرة للنواقل وتطرق التقرير إلى إحصائيات نقل رفات الذين لقوا حتفهم خلال فترة الحرب .
ابراهيم جابرالخرطومرفاة قتلى الحرب