لجريدة عمان:
2025-05-15@06:18:48 GMT

طريق النحل

تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT

طريق النحل

ترى من الأجدر بالحب؟ بالوطن؟ بالحياة؟

سؤال عاطفي ووطني ووجودي أيضا.

يتجاوز الفيلم مضمون أغنية فيروز، التي سمي الفيلم عليها تيمنا بها من عودة الحبيب، بل ومضمون مسرحية «ناطورة المفاتيح» من عودة الراحلين من الظلم، إلى ما هو جديد يتعلق بسياق مصير بلادنا المبني على الاختيار.

المعنى المباشر للفيلم، يشبه معنى الأغنية؛ فطريق النحل هو كطريق الطيور، الذي يربطها بمكانها الأول، الذي تستطيع الرجوع إليها مهما ابتعدت، ومهما تنوعت تجاربها في الحياة، بما تحمل من ممكنات الرمز، الذي اتكأ عليه كاتب نصّ الأغنية.

لم أكتف بهذا المعنى؛ فلا أظن أن المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد قد هدف بفيلمه «طريق النحل» هذا المعنى حتى ولو كان جميلا، ذلك أن سياق عام إنتاج الفيلم 2017، يتعلق بسنوات الفتنة الست التي عانت منها سوريا، ولم تنته بعد تضاعف الفترة الزمنية التي مرت. وليست سوريا فقط، بل العديد من الدول العربية التي ضربتها الفتنة، والتي كان من نتائجها نزوح الملايين منها.

بيت قصيد فهم مضمون الفيلم، يتعلق بذلك الصراع النفسي داخل شخصية ليلى التي تجد نفسها محبوبة من ثلاثة أشخاص، ومطلوب منها أن تقرر مصيرها بمن ترتبط.

من هي ليلى (جيانا عنيد) ؟ ومن هم هؤلاء العشاق؟

هي طالبة جامعية فقدت أسرتها في أحداث حمص، لم يعد لها إلا أخوها الأكبر الذي تهاجر معه إلى دمشق، وهناك تبدأ قصة حب مع رمزي (يامن حجلي)، شاب جميل وشهم، فتميل له، لكن في بداية هذا الميل، يعود معها حبيبها السابق الذي ظنت أنه فقد للتواصل معها عبر الإنترنت من مكان لجوئه. ولا تدري هل هي فرحة مع هذه العودة أم لا. أثناء هذا التردد العاطفي، (والمصير)، يطل ثالث، تتعرف عليه من خلال فرصة سنحت لها، للانضمام إلى طاقم فيلم، ألا وهو الممثل سليم (بيار داغر)، فنان مشهور، ثري ولطيف لكنه ستينيّ، ليأخذ الصراع النفسي منحى جديدا. وهؤلاء الثلاثة هم محبوها، كل واحد أحبها بطريقته، ولربما هم الثلاثة صادقون في حبهم، لكن في ظل أزمة الوطن، والبحث عن الخلاص الفردي، فإنها، كما أي إنسان، وبالرغم من صدق مشاعرها، سيكون من الطبيعي أن تبحث عمن يضمن لها حياة مستقرة آمنة.

في الثلث الأخير من الفيلم، يكون الصراع هو الاختيار بين رمزي وسليم، كونهما يعيشان في الوطن، كون عادل الحبيب السابق بعيدا، لكنه يحضر في هذا الصراع، خاصة حين يبعث لها التذكرة والفيزا، للالتحاق إليه في ألمانيا، فتقرر حسما للصراع بين ضلعي المثلث (رمزي وسليم) السفر إلى الحبيب السابق.

الأول، هو الشاب رمزي الذي يعمل في سيارة إسعاف، الذي تفاجأ ليلى وأخوها بكونه مستأجرا جديدا عازبا، داخل البيت الشامي التقليدي ذي الفضاء العام المشترك. لكنهما يفاجآن أكثر بموهبته في تقليد الأصوات، لكن حين تسقط على البيت قذيفة لم تنفجر، ينجح رمزي في تفكيكها وإنقاذهما، فيرتاحان له، وتقع ليلى بحبه. والثاني، هو كما ذكرنا الحبيب السابق الذي أصبح لاجئا، وقاده الحنين لليلى كي تلحق به، (ربما كتعويض عن العودة). والثالث هو الممثل الستيني القادر ماليا على تأمين حياة آمنة لها.

إذن المضمون هنا تتعلق بالمصير كعمق، لا بالعاطفة فقط؛ فثمة علاقة بين المصير العاطفي والوطني، كون المكان أهم أبعاد الشخصية الإنسانية.

كل شخص من الثلاثة يمثل شريحة ما:

- رمزي يمثّل شريحة الشباب الباقين في الوطن، الذين يملكون مستقبل العيش في وطن حرّ كريم.

- عادل الشاب اللاجئ في الخارج، الذي يملك وضعا اقتصاديا يضمن بعض الاستقرار.

- سليم، وهو يمثل الجيل القديم القادر اقتصاديا بما يملك من شهرة ونفوذ، وهو لربما يمثل المنظومات التقليدية في الحكم.

لذلك، وليلى في خضم البحث عن المصير، فإنها رغم اتخاذها قرار الهجرة إلى ألمانيا، فإنها تعود عنه، لتنحاز إلى من هو جدير بحبها ومشاركتها الحياة في الوطن.

تقول ليلى لرمزي على باب المطار بعد قرار العودة: جاي ع بالي نرجع الشام مشي، ليتم اختتام الفيلم بأغنية طريق النحل.

في بلاد يصعب فيها نقد النظم، فإن النقد يصبح تلميحا، وهكذا، فقد نحى الفيلم منحى نقديا تجاه الحاكم والمحكوم، بنقد سياسي واجتماعي حاد، ضمن ما هو ممكن.

وعودة إلى ناطورة المفاتيح، التي استلت منها أغنية طريق النحل، التي عرضت لأول مرة عام 1972م، فإن الراحلين من ظلم الملك، يعودون، تماما كما يعود النحل، فقد جرت أحداث المسرحية، من إخراج شريف صبري، حول ملك (سيرا) الذي أثقل الناس بالضرائب، ليقرروا ترك مكانهم. ولم يبق في المملكة إلا الملك، و(زاد الخير) حارسة المفاتيح، فتقرر أن تبقى وتحرس بيوت المملكة، وتحاور الملك، وتطلب منه العدل حتى يرجع كل الذين غادروا، فيرجع الملك ملكا، وترجع الرعية التي رحلت، وترجع المملكة.

تلك دلالات محتملة، تتعلق بجدارة بالحب والوطن والحياة، باتجاهات عاطفية ووطنية ووجودية أيضا.

من يبق في الوطن يفز بقلب ليلى، ويفز بقلب الوطن، حتى لو طالت معاناته قليلا، لأن كل ذلك مؤقت، ويبقى الوطن ذخرا.

كم هو جميل هذا المعنى الممكن والمحتمل في مضمون فيلم «طريق النحل» السوريّ، الذي يحمل في طيّاته آمالا ثقافية وفنية وسينمائية؛ بما رأيناه من إبداع في الفكرة والتمثيل والإخراج.

إنه المضمون الإبداعي المكتمل الذي استلزم شكلا سينمائيا بسيطا بعيدا عن التعقيد؛ حيث كانت الفكرة وعناصر العمل الفني روافع عالية أدت إلى نجاح الفيلم، والذي يمكن للجمهور بمستوياته المتعددة تلقيه تلقيا حسنا، أكانت قصة تجلت بفيلم رومانسي كوميدي أو عملا عميقا يتعلق بمصيرنا في بلادنا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الوطن

إقرأ أيضاً:

كريم رمزي: الزمالك لن يلعب برعونة ضد بيراميدز.. والأهلي سيعاني أمام سيراميكا

تحدث الإعلامي كريم رمزي، عن مواجهات اليوم في بطولة الدوري المصري الممتاز، ولقاء الأهلي وسيراميكا كليوباترا، والزمالك وبيراميدز، وفرص كل فريق

وقال رمزي ، في تصريحات عبر برنامج لعبة والتانية على راديو ميجا إم إم: مواجهة سيراميكا كليوباترا ثقيلة جدا على الأهلي، والأحمر يعاني من غيابات بالجملة في خط الدفاع، والدفاع سيعاني دفاعيا أمام سيراميكا، وعلي ماهر سيخوض لقاء الأهلي بكل قوة.

وأضاف: على الجانب الأخر مواجهة الزمالك وبيراميدز ستكون قوية للغاية وهي مباراة قمة خاصة في الدوري، وسيكون بها ندية وحماس وتنافسية شديدة، ولاعبي الزمالك لن يلعبوا برعونة مثل ما يتردد أمام بيراميدز والأبيض فريق كبير ويمتلك جهاز فني ولاعبين ومجلس إدارة لا يقبلون اللعي برعونة أمام بيراميدز.

وتابع: جماهير الأبيض تريد تحقيق الفوز على بيراميدز، وأيمن الرمادي مدرب على قدر كبير من الاحترام، ودعونا نستمتع بمواجهة الزمالك وبيراميدز، وفي الوقت الحالي بيراميدز أعلى فنيا من الزمالك، ولكن الأبيض يتمسك بحظوظه في الفوز على بيراميدز من أجل المشاركة في بطولة دوري أبطال إفريقيا الموسم المقبل.

وأختتم كريم رمزي ، تصريحاته قائلا: لقاء الزمالك وبيراميدز ليس لها حسابات وأوقات كثير كان بيراميدز أعلى فنيا والزمالك يستطيع تحقيق الفوز والعكس صحيح، أنا فرحان بالدوري وأريد الحديث عن كرة القدم فقط والاستمتاع بالتنافس الشديد بين الفرق، بصرف النظر عن أي شئ أخر والدوري هذا الموسم له شكل مميز.

طباعة شارك الزمالك نادي الزمالك أخبار الزمالك بيراميدز فريق بيراميدز

مقالات مشابهة

  • رمزي: الأهلي مدين بالفضل لـ ياسر إبراهيم.. والزمالك خُدع بالكونفدرالية
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • كواليس مبهجة وروح إيجابية.. ليلى عز العرب تروي لـ«صدى البلد» أسرار «عايشة الدور»|فيديو
  • ليلى أحمد زاهر تواصل خطف الأنظار بعد الزفاف... وصورة من شهر العسل تضعها في صدارة التريند من جديد
  • كريم رمزي: الزمالك لن يلعب برعونة أمام بيراميدز.. والأهلي سيعاني دفاعيا أمام سيراميكا
  • أيه الحكاية؟.. أحمد سعد وهاني رمزي ينطلقان إلى أستراليا
  • كريم رمزي: الزمالك لن يلعب برعونة ضد بيراميدز.. والأهلي سيعاني أمام سيراميكا
  • كليب "فستانك الأبيض "من زفاف ليلى زاهر وهشام جمال يستمر في حصد ملايين المشاهدات
  • بارزاني في ذكرى ليلى قاسم: رمز نضال المرأة الكوردية بوجه الظلم
  • نيجيرفان بارزاني يستذكر شجاعة ليلى الفيلي: امرأة حرة ومُقاومة