يدهشنى ويستوقفنى دائماً تأمل تصرفات الإنسان قبل وأثناء توليه منصب يخوله إصدار قرارات تتعلق بمصائر وأرزاق الآخرين وخاصة فى مجتمعاتنا المتخلفة المليئة بصور من الشللية الفاسدة والمحسوبيات البغيضة، فهو قبل الوصول إلى المنصب الذى يطمح اليه تجده إنساناً لطيفاً ودوداً يكاد يقبل أيادى المسئولين والوسطاء الذين يتصور أنهم من سيرشحونه أو سيوافقون على ترشيحه أو تأهيله لبلوغ مبتغاه! وما إن يتولى منصبه الجديد تجده يتحول إلى إنسان آخر فيتعالى على الناس ويبدأ فى تصفية حساباته مع الجميع ويتعنت فى اتخاذ قرارات غير مدروسة فيولى المناصب القيادية والمسئوليات المختلفة فى وزارته أو فى الهيئة المسئول عنها لشلته وأصدقائه حتى ينعم بصحبتهم ووجودهم إلى جواره ويغدق عليهم بما لا يستحقون من عطايا ومكافآت فى الوقت الذى يبعد عنه الكفاءات والشخصيات المنافسة التى يتوقع أن تشكل عليه عبئاً فى الرقابة والمتابعة، فضلاً عن إمكانية أن تخلفه فى المستقبل.
إن هذا النوع من البشر والمسئولين أياً كان موقعهم وقوة سلطانهم يتناسون أنهم فى الأساس أدوات للسلطة الحقيقية وأعنى بها سلطة القدر الإلهى، إنهم مجرد لعبة فى يد القدر الذى ينفذ بها الله إرادته فى خلقه! فمن يتصورون أنهم وجدوا لإيذاء هذا الشخص أو ذاك واستبعاده قد يكونون هم من يدفعونه إلى المكان الأكثر لياقة به دون أن يشعروا! وأن ذلك الشخص الذين يولونه منصباً ليس مؤهلاً له أو أهلاً له قد يكون هو المنصب الذى يودى به وبهم جميعاً إلى السجن أو إلى الجحيم!
وكم شاهدت فى حياتى نماذج من أمثال هؤلاء الرؤساء وأصحاب السلطة الذين يتجبرون على الناس ويستخدمون سلطتهم كأداة للمنح والمنع متباهين بذلك ومتصورين أنهم هم مَن يكافئون أو يمنعون، وهم فى واقع الحال لا يملكون من أمرهم شيئاً وكان من الأفضل لهم أن يعتبروا هذا المنصب منحة إلهية جاءتهم ليكونوا أمناء على المسئولية فى خدمة بلدهم وشركائهم فى الوطن، ومن ثم يتقنون عملهم ويختارون الأصلح لتحمّل المسئوليات الأدنى أياً كانت عواطفهم الشخصية وتوجهاتهم العقلية وبعيداً عن القيل والقال والاستماع إلى رفقاء السوء و«كذابين الزفة» ومتقنى النفاق والتملق!، ولأنى كنت مدركاً لكل ذلك ورغم كل ما عانيت من مؤامرات ومكائد فى حياتى الشخصية والمهنية، فقد حرصت أشد الحرص على ألا أنسى أبداً – فى كل ما توليت من مناصب حسب إرادة الله وما كتب لى القدر- أن المنصب ليس منحة أو للوجاهة، بل للعمل وإتقان أداء المسئولية دون نظر لما يمكن أن يأتينى من ورائه من مكاسب أو أرباح! وكم كان الأصدقاء والزملاء على اختلاف درجاتهم ووظائفهم يتعجبون من «ذلك العميد الذى لا يجلس على مكتب، ولا يرغب فى تجديد مكتبه، ولا يسعى لمشاركة أحد فى الكلية التى يرأسها عملاً ليس من اختصاصه، ويستمع للجميع بلا وسائط ولا تمييز، وليس له شلة أو جواسيس على موظفيه.. إلخ»!
أقول ذلك بمناسبة قرب تشكيل مجلس وزراء جديد يقود العمل الوطنى العام فى عصر «الجمهورية الجديدة» وما يترتب على ذلك من تعيينات فى المناصب التراتبية الأدنى، وتحسباً لما يحدث فى مصرنا الغالية من فساد ووساطات فى التعيينات فى الوظائف الكبرى مما يتسبب فى النهاية فى كل ما نعانيه من مشكلات فى كل مجالات حياتنا، إذ إن الكثير منها يتم على قاعدة «أعطى من لا يملك لمن لا يستحق» إلا من رحم ربى!!
إن الحياة السياسية والاقتصادية لن تنصلح فى مصر ولن يأتى الرخاء والتقدم والاستقرار والريادة المنشودة لمصر إلا عبر تغيير السياسات العليا التى على أساسها يتم اختيار القيادات والمسئولين الكبار فهم رأس السلطة التنفيذية ومتخذو القرار، وإن لم يكونوا من الأصل مختارين بموضوعية مطلقة وبكفاءة عالية، ومن أناس لا يخشون فى الحق لومة لائم ولا يسعون إلى تحقيق أى مآرب أو مصالح شخصية، فسنظل نعيش فى مجتمع تحكمه قيم ثقافة التخلف ويعانى الفقر فى كل شىء. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تصرفات الإنسان الناس
إقرأ أيضاً:
ترامب: نحاول التعامل مع إيران دون التورط في قصفها
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن المحادثات مع الصين ستكون جوهرية، موضحًا أنهم يسعون للمنافسة داخل الصين.
وأكد أنهم يريدون من الصين السماح لأعمالهم بالدخول إليها، مضيفًا: قد نخفض الرسوم على الصين ولن تزيد على المستوى الحالي.
وأضاف ترامب أن نموذج الرسوم البالغة 10% هو على الأرجح الحد الأدنى، وأن 10% من الرسوم هو رقم منخفض، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك أرقام أعلى.
كما أكد ترامب أنه يحاول التعامل مع إيران دون التورط في قصفها، وأعلن أنهم قريبون من التوصل لاتفاق بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
من جانبه، صرح وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، أن الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستضيف 5 مليارات دولار من الفرص للمصدرين الأمريكيين.
وأضاف أن تعريفتهم الجمركية البالغة 10% ستظل كما هي، مؤكداً أن المملكة المتحدة ستشتري طائرات بوينج بقيمة 10 مليارات دولار.
وفي هذا السياق، صرح رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، أنه من خلال الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة، ترسل بريطانيا رسالة إلى العالم بأنها مفتوحة للأعمال، مضيفًا أن جميع تخفيضات الرسوم الجمركية كجزء من الاتفاق الاقتصادي مع الولايات المتحدة ستدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن.
كما أكد ستارمر أن الاتفاق يعزز الشركات البريطانية ويمنحها الفرصة لإنقاذ آلاف الوظائف، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة يعد خطوة عظيمة وفي مصلحة كلا البلدين.
اقرأ أيضاًترامب: إعلان وشيك عن هدنة محتملة وتبادل محتجزين فى غزة
هل يستجيب البنك الفيدرالي لتهديدات ترامب بشأن سعر الفائدة؟.. خبير يُجيب