أثير- مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري

اليوم يختتم العراق الدورة 35 لمهرجان المربد ..، وككلّ مشارك أحاول أن أقبض على حلم ما ..أعود به إلى بيتي ..، فوجدت هذا السامق ..واقفا حارسا للبصرة رغم خيانة الجسد بعد أن قطع معه كلّ هذه المسافة بين ميلاده وشيخوخته البادية على ملامحه ..، رأيت الشاعر الكبير والمعلّم الفذّ كاظم الحجّاج في وسط الزحمة المباركة لضيوف المربد .

.، فصعقت كيف أبادره ولم أره منذ مدّة ..، منذ خاتمة القرن الماضي حين كنت من مريدي المربد الشعري العظيم ..، حين تعلمت الشعر منه ..وصقلت موهبتي بسماعه وهو يهدر بقصائده في الناس ..، لقد كان من أوائل الشعراء الذين تأثرت بهم واقتفيت آثارهم ..، المهمّ كيف أقترب منه لكي ألتقط صورة معه وكي أحظى بالحديث والجلوس إليه ..؟ ، ووسط تلك الزحمة المثقفة والنيرة ..رأيت حليفي الشاعر المتميّز راشد عيسى يبادله الكلام ..فقذفت نفسي وكان ما كان من حديث هادف عن الشعر ..، واستشرته في كتابة هذا النصّ التعريفي به لدى الغاوين ..خاصة وهو مكرّم استثنائيا من المهرجان ..وكان لي ما أردت ، لذا أستهلّ هذا الفيض من الحبّ بهذه اللمحات من شعره الذي سيخلد أبدا :

” نحن البصريين
نطفيء الشعر حين ننام..
ونورّق مصباحنا للضيوف “

” نحنُ الكسالى
لم نزرع تفاحاً
ولهذا..
اجّلنا أكل التّفاح.. الى الجنّة “

” واخبرني جنديّ
– مثلي في السبعين-
ولم يُقتل بعد:
حتى بين رصاصات الجنود
رصاصات محظوظة:
تلك التي تخطيء اهدافها
ورصاصات تعيسة :
تلك التي ترتكب امجاد الحروب “

وُلد كاظم الحجّاج بالبصرة سنة 1942، وهو ينحدر من (مدينة الهوير) في البصرة جنوب العراق..، يحمل الحجّاج بكالوريوس شريعة وآداب من كلية الشريعة جامعة بغداد 1976 ، تقاعد بعد ممارسة التدريس لثمانية وعشرين عاما..، وله عدة مؤلفات شعرية منها : مجموعته الشعرية الأولى (أخيرا تحدث شهريار) والتي صدرت ببغداد 1973 . ثم لحقتها مجموعته الشعرية الثانية (إيقاعات بصرية) بغداد 1987. فيما صدرت مجموعة شعرية الثالثة (غزالة الصبا) عمان 1999 . وله أيضا دراسة أنثربولوجية في كتاب بعنوان (المرأة والجنس بين الأساطير والأديان) صدر في بيروت 2002 . ومن بعدها صدرت مجموعته الشعرية الرابعة (مالا يشبه الأشياء) في بغداد 2005 . والخامسة (جدارية النهرين) دمشق 2011…وله أيضا خلاصات السبعين …

وقد كتب للمسرح أربع مسرحيات، عرضت منها ثلاثا، وفازت اثنتان منها بجوائز، يكتب عمودا صحفيا أسبوعيا في صحيفة (الأخبار) البصرية منذ صدورها في آب 2003 عنوانه (بهارات )

قد شغل كاظم الحجّاج كلّ المهتمين بالشعر والأدب ..وحاولوا تصنيفه وتبويبه دون جدوى وكما قال الاستاذ الناقد عبد الهادي الزعر في مقالاته :

” كلما أقرأ للحجّاج او استمع له من على منصة المربد يتملكنى سؤال غريب : في أيّ خانة يصنف هذا البصرى العتيد ؟
اهو سيابىّ بجلباب ناثر ام ماغوطى متمرد خبر سحر المفردة وفعلها فساقها على عواهنها
ام أنّه وثيق الصلة روحيا وفكرياً، بالراهب الكتوم محمود البريكان حين أعد الكؤوس وأنار الأضرحة فى رائعته حارس الفنار استعداداً للقاء ضيفٍ لم يأت..، أم أنه مزيج من أنسى الحاج وسلمان محمد ويوسف الخال وأدونيس و- و..، لا لا – لا هذا ولا ذاك فكاظم لا يمثل إلا كاظم “

ومن ضمن العديد من النقاد والصحفيين ..أقتطف من مقالة شوقي كريم حسن المعنونة ب ” الشاعر كاظم الحجاج ..الشعر بوضوحه الخارق ” هذه الفقرة المتسائلة عن حاجة الإنسانية لأمثاله المبدعين الباحثين عن الجمال والحبّ والعدل والإنسانيّ فينا :
” ماذا يمكن ان تكون عليه الانسانية دون شكسبير وعزرا باوند والسياب وناظم حكمت..، ولربما اخذتني (الماذيات) هذه لتضعني امام تجربة مغايرة، وتملأ اعمارنا بوضوحاتها التحريضية، ماذا لو كان الشعرية العراقية بعد سبعينيات ايامنا المندهسة بالادلجة والحروب ، دون رجل يكاد بمشيته تقبيل أديم بصرته، يحمل اسمين متناهضين تماماً، وأظنه صنعهما بدقة المكتشف .. كاظم.. الحجاج… تلك لعبة الدهشة الأولى، المصحوبة بالسؤال الاول الاشد فتكاً بالوعي الجمعي.. ما الذي يريده الشاعر من الشعر؟”

اسمعوا الحجاج كيف يعاتب الإنسان ..ويوبّخه بطريقة راقية ..ويجعله يكره الحروب وكلّ ما يسيء للعالم :

” إني رجل خاض الحرب

أذكّر أني- وأنا أتقدم أو أتراجع

في الأرض الأخرى-

قد دستُ وروداً.

وقطعت لأجل التمويه، غصوناً

لا أدري كم كانت

ورأيتُ النخل يقُصّ

ولم أحتجّ ولم أذرف دمعًا “

وآخر ما أختم به هذا النصّ الاحتفالي بهذا الهرم الشعري ..هو أن أقول من بعده مردّدا معه

ما صرّح به في حوار سابق : إكتفيتُ بما كتبتُ وأخذتُ من الدنيا ما أشتهيت

أطال عمره الله ..ومنحه القوة والصحة حتّى يكمل هذه المسيرة المباركة ….

وكما قال الدكتور عارف الساعدي ..أنا لا أحبّ النهايات ..بل أحبّ البدايات مثلما دوّن ذلك محمود درويش في حديثه عن الحبّ …، ينتهي المربد في دورته 35 ويعود كلّ ضيف ومشارك إلى صومعته بذكرياته ..، ويشرفني أن أشكر هيئة المهرجان على هذه المجهودات المبذولة لإنجاح هذه الدورة ..وبالتونسي أقول لهم : ” يعطيكم الصحة ” .

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

سمو محافظ جدة يشهد اختتام أعمال “تمرين الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ”

المناطق_متابعات

برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة ونيابة عنه ، شهد صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي محافظ جدة، اليوم، اختتام أعمال “تمرين الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ”، والذي نفذته الهيئة الوطنية للأمن السيبراني على مدى يومين، بمشاركة أكثر من 300 جهة وطنية مثلها أكثر من 800 مسؤول ومختص بمجال الأمن السيبراني، وذلك بحضور معالي محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني المهندس ماجد بن محمد المزيد، وعدد من أصحاب السعادة والمسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص.

وفور وصول سموه، اطلع على عرض يتضمن جهود الهيئة الإستراتيجية في تعزيز الجاهزية السيبرانية للجهات الوطنية المشاركة في موسم حج هذا العام، وتنمية القدرات الوطنية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى ضيوف الرحمن ومنسوبي الجهات الوطنية، بما يسهم في تعزيز الأمن السيبراني خلال موسم الحج، ودعم الجهود الوطنية الرامية إلى تسخير جميع الإمكانات لتقديم أفضل الخدمات لضيـوف الرحمـن.

أخبار قد تهمك انطلاق أعمال «تمرين الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ» 13 مايو 2025 - 5:11 مساءً محافظ الطائف رئيسًا ومحافظ جدة نائبًا في مجلس إدارة جمعية مراكز الأحياء بمنطقة مكة المكرمة بدورتها الخامسة 4 مايو 2025 - 8:22 مساءً

عقب ذلك، بدأ الحفل بالسلام الملكي ثم شاهد سموه والحضور عرضًا مرئيًا عن دور الهيئة في تمكين حماة الفضاء السيبراني السعودي من الإلمام بآخر الأساليب المستخدمة في الهجمات السيبرانية، والتزود باستراتيجيات التعامل معها على المستويين الفني والإداري، عبر منصة متخصصة بُنيت واستُضيفت وشُغلت محليًّا، بالتعاون مع الذراع التقني للهيئة، الشركة السعودية لتقنية المعلومات (سايت)، بما يسهم في مساندة جهود مسؤولي الأمن السيبراني لدى الجهات الوطنية، ودعم آليات العمل في منظومة وطنية متكاملة خلال موسم الحج.

وأشاد سموه بما تُقدمه الهيئة الوطنية للأمن السيبراني والجهات الوطنية المشاركة في موسم الحج، لتعزيز الأمن السيبراني على المستوى الوطني، وحماية المصالح الحيوية، بما يسهم في تقديم خدمات تتسم بالموثوقية والأمان لضيوف الرحمن.

وتُعد الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الجهة المختصة بالأمن السيبراني في المملكة، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى تعزيزه حماية للمصالح الحيوية والبنى التحتية للدولة وأمنها الوطني، إضافة إلى حماية البنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية، والخدمات والأنشطة الحكومية، وبناء القدرات الوطنية المتخصصة في مجالات الأمن السيبراني، والمشاركة في إعداد البرامج التعليمية والتدريبية الخاصة بها.

وفي الختام كرم سمو محافظ جدة الفائزين في تمرين الأمن السيبراني لموسم الحج 1446هـ في المسار الفني

مقالات مشابهة

  • سمو محافظ جدة يشهد اختتام أعمال “تمرين الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ”
  • صندوق النقد الدولي يعلن استعداده لتقديم “مزيداً من القروض للعراق”!
  • نائب إطاري:الوضع الأمني في العراق “مستقراً بأنفاس الزهراء”!
  • اتحاد الكتاب العرب يعلن أسماء الفائزين بجوائز الأدباء الشباب لعام 2024
  • بعد تركيا.. اردوجان يريد حل “العمال الكردستاني” في العالم كله
  • الشاعر خميس المقيمي: لا أكتب لإرضاء الذائقة العامة.. و"وسائل التواصل" أوجدت "وَهم الشعر"
  • “الموارد البشرية” تعزز جاهزية سوق العمل لموسم الحج
  • رشيد:الدفاع عن إيران “واجب مقدس”
  • اليمن تتوج بجائزة «كتارا» لشاعر الرسول وتسطّر حضورًا مميزًا
  • حكومة “أنفاس الزهراء” تقرر تزويد المولدات الأهلية بالوقود