سموتريتش يهاجم مصر والقاهرة تتمسك بمعاهدة السلام
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
"مصر مسؤولة بشكل كبيرعما حصل في السابع من أكتوبر".. "معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وجدت لتبقى".. عبارتان تلخصان جدلا تصاعد اليوم الاثنين بشكل مفاجئ بين إسرائيل ومصر على خلفية ما يجري في قطاع غزة وبالتحديد في مدينة رفح القريبة من الحدود مع مصر.
وكانت البداية مع وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي انتقد الموقف المصري المعارض بشدة لنية إسرائيل شن عملية برية واسعة النطاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال سموتريتش الذي كان يتحدث في اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب الصهيونية الدينية برئاسته، وفق ما أوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن مصر مسؤولة بشكل كبير عن ما حصل في السابع من أكتوبر، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى، وأن حماس تسلحت عن طريقهم.
وطالب سموتريتش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتجاهل الضغوط الأميركية وعدم إرسال وفد إسرائيلي غدا إلى القاهرة من أجل استكمال المحادثات التي تشارك فيها مصر وقطر والولايات المتحدة بشأن التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، وأضاف أن الحل الأنسب لإعادة الأسرى الإسرائيليين هو مواصلة العملية العسكرية.
علاقات طبيعيةفي المقابل، قال وزير خارجية مصر سامح شكري، خلال مؤتمر صحفي مع نظيرته السلوفينية تانيا فايون، بالعاصمة لوبليانا مساء الاثنين، إن بلاده مستمرة في العمل بـ "اتفاقية السلام" وعلاقات طبيعية مع إسرائيل.
وكانت القاهرة حذرت في اليومين الماضيين من تصاعد الأحداث في رفح مؤكدة أنها تنذر بتدهور الأوضاع في قطاع غزة، وبتداعيات وخيمة، مع تهديد إسرائيل بشن عملية عسكرية بالمدينة المتاخمة للحدود المصرية.
ونشرت وسائل إعلام أميركية بينها وكالة أنباء أسوشيتد برس وصحيفتا وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز السبت أن القاهرة حذرت من إمكانية تعليق معاهدة السلام، إذا أرسلت إسرائيل قوات إلى رفح الفلسطينية، المتاخمة للحدود المصرية، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن وول ستريت جورنال التحذير ذاته.
لكن وزير الخارجية المصري رد على سؤال لأحد الصحفيين بهذا الخصوص، قائلا: "دعني أكون واضحا، ليس لدي تعليقات كثيرة بشأن تلك المصادر التي تتحدث في الإعلام حيال هذا الأمر… على مدار الـ40 عاما السابقة كانت هناك علاقات طبيعية (مع إسرائيل)، وسوف نستمر في فعل المزيد، كنوع من طرق المعالجة لهذا الأمر (حرب غزة)".
وتابع شكري: توجد اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، وهي سارية على مدار الـ40 عاما السابقة، ونحن نتعامل بثقة وفاعلية وسوف نستمر في هذا الأمر في هذه الحقبة، وأي تعليقات قد نطق بها بعض الأفراد ربما تكون قد شوهت الأمر.
وبدورها، نقلت قناة "كان" الإسرائيلية عن وزير الخارجية المصري سامح شكري قوله إن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وجدت لتبقى.
يذكر أن مصر وإسرائيل وقعتا معاهدة سلام بواشنطن في 26 مارس/آذار 1979، وذلك عقب اتفاقية كامب ديفيد التي وقعت بين الجانبين في 1978، وأبرز بنودها وقف حالة الحرب، وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء، وإبقاء المنطقة منزوعة السلاح.
وتشهد رفح منذ أيام تصاعدا للاعتداءات من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي شن غارات عنيفة راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، في تجاهل إسرائيلي واضح للتحذيرات الدولية من عواقب إنسانية للتحرك العسكري نحو المدينة المكتظة بالنازحين.
ومنذ 129 يوما، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت حتى الاثنين 28 ألفا و340 شهيدا و67 ألفا و984 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفق بيانات فلسطينية وأممية، مما أدى إلى محاكمة إسرائيل بتهمة جرائم إبادة جماعية لأول مرة منذ تأسيسها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معاهدة السلام مصر وإسرائیل قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي؟
أعلن رئيس البرلمان الإیراني، محمد باقر قالیباف، يوم الأربعاء، الموافقة على قرار تعليق تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسط تهديدات من قبل مسؤولين في البلاد بانسحاب طهران من معاهدة حظر الانتشار النووي، رداً على القصف الأميركي والإسرائيلي لمنشآتها النووية.
ويتضمن قرار البرلمان الإيراني منع تركيب كاميرات مراقبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في المنشآت النووية الإيرانية، ويحظر دخول مفتشي الوكالة إلى البلاد. كما يُجرّم تقديم أي تقارير إلى الوكالة من قبل الحكومة الإيرانية.
كما يمهد هذا القرار عملياً لانسحاب إيران رسمياً من معاهدة حظر الانتشار النووي.
"الهجمات تشكل انتهاكاً واضحاً"
وکان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، عباس غولرو، قد قال الأحد الماضي، عقب الهجوم الأميركي على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان أن لإيران الحق القانوني في الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) استناداً إلى المادة العاشرة.
كذلك أضاف غولرو أن "هذه الهجمات تشكل انتهاكاً واضحاً للالتزامات الدولية، ويمكن لإيران دراسة وتنفيذ الخيارات القانونية والدولية للرد".
في المقابل طالب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، باستئناف عمليات التفتيش، مشدداً على أن "تعاون إيران مع الوكالة جزء مهم من الاتفاق الدبلوماسي لإنهاء التوترات بشأن أنشطتها النووية".
وتتواجد مجموعة من مفتشي الوكالة حالياً في إيران، لكن لا يُسمح لهم بدخول المواقع النووية لتقييم الأضرار الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية والأميركية.
ویعني تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي نهاية التزامها الرسمي بالامتناع عن تطوير الأسلحة النووية، وهي خطوة تكرر طهران على أن لا مكان لها في سياساتها.
منذ عهد الشاه
وكانت إيران منذ عهد الشاه في السبعينيات من القرن الماضي من أوائل الدول الموقعة على المعاهدة. وبانضمامها إليها، تعهدت طهران بالامتناع عن بناء الأسلحة النووية وعدم استخدام الطاقة النووية إلا للأغراض السلمية، مثل إنتاج الطاقة.
في تلك السنوات نفسها، بدأت إيران والولايات المتحدة تعاونهما النووي من خلال "برنامج الذرة من أجل السلام"، وهو شعار الرئيس الأميركي آنذاك، دوايت أيزنهاور. ويُعد مفاعل طهران البحثي، أول تعاون نووي بين طهران واشنطن.
لكن عقب ثورة 1979، وصفت الحكومة المؤقتة برامج الشاه النووية بـ"الخيانة"، وأعلنت عن خطط لتحويل مفاعل بوشهر، الذي لم يكتمل بناؤه آنذاك، إلى صومعة لتخزين الحبوب. ومع السيطرة على السفارة الأميركية في طهران واحتجاز موظفيها كرهائن، فرضت إدارة جيمي كارتر عقوبات على إيران، وأنهت التعاون النووي بين البلدين منذ ذلك الحين حيث احتجت الحكومات الإيرانية على قطع المساعدة التقنية الأميركية لتطوير البرامج النووية للبلاد.
وفي مختلف المراحل، صرّح رؤساء إيران بأن رفض واشنطن تقديم المساعدة وعرقلة مساعدة الدول الأخرى لإيران يعد انتهاكاً لالتزامات الولايات المتحدة بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
"تكرار للنهج الذي اتبعته كوريا الشمالية"
إلى ذلك ينظر المجتمع الدولي إلى انسحاب إيران المحتمل من معاهدة حظر الانتشار النووي على أنه تكرار للنهج الذي اتبعته كوريا الشمالية، قبل نحو عقدين أي البدء الفوري في بناء واختبار الأسلحة النووية.
وأدت التصريحات المتكررة للمسؤولين الإيرانيين حول ضرورة امتلاك أسلحة نووية إلى تزايد الشكوك حول النوايا الحقيقية لطهران في تطوير برنامجها النووي السلمي.
كما أن هناك اتهامات منذ سنوات لإيران حول سعيها لصنع أسلحة نووية بسبب انتهاكاتها العديدة للوائح الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة عقب عثور الوكالة على ذرات ومواد يشتبه في أنها تستخدم لصنع أسلحة نووية.
كذلك من تداعيات انسحاب إيران المحتمل من المعاهدة هو إنهاء التعاون كلياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يعني عدم وجود أي آلية رقابة على الأنشطة النووية، ما سيزيد الشكوك حول نوايا طهران، وبالتالي إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي.
وفي حال أحيل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن، فذلك يفتح الباب أمام أي عمل عسكري إذا تبنت دول كبرى عضو في المجلس مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا وفرنسا من أجل القضاء على إمكانيات صنع السلاح النووي.
ومن تداعيات انسحاب طهران من المعاهدة هو دفع الدول نحو سباق تسلح إقليمي لشعورها بالخطر ولحماية نفسها من أية تهديدات مستقبلية.
مصير احتياطيات اليورانيوم المخصب
يشار إلى أن نقطة الجدل الأساسية الآن هي حول مصير احتياطيات اليورانيوم المخصب بنسبة عالية، حيث تتهم دول غربية إيران بامتلاك أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وهذه الكمية تقرّبها من إنتاج سلاح نووي، الأمر الذي تنفيه إيران دائماً.
ورغم التأكيد الأميركي على إعادة البرنامج النووي الإيراني عقوداً للوراء، فإنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت هجمات الولايات المتحدة قد قضت بشكل كامل على قدرة إيران على تحويل هذه المواد إلى رؤوس حربية، خاصة في مواقع فوردو وأصفهان ونطنز.
وفي تقريره إلى مجلس الأمن الدولي، يوم السبت، صرّح غروسي بأن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أرسل إليه رسالة في اليوم الأول من الحرب مع إسرائيل، مفادها أن احتياطيات اليورانيوم المخصب بنسبة 60% ستُنقل إلى موقع آخر. وقال غروسي إن الوكالة لا تعرف مكان حفظ هذه الاحتياطيات حالياً.
ويبدو أن مصير هذه الكمية من اليورانيوم أساس التوترات المستقبلية بشأن الملف النووي، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
"فتوى تتناسب مع المرحلة"
ولطالما استند المسؤولون الإيرانيون إلى فتوى المرشد علي خامنئي، والتي تعتبر إنتاج وحيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل، كالقنابل النووية "حراماً" في معرض ردهم على الاتهامات حول الأبحاث النووية المشبوهة أو خطر إنتاج سلاح نووي وراء النسب العالية لتخصيب اليورانيوم.
لكن مع تصاعد الصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة، ارتفعت أصوات تطالب خامنئي بإصدار فتوى تتناسب مع المرحلة وحجم التهديدات، لدرجة أن بعض المسؤولين ومن بينهم مستشارون لخامنئي تحدثوا صراحة عما سمّوه "تغيير العقيدة النووية"، ما بدا تمهيداً للخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي.