طرحت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دولة مصر، لأول مرة في ظل نظام عبد الفتاح السيسي، تساؤلات عن تأثير الخطوة على حلحلة الأزمة الليبية، كونها من الملفات العالقة بين البلدين.

وأكد السيسي خلال مؤتمره المشترك مع أردوغان، أن الملف الليبي تصدر أجندة المباحثات بين الطرفين، وأنهما اتفقا على ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين حول الملف الليبي، بما يساعد على عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتوحيد المؤسسة العسكرية، مشيرا  إلى أن نجاح القاهرة وأنقرة في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، سيمثل نموذجا يحتذى به.



في حين، أكد أردوغان اتفاق البلدين على مسألة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، ودعم مسار الحل السياسي والترحيب بالتفاهمات التي تجري بشأن شرق المتوسط.

وجرى الحديث مؤخرا عن تقديم مصر مبادرة بتوافق تركي، تقضي بدمج الحكومتين "الدبيبة وحماد" في حكومة واحدة تشرف على الانتخابات، على أن يتم التفاوض بين المعسكرين حول الوزارات السيادية.

فما جدية وتأثير التقارب المصري التركي على حل الأزمة الليبية، خاصة ما يتعلق بالانتخابات وأزمة توحيد الحكومتين؟

"دور مصري قوي"
من جهته، قال وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي إن "دور مصر في المنطقة محوري ومطلوب كون مصر هى قلب الأمة العربية النابض بغض النظر عن موقف الحكومة مما يحدث فى غزة، ورغم ذلك فهي تحاول إنقاذ ما تبقى من أزمات ومنها ليبيا، أما تركيا فهي بلد مصالح ولها تاريخ غير مشرف تجاه ليبيا منذ عهد الدولة العثمانية"، وفق كلامه.

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "ما اتفق عليه أردوغان والسيسي بخصوص الانتخابات وتوحيد الجيش وإخراج المرتزقة والجانب هي محاور هامة وهي لب المشكلة التى يواجهها الشعب الليبي والتى لم يتم الاتفاق عليها بعد سواء من الداخل او تدخل بعض الدول".



وأضاف: "الشعب ينظر إلى الانتخابات أنها الحل لوضع حد للحكومات المؤقتة المتعاقبة ويأمل أن يرى جيشا موحدا وألا يكون هناك قوات منقسمة بين الشرق والغرب، أما تواجد قوات أجنبية ومرتزقة فوق أراضي ليبيا فهو انتقاص من سيادة البلاد"، كما قال.

"تداعيات إيجابية وحل قادم"
في حين، رأى عضو مجلس النواب الليبي، صالح فحيمة أن "التوافق المصري التركي حول الملف الليبي سيكون له انعكاسات إيجابية وسيساهم في التسريع من إيجاد الحل الجذري إذا ما تضافرت باقي الظروف المحلية والدولية، خاصة أن المحاور التي تم التوافق حولها بين الرئيسين بخصوص ليبيا هي أساس المشكل الليبي وبإيجاد حلول مناسبة لها سيستعيد الليبيون زمام دولتهم وستشهد البلاد تحسنا في كافة الأصعدة".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "عودة العلاقات إلى طبيعتها بين مصر وتركيا سيكون باعث للأمل بين الليبيين وسيدفعهم إلى استغلال هذا التقارب من أجل تحقيق مصالح بلادهم، كون دور مصر محوري وأساسي في إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف السياسية الليبية من خلال استغلال العلاقات الطيبة مع كافة الأطراف خاصة في شرق البلاد، وكذلك دور تركيا التي لا تخفي ميولها للأطراف السياسية في غرب البلاد"، حسب قوله.

وتابع: "إذا ما تبنت مصر وتركيا مبادرة سياسية واضحة المعالم ومحددة الهدف وبجدول زمني محدد سوف تستطيعان معا تسويق ذلك دوليا وإيجاد القبول المحلي له"، وفق تقديراته.

"فشل وعدم اتفاق أو جدية"
في المقابل، رأى عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة أن "التقارب ظاهريا بين تركيا ومصر لن تكون له تداعيات إيجابية على الوضع القائم في ليبيا لاختلاف مصالح البلدين واختلاف رؤى الحل للقضية الليبية، فمصر ترى ضرورة أن تحكم ليبيا بنظام عسكري يدعم نظرية الحكم لديها وتركيا ترى أن المسار الديمقراطي هو الحل الأمثل لواقع متردي".

وأشار إلى أنه "من الصعب أن يتفق البلدان على مبادرة واحدة للحل تجاه ليبيا لأن أحد أهم وأكبر خلافاتهما هي الاتفاقية البحرية بين ليبيا وتركيا من جانب وترسيم الحدود البحرية بين مصر وليبيا من جانب واحد وهي مصر دون الإعتراف بحقوق تركيا البحرية والتي ستحرمها من مئات الكيلو مترات المربعة"، بحسب رأيه.



واضاف في تصريح لـ"عربي21": "أضف إلى ما سبق الخلاف على الوجود العسكري التركي في ليبيا وكذلك عدد كبير من المعارضة المصرية في تركيا كل هذه العوامل لن تسمح للطرفين أن يلعبا دورا مهما في ليبيا لإخراجها من أزمتها، كذلك هيمنة دول كبرى على الملف الليبي والتي لن تسمح لمصر وتركيا بلعب دور كبير إلا بقدر حجمهما"، كما رأى.

"أين الأمم المتحدة؟"
عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي والبرلمان، ربيعة بوراص قالت من جانبها إنه "من الجيد أن نرى اليوم تقدم في العلاقات بين مصر وتركيا مما يسهم في استقرار المنطقة ويسهل العديد من الصعوبات والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية".

ورأت أن "الملف الليبي تم تناوله بين الطرفين بشكل عام وفي إطار خطة الأمم المتحدة التي تتحدث عن الانتخابات، لكن الواضح أن التقارب المصري التركي اليوم يركز على إيجاد حلول تنهي الحرب على غزة وتحافظ على توازن العلاقات في الشرق الأوسط، وهذا النوع من التقارب يلعب دورا مهما في ملف النفط والنزاعات في منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط"، بحسب تصريحها لـ"عربي21".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر السيسي ليبيا تركيا ليبيا مصر السيسي تركيا أرودغان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الملف اللیبی مصر وترکیا فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

التحالف الباكستاني الإيراني: أبعاد استراتيجية تزعج العدو الصهيوني وتعيد رسم توازنات المنطقة

يمانيون / تقرير / خاص

في تحول لافت في خارطة التحالفات الإقليمية، برزت باكستان بموقفها المساند لإيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير، مثيرةً تساؤلات واسعة حول أبعاد هذا الاصطفاف وتداعياته المحتملة على موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط. ففي ظل تصاعد التوترات بين طهران وتل أبيب، جاء الدعم الباكستاني ليعكس ديناميكيات استراتيجية جديدة تتجاوز البعد الديني أو الأيديولوجي، وتفتح الباب أمام إعادة تموضع جيوسياسي ذي طابع أمني واقتصادي .

لا يمكن قراءة هذا الموقف الباكستاني بمعزل عن السياق الدولي المتشابك، إذ تتقاطع فيه مصالح كبرى لقوى عالمية، وتلعب فيه باكستان دورًا حساسًا بحكم موقعها الجغرافي وعمقها الإسلامي وتأثيرها النووي. ومن هنا، يسلط هذا التقرير الضوء على الخلفيات والدوافع الكامنة وراء هذا الموقف، ويستعرض انعكاساته على العلاقات الإقليمية، خصوصًا مع دول الخليج، وعلى توازن القوى الدولي، في وقت يشهد فيه العالم إعادة تشكيل واضحة للخرائط السياسية والأمنية.

الأبعاد الاستراتيجية

الموقف الباكستاني المساند لإيران لا يقتصر على رد فعل عابر تجاه أزمة آنية، بل يحمل في طياته رسائل استراتيجية تتعلق بتعزيز النفوذ الإقليمي، وتشكيل تكتلات مضادة للهيمنة الغربية والإسرائيلية في المنطقة. فالدولتان، ورغم خلافاتهما التاريخية، تقتربان اليوم من معادلة أمنية تتقاطع فيها مصالح كبرى: حماية الحدود، منع اختراقات إرهابية، ومواجهة الضغوط الخارجية.

من أبرز الدوافع الباكستانية، إدراكها أن الخطر الصهيوني لا يهدد إيران وحدها، بل يمتد ليشملها مباشرة، خاصة بعد التصريحات العلنية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي أكد في مقابلة تلفزيونية أن إسرائيل “لن تسمح لإيران أو باكستان بامتلاك سلاح نووي يُهدد وجود إسرائيل في المنطقة”. هذا التصريح اعتبرته إسلام آباد تهديدًا واضحًا وصريحًا بأن باكستان ستكون في مرمى الاستهداف الإسرائيلي، وربما الدولي، بمجرد تحييد إيران.

من هذا المنطلق، ترى باكستان أن التحالف مع إيران يمثل خطوة استباقية في سياق ردع التهديدات الإسرائيلية، وأن تقوية الجبهة الشرقية الإسلامية هو أحد السبل الممكنة لتقليل الضغط الاستراتيجي المفروض عليها. كما يُسهم هذا التقارب في إيصال رسالة مفادها أن أي محاولة لعزل إيران نوويًا أو عسكريًا، ستُقابل بإعادة تموضع إقليمي مضاد قد يشمل تحالفات نووية كامنة، لا سيما أن باكستان هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحًا نوويًا معلنًا.

الانفتاح الباكستاني على إيران يُقرأ أيضًا ضمن محاولة إسلام آباد تقوية أوراقها التفاوضية مع الولايات المتحدة والصين على حد سواء، من خلال لعب دور الوسيط أو “الوازن الإقليمي” القادر على التأثير في أكثر من ملف ساخن، من أفغانستان إلى اليمن.

الأبعاد العسكرية

في الآونة الأخيرة، سجل المراقبون خطوات فعلية لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، شملت زيارات رفيعة المستوى وتفاهمات حول مكافحة الإرهاب، وضبط الحدود، وتطوير الصناعات الدفاعية المشتركة. وقد أعلنت مصادر عسكرية باكستانية وإيرانية عن نية البلدين إجراء تدريبات مشتركة في مناطق حدودية حساسة، وهو مؤشر واضح على تحول التعاون من الطابع الاستخباراتي إلى التنسيق الميداني.

في هذا السياق، يخشى كيان العدو من أن يؤدي هذا التقارب إلى توسيع نفوذ طهران في محيطها الجغرافي، وربما يفتح الباب لتوفير قنوات إمداد جديدة لفصائل المقاومة المسلحة، خصوصًا في حال توسع هذا المحور ليشمل أطرافًا مثل تركيا أو قطر.

الأبعاد السياسية والدبلوماسية 

على الصعيد السياسي، يشكل هذا التقارب تحديًا جديدًا للحسابات الصهيونية في المنطقة. فباكستان، الدولة الإسلامية النووية الوحيدة، طالما تبنت موقفًا رماديًا إزاء الصراع العربي الإسرائيلي، لكن مواقفها الأخيرة بدأت تتجه نحو تبنٍّ أوضح للمواقف الإيرانية، خصوصًا فيما يتعلق برفض التطبيع، وإدانة العدوان الصهيوني على غزة وسوريا.

من وجهة النظر الصهيونية، فإن هذا التحول الباكستاني يمثل خطرًا استراتيجيًا يتمثل في احتمال تشكل “طوق ضغط إسلامي” حول إسرائيل من أطراف تمتلك أدوات حقيقية في السياسة والأمن. كما تخشى تل أبيب من أن يوفر هذا التنسيق غطاء دبلوماسيًا أو حتى عسكريًا لبرامج طهران النووية أو دعمها لحركات المقاومة.

نظرة العرب ودول الإقليم إلى التقارب الباكستاني مع إيران

يُثير التقارب بين باكستان وإيران ردود فعل متباينة في الأوساط العربية والإقليمية، حيث تنظر العديد من الدول الخليجية بعين الحذر إلى هذا التحالف، نظراً إلى الخلفيات التاريخية المتوترة مع إيران، ولا سيما في ظل مخاوف مزمنة من التوسع الإيراني في المنطقة عبر أذرع عسكرية ومذهبية.

دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، ترى في هذا التقارب تهديدًا محتملاً للتوازن الإقليمي، وقد يُضعف علاقاتها الاستراتيجية مع إسلام آباد، التي لطالما اعتمدت عليها في الإسناد العسكري والسياسي. أما قطر وسلطنة عمان، فتبدو مواقفهما أكثر توازنًا، بالنظر إلى نهجهما الدبلوماسي القائم على الحوار وتخفيف الاستقطاب.

من جانب آخر، تراقب تركيا هذا التقارب بعين الاهتمام، إذ يتقاطع مع طموحاتها في تشكيل محور إقليمي مستقل عن الغرب. كما تبدي الهند قلقًا من هذا التقارب، الذي قد يُخل بتوازنات أمنية حساسة على حدودها الغربية. أما القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فترى في هذا التحالف مسارًا مقلقًا يُعقّد استراتيجيات احتواء إيران، ويزيد من هشاشة البيئة الإقليمية.

أثار العدوان الإسرائيلي المتكرر على منشآت داخل إيران ردود فعل دولية متباينة، إلا أن الموقف الباكستاني كان لافتًا. حيث صرح وزير الدفاع الباكستاني بأن “الرد على اعتداءات العدو الصهيوني حق مشروع لإيران” وأن باكستان مستعدة للتدخل العسكري ضد إسرائيل ، وبالرغم أن باكستان لا ترتبط بتحالف عسكري رسمي مع إيران، إلا أن الإيحاء بإمكانية تدخل نووي، حتى ولو رادعًا، يعيد تشكيل توازنات القوة في المنطقة. هذا التصعيد المحتمل يمثل نوعًا من الردع الممتد، الذي لم يسبق لباكستان أن مارسته خارج محيطها الجغرافي المباشر. وهذه التصريحات تمثل رسالة إلى كيان العدو بأن استخدام القوة القصوى ضد إيران قد يستجلب رد فعل نووي من قوة إسلامية أخرى وسيؤدي حتماً إلى تعقيد الحسابات العسكرية للعدو الإسرائيلي في أي مواجهة شاملة مع إيران.

خاتمة 

الموقف الباكستاني الداعم لإيران في وجه العدوان الإسرائيلي الأخير لا يمكن النظر إليه كتحرك عابر، بل هو نتاج حسابات معقدة تنبع من رغبة باكستانية في استعادة دورها الإقليمي، ومن حاجة إيرانية لشركاء جدد وسط تصاعد الضغوط. ومع استمرار التقارب بين البلدين، سيبقى هذا التحالف أحد أبرز المتغيرات التي من شأنها إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، وربما تغيير شكل الاصطفافات الدولية في صراعات الشرق الأوسط القادمة.

مقالات مشابهة

  • التقارب مع إثيوبيا -لعبة المخابرات
  • إيران تحذر من الرد على إسرائيل وتركيا تعرض وساطة لوقف التصعيد
  • كتلة التوافق بمجلس الدولة: على الأمم المتحدة إعادة هيكلة بعثتها في ليبيا   
  • عاجل| ???? أردوغان: ضرب إيران يهدد الشرق الأوسط.. وتركيا مستعدة للتدخل والوساطة
  • عقيلة يناقش مع سفير اليونان سُبل إنهاء الأزمة الليبية
  • التحالف الباكستاني الإيراني: أبعاد استراتيجية تزعج العدو الصهيوني وتعيد رسم توازنات المنطقة
  • لنقي: البعثة الأممية ليست جدية في حل الأزمة والحل بيد الليبيين
  • أردوغان وبوتين يتفقان: “العودة الفورية للمفاوضات تنقذ الشرق الأوسط من كارثة”
  • القاهرة وواشنطن تؤكدان دعم الحل السياسي في ليبيا واحترام سيادة الدول
  • خليفة أحواس: البعثة الأممية تواصل تدوير الأزمة الليبية