ما حقيقة تمديد جيش الاحتلال لحربه في غزة إلى 6 أسابيع إضافية؟
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه الوحشية في قطاع غزة لليوم الـ136 على التوالي، وسط تهديدات بتوسيع العملية العسكرية البرية لتصل مدينة رفح جنوب القطاع، والتي تؤوي أكثر من مليون نازح.
ورغم الجهود الدبلوماسية وحراك الوسطاء المستمر لوقف إطلاق النار، وعقد صفقة تبادل أسرى جديدة، إلا أن قادة الاحتلال يتمسكون بخيار شن عملية عسكرية في رفح، وهو ما أكده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وشريكه في مجلس الحرب بيني غانتس.
ونقلت وكالة "رويترز" عن أربعة من المسؤولين المطلعين على الخطط الإسرائيلية، توقعاتهم بمواصلة العمليات العسكرية الشاملة في قطاع غزة لمدة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع إضافية، تزامنا مع الاستعداد للعملية البرية في رفح.
تدمير قدرات حماس
وقال المسؤولون إن "القادة العسكريين الإسرائيليين يعتقدون أن بإمكانهم إلحاق ضرر كبير بما تبقى من قدرات حركة حماس خلال هذه الفترة، ما يمهد الطريق للتحول إلى مرحلة أقل كثافة في الضربات الجوية المستهدفة وعمليات القوات الخاصة".
وأشارت "رويترز " إلى أن المسؤولين هم إسرائيليان ومسؤولان آخران في المنطقة، طلبوا عدم ذكرهم بالاسم للتحدث بحرية.
آفي ميلاميد المسؤول السابق في مخابرات الاحتلال والمفاوض في الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية في الثمانينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قال إن "الفرصة ضئيلة في أن تستجيب حكومة نتنياهو للانتقادات الدولية وتلغي الهجوم البري على رفح".
وأوضح أن "رفح هي آخر معقل لسيطرة حماس، ولا تزال هناك كتائب فيها، ويجب على تل أبيب تفكيكها، لتحقيق أهدافها في هذه الحرب".
وشدد على أن سبب تأخير عملية رفح، مرتبط بشكل أساسي بسيناريو تقديم حركة حماس تنازلات في المفاوضات، وإطلاقها سراح الرهائن الذين تحتجزهم منذ السابع من أكتوبر.
واستدرك بقوله: "حتى ذلك لن يؤدي إلى تأخير التقدم نحو رفح، ما لم يقترن بنزع السلاح في المدينة، واستسلام كتائب حماس العسكرية هناك".
وكان وزير جيش الاحتلال أكد الجمعة، أنه يجري التخطيط للعملية في رفح، لاستهداف مقاتلي حماس ومراكز القيادة وأنفاق الحركة، مشيرا إلى أنه يجري اتخاذ إجراءات استثنائية، لتجنب الخسائر البشرية من المدنيين، فيما لم يحدد جدولا زمنيا للعملية.
"رصيف عائم"
وقال مصدر إسرائيلي آخر إن "تل أبيب يمكنها أن تبني رصيفا عائما إلى الشمال من رفح، لإتاحة وصول المساعدات الدولية والسفن المجهزة كمستشفيات عن طريق البحر".
ونقلت "رويترز" عن مسؤول بجيش الاحتلال، أنه لن يتم السماح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة بشكل جماعي، ما يترك الأراضي الزراعية في محيط مدينة رفح خيارا لمخيمات النازحين المؤقتة.
وذكرت ثلاثة مصادر أمنية في مصر لـ"رويترز"، طلبت عدم نشر أسمائها بسبب حساسية الأمر، أن القاهرة تمهد منطقة على حدود غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين كإجراء طارئ إذا أدى الهجوم الإسرائيلي على رفح إلى نزوح جماعي عبر الحدود.
في المقابل، نفت الحكومة المصرية بإجراء أي استعدادت لاستقبال النازحين من رفح، فيما أكد وزير جيش الاحتلال غالانت أن "تل أبيب ليس لديها أي نية لإجلاء المدنيين الفلسطينيين إلى مصر".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة رفح الحرب غزة الاحتلال رفح الحرب طوفان الاقصي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
آلية الاحتلال للمساعدات في غزة .. أداة لتهجير السكان وترسيخ السيطرة العسكرية
الثورة / متابعات
مع إعلان الاحتلال الإسرائيلي اقتراب موعد بدء آليته لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، ترتفع التحذيرات من خطوة هذه الآلية ودورها كأداة لتهجير السكان وترسيخ السيطرة العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
يؤكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ الآلية الإسرائيلية الجديدة، المزمع تشغيلها الأسبوع الجاري، صُمّمت في جوهرها لاضطهاد السكان الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا من أجزاء واسعة من القطاع، وترسيخ السيطرة العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي عليه، فضلًا عن كونها محاولة لتضليل الرأي العام العالمي الذي بدأ يلتفت أخيرًا إلى الواقع الإنساني الكارثي في غزة.
أداة سيطرة
المعلومات المتوفرة حول الآلية الإسرائيلية تشير بوضوح – وفق المرصد- إلى أنها صُمّمت كأداة سيطرة قسرية على السكان المدنيين، تقوم على تقديم طرد مساعدات واحد فقط أسبوعيًا لكل عائلة، بكمية محدودة، وبشروط أمنية تقييدية، في انتهاك صريح لمبدأ عدم التمييز، ولمعيار الكفاية والاستمرارية في المساعدات الإنسانية.
ومن المنظور الحقوقي؛ فإنّ هذه الآلية لا تفي بأي من شروط الإغاثة المحايدة والفعّالة، بل تُستخدم وسيلة لإخضاع المجتمع الفلسطيني عبر التحكم في مقومات بقائه الأساسية.
وأوضح المرصد الحقوقي أنّ هذه الآلية وُضعت لدفع سكان محافظة شمالي غزة ومحافظة غزة – اللتين تضمان قرابة نصف عدد سكان القطاع – إلى النزوح القسري نحو مناطق الوسط والجنوب، حيث تتركز نقاط التوزيع، إلى جانب إخضاع جميع أرباب الأسر لفحص أمني دقيق، بما يعرّضهم لخطر الإخفاء القسري أو الاعتقال التعسفي، لا سيما في ظل تمركز قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب نقاط التوزيع وعلى امتداد الطرق المؤدية إليها.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ الآلية الإسرائيلية تفتقر من حيث الأساس إلى أي شرعية قانونية أو إنسانية، إذ تنتهك قواعد القانون الدولي وأبسط معايير العمل الإغاثي، وتستغل المساعدات كأداة للسيطرة والتهجير، فضلًا عن كونها غير قابلة للتطبيق فعليًا، إذ خصص جيش الاحتلال أربع نقاط تسليم فقط لأكثر من مليوني شخص محاصرين في قطاع غزة، في ظل منع شامل لدخول المساعدات والبضائع منذ الثاني من آذار مارس الماضي.
وأكد الأورومتوسطي أنّ هذا التوزيع المحدود لا يعبّر عن أي استجابة إنسانية، بل يُمثّل سياسة متعمدة لإدارة الجوع دون إنهائه، عبر التحكم المنهجي في تدفق الغذاء المحدود لإبقاء السكان في حالة عوز دائم، واستغلال حاجتهم للغذاء كوسيلة للضغط والسيطرة والتهجير القسري.
نقاط توزيع تحت السيطرة
وبحسب المعلومات المتداولة، أنشأ جيش الاحتلال الإسرائيلي نقطة توزيع واحدة جنوبي محور نيتساريم وسط قطاع غزة، وثلاث نقاط أخرى قرب محور “فيلادلفيا” في أقصى الجنوب، ما يُجبر ممثل كل عائلة في محافظات القطاع الخمس على قطع مسافات قد تصل إلى 30 كيلومترًا ذهابًا وإيابًا أسبوعيًا للحصول على مساعدات غذائية شحيحة، في ظل انعدام الطرق المعبّدة، وغياب وسائل النقل أو الارتفاع الحاد في تكلفتها، واستمرار منع جيش الاحتلال مرور السيارات عبر شارع “الرشيد” غربي غزة، وهو الطريق الوحيد الذي يُسمح فيه للسكان التنقل بين شمالي وجنوبي غزة حاليًّا، بعد إغلاق الجيش الإسرائيلي طريق “صلاح الدين” شرقي القطاع.
وبالإضافة إلى مشقة الطريق، يُجبر السكان على اجتياز هذه المسافات تحت خطر القصف والاستهداف المباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يُحوّل المساعدات إلى عبء ثقيل بدلًا من وسيلة للبقاء، ويجعل الوصول إليها مستحيلًا بالنسبة للجائعين والمرضى وكبار السن، في مشهد يُفرغ الفعل الإنساني من مضمونه، ويكشف الطابع الإبادي للآلية الإسرائيلية التي تتجاهل عمدًا شروط الوصول الآمن والسلامة والكرامة الإنسانية.
وبحسب تقييم الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي المنتشر في مختلف مناطق قطاع غزة، فإن المراكز الأربعة التي أنشأها جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن تلبّي احتياجات السكان بأي شكل آمن أو فعّال. ففي السابق، كانت مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية تعتمد على ما يقارب 400 نقطة توزيع منتشرة في مختلف أحياء مدن وبلدات القطاع، قبل أن تمنعها إسرائيل من مواصلة عملها. ورغم هذا الانتشار الواسع وعدم اشراط الفحوصات الأمنية وغياب العراقيل المقصودة، كان السكان يضطرون أحيانًا للانتظار لساعات طويلة للحصول على حصصهم الغذائية، ما يوضح استحالة تلبية الحاجات الحالية عبر نظام تقييدي ومركزي تتحكم فيه القوة القائمة بالاحتلال.
مواقف شعبية رافضة
المواطن “أحمد سمير” (30 عامًا) وهو معيل لخمسة أفراد يقول: “عندما سمعت عن آلية المساعدات الجديدة أصبت بالغضب والإحباط، فأنا أسكن في شمالي مدينة غزة، ولا أستطيع على الإطلاق الذهاب أسبوعيًا إلى وسط أو جنوبي قطاع غزة للحصول على مساعدة قد لا تسد جوع عائلتي. هذا أشبه بمغامرة غير مضمونة العواقب. على افتراض استطعت الوصول بسلام إلى هناك، من سيضمن لي أنّ الجيش الإسرائيلي سيسمح لي بالعودة إلى شمالي غزة بعد استلام المساعدة؟ تحملّت جميع أنواع القصف والتجويع خلال الشهور الماضية في سبيل عدم النزوح إلى جنوبي القطاع، ولن أفعل ذلك الآن بالتأكيد، ولكنّي في ذات الوقت في أمس الحاجة للمساعدة”.
وأضاف في إفادته أنّه “عندما كانت المؤسسات الإغاثية المعروفة توزع المساعدات في السابق، كنت أتوجه إلى مركز التوزيع الذي كان على بعد نحو كيلو متر واحد من مركز الإيواء الذي أقيم فيه. كنت أذهب سيرًا على الأقدام وأستخدم عربة صغيرة أجرها بيدي لنقل الطرد الغذائي الذي كان يزن في المتوسط 20 كيلو غرامًا. أما وفق الآلية الجديدة، فمن المستحيل أن أقطع هذه المسافة الطويلة والخطيرة. لا أريد شيئًا سوى العودة للنظام السابق في استلام المساعدات، وقبل ذلك توقف الحرب نهائيًا”.
وفي إفادة أخرى، قال صحافي (فضّل عدم ذكر اسمه) لفريق المرصد الأورومتوسطي: “أعمل في أحد المواقع الإلكترونية المحلية. خلال الحرب، دمّر الاحتلال الإسرائيلي منزلي في مخيم خانيونس جنوبي القطاع، وأنا حاليًا نازح في دير البلح وسط القطاع حيث تقطن عائلة زوجتي. نواجه صعوبة بالغة في توفير احتياجاتنا من المواد الغذائية. لدينا بعض المعلبات اشتريناها بسعر باهظ، في حين يوشك الدقيق أن ينفد ولا يوجد لدينا أي مخزون آخر”.
وأضاف: “لم أستفد شيئًا من المساعدات القليلة التي دخلت خلال الأيام الماضية. وفي ذات الوقت، أتابع بقلق المعلومات عن الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في نقاط محددة تحت حراسة شركة أمنية أمريكية في منطقة تتواجد فيها قوات الاحتلال. لا أعتقد أنني سأكون قادرًا على الذهاب هناك والمخاطرة بحياتي، فقوات الاحتلال حولت الصحافيين إلى أهداف للقتل والاعتقال”.
وتابع: “أنا مدني ولكن من يضمن سلامتي إذا ذهبت هناك؟ سأتحمل المزيد من الجوع أنا وأسرتي لحين وجود حلول إنسانية، وأتمنى أن تكون هناك حلول أخرى. لدينا تجربة ممتازة مع “أونروا” لماذا يتم تجاهلها؟ هناك عشرات آلاف الأسر لن تستطيع أن تحصل على المواد الغذائية وفق هذه الخطة، هل يعني أنّه سيحكم عليها وعلينا بالموت جوعًا؟”
تصريحات إسرائيلية تكشف النوايا
ما يثير المخاوف أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” صرح علنًا الأسبوع الماضي أنّ تهجير السكان من قطاع غزة يندرج ضمن شروط حكومته لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة. كما قال في ذات الوقت وزير المالية وعضو المجلس الأمني والسياسي المصغر “بتسلئيل سموتريتش” إنّ الجيش الإسرائيلي يعمل الآن في غزة لهدم كل المباني وتكديس الناس في جزء ضيق من رفح، تمهيدًا لتهجيرهم إلى الخارج والسيطرة على قطاع غزة.
المرصد الأورومتوسطي يشدد على أنّ مهمة توزيع المساعدات يجب أن تبقى حصرًا بيد جهات إنسانية محايدة ومتخصصة، وأنّ أي تدخل عسكري أو سياسي من إسرائيل في هذا المجال يُعد خرقًا جسيمًا للقانون الدولي، وانحرافًا عن الغاية الإنسانية للعمل الإغاثي، وتحويلًا للمساعدات إلى أداة ابتزاز وإخضاع جماعي للسكان المحاصرين.
ويؤكد أنّ الحكومة الإسرائيلية، التي تستخدم التجويع كأداة مركزية لتنفيذ الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بهدف القضاء عليهم كجماعة، لا يمكن أن تكون طرفًا في العملية الإنسانية بأي شكل من الأشكال، إذ إنّ إشراكها في تنظيم المساعدات أو الإشراف على إيصالها يُفضي حتميًا إلى تحويلها إلى وسيلة للسيطرة على مصير السكان، وفرض خيارات قسرية تمهّد لطردهم من أرضهم، في إطار مشروع استعماري يسعى إلى محو وجودهم وضم أراضيهم بالقوة.
وامتنعت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية المستقلة، عن التعاون مع الآلية الإسرائيلية، نظرًا لافتقارها لأدنى المعايير الإنسانية.
ويرى المرصد الحقوقي أن هذه الامتناع يجب أن يشكّل إنذارًا واضحًا ودافعًا جديًا لجميع الدول لتصعيد الضغوط على إسرائيل، من أجل ضمان تدفق فوري وغير مشروط للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ووقف العمل بأي آليات تُستخدم كأدوات قمع وتهجير، والمضي فورًا نحو إنهاء جريمة الإبادة الجماعية المستمرة بحق سكان القطاع منذ أكتوبر 2023.
ومع التقديرات بفشل الآلية الإسرائيلية، يبقى التأكيد أن استعادة الوصول الإنساني ورفع الحصار الإسرائيلي غير القانوني عن قطاع غزة، هو السبيل الوحيد الكفيل بوقف التدهور الإنساني المتسارع وضمان دخول المساعدات الإنسانية والبضائع، في ظل انتشار المجاعة.