ليبيا – أصدرت وزارة التخطيط والمالية في حكومة الاستقرار بلاغا إلى المراقبين والمديرين العاملين في مكاتب الخدمات المالية في البلديات.

بيان صحفي صدر عن حكومة الاستقرار تابعته صحيفة المرصد أكد أن البلاغ شمل أيضا المراقبين الماليين في الوزارات والهيئات والمصالح والمؤسسات العامة وفضلا عن المستشفيات والجامعات والمعاهد العليا والمراكز والأجهزة المستقلة.

وبحسب البيان شدد البلاغ على عدم حضور الاجتماعات التي يدعو إليها الوزراء التابعين لحكومة تصريف الأعمال “منتهية الولاية” أو استقبال أو التعامل مع أي لجان تكلف من قبلهم مؤكدا تعرض من يخالف ذلك للمسائلة القانونية.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

من المراقبة الإلكترونية لشراء الحرية.. عربي21 تبرز تعامل الدول العربية مع أزمة السجون؟

في زنزانة مكتظة بإحدى السجون المغربية، قضى كريم (32 عاما) ستة أشهر، بتهمة سرقة هاتف محمول. بعد خروجه، عاد لتكرار فعل السرقة مجددا، وقضى أشهرا أخرى بالسجن. يقول لـ"عربي21": "في السجن تعلّمت من رفاق السوء أكثر ممّا تعلمت من برامج الإصلاح".

هذه الحالة ليست معزولة، إذ أشخاص كُثر يُعاودون الفعل (المُجرّم)، فتتكرّر معهم العقوبات، ومنهم من باتت أيامه بالسجن أكثر من التي يقضيها في بيته؛  فحسب مؤشر الأمان العالمي "نومبيو"، تحتل الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية للمغرب) المرتبة العاشرة عالميا بين المدن الأكثر إجراما، فيما تشهد دول عربية أخرى مثل العراق والأردن ارتفاعا في معدلات العود للإجرام بنسبة تصل لـ60 بالمئة.

في هذا التقرير، تستعرض "عربي21" الأنظمة القانونية المتعلقة بالعقوبات البديلة في عدة دول عربية، ساعية للإجابة عن تساؤل رئيسي: هل تمثل هذه العقوبات حلاّ ناجعا لكسر الحلقة المفرغة التي يُعاد فيها ارتكاب الجرائم؟.


السجون العربية.. أرقام صادمة
المغرب: هل العدالة للأثرياء فقط؟
بتاريخ 4 تشرين الأول/ أكتوبر الماضى، صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب المغربي، على شراء العقوبة السجنية، الوارد في القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة. بموافقة 18 نائبا مقابل 8 معارضين.

آنذاك، قال وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي: "لا توجد أي خلفية سياسية وراء تمرير هذا القانون"، وذلك في خضمّ جدل مُتسارع، لم يهدأ، لحدود اللحظة.



مشروع القانون الذي وصل "عربي21" نسخة منه، اشترط، بغية العمل بهذا البديل: بلوغ المحكوم عليه سن 15 سنة، كأدنى حد من وقت ارتكابه الجريمة، وألاّ تتجاوز العقوبة المنطوق بها 5 سنوات حبسا، ويتم تطبيقه عبر إنجاز المُدان لأعمال لفائدة مصالح الدولة أو مؤسساتها، لمدة تتراوح بين 40 و600 ساعة، أي بمعدل ساعتين، مقابل كل يوم من مدة العقوبة الحبسية.

والقانون نفسه، الذي أثار موجة جدل عارم، يُتيح إمكانية الحكم بـ"غرامة مالية" كبديل ثاني عن عقوبة السجن، عبر غرامات تتراوح بين 100 و2000 درهم (10 و200 دولار) عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها. المحكمة تُقدّرها وفق الإمكانيات المادية للمحكوم عليه، وأيضا خطورة الجريمة المرتكبة، مع الضّرر المترتب عنها.

أيضا، بحسب القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الذي سيرى النور قريبا؛ تمّ إقرار نظام "المراقبة الإلكترونية" كبديل آخر، عبر إطلاق سراح السجين في الوسط الحر، مع إخضاعه لعدّة التزامات ومراقبته عن بعد، خلال سوار إلكتروني يرصد تحركاته، داخل الحدود الترابية التي يحددها قاضي تطبيق العقوبات.



وينص القانون نفسه، على: "تقييد الحقوق وفرض تدابير رقابية"، عبر: فرض نشاط مهني محدّد أو تتبع دراسة أو تأهيل محدّد للمحكوم عليه. وفرض إقامته بمكان محدد، والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، وتعويضه مع إصلاحه الأضرار الناتجة عن الجريمة.

ويقصد المشرّع المغربي، بـ"العقوبات البديلة" وفقا لما اطّلعت عليه "عربي21"، بـ: "العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية، في الجرائم التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين، وتخوّل للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته، وفق شروط تراعي من جهة بساطة الجريمة، ومن جهة ثانية اشتراط موافقته".



يشار إلى أنّ: هذه العقوبات، تستثني الجرائم التي تتعلق بالاختلاس، أو الغدر، أو الرشوة أو استغلال النفوذ، والاتجار الدولي في المخدرات والمؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين.



هل العقوبات البديلة حلا للمشاكل المجتمعية؟ 
في قرائتها، لعدد من الجرائم المرتكبة في الأشهر الأخيرة، في المغرب، رصدت "عربي21" أنّ مجملها يتعلّق بـ"هاجس تحقيق الثراء السريع، خاصة في جرائم باتت تتسارع، من قبيل: النصب والابتزاز الرقمي"، ما يبرز بالملموس، انعكاس ارتفاع نسب البطالة وضيق دائرة مصادر الدخل، ما يؤدي بهم إمّا للإدمان، أو لإفراز طاقاتهم عبر الأفعال المجرّمة، في الوقت الذي لا يتم إيجاد حلول إلا في تطبيق القانون وإنزال العقوبات.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، توالت الاستفسارات والانتقادات الموجّهة للسّياسة الجنائية المغربية، بين من يشير لما يوصف بـ"الاختلالات الاجتماعية المركّبة التي يعايشها المجتمع المغربي"، وبين من يقول: "الساكنة السجنية مرشّحة للارتفاع بنسبة 20 في المائة، في أفق السنوات الأربع المقبلة فقط".

الأمر ذاته، رصدت "عربي21" أنّ معطيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج (حكومية)، أكّدته، عبر تقرير لها، بالقول إنّ: "أعداد السجناء في المغرب تشهد تزايد، إذ عرفت خلال الفترة بين شهري تشرين الأول/ أكتوبر من سنتي 2021 و2022، ارتفاعا في أعداد السجناء، بنسبة 10 في المئة، فيما انتقل العدد من 89 ألف إلى 98 ألف سجين".

في سياق متصل، مسّت "عربي21" جُملة انتقادات أتت على لسان عدد من النواب البرلمانيين، ممّن أكّدو أنّ: "التعديل القانوني، سيستفيد منه فقط أصحاب المال، إذ سيتيح لهم شراء المدة السجنية، فيما سيظل أبناء الشعب بالسجون"، مبرزين أنّ: "القانون الذي لا ينبثق من صلب المجتمع لا يعطي أكله".

#الداكي : رئاسة النيابة العامة تعمل على إعداد دليل عملي حول كيفية تطبيق #العقوبات_البديلة pic.twitter.com/mkH3mfFT42 — MEDI1TV (@Medi1TV) May 7, 2025
هنا السجون العراقية.. 
وفي جولة بقلب المعطيات المتوفّرة عن السجون العراقية، نجد أنها توصف بجملة: "تتفاقم بشكل مستمر"، حيث أنّه واقعيا، تغيب الحلول التي تطرحها السلطات؛ فيما أكّد وزير العدل العراقي، خالد شواني، في وقت سابق، أنّ: "تضخم الطاقة الاستيعابية في السجون وصل إلى 300 في المئة".

وعلى الرغم من كون وزارة الداخلية العراقية، كانت  قد كشفت عن خطة لاستحداث ما وصفه بـ"مدن إصلاحية متكاملة"، إلاّ أنّ الاكتظاظ بالسجون، قد ازداد جرّاء ارتفاع منسوب المتورطين في قضايا المخدرات. ما أدى لدخول نحو أربعة آلاف نزيل جديد.

ويسعى العراق، وفقا لجُملة الحلول المطروحة، لـ:توسيع قضية الإفراج الشّرطي، وإصدار قانون العفو، وفقا للصيغة المصدّق عليها في ائتلاف إدارة الدولة والحكومة، دون التوسع أو التضييق فيها. كما تشمل إنشاء سجون جديدة، إلا أن توسعة السجون ودوائرها الإصلاحية لا تمثل حلا جذريا لمشكلة الاكتظاظ"، وفقا لعدد من المهتمّين بالشأن العراقي.

جهات حكومية تدعو إلى معالجة مشاكل اكتظاظ السجون في #العراق من خلال تطبيق العقوبات البديلة أي (دفع مبالغ مالية عالية مقابل اطلاق سراح المعتقلين) وهو ما أثار مخاوف الناشطين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان من شرعنة ابتزاز المعتقلين ومفاقمة معاناتهم بل وسعي المليشيات الحكومية من… pic.twitter.com/fftrXFtX0t — مركز شعاع الإعلامي ـ smc (@shuaamed) April 25, 2023
"الإفراج عن السجناء بموجب قانون العفو قد يخفّف من الضغط على السجون بشكل مؤقت، لكنه قد يخلق تحدّيات اجتماعية وصحية جديدة، مثل إعادة دمج السجناء في المجتمع وضمان عدم عودتهم إلى الجريمة" هكذا أبرز عدد من المواطنين العراقيين في حديثهم لـ"عربي21"، في إشارة إلى ضرورة: "معالجة الأسباب الجذرية للاكتظاظ".

ودعا عدد من العراقيين إلى: "تحسين النظام القضائي، وتسريع المحاكمات، وتوفير برامج إعادة التأهيل. مع أهمّية النظر في بدائل للسجن مثل العقوبات المجتمعية والإفراج المشروط، خاصة لمن أظهروا سلوكا حسنا وقضوا جزءا من عقوبتهم".

إلى ذلك، لبحث حلول ناجعة لمُجمل المشاكل التي تعاني منها السجون، أكّد وزير العدل العراقي، أنّ الأمر ينبغي أن يتم عبر "آليّتَين"، موضّحا: "الأولى تُعنى بتوسيع قضية الإفراج الشَّرطي وإصدار قانون العفو، وفقا للصيغة المصدّق عليها في ائتلاف إدارة الدولة وفي الحكومة من دون التوسع أو التضييق فيها".

وتابع: "إلى جانب عدّة قوانين، مثل: تشريع قانون العقوبات والتدابير البديلة الذي يُعَدّ من القوانين النموذجية التي تتمّ عبر الاستفادة من تجارب دول متقدّمة في هذا المجال"، مردفا: "أمّا الآلية الثانية، فتُعنى بـ"البنى التحتية الجديدة" في سجون العراق. مشاريع مستمرة للإنشاء وإعادة التأهيل تتقدّم بوتيرة متسارعة". 

وكان رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، النائب العراقي أرشد الصالحي، قد قلّل من إمكانية حلّ ملف سجون العراق وما فيها من انتهاكات، مبرزا أنّ "رئيس الوزراء لا يستطيع حلّ هذا الملف؛ وأنّ لجنة حقوق الإنسان عبر زياراتها للسجون حدّدت انتهاكات كثيرة لكنّ: قوى سياسية تقف في وجهنا عند إثارة ذلك".

ويشار إلى أنّ ملف السجناء في العراق، يعتبر من الملفات المعقّدة، خاصة مع الاكتظاظ والانتهاكات والخروقات المختلفة التي تكشف عنها عدد من الجهات في حديثها لـ"عربي21"، بينها: "إدخال الممنوعات". فيما يستمرّ أيضا، الحديث عن: "سجون سرية تضمّ آلاف المعتقلين".

إلى ذلك، خلصت "عربي21" إلى أنه فيما يسير المغرب نحو بدائل  اُنتُقدت حتى قبل اختبار فاعليتها، بالقول إنها تركّزا على الحلول الفردية (كالغرامات المالية) بدلاً من معالجة الأسباب الاجتماعية؛ نجد أن العراق يغرق في فوضى اكتظاظه السجني، دون خطط واضحة للإصلاح القضائي أو إعادة الإدماج، لتبقى وعود الحكومة حبرا على ورق؛ فيما لا تزال السجون مكتظّة، والجرائم مُستمرّة..




الأردن.. هل نجحت التجربة؟ 
في الأردن، تطبّق العقوبات البديلة، منذ عام 2017، على المحكومين بالجنح التي تقلّ مدة الحبس فيها عن 3 سنوات، ومن غير المكررين للأفعال الجرمية، وبالجنايات غير الواقعة على الأشخاص، باستثناء حالات التكرار عند استخدام الأسباب المخففة والنزول بالعقوبة إلى سنة، على أن تستبدل العقوبة، بناء على تقرير الحالة الاجتماعية ببديل أو أكثر من بدائل العقوبات السالبة للحرية.

ونصّت المادة 25 من قانون العقوبات في الأردن، التي أتت كبديل للعقوبات السالبة للحرية، على أنّ: "للمحكمة في الجنح، وبناء على تقرير الحالة الاجتماعية، فيما خلا حالة التكرار، أن تقضي، حتى وإن اكتسب الحكم الدرجة القطعية، ببديل أو أكثر من البدائل التالية، الخدمة الاجتماعية، والمراقبة المجتمعية والإلكترونية، وتحديد حركة المحكوم عليه".

والمقصود بـ"الخدمة المجتمعية" بحسب القانون الأردني الذي اطّلعت عليه "عربي21"، هو: "إلزام المحكوم عليه، وبموافقته، بالقيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع، لمدة تحدّدها المحكمة لا تقل عن 40 ساعة، ولا تزيد على 100 ساعة، على أن يجري تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة".

وبحسب أمين عام المجلس القضائي، علي المسيمي: "وصل عدد المستفيدين من العقوبات البديلة في الأردن، لحدود منتصف آب/ أغسطس من عام 2021، لـ979 محكوما، فيما بلغت 302 قضية، خلال عام 2021؛ ما يؤشّر على: توسّع بتطبيق العقوبات البديلة، بعد التعديل التشريعي وصدور النظام، ومعالجة التحديات". 

"معالجة سلوك مرتكبي الجرائم لأول مرة، وحمايتهم من العدوى الجرمية؛ عبر منع اختلاطهم بنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، وكذا معالجة مشكلة الاكتظاظ بالسجون، وتوفير الكلفة الاقتصادية لهؤلاء النزلاء وتوزيعها على برامج تأهيلية طويلة المدى للنزلاء أصحاب المحكوميات العالية" هكذا وصف المسيمي، في وقت سابق، أثر العقوبات البديلة على المجتمع الأردني.

وكانت وزارة العدل، قد كشفت، في الأسبوع الماضي، أنّ: 426 حُكمًا نُفذ كعقوبة بديلة خلال الربع الأول من عام 2025؛ فيما أكّْد عدد من المتابعين للشأن الأردني، عبر تصريحات متفرّقة، أنّ للعقوبات البديلة، كذلك، آثار اقتصادية على خزينة الدولة، وذلك عبر: تخفيف تكلفة نزلاء مراكز الإصلاح، وتفادي الآثار السلبية الاجتماعية بدخول شخص يرتكب جريمة لأول مرة للسجن، وكذا تأثير ذلك على مسار حياته العائلي والاجتماعي.

وخلال جلسته التي عقدها برئاسة رئيس الوزراء، جعفر حسّان، أقرّ مجلس الوزراء الأردني، الأسبوع الماضي، مشروع قانون معدِّل لقانون العقوبات لعام 2025، متضمنا توسيعا في بدائل العقوبات السالبة للحرية، وذلك وفقا لما أعلنه وزير العدل بسام التلهوني.

وأوضح التلهوني: أنّ: "المشروع يمنح المحاكم صلاحيات أوسع في استبدال عقوبة السجن، لتشمل الحالات التي لا تتجاوز فيها مدة العقوبة ثلاث سنوات، بدلا من سنة واحدة كما هو معمول به حاليا. كما استُحدثت خيارات جديدة مثل الإقامة الجبرية في المنزل أو ضمن منطقة جغرافية محددة، تحت رقابة إلكترونية مشددة".

"السوار الإلكتروني، الذي كان يقتصر على تتبّع موقع المحكوم عليه، سيُستخدم الآن لضمان بقاء الشخص داخل منطقة محددة تحددها المحكمة، ما يشكّل نقلة نوعية في آليات تنفيذ العقوبات البديلة" بحسب التلهوني.

وزير العدل: العقوبات البديلة مشروطة بالمصالحة ودفع الغرامات وعدم التكرار pic.twitter.com/qIokDbW2Ko — Nabdalbalad - نبض البلد (@royanabdalbalad) April 28, 2025
وأبرز: "كما أتاح المشروع تطبيق هذه البدائل بعد صدور الحكم القضائي، وحتى في السنة الأخيرة من تنفيذ العقوبة السالبة للحرية، عبر آليات مثل "وقف التنفيذ"، أو "استبدال عقوبة الحبس التي لا تتجاوز 6 أشهر أو آخر 6 أشهر بغرامة مالية".

وفي السياق نفسه، بيّن أنّ: "المشروع يسمح أيضا باستبدال ما تبقى من العقوبة السالبة للحرية بما لا يزيد على سنة، في حال لم تتجاوز العقوبة الأصلية الأشغال الشاقة لمدة 8 سنوات، شرط حسن السيرة والسلوك داخل مراكز الإصلاح". كما وسّع المشروع من نطاق تطبيق البدائل لتشمل الجنايات الواقعة على الأموال التي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات، حتى بعد صدور الحكم.

إلى ذلك، في قراءتها للمشروع، رصدت "عربي21" أنه: يستثني من الاستبدال الجرائم الخطيرة مثل: الجنايات الواقعة على أمن الدولة، والفساد، والاغتصاب، وهتك العرض، والخطف؛ فيما أجاز، بالمُقابل، الاستبدال في: الجنايات الواقعة على الأشخاص، إذا تمّ إسقاط الحق الشخصي، ما يعزّز فرص التصالح ويكرس مفهوم العدالة التصالحية.

أيضا، سمح مشروع القانون، المُعدّل، للمحاكم بتأجيل أو تقسيط الغرامات المحكوم بها، خاصة في الحالات التي يتعذر فيها السداد دفعة واحدة، ما يتيح الإفراج عن عدد كبير من المحكومين ممن قضوا فترة الحبس وبقوا موقوفين بسبب الغرامات. فيما أجاز تأجيل حبس المحكوم عليه إذا امتلك أموالا يمكن الحجز عليها لتحصيل الغرامة، ما يجنّب السجن في حال وجود أصول قابلة للاسترداد، وذلك بغرض تقليل عدد النزلاء.


السعودية.. هل تتجّه نحو شراء العقوبات؟
بغرض أن تُتيح للنزلاء أو ذويهم، إمكانية شراء نصف فترة الحكم التي تم إقرارها، في الحق العام، بعد انقضاء مدة الحكم في الحق الخاص، كانت المديرية العامة للسجون في السعودية، قد أطلقت مبادرة "إعفاء".

وعبر مقطع فيديو انتشر، بشكل مُتسارع، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ: "الدراسات كشفت أنه لو تم شراء محكومية 10 آلاف سجين في كل عام، سيكون المردود المالي في حدود 360 مليون ريال، مع توفير تكلفة السّجين التي تقدر بين 45 ألفا إلى 50 ألف ريال في العام، وسيكون المردود المالي للمبادرة من مليار إلى مليار ونصف سنويا، عبر شراء المدة المتبقية وتخفيض تكلفة السجناء لمدة عامين".

وأكّد المقطع نفسه، أنّ: "المبادرة تهدف لتخفيض أعداد السجناء المتواجدين في السجون، وتمكين غير الناطقين باللغة العربية من شراء المدة؛ لأنّ المدة تخفّض في حال حفظ القرآن الكريم، وإتاحة العفو لعامة الناس وعمل شراكات اجتماعية مع رجال الأعمال والبنوك، عبر إطلاق السجناء وتحسين البرامج الإصلاحية، خلال المبالغ المحصلة من المبادرة، شريطة ألاّ يكون السجين من أصحاب السوابق وأن يستفيد منها لمرة واحدة فقط".



"يمكن للسجين المحكوم بـ5 سنوات (سنتين في الحق الخاص وثلاث سنوات في الحق العام) شراء نصف المدة المتبقية من محكومية الحق العام، بعد انقضاء محكومية الحق الخاص، وسنة ونصف من الحق العام؛ بمعنى أنه: يُمكن شراء السنة والنصف المتبقية من الحق العام بواقع 18 ألف ريال للسنة الواحدة" وفقا للمقطع نفسه.

وفي قلب السجون السعودية، توجد مصانع منوّعة وصالات ثقافية وإرشادية ورياضية ومحاضرات وندوات وأنشطة فنية وتقنية ومهنية، ومعاهد تدريب فنية وتقنية وورش عمل، وحلقات لتحفيظ القرآن، ومكتبات عامة، ومنح السجناء إكمال تعليمهم سواء في السجون، أو في دور الملاحظة في ما يتعلق بصغار السن. من أجل: "تأهيل الموقوفين وتقديم برامج لهم".



في الأردن، وكذا السعودية، في المجمل، الأمر يختلف عن باقي الدول العربية التي رصدتها "عربي21". لكن السؤال يظل قائما: هل نجحت العقوبات البديلة في الحد من الجريمة بالسعودية؟. 


وفي محاولة للبحث عن الجواب، أبرزت الباحثة في العلوم القانونية، لمياء العمراني، في حديثها لـ"عربي21" أنّ: "اللجوء إلى العقوبات البديلة هو أكثر فعالية في تقليل معدلات العود إلى الإجرام، مقارنة بالسجن، خصوصا في الجرائم التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنوات قليلة من الحبس النافذ، في الحالة المغربية مثلا".

"لعل ما يزيد من فرص نجاح العقوبات البديلة هو بقاء المحكوم ضمن محيطه الاجتماعي والأسري، ما يعزّز فرص إعادة إدماجه، ويحد من الآثار السلبية المرتبطة بالسجن، كوصمة العار، والانقطاع عن العمل" أضافت العمراني، الحاصلة على الدكتوراه في موضوع: "جدلية السياسي والاداري في المغرب: دراسة في طبيعة العلاقة وتأثيرها على تحديث الإدارة العمومية".


 
وأبرزت أنّ: "التعرض لثقافة إجرامية داخل المؤسسات السجنية، قد يأتي الاحتكاك بها بنتائج عكسية"، مردفة: "أمّا بخصوص استثناء بعض القوانين في الدول العربية، لجرائم معينة (كالاتجار بالمخدرات أو الرشوة) من العقوبات البديلة، فهو لما تحمله هذه الأفعال من خطورة على النظام العام والمجتمع، لكونها لا تمس فقط الضحية المباشرة، بل تضر بالمجتمع ككل، وتضعف ثقة المواطنين في القانون وفي منظومة العدالة".

إلى ذلك، ختمت العمراني، حديثها لـ"عربي21" بالقول: "فيما يتصل بشراء العقوبات البديلة، فإن التحدي الحقيقي يكمن في أن يكون نظام العقوبات البديلة عادلا، لا يميّز بين الأفراد على أساس وضعهم الاجتماعي والاقتصادي؛ إذ تعكس الانتقادات الموجهة لشراء العقوبة عدّة مخاوف من أن تتحول لامتيازات للطبقات الميسورة، بينما يظل الفقراء عرضة للعقوبات السالبة للحرية".


واستطردت: "يعد الاستثمار في التعليم والتكوين من الركائز الأساسية، لما له من أثر مباشر في تمكين الأفراد من اكتساب مهارات جديدة تسهل اندماجهم في سوق الشغل بعد انقضاء مدة العقوبة. كما أن توفير مواكبة نفسية واجتماعية، عبر إرفاق كل محكوم عليه ببرنامج إعادة تأهيل فردي يراعي حالته الخاصة، وخلفيته الاجتماعية، يعدّ من الضمانات الجوهرية، لتحقيق الأهداف الإصلاحية للعقوبة".

وهكذا، بحسب ما لمسته "عربي21" فإن العقوبات البديلة رغم كونها خطوة ضرورية، في عدد من الدول العربية، لمواجهة أزمة الاكتظاظ السجني، إلا أن مصيرها رهنا بإرادة الإصلاح الحقيقي. حيث أنه دون عدالة اجتماعية تكسّر حواجز الفقر، وتعليم جيد، وقضاء مُنصف، ستظل هذه الحلول مجرد ذرّ للرماد في العيون "ترقيعية"، بينما ستستمر السجون في إنتاج المجرمين بدلا من إصلاحهم.

مقالات مشابهة

  • من المراقبة الإلكترونية لشراء الحرية.. عربي21 تبرز تعامل الدول العربية مع أزمة السجون؟
  • المال المجمد والترحيل والدعم السياسي.. تفاصيل مفاوضات سرية بين حكومة الدبيبة وواشنطن
  • 30 مليار دولار على الطاولة بين حكومة الدبيبة وواشنطن، لفك التجميد واستثمارها في مشاريع الطاقة
  • المحجوب: مبادرة تكالة لتوحيد المجلس رد مناسب على تجاوزات حكومة الدبيبة
  • منصور بن زايد يترأّس اجتماع المجلس الوزاري للتنمية
  • خارجية الاستقرار: نرفض أي اتفاق بين حكومة الدبيبة والحكومة الأمريكية لاستقبال المجرمين
  • حكومة الدبيبة تنفي وجود أي اتفاق بخصوص المهاجرين.. واشنطن تختبر حدود النفوذ الليبي عبر «بوابة الهجرة»
  • حفاظاً على النزاهة والحياد.. المالية تمنع المراقبين من عضوية لجان الجهات الخاضعة لرقابتهم
  • الجديد: حكومة حماد ملتزمة  بتنفيذ وعود ضبط الإنفاق
  • الصين تتّخذ سلسلة إجراءات نقدية ومالية لتحفيز الاقتصاد