مسؤول سوداني سابق: الصراع الحالي في البلاد يختلف عن سابقيه لهذا السبب
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
شدد متحدث الخارجية السودانية السابق، العبيد أحمد مروح، على أن الصراع الدائر حاليا في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، "مختلف لأن المدنيين باتوا طرفا فيه"، محذرا من أزمة صحية وغذائية تهدد البلاد.
وقال مروح في حديثه لوكالة الأناضول، إن الأزمة الإنسانية جراء استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ نيسان /أبريل 2023، تتفاقم مع انشغال الدول المؤثرة في العالم بحروب أخرى في المنطقة.
وأضاف أن الحرب الحالية تختلف عن الصراعات السابقة بالسودان بـ"دخول المدنيين طرفا أساسيا في النزاع عبر احتلال منازلهم ومرافقهم العامة".
وأكد أن "الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل 2023 قلبت حياة الناس رأسا على عقب، خاصة سكان ولايات الخرطوم والجزيرة (وسط) وولايات دارفور الخمس (غرب) وهي الولايات التي تأثر سكانها بالحرب بشكل مباشر".
وأوضح أن "القوات التي تمردت (الدعم السريع) تعمدت احتلال منازل المدنيين والأعيان المدنية من مستشفيات وجامعات ووزارات وأجبرت الكثير من السودانيين على مغادرة منازلهم دون أن يحملوا معهم شيئا، ومَن رفض كان جزاءه الضرب وأحياناً القتل، ولذلك اضطر كثيرون إلى النزوح أو اللجوء".
وتفيد تقارير الأمم المتحدة بأن حرب السودان جعلت نحو 25 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، بينهم حوالي 14 مليون طفل.
وأشار مروح إلى أن وساطات الحلول الخارجية يمكن أن تنجح بشرط "الحياد والفهم العميق لطبيعة الصراع"، حسب وكالة الأناضول.
وطالب أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطا على تلك الدول التي دعمت "التمرد"، مؤكدا أن "جهود الإعمار يمكن أن تجري بسهولة نسبيا لكون السودان من البلاد ذات الموارد المتعددة والثروات الضخمة".
وتابع: "بإمكان السودان أن يدخل في شراكات استراتيجية بعد الحرب مع الدول ذات السمعة الجيدة في مجال الإعمار وفقاً لخطط واضحة وبالتالي يمكن ألا يستغرق إعادة الإعمار وقتاً طويلا".
وبشأن تأثير نزوح نحو 9 ملايين سوداني داخلياً، جراء الصراع، وفق تقديرات غير رسمية، قال إنه "خلال الشهرين الأولين للحرب، كان التأثير السلبي للنزوح محدودا، ولم تضطر الدولة ومنظمات العون الإنساني إلى إقامة معسكرات في المناطق التي نزح إليها بعض سكان ولاية الخرطوم".
وأوضح أن "الغالبية العظمى ممن نزحوا خلال هذه الفترة إما أنهم التحقوا بأقربائهم في المدن والمناطق التي نزحوا إليها أو أنه كان بوسعهم استئجار منازل والإقامة فيها".
وحول الأزمة الصحية المتفاقمة جراء الصراع، رأى مروح أن الوصول إلى الرعاية الصحية في السودان في ظل الصراع الحالي يراه مروح "أمرا صعبا"، وذكر أن عدم توفر الرعاية الصحية للكثيرين، أو محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية، فاقم من الأوضاع الصحية الهشة لقطاعات واسعة من السودانيين.
وأضاف: "تسببت الحرب في تضاؤل الخدمات المقدمة إما بسبب احتلال الدعم السريع للعديد من المستشفيات أو بسبب هجرة الكوادر الطبية، وما زالت هذه الأزمة تزداد خاصة وقد أضيف لها ندرة الأدوية بعد أن تمّ نهب المخازن الرئيسية في ولاية الخرطوم وسرقة الصيدليات".
وعن تفاقم أزمة الجوع، شدد مروح على أن "الأمن الغذائي في السودان أصبح مهددا بشكل أخطر، على خلفية وصول قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة (بها أكبر مشروع زراعي بالبلاد) واحتلال عاصمتها وعددا من المدن الصغرى والقرى، وبسبب نهبها مخازن الغذاء أصبح المزارعون غير قادرين على مواصلة نشاطهم وبالتالي الإنتاج".
وأوضح أنه "بسبب الحرب أيضا لم تتمكن المنظمات الإنسانية من الوصول إلى كل المحتاجين وبالتالي تقديم الحد الأدنى من العون الغذائي، وقد ثبت بالفعل أن هناك مَن ماتوا بسبب الجوع".
تجدر الإشارة إلى أن تقديرات غير رسمية، بأن الأمن الغذائي بالسودان، يشهد أزمة لنحو 37 بالمئة من السكان، أي حوالي 17.7 مليون شخص، يعانون من الجوع الحاد، وفقا للأناضول.
و"فقد كثير من الأطفال حياتهم بسبب المرض أو الجوع خلال رحلة النزوح أو اللجوء، وفقدوا فوق ذلك حقهم في تلقي التعليم بسبب استمرار القتال لأكثر من عشرة أشهر"، حسب مروح.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السودانية الدعم السريع الخرطوم السودان الخرطوم الدعم السريع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
السودان.. تطورات ميدانية في النيل الأزرق وتحالف «صمود» يطرح مبادرة شاملة لإنهاء الحرب
أحرز الجيش السوداني تقدماً ميدانياً جديداً بإعلانه السيطرة على مواقع عسكرية في إقليم النيل الأزرق بعد معارك مع قوات “الدعم السريع” ومسلحي الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، في تطور يعكس تحولاً في ميزان القوى بجنوب شرقي البلاد.
ونقل موقع سودان تريبيون، الأربعاء، أن قوات “الدعم السريع” كانت قد بسطت سيطرتها مؤقتاً على مناطق بالإقليم عقب سلسلة خسائر تلقتها في ولاية سنار خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2024، إلا أن الجيش السوداني أعاد التمركز مؤخراً واستعاد هذه المواقع.
المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، صرّح بأن “قوات الفرقة الرابعة مشاة الدمازين طهّرت منطقة بالدقو وما حولها بمحافظة المابان من بقايا ميليشيا آل دقلو وقوات جوزيف توكا”، في إشارة إلى فصائل تتبع “الدعم السريع” والحركة الشعبية. وأكد قائد ميداني في الجيش استعادة ثلاث مواقع مجاورة لبالدقو، مع الإصرار على مواصلة العمليات العسكرية داخل الإقليم.
وأعلن الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، مقتل أكثر من 40 شخصًا في هجوم استهدف مستشفى المجلد بولاية غرب كردفان في السودان، من بينهم أطفال ومسعفون، ووصف الهجوم، الذي وقع يوم السبت الماضي بالقرب من إحدى جبهات القتال بين الأطراف المتحاربة، بأنه “هجوم مروع آخر” يضاف إلى سلسلة الاعتداءات على المنشآت الصحية.
وأكد تيدروس عبر منصة “إكس” على ضرورة وقف الهجمات على القطاع الصحي في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن المنظمة “لا يسعها إلا أن ترفع صوتها عالياً” إزاء هذه الانتهاكات المتكررة.
وفي سياق متصل، اتهمت الحكومة السودانية كينيا بدعم قوات “الدعم السريع” بالأسلحة، واعتبرت ذلك انتهاكًا جسيماً للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار.
وذكرت الخارجية السودانية أنها عثرت في مايو الماضي على أسلحة وذخائر تحمل علامات الجيش الكيني داخل مخازن تستخدمها ميليشيات الدعم السريع في الخرطوم، ووصفت كينيا بأنها “معبر رئيس للإمدادات العسكرية الإماراتية” لهذه القوات.
دعوات لاجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ونظيره الإفريقي لفرض هدنة عاجلة
أعلن التحالف المدني السوداني “صمود”، الذي يضم أكثر من 100 كيان سياسي ونقابي ومجتمعي، عن طرح رؤية شاملة لإنهاء الحرب المتصاعدة في السودان، بالتزامن مع اجتماعين دوليين مرتقبين في بروكسل ونيويورك لمناقشة سبل إنهاء الأزمة السودانية المتفاقمة.
ومن المنتظر أن تحتضن العاصمة البلجيكية، يوم الخميس، اجتماع المجموعة الاستشارية الدولية لتنسيق جهود السلام في السودان، بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول عربية. كما يناقش مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة تطورات النزاع السوداني في جلسة رسمية.
ودعا تحالف “صمود” في بيان إلى عقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، للتوافق على إجراءات عاجلة تفضي إلى هدنة إنسانية شاملة، تُمكّن من إيصال المساعدات الطارئة، وتضمن حماية المدنيين، في ظل تصاعد الانتهاكات وسوء الأوضاع.
وتضمنت رؤية التحالف خطة متكاملة تستند إلى أربعة محاور أساسية: وقف إطلاق النار، وضع ترتيبات أمنية دائمة، حماية المدنيين، وإطلاق حوار وطني شامل يعالج جذور الأزمة ويضع أساسًا لسلام دائم.
واقترحت الوثيقة أن تخضع هذه المسارات لإشراف شامل من قبل الميسرين الإقليميين والدوليين، مع توزيع واضح للأدوار استنادًا إلى القدرات النسبية لكل منظمة ودولة مهتمة بدعم السلام في السودان.
وأكد التحالف المدني أن رؤيته تهدف إلى “الوصول لاتفاق سلام شامل، وترتيبات دستورية انتقالية على قاعدة توافق وطني، تضمن تشكيل سلطة مدنية انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تقود البلاد إلى الانتخابات، مع تنفيذ برامج عدالة انتقالية وإنصاف الضحايا، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب”.
وفي ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، حذر التحالف من أن أكثر من 26 مليون سوداني يواجهون خطر الجوع، مع نزوح قرابة 15 مليونًا من ديارهم، بينما تستمر الانتهاكات ضد المدنيين دون رادع قانوني أو حماية فعلية.
وطالب التحالف بتعيين منسق إقليمي إنساني من قبل الأمم المتحدة، تكون مهمته قيادة جهود الاستجابة وتنسيق عمليات الإغاثة بين الفاعلين الدوليين والمحليين، وتوفير تقييم مستقل وشفاف للأوضاع الإنسانية داخل السودان.
ودعا “صمود” إلى تشكيل مجموعة عمل مختصة بوضع خيارات عملية لحماية المدنيين والبنى التحتية، وتنفيذ آليات التزام تفرض على أطراف النزاع الإيفاء بواجباتهم، مطالبًا في الوقت ذاته بتجديد ولاية البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق وتمكينها من أداء مهامها بلا عوائق.
وحذر التحالف من استمرار حالة الجمود السياسي بعد فشل أكثر من 10 مبادرات إقليمية ودولية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، مشيرًا إلى أن تلك المبادرات افتقرت إلى منهج شامل وموحد لتصميم عملية سلمية تعالج مختلف أبعاد الأزمة.
وختم البيان بالتأكيد على ضرورة قيادة سودانية حقيقية للعملية السياسية المقبلة، مع إشراك أوسع للأطراف المدنية والمجتمعية، باعتبار ذلك الضمانة الوحيدة لتحقيق سلام عادل ومستدام في البلاد.
هذا التصعيد جاء وسط أزمة إنسانية متفاقمة في النيل الأزرق، حيث تسببت المواجهات في نزوح أكثر من 100 ألف مدني نحو مدينة الدمازين، عاصمة الإقليم، وسط شح في الغذاء وتدهور في الخدمات الأساسية.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عانى السودانيون من تدهور واسع في الخدمات الصحية والاقتصادية، وتفاقمت أزمة النزوح داخلياً وخارجياً.
ورغم جهود الوساطة التي قادتها أطراف عربية وأفريقية ودولية خلال الأشهر الماضية، لم تفلح المبادرات في التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، في وقت لا تزال العمليات العسكرية تتوسع جغرافياً في مختلف الأقاليم، ما يهدد بمزيد من التدهور الإنساني والأمني.