بعد 37 عاما.. العلماء يحلون لغز جريمة قتل كوني
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
تمكن علماء الفلك أخيرا، بعد 37 عاما، من حل "لغز جريمة قتل كوني" بعد أن اكتشفوا نجما نيوترونيا في حطام انفجار نجمي. وأشار العلماء إلى أنهم عثروا على دليل يكشف لغز ما حدث في أعقاب الانفجار النجمي الأكثر شهرة، والمسمى 1987A، والمتمثل في وجود نجم نيوتريني ظل مخفيا بواسطة الحطام لمدة 37 عاما.
ويمثل المستعر الأعظم 1987A بقايا نجم منفجر كانت كتلته ذات يوم تبلغ نحو 8 إلى 10 أضعاف كتلة الشمس.
وتم رصد المستعر الأعظم 1987A لأول مرة من قبل علماء الفلك منذ 37 عاما في عام 1987، ومن هنا جاء اسمه.
وأثناء انفجاره، أمطر المستعر الأعظم 1987A الأرض لأول مرة بجسيمات شبحية تسمى النيوترينوات ثم أصبح مرئيا في الضوء الساطع. وهذا ما جعله أقرب وألمع مستعر أعظم شوهد في سماء الليل فوق الأرض منذ نحو 400 عام.
ومن المعروف أن المستعرات الأعظمية تنتج عن انهيار النجوم التي تتراوح كتلتها بين ثمانية وعشرة أضعاف كتلة شمسنا.
وانفجارات المستعرات الأعظمية مثل هذه هي المسؤولة عن تغذية الكون بعناصر مثل الكربون والأكسجين والسيليكون والحديد. وتصبح هذه العناصر في نهاية المطاف اللبنات الأساسية للجيل القادم من النجوم والكواكب، ويمكنها أيضا تشكيل جزيئات قد تصبح يوما ما جزءا لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها.
كما تولد هذه الانفجارات بقايا نجمية مدمجة إما على شكل نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء، ولمدة 37 عاما، لم يعرف علماء الفلك ما إذا خلّف 1987A نجما نيوترونيا فائق الكثافة أو ثقبا أسود.
وقد بحث علماء الفلك عن دليل على وجود أي من هذه الأجسام المدمجة في مركز المادة المتبقية المتوسعة منذ ذلك الحين.
واشتبه العلماء منذ فترة طويلة في أن انفجار 1987A خلف نجما نيوترونيا، ولكن كان هناك الكثير من الغبار الذي خلفه، حتى أقوى التلسكوبات لم تتمكن من تأكيد ذلك.
ولكن الآن، يقول فريق من العلماء إنهم عثروا على أول دليل على وجود نجم نيوتروني كامنا داخل الحطام.
وقالت الدكتورة ماجي أدرين-بوكوك، مقدمة برنامج "سكاي آت نايت" في "بي بي سي"، إن فريق البحث "حل لغز جريمة القتل الكوني. إنها تدور حول موت نجم والغموض هو ما يكمن في أكفان الغبار حول ما تبقى".
وباستخدام أداتين على متن تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، نظر العلماء إلى الأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء للضوء القادمة من منطقة المستعر الأعظم، ووجدوا أن هناك ذرات ثقيلة من الأرغون والكبريت تم تجريد إلكتروناتها الخارجية منها.
ومن خلال نمذجة كيفية وصول هذه الذرات إلى هناك، وجد العلماء أنها قد تكونت فقط بواسطة نجم نيوتروني.
وأوضح البروفيسور مايك بارلو، عالم الفلك في جامعة كاليفورنيا والمؤلف المشارك للدراسة: "لا يمكن تزويد بياناتنا إلا بنجم نيوتروني كمصدر للطاقة لهذا الإشعاع المؤين".
وشرح البروفيسور بارلو: "يمكن أن ينبعث هذا الإشعاع من سطح النجم النيوتروني الساخن الذي تبلغ درجة حرارته مليون درجة، وكذلك من سديم رياح النجم النابض الذي كان من الممكن أن ينشأ إذا كان النجم النيوتروني يدور بسرعة ويسحب الجسيمات المشحونة حوله".
وعندما تنهار النجوم النيوترونية، فإنها ترتفع حرارتها إلى مليارات الدرجات على السطح.
وعندما تبرد، تنبعث هذه الطاقة إلى الكون على شكل كميات هائلة من الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية.
ولكن إذا كان النجم النيوتروني يدور، فإنه في الواقع سيسحب "رياحا" من الجسيمات النسبية حول نفسه والتي يمكن أن تتفاعل مع مادة المستعر الأعظم المحيطة.
ويمكن رؤية مثال على هذا النوع من القوة في سديم السرطان وهو بقايا مستعر أعظم لاحظه علماء الفلك الصينيون في عام 1054.
وفي كلتا الحالتين، أصبح لدى العلماء الآن مؤشر قوي على وجود نجم نيوتروني.
وأضاف البروفيسور بارلو: "إن اللغز حول ما إذا كان النجم النيوتروني مختبئا في الغبار قد استمر لأكثر من 30 عاما، ومن المثير أننا تمكنا من حله".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: المستعر الأعظم علماء الفلک
إقرأ أيضاً:
علماء: مناخ أفريقيا كان مستقرا قبل 2.5 مليون عام.. وتاريخ تطور الإنسان بحاجة لمراجعة
توصلت دراسة أجراها باحثون من جامعة براون إلى أن أنماط هطول الأمطار في شمال أفريقيا ظلت مستقرة إلى حد كبير في الفترة بين 3.5 و2.5 مليون سنة مضت، وهي فترة محورية في تاريخ مناخ الأرض، شهدت تبريدًا في نصف الكرة الشمالي وتحول مناطق مثل جرينلاند إلى بيئات متجمدة بشكل دائم.
تشير النتائج، المنشورة في مجلة ساينس أدفانسز، إلى أن التفسيرات القديمة لتاريخ مناخ شمال أفريقيا، والتي افترضت حدوث جفاف كبير خلال هذه الفترة، قد تكون غير دقيقة.
ويصادف هذا التوقيت ظهور أول فرد معروف من جنس الإنسان في السجل الأحفوري، ما يثير تساؤلات حول الدور المحتمل للمناخ في تطور الإنسان.
بعكس الدراسات السابقة، اعتمدت الدراسة الجديدة على تحليل مؤشر أكثر دقة لهطول الأمطار، يتمثل في شمع الأوراق الذي تنتجه النباتات خلال موسم النمو الصيفي، ويُعد مؤشرًا مباشرًا لمستويات الأمطار خلال ذلك الوقت.
قال برايس ميتسوناجا، قائد الفريق البحثي أثناء نيله الدكتوراه بقسم علوم الأرض والبيئة والكواكب بجامعة براون، والباحث حاليًا في جامعة هارفارد: “تنتج النباتات هذا الشمع خلال موسم النمو، ما يمنحنا إشارة مباشرة لهطول الأمطار الصيفية بمرور الوقت”.
وأضاف: “وجدنا أن دورات هطول الأمطار لم تتغير كثيرًا، حتى مع التحولات الكبرى في درجات الحرارة والتجلد”.
اعتمدت الأدلة السابقة على جفاف شمال أفريقيا على كميات الغبار القاري الموجودة في رواسب محيطية قُبالة ساحل غرب أفريقيا. وتم تفسير تزايد الغبار في تلك الفترة، المعروفة بانتقال العصر البليوسيني إلى البليستوسيني، على أنه نتيجة لتوسع الصحراء الكبرى نتيجة ضعف الرياح الموسمية.
لكن الدراسة الجديدة حللت شمع الأوراق في العينات نفسها التي عثر فيها على الغبار، حيث يحتفظ هذا الشمع ببصمة نظيرية للماء الذي تمتصه النباتات أثناء نموها، وهي بصمة تختلف باختلاف كمية الأمطار.
عادة ما تحتوي مياه الأمطار على نوعين من الهيدروجين: النوع الخفيف الذي لا يحتوي على نيوترونات، والنوع الثقيل الذي يحتوي على نيوترون واحد.
ويسبق الهيدروجين الثقيل في التساقط نظيره الخفيف، لذا فإن شمع الأوراق ذو النسبة الأعلى من الهيدروجين الخفيف يدل على هطول مطري أكثر غزارة واستدامة.
أظهر التحليل أنه لم يكن هناك اتجاه واضح نحو الجفاف في نهاية العصر البليوسيني وبداية البليستوسيني، بل بقيت أنماط الأمطار الصيفية مستقرة، ما يشير إلى أن هذه الأنماط لم تتأثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية العالمية في ذلك الوقت.
وتقترح الدراسة أن الغبار المكتشف في الدراسات السابقة قد يكون ناتجًا عن تغيرات في أنماط الرياح أو شدتها، وليس بالضرورة عن تغيّر في الأمطار.
ويرى الباحثون أن لهذه النتائج أهمية كبيرة لفهم مناخ الماضي والمستقبل، خصوصًا أن مستويات ثاني أكسيد الكربون حينها كانت مشابهة لما هي عليه اليوم، رغم أن الاتجاهات كانت مختلفة (تنازلية آنذاك وتصاعدية اليوم).
قال ميتسوناجا: “إذا تمكنا من فهم كيفية تأثير المناخ العالمي في دورة المياه حينذاك، فقد يساعدنا ذلك في التنبؤ بهطول الأمطار مستقبلًا في هذه المنطقة التي تعاني أصلًا من شح مائي”.
وأضاف جيم راسل، أستاذ علوم الأرض بجامعة براون والمؤلف الرئيسي للدراسة، أن النتائج تفتح الباب أمام أسئلة جديدة حول تأثير المناخ على التطور البشري.
ويتزامن توقيت ظاهرة الجفاف المفترضة سابقًا مع ظهور أنواع بشرية مبكرة، مثل الإنسان الماهر والبارانثروبوس، ما دفع البعض للاعتقاد بأن الجفاف ربما حفّز تطور المشي المنتصب وتغير أنماط الحياة، غير أن غياب أدلة على هذا الجفاف يعقّد من هذه الفرضية.
واختتم راسل بالقول: “نحتاج إلى دراسات جديدة لفهم متى ولماذا انتقل مناخ أفريقيا إلى حالة أكثر جفافًا، وإعادة تقييم النظريات المتعلقة بأصول الإنسان”.