كيف كشفت غزّة فجوة المواقف بين الحكومات والرأي العام؟.. تقرير يجيب
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أعده توني باربر قال فيه: "إن أوروبا مختلفة بشأن الحرب في غزة".
ورأى التقرير أن "درجة حرارة الخلاف السياسي حول النزاع نابعة من التأثير القليل نسبيا للاتحاد الأوروبي عليه. فبعد خمسة أشهر تستمر حرب غزة بتعقيد الدبلوماسية الأوروبية، وتغضب الرأي العام وتشعل السياسة في دول".
وتابع بأن "الحقيقة المرة هي أنه لا يوجد ما يمكن للاتحاد الأوروبي عمله لكي يحدد نتيجة الحرب، إلا أن استمرار الحرب يعني تعرض أوروبا لتداعياته".
وأضاف أن "تأثيرات الحرب في غزة ليست مُنحصرة في أوروبا بل وطالت الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي واجه معارضة في الانتخابات التمهيدية في ولاية ميتشغان، عندما قرر الأمريكيون العرب عدم الالتزام بالتصويت له"، متابعا بأن "ميتشغان هي ولاية هزم فيها بايدن ترامب عام 2020 وبفضل أصوات أكثر من 150,000 عربي. وفي أوروبا، فتداعيات الحرب عليها ليست أقل خطورة".
وبحسب كلوديا دي مارتينو وروث هانو سانتيني في مقال على موقع "أسبينيا" ونشر في كانون الأول/ ديسمبر "تمثل الحرب في غزة انقساما سياسيا جديدا في أوروبا ويشمل ثلاث مجموعات من الدول، وتعلم فجوة واسعة بين مواقف الحكومات والرأي التعام وبشكل متواز زيادة عالية في معاداة السامية وكراهية الإسلام".
وبدت الدبلوماسية الأوروبية في حالة دفاع بسبب الحرب على غزة التي وجّهت ضربة قاسية لجهود الإتحاد الاوروبي تعبئة حكومات أوروبا وأبعد منها لدعم حق أوكرانيا بالدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي. فيما قال لويجي سكازيري من مركز الإصلاح الأوروبي إن "عدم استعداد أوروبا لاتخاذ خطوات متماسكة من العمليات الإسرائيلية في غزة، قوى من السرديات حول المعايير المزدوجة ومعاملة دعم أوكرانيا بأنه قتال من أجل مستقبل النظام القائم على القواعد وعدم استعداده في المقابل لمحاسبة إسرائيل".
كما وضعت الحرب علامة استفهام على مصداقية قوة أوروبا الناعمة والتي كان ينظر إليها كرصيد لقارة تعاني من قصور في الثقل العسكري. وفي مقال نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لجيمس لينتش وافق فيه أن "القوة الناعمة" لأوروبا نابعة من ازدهارها الإقتصادي وقيمها الإجتماعية ، إلا "قوة أوروبا الناعمة ربما عانت ضربة لا إصلاح لها في العالم العربي. ويبدو أن الساسة الأوروبين حسبوا أنهم يستطيعون تحمل الضرر قصير الأمد على سمعتهم وأن علاقة أوروبا القائمة ستعود كما كانت عليه عندما يتوقف القتال في غزة" ولكن هذا سوء تقدير لأن المفاهيم بشأن أوروبا تنهار بالمنطقة.
وأشار الكاتب إلى أن "التصويت في داخل الأمم المتحدة كشف عن انقسام الحكومة الأوروبية. ففي التصويت الأول الذي دعا لوقف إطلاق النار، دعمت ثماني دول القرار وعارضته أربع دولة وامتنعت 15 دولة عن التصويت. وفي القرار الثاني الذي دعا لوقف فوري إنساني لإطلاق النار والإفراج بدون شروط عن الأسرى الإسرائيليين، صوتت 17 دولة في الإتحاد الأوروبي لصالحه وعارضته دولتين وامتنعت ثماني دول عن التصويت له. وانقسام كهذا يعقد من مهمة مسؤول السياسات في الإتحاد لتقديم موقف واحد تدعمه الدول الـ 27 عضوا في الاتحاد".
ويعتقد الكاتب أن "الخلافات الأوروبية بشأن الشرق الأوسط متجذرة في تاريخ كل دولة أوروبية في الفترة ما بين الحربين العالميتين والقرن العشرين. دولة التشيك من أشد المناصرين لدولة الاحتلال الإسرائيلي في الإتحاد الأوروبي، أما إسبانيا فهي من أشد المؤيدين لفلسطين".
وركز مقال كتبه توماس جيتشوفوسكي على مناصرة التشيك لدولة الاحتلال الإسرائيلي ركز فيه على سيطرة الإتحاد السوفييتي على تشيكوسلوفاكيا عام 1948 وانهيار الثورة القرمزية عام 1989، فقد حافظت موسكو طوال الوقت على علاقات قوية مع الدول العربية المعادية للاحتلال الإسرائيلي. وكان على الدول التابعة للاتحاد السوفييتي الإلتزام بنفس السياسة من الشرق الأوسط.
وبعد عام 1989 مثل الموقف المؤيد للاحتلال الإسرائيلي استقلالية التشيك ببناء سياسة خارجية خاصة ومتحالفة مع الولايات المتحدة. وبالمقارنة، فعلاقة إسبانيا كانت مضطربة مع الاحتلال الإسرائيلي ولم تقم علاقات دبلوماسية معها إلا عام 1986.
وهذا بسبب معاداة إسرائيل لديكتاتورية فرانكو واستمرت منذ الحرب الأهلية الإسبانية ما بين 1936-1939 وحتى 1975. وفي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية حاولت إسبانيا بناء علاقات مع العالمين العربي والإسلامي وتأمين الاستقرار مع جيرانها في شمال أفريقيا ومنطقة البحر المتوسط.
ومن اللافت للنظر أن السياسة الإسبانية تنقسم إلى يمين ويسار وبين الحكومة المركزية في مدريد والانفصاليين في كاتالونيا إلا أن ما يجمعها هو دعم فلسطين. والاستثناء الوحيد هو حزب فوكس المتطرف، فقبل ظهوره صوتت كتلة من النواب في البرلمان بالإجماع على مقترح عام 2014 للإعتراف بالدولة الفلسطينية.
لكن ما هو موقف الرأي العام من الحرب؟
ففي تحليل لصحيفة "فايننشال تايمز" وجد أن نصف من استطلعت "يوغوف" مواقفهم من النزاع عبروا عن عدم اهتمام بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وفي استطلاعات لاحقة أجريت في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر وجدت الناخبين غير ملتزمين بنسبة 24- 31 في المئة؛ قالت إنها تتعاطف مع الطرفين، وشملت الاستطلاعات سبع دول أوروبية وهي الدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وبريطانيا.
وقالت نسبة 27- 37 في المئة إنها غير متأكدة. مما يقترح أن المواقف العاطفية الواعية والمواطنين الناشطين سواء متعاطفة مع فلسطين أو دولة الاحتلال الإسرائيلي هي ممثلة لكل المجتمعات الأوروبية. لكن استطلاعات يوغوف تعبر عن توجهات مختلفة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
فالجيل الشاب تحت سن الـ29 عاما متعاطف أكثر مع الفلسطينيين فيما يبدو الجيل ما فوق الـ 45 عاما أكثر تعاطفا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ويبدو الميالون لليسار أكثر تعاطفا مع فلسطين، مقارنة مع أتباع اليمين الداعمين للاحتلال الإسرائيلي. وفيما يخص الأحزاب السياسية الأوروبية التي تميل لليمين المتطرف ويعرف عنها عداءها للسامية، فإنها تبنت موقفا معاد لفلسطين. وهذا الموقف مرتبط بالعداء المستحكم للإسلام وموقعه في المجتمع الأوروبي وبخاصة في الدول ذات الأقليات المسلمة الكبيرة مثل فرنسا وهولندا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الرأي العام فلسطين فلسطين غز ة الرأي العام المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی فی أوروبا فی غزة
إقرأ أيضاً:
وثيقة مسرّبة تهدد بتفريق أوروبا: ترامب يسعى لفصل أربع دول عن الاتحاد الأوروبي
كشفت تقارير إعلامية أميركية متخصصة في شؤون الدفاع عن وثيقة مسرّبة تتضمن مقترحاً مثيراً للجدل تدفع به واشنطن لفصل أربع دول أوروبية عن الاتحاد الأوروبي ضمن استراتيجية جديدة تحمل شعار "لنجعل أوروبا عظيمة مرة أخرى".
الوثيقة التي نشر مضمونها موقع ديفنس وان تشير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى استمالة كل من النمسا وإيطاليا وهنغاريا وبولندا لإخراجها من المنظومة الأوروبية وتقريبها من دائرة النفوذ الأميركي، في خطوة قد تعيد رسم المشهد السياسي في القارة.
وتؤكد الوثيقة أن هذه الاستراتيجية تدعو الولايات المتحدة لدعم الأحزاب والحركات التي "تتبنى السيادة وتتمسك بالحفاظ على أنماط الحياة الأوروبية التقليدية"، معتبرة أن الاتحاد الأوروبي يهدد سيادة الدول، ويقيد الحريات السياسية، ويعجز عن التعامل مع الهجرة الجماعية.
ويأتي التسريب بعد أسبوع واحد من نشر الاستراتيجية الأميركية الرسمية للأمن القومي في وثيقة من 33 صفحة، والتي أثارت جدلاً واسعاً لتحذيراتها من "محو حضاري" محتمل في القارة العجوز، وللتشكيك في مستقبل بعض حكوماتها بوصفها "حلفاء موثوقين".
وعلى خلفية الضجة التي تسبب بها التسريب، نفى البيت الأبيض بشكل قاطع صحة الادعاءات. وأكدت آنا كيلي، نائبة السكرتير الصحفي، أنه "لا وجود لأي نسخة بديلة"، مشددة على أن ترامب وقّع على الاستراتيجية المعتمدة بوضوح ودون تعديلات سرية.
وتشير الوثيقة المسرّبة كذلك إلى أن سياسات الهجرة الأوروبية "تعيد تشكيل القارة وتولّد الصراعات"، وأن بروكسل "تقوّض الحرية السياسية والسيادة الوطنية". وجاء ذلك بالتزامن مع مقابلة نارية لترامب مع بوليتيكو شنّ خلالها هجوماً لاذعاً على قادة أوروبا، معتبراً أن سياسات الهجرة "تدمّر" بلدانهم، وأن دولاً عدة باتت "تنهار" تحت وطأتها.
كما انتقد ترامب دعم أوروبا لأوكرانيا، وكشف عن مكالمة شابتها "كلمات قوية" مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأكد ميرتس لاحقاً أن المزيد من المحادثات مقرّر عقدها مع الجانب الأميركي قريباً، وسط أحاديث عن اجتماع دولي مرتقب بشأن أوكرانيا.
وزاد موقع ديفنس وان من حدة التوتر بنشره مقتطفات من "نسخة موسعة" للاستراتيجية قيل إنها نوقشت في جلسات مغلقة، وتنص صراحة على ضرورة تعزيز واشنطن تعاونها مع بولندا والنمسا وإيطاليا وهنغاريا بهدف إبعادها عن الاتحاد الأوروبي، مستشهدة بعلاقات ترامب الوثيقة مع قادة محافظين مثل فيكتور أوربان وكارول ناووركي، وإعجابه العلني برئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني.
وكان رد الفعل الأوروبي سريعاً وغاضباً؛ إذ انتقد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ما وصفه بمحاولة أميركية لإملاء خيارات سياسية على أوروبا، فيما اتخذ ميرتس موقفاً أقل حدة مع تأكيده ضرورة "زيادة استقلالية أوروبا عن الولايات المتحدة" في المجال الأمني. أما رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك فحذّر من تقويض العلاقات عبر رسائل مباشرة لواشنطن، بينما سارع سياسيون يمينيون مثل الهولندي خيرت فيلدرز إلى الترحيب بالتسريب.
وتفاقمت الأزمة بعد أن أعاد ترامب نشر مقال انتقادي من صحيفة نيويورك بوست على منصته "تروث سوشيال"، قبل أن يكرر تصريحاته التي حذر فيها من أن أوروبا "تسير في اتجاه سيئ للغاية". وفي سياق متصل، اجتمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا في لندن، في مسعى لتأكيد وحدة الموقف الأوروبي، بينما اتهمه ترامب بالمماطلة في قراءة مقترح للسلام، معتبراً أن روسيا "قد تكون موافقة"، لكنه "غير متأكد من موقف زيلينسكي".
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن