قال ضياء رشوان، الكاتب الصحفي والمنسق العام للحوار الوطني، إن الولايات المتحدة تحاول تحسين صورتها أمام العالم بالانضمام للجهود التي تقوم بها مصر ودول أخرى في إلقاء المساعدات على قطاع غزة عن طريق الجو، والأمر الثاني من خلال الميناء العائم الذي سيقام أمام شاطئ غزة.

استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على دير البلح بقطاع غزة ألمانيا تشارك بإنزال المساعدات الإنسانية جوًا في غزة

وأضاف "رشوان"، خلال استضافته ببرنامج "حديث الأخبار"، المذاع على قناة "إكسترا نيوز"، وتقدمه الإعلامية ريهام السهلي، أن هاتان الفكرتان محاولة لتحسين الصورة، لكن من الناحية العملية المساعدات الغذائية التي تنزل من الجو مطلوبة وتكفي ربما لبعض الفئات والمناطق لكن لا يمكن تغطي سكان غزة بأكملها، خاصة أن الطائرات لها حدود في حمل المساعدات والمعونات.

وأشار إلى أن هذا الميناء شيء طيب، لكن السؤال إذا وصلت المساعدات لشاطئ غزة من سيستلمها؟ خاصة أن الأونروا معزولة وهي الجهة الوحيدة التي لديها عدد أفراد يزيد عن 12 ألف شخص في غزة موزعين منذ عشرات السنوات ويعرفون السكان، وبالتالي لا يوجد جهات للتوزيع أو طرقا تسير عليها الناقلات المحملة بالمساعدات من على الميناء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رشوان ضياء رشوان غزة قطاع غزة اخبار التوك شو

إقرأ أيضاً:

ديفيد هيرست: إسرائيل دمرت صورتها الأخلاقية بتدميرها غزة

قال الصحفي البريطاني، ورئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" ديفيد هيرست، إن الحرب الأخيرة على غزة، التي اعتبرها الأطول والأكثر دموية في تاريخ الصراع، لم تحقق لإسرائيل أي نصر سياسي أو عسكري، بل أدت إلى انهيار صورتها الأخلاقية التي بنتها على مدى عقود.

فبرغم الدمار الهائل في القطاع، ظلت حماس والفصائل الفلسطينية صامدة، محتفظة بقدراتها القتالية والتنظيمية، بينما تحولت إسرائيل في نظر العالم إلى دولة تمارس الإبادة الجماعية.

هذا التحول، بحسب هيرست، أنهى فعلياً الأساس الأخلاقي الذي طالما اعتمدت عليه تل أبيب في تبرير أفعالها وكسب دعم الغرب.



ويرى هيرست في مقاله المنشور على الموقع أن نتائج الحرب أحدثت زلزالا في الرأي العام العالمي، خاصة في الغرب، حيث انقلبت موازين التعاطف لصالح الفلسطينيين، كما أظهرت استطلاعات الرأي والاحتجاجات الواسعة في أوروبا والولايات المتحدة.

ويشير إلى أن إسرائيل فقدت هيمنتها على الإعلام والرأي العام وأن هذه التحولات العميقة تنذر ببداية مرحلة جديدة في الوعي السياسي الغربي تجاه القضية الفلسطينية.

وتاليا نص المقال كاملا: 

كانت هذه أطول حرب وأكثرها دموية وأكثرها دماراً تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في تاريخ هذا الصراع.

ولسوف تنتهي بعروض مسرحية يقوم على إخراجها بشكل أساسي رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، الذي سوف يطير إلى إسرائيل لاستقبال الرهائن الذي مازالوا على قيد الحياة وهم يعودون. وقد يصدر حينها بيان، بناء على إصرار من حماس وقطر، يعلن رسمياً انتهاء الحرب.

سوف تنسحب القوات الإسرائيلية من المدن الكبرى في غزة، وسوف تدخل شاحنات الأمم المتحدة إلى القطاع – هذا ما يفترض أن يحدث في تلك اللحظة.

ولكن يجب أن نعرف أنه لا يوجد اتفاق بعد على المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق، بشأن نزع سلاح حماس وفرض انتداب دولي للحكم في غزة. ولا يتوقع أن يتم التوصل إلى أي اتفاق بهذا الشأن.

لا ريب أن ما تشكل لدى ترامب من وجهة نظار حول الخسائر التي منيت بها حماس خلال عامين من الحرب مخالف للواقع. فقد كان رئيس الولايات المتحدة قد قال مؤخراً بأن حماس كانت على وشك التحطم، بعد أن أبيدت قيادتها وقتل من مقاتليها خمسة وعشرون ألفاً، أي ما يقرب من نصف تعداد قواتها المقاتلة.

أما تقديرات حماس للأضرار التي لحقت بها في المعركة فتفيد بأن سلامة مؤسساتها، من حيث القيادة والتحكم والاتصالات، صمدت أمام الاختبارات الشديدة، بما في ذلك ما وقع من اغتيالات في الصف الأول من قياداتها، إضافة إلى ما فجرته إسرائيل من قنابل داخل القطاع، والتي تفوق في شدتها العديد من مثل القنبلة الذرية التي أسقطت على هيروشيما.

كما أن لديها من المقاتلين نفس العدد الذي كان لديها في بداية الحرب، ولديها كمية لا تحصى من الأسلحة الخفيفة والمتفجرات التي يمكنها أن تصنع منها ما تحتاج إليه من قذائف مضادة للدبابات ومن ألغام وعبوات متفجرة.

حركة حماس، المصنفة في بريطانيا وفي غيرها من البلدان منظمة إرهابية، لا ترى في نفسها قوة مهزومة، ناهيك عن أن تعتبر نفسها مضطرة للخضوع لإرادة الجيش الإسرائيلي. ونفس الأمر ينطبق على الفصائل المقاتلة الأخرى داخل غزة.

أبعد ما يكون عن "السلام في عصرنا"

لم تتأثر شعبية حماس داخل غزة بسبب الحرب، وزادت شعبيتها داخل الضفة الغربية المحتلة. وأما في الشوارع العربية، وبشكل خاص في الأردن، فشعبية كتائب عز الدين القسام وصلت إلى مستويات أسطورية.

ليس وارداً بتاتاً أن تعتبر هذه اللحظة من التاريخ، من بين كل اللحظات، نهاية للصراع المسلح، كما يزعم ترامب ويزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ترى حماس أن الهدنة طويلة المدى، أو وقف القتال، لا يمكن أن يتحقق إلا إذا وافقت إسرائيل على الانسحاب إلى حدود عام 1967، وأنهت احتلالها لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

كما لا تقبل الحركة بالسماح لكيان دولي بأن يتولى إدارة الأمور داخل غزة، بما يعيد القطاع إلى أيام الاستعمار في عهد الانتداب البريطاني، الذي بدأ قبل ما يزيد قليلاً عن قرن مضى.
من الواضح أن هذا أبعد ما يكون عن "السلام في عصرنا" الذي بشر به ترامب – حتى وإن كنا نشهد نهاية واحدة من أشنع وأطول المعارك في الزمن المعاصر.

بإمكان حماس والفصائل المسلحة الأخرى، والأهم من ذلك سكان قطاع غزة، أن يعلنوا أنهم حققوا نجاحات استراتيجية. فقد أحبطوا مساعي إسرائيل، الأكثر جدية منذ عام 1967، لإخراج الفلسطينيين من ديارهم، ناهيك عن أن السكان تحملوا وقاوموا الإبادة الجماعية التي مورست بحقهم على مدى عامين من الزمن.

تمكنت غزة من تحقيق كل ذلك بمفردها. لم تحظ طوال ذلك الوقت بمساندة تذكر من قبل الأقطار العربية المجاورة. كان السبب الوحيد الذي حفز كلاً من مصر والأردن على قطع الطريق أمام الترحيل الجماعي لسكان غزة هو تأمين مصالحهم هم، ولم يكن ذلك بدافع التعاطف مع الفلسطينيين.

ومع ذلك لابد من الإقرار بأن البقاء على الأرض كانت تكلفته باهظة: فقد قتل أكثر من 67 ألفاً، هذا بدون تعداد الجثث التي مازالت تحت الأنقاض، ودمرت تقريباً جميع المساكن والمستشفيات والمدارس والمساجد والمؤسسات داخل غزة. ما من شك في أن ذلك سيترك أثراً نفسياً عميقاً على المدى البعيد على أهل القطاع، الذين سوف تلازمهم المعاناة بسبب المجاعة طوال حياتهم.

في هذه الأثناء سوف يتفاخر نتنياهو بأنه قضى على حماس كمنظمة قتالية، تماماً كما بدر منه من مزاعم بحق حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

سوف يستعيد جميع رهائنه، وقد وضع الأسس للحفاظ على حالة من الهدوء على امتداد الجبهة الغربية، على الأقل لجيل قادم. فغزة لن تشن أي هجمات على إسرائيل لفترة طويلة من الزمن في المستقبل.

سمعة إسرائيل المدمرة

ألحق نتنياهو بغزة دماراً شاملاً، لم يبق منها ولم يذر، وحولها إلى أرض لا يمكن العيش فيها. ولكن ما حدث خلال تلك العملية هو أن قوة إسرائيل الغاشمة الكاسحة أصابت في مقتل أمراً آخر لا يقل أهمية بالنسبة لتل أبيب عن إخضاع السكان الأصليين أو الاستيلاء على أرضهم.

إنه الأمر الذي طالما اعتمدت عليه إسرائيل لعقود من الزمن، وهو مصدر كل الأسلحة والأموال التي ما فتئت تحصل عليها من الولايات المتحدة ومن أوروبا.

ألا وهو سمعة إسرائيل الدولية التي مزقت شر ممزق بعد عامين من الإبادة الجماعية.
طوال هذا القرن، وعلى مدى معظم القرن الفائت، كانت السردية الإسرائيلية تزعم أن "الدولة اليهودية" كانت من حيث الجوهر مشروعاً أخلاقياً غايته إيجاد ملاذ آمن لليهود المضطهدين والمعذبين حول العالم.

غدت تلك السردية مغروسة في المنظومة الأخلاقية داخل جميع البلدان الغربية التي عرفت بأطول تاريخ من معاداة السامية. وبات حق إسرائيل في الوجود عقيدة دينية يعتنقها ويدافع عنها كل واحد من الأحزاب السياسية الكبرى في تلك البلدان.

كما صار تعريف المرء نفسه بأنه "صديق لإسرائيل" شعيرة لابد من القيام بها لضمان نجاح كل سياسي طموح – بل غدا ذلك دليل لإثبات الجدية، ورخصة للحكم، بغض النظر عما إذا كانوا يعرفون شيئاً عن الشرق الأوسط أو يأبهون بما يجري فيه من أحداث.

في كل مرة شنت إسرائيل فيها حرباً جديدة تحت رداء الهجوم الاستباقي، كان رد البلدان الغربية على ذلك عبارة عن جوقة تصم الآذان من الدعم "لحق الدولة اليهودية في الدفاع عن نفسها."

ويوم السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023، ارتقى هذا "الحق" ليصبح حرباً عادلة وشريفة تشن رداً على 11/9 الإسرائيلي، حيث اعتبر أسر حماس لعدد كبير من الرهائن أمراً يهدد وجود إسرائيل بأسره.

ثمة صرح، أو معمار، ضخم يقوم على قواعد الدعم الذي تحظى به إسرائيل من الولايات المتحدة وأوروبا، وكلما تضعضع هذا الصرح أو بدأت تظهر فيه الشقوق، ينتاب إسرائيل شعور بأنها باتت في ورطة.

ولكن خلال عامين قصيرين، لم يتضعضع ذلك الصرح فحسب، بل انهار بشكل كامل.

تغير الدعم

يمكن قياس ذلك من خلال أربع طرق مختلفة: من خلال استطلاعات الرأي، ومن خلال السردية السائدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال التطورات في المحاكم الدولية، وأخيراً، من خلال الكيفية التي تتفاعل بها النخب السياسية مع الأمر – على الرغم أنه من بين الطرق الأربع، هذه الأخيرة هي العنصر الأبطأ والأكثر تردداً.

استطلاعات الرأي واضحة جداً، ليس فقط بشأن تهاوي إسرائيل، بل وكذلك الاتجاه الذي تهوي نحوه. تتحدث وسائل الإعلام المؤيدة بقوة لإسرائيل، مثل نيويورك تايمز والغارديان، عن انقلاب زلزالي في مستوى الدعم الذي تحظى به إسرائيل.

كان المقترعون الأمريكيون قد تعاطفوا مع إسرائيل بشكل عام بعد الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل قبل عامين. حينها كانت نسبة من وقفوا إلى جانب إسرائيل 47 بالمائة، بينما وقف إلى جانب الفلسطينيين 20 بالمائة. ولكن في الشهر الماضي كشف استطلاع حديث أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع جامعة سيينا عن أنه، وللمرة الأولى في هذا الصراع، وقف إلى جانب الفلسطينيين عدد أكبر من الأمريكيين مقارنة بمن وقفوا إلى جانب إسرائيل، وكانت النسب على النحو التالي: 35 بالمائة مع الفلسطينيين و 34 بالمائة مع إسرائيل.

كما وجد الاستطلاع أن الأغلبية يعارضون أي مساعدات أمريكية عسكرية واقتصادية لإسرائيل. قال ستة من بين كل عشرة من المستطلعة آراؤهم إنه يتوجب على إسرائيل إنهاء الحرب، حتى وإن لم يتم إطلاق سراح جميع الرهائن. وقال أربعون بالمائة إنهم يعتقدون أن إسرائيل كانت تقتل المدنيين بشكل متعمد.

يعزز مشاعر العداء لإسرائيل الانقسام الحاصل في المجتمع الأمريكي على المستوى السياسي وبين الأجيال. ما يقرب من سبعة من كل عشرة من المصوتين دون سن الثلاثين عاماً عارضوا تقديم مزيد من المساعدات لإسرائيل. في أوساط الديمقراطيين، أعرب 54 بالمائة عن تعاطف أكبر مع الفلسطينيين مقارنة بما يقرب من 13 بالمائة أعربوا عن تعاطفهم مع إسرائيل.

تؤكد نتائج استطلاع غالوب هذه التوجهات، حيث لوحظ أن ستين بالمائة من الأمريكيين يعارضون الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، بينما يوافق عليها ما يقرب من ثلاثين بالمائة.

كان لوسائل الإعلام دور في تسليط الضوء على هذا الانهيار في الدعم وفي تسارعه، حيث يفوق التعاطف في أوساطها مع الفلسطينيين التعاطف مع إسرائيل.

قبل عامين، اتهم الجمهوريون مالك موقع تيك توك الصيني بايت دانس بهندسة خوارزميات المنصة بحيث يتم التلاعب بالرأي العام الأمريكي حول الحرب. أما اليوم فلم يعد ممكناً توجيه مثل هذه التهمة، حيث تتساوى تقريباً وجهات النظر المؤيدة لفلسطين وتلك المؤيدة لإسرائيل ضمن المحتوى من حيث عدد المشاهدات، وإن كانت مقاطع الفيديو المؤيدة لفلسطين لديها ميول أكبر نحو الانتشار الواسع والسريع.

في شهر سبتمبر / أيلول، خلص مركز أبحاث "الأمن السيبراني من أجل الديمقراطية" أنه مقابل كل منشور مؤيد لإسرائيل، كان هناك 17 منشوراً مؤيداً للموقف الفلسطيني.

لا ريب أن خسارة إسرائيل لمواقع التواصل الاجتماعي كميدان لها، على الرغم من محاولاتها العديدة لامتلاك قطع كبيرة من هذا العقار أو لشراء المؤثرين فيه، لها تبعات مباشرة.

العدالة الدولية

ولا يقل عن ذلك ما لحق بإسرائيل من أضرار في المحاكم الدولية، على الرغم من الجهود المكثفة التي بذلت، كما تحدث عن ذلك موقع ميدل إيست آي لأول مرة – ثم تبعه في ذلك آخرون من بعد – لاستمالة أو استدراج كريم خان، القاضي البريطاني مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وقضاة محكمة العدل الدولية، التي ماتزال تنظر في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل.

تقوض هذه الحملة التي تهدف إلى إعاقة مسار العدالة الدولية مزاعم الغرب بأنه حامي سيادة القانون الدولي.

يحمل نتنياهو من خطايا جرائم الحرب في غزة نفس – إن لم يكن أكثر من – تلك الخطايا عن جرائم الحرب في أوكرانيا التي حملها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لم يعد مبرراً على الساحة الدولية تحصين أحدهما من إجراءات العدالة الدولية بينما يتم إطلاق الكلاب من كل حدب وصوب للنيل من الآخر.

وكل هذا ينتج مسيرات ومظاهرات غير مسبوقة في مختلف أنحاء أوروبا، في جميع البلدان التي بإمكان إسرائيل أن تعول رسمياً على حكوماتها: ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا.

ولا أدل على ذلك مما شهد به المحلل السياسي معين رباني عبر موقع إكس (تويتر سابقاً)، حيث قال: "نشأت في هولندا، التي كانت في شبابي، وبسهولة مطلقة، أكثر بلد مؤيد لإسرائيل في أوروبا، لدرجة أن الزوار الفلسطينيين كانوا يقولون إنه من الأسهل أن تتحاور مع الإسرائيليين من أن تتحاور مع الهولنديين حول الشرق الأوسط."

ولكن أثناء احتجاج نظم نهاية الأسبوع، حسبما يقول رباني: "ما يقرب من ربع مليون مواطن هولندي، من كل الخلفيات، ومن كل ألوان الطيف، خرجوا ليرسموا خطاً أحمر ضد الإبادة الجماعية في غزة. لم يكن يخطر ببالي يوماً أنني سوف أرى مثل هذه المشاهد في حياتي، الأمر الذي أشعرني بالخشوع."

ثم مضى يقول: "لقد خسرت إسرائيل إلى غير رجعة الجمهور الهولندي، ولسوف تجد الحكومات الهولندية القادمة صعوبة بالغة، وبشكل متزايد، في الاستمرار في سياستها المؤيدة لنظام إبادة جماعية وفصل عنصري."

نفس الحالة من السخط عمت إسبانيا، حيث خرج مئات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع برشلونة ومدريد، وحيث تم اعتراض فريق الدراجات الهوائية الإسرائيلي عدة مرات أثناء سباق إسبانيا للدراجات الهوائية، ناهيك عن أن أكثر من أربعين إسبانياً، بما في ذلك عمدة برشلونة نفسها، كانوا ضمن من تم إخلاؤهم من أسطول الصمود العالمي الذي اعترضت سفنه إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر.

ونفس الشيء يحدث في إيطاليا، حيث نظمت النقابات المهنية إضراباً لأربع وعشرين ساعة. وطبقاً لوزير الداخلية الإيطالي، خرج أكثر من أربعمائة ألف متظاهر في تسعة وعشرين موقعاً في مختلف أرجاء البلاد، مع أن الرقم الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك بكثير.

تخطي العتبة

هل يمكن أن يتبخر هذا الدعم غير المسبوق للشعب الفلسطيني بعد انتهاء الحملة على غزة؟ جوابي على هذا السؤال هو: لا قطعية.

أولاً من خلال إطلاق سراح الرهائن، الأحياء منهم والأموات، سوف تكون حماس وغيرها من الفصائل المسلحة في غزة قد أزالت عن كاهلها عبئاً كبيراً. لقد ولد هذا العبء بين أنصار إسرائيل من الليبراليين الاعتقاد بأن حماس لا تقل سوءاً عن نتنياهو وليست أقل منه خطيئة ومسؤولية عن إطالة أمد هذه الحرب.

لقد ساعد الاستمرار في اعتقال الرهائن إسرائيل على إخفاء حقيقة أن نتنياهو قام مراراً وتكراراً بتخريب المحاولات السابقة لضمان إطلاق سراحهم عبر المفاوضات، وأن كثيراً من الرهائن، نتيجة لذلك، قتلوا بسبب ممارسات إسرائيل وعملياتها العسكرية.

فيما لو لم يستمر اتفاق وقف إطلاق النار إلى حين دخول المرحلة الثانية أو الثالثة، كما أظنه حاصل لا محالة، فلسوف يلجأ نتنياهو عن عمد وإصرار إلى اختيار وضع في غزة مماثل لما تحقق له في جنوب لبنان وفي سوريا وإيران: أي حالة من الهدوء الذي تقطعه أحياناً ضربات جوية متفرقة على أهداف مختارة.

إلا أن الهدوء في غزة لا يعني هدوءً في المسجد الأقصى حيث زعم وزير الأمن الوطني إيتامار بن غفير هذا الأسبوع تحقيق انتصار بعد اجتياحين متعاقبين نفذهما المستوطنون الإسرائيليون. كما لن يسود الهدوء في الضفة الغربي المحتلة حيث ستمضي قدماً عملية الضم، شريحة بعد أخرى، بحكم الأمر الواقع.

في مثل هذه الظروف، لن تستمر الاحتجاجات في أوروبا فحسب، بل من المتوقع أن تكتسب مزيداً من الزخم.

لم يعد الآن مستهجناً أن يخلص المرء إلى أن عتبة التأييد للحقوق الفلسطينية حول العالم، وبشكل خاص في العالم الغربي، قد تم تجاوزها – وأن هذه العملية باتت حتمية.

ترجيح كفة الميزان

وهذا يفضي إلى الصنف الأخير من التغيير، ولكنه الأكثر استعصاءً.

كما يكشف البحث الذي قام به كل من أندرو فينستين وجاك سينامون حول صندوق الثروة السيادي في النرويج، لقد سحبت أوسلو استثماراتها من بعض الشركات الإسرائيلية، وإن كان صندوقها الذي تقدر قيمته بما يقرب من 2 تريليون دولار، يستثمر بكثافة في شركات السلاح التي تزود الجيش الإسرائيلي باحتياجاته.

إن إسرائيل جزء من المادة الوراثية من القطاعات السياسية والمالية والعسكرية في الغرب. ولذلك سوف يستغرق قطع تلك العلاقة، ومن ثم عزل إسرائيل بحق، عقوداً لا أعواماً.

ولكن أياً كان الأمر، بات عدد البلدان التي تدعم الدولة الفلسطينية أكبر من أي وقت مضى، وعلى الرغم من مثل هذه الخطوة لا تتجاوز كونها حقنة مسكنة للجماهير، إلا أنها تمثل حراكاً سوف يؤدي في الحد الأدنى إلى إخضاع الحكومات، مثل حكومة بريطانيا، للتحدي: كيف ستضع خارطة طريق عملية للدولة الفلسطينية حينما لا تكون تلك الدولة موجودة؟
ولكن حتى على المستوى العملي من السياسة، قد لا يظل دعم إسرائيل هو السبيل الذي يسير فيه السياسيون الشباب للارتقاء مهنياً كما كان عليه الحال من قبل.

وكما لاحظت صحيفة نيويورك تايمز، كان معظم أعضاء مجلس النواب الجدد في دورتهم الأولى يحرصون فيما سبق على المشاركة في رحلة الحج السنوية التي ينظمها اللوبي الصهيوني (إيباك) إلى إسرائيل. وفعلاً، سافر قبل عامين مع إيباك إلى إسرائيل 24 نائباً. أما هذه السنة، فلم يسافر معها سوى 11 من أصل 33 نائباً جديداً من الحزب الديمقراطي.
قبل عامين كانت القضية الفلسطينية في عداد الأموات. أما اليوم فقد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق، وخاصة في أوساط الشتات الفلسطيني.

إن الثراء النسبي والمستويات المرتفعة من الثقافة والتعليم والتحصيل المهني في أوساط فلسطينيي الشتات لا يخلق حالة من اللامبالاة. بل من شأن المعاناة الشديدة لأهل غزة أن تعمق الإحساس بالذنب وتثير سؤالاً مفاده: لماذا لا يقوم أهل الشتات بما هو أكثر من ذلك. لقد حفز النضال الفلسطيني جيلاً بأكمله للقتال من أجل إتمامه.

إذا كان ترامب يظن أن "ْعملية السلام"، كتلك التي أعلن عنها في خطته لغزة، سوف توقف تلك الموجة من الطاقة والحماسة لتحرير فلسطين، كما أوقفت اتفاقية أوسلو التعاطف الذي ولده سعي إسرائيل لإخماد الانتفاضة الأولى، فإن شيئاً آخر في انتظاره.

لقد رجحت الإبادة الجماعية التي مارستها إسرائيل في غزة كفة الميزان في الرأي العام الغربي، ولا يمكن اليوم لأي عدد من شاحنات الطعام أو إعادة إعمار غزة أن توقف ذلك التوجه أو تعكسه.

سوف تنجم عن هذا الأمر عواقب كثيرة في الأعوام القادمة. إلا أن الإسرائيليين أبعد ما يكونون عن إدراك أهمية هذا التحول في الرأي العام ومدى خطره عليهم.

ولكن هذا هو حال جميع المشاريع الاستعمارية الاستيطانية عبر التاريخ. لا يستشرف أي منها نهايته الحتمية.

ميدل إيست آي

مقالات مشابهة

  • ضياء رشوان: حضور إعلامي واسع لنقل قمة شرم الشيخ
  • إنجاز 1.7 كم ضمن مشروع تطوير وتأهيل شارع الآثار في العين
  • غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
  • سلامة الغذاء: حملات مكثفة لضمان غذاء آمن وسليم من الميناء إلى المستهلك
  • الجو اتقلب.. الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس وموعد ارتداء الملابس الثقيلة
  • ديفيد هيرست: إسرائيل دمرت صورتها الأخلاقية بتدميرها غزة
  • هل أصيبت بمتحور كورونا الجديد؟.. تطورات الحالة الصحية لـ منى فاروق
  • بإلقاء حجارة.. الداخلية تكشف تفصيل مشاجرة طالبين ابتدائي بمدرسة حلوان
  • هكذا تحاول إسرائيل تقديم نفسها من جديد
  • إصابة شخص بحريق داخل شقة في الميناء