عبد الباري عطوان للمرة الثانية، وفي غضون بضعة أشهر، تقوم مسيّرتان اوكرانيتان، بإختراق أجواء العاصمة الروسية موسكو، وتحلقان فجر اليوم الاثنين فوق وزارة الدفاع، وتقصفان عمارات مجاورة لها قبل إساقطهما من قبل منظومات الدفاع الروسية. انه بلا شك اختراق عسكري معنوي كبير يقف خلفه جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لوزارة الدفاع الأوكرانية، يأتي ردا يائسا على فشل الهجوم العسكري المضاد، وتعاظم الخسائر في أوساط القوات الاوكرانية المهاجمة التي بلغت مقتل اكثر من 24 الف جندي في الأسبوعين الاولين لبدئه، وتدمير اكثر من 20 بالمئة من سلاح الدبابات والدروع الاوكراني.

الأمر شبه المؤكد ان هذا “الاختراق” الذي تزامن مع إنسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب، وتصاعد الهجوم الجوي الروسي بالمسيّرات على البنى التحتية لميناء اوديسا الاوكراني الجنوبي قد يعطي نتائج عكسية من حيث تكثيف الهجمات الروسية، وتوسيع دائرة استهدافاتها، مثلما هدد ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي والرئيس السابق. *** الهجمات العسكرية “الاستعراضية” التي تسعى الى رفع معنويات جيش مهزوم تتسع فيه دائرة التمرد والعصيان، والهروب الجماعي للجنود، ونحن نتحدث هنا عن الجيش الاوكراني، هذه الهجمات وحسب بعض الخبراء العسكريين الغربيين، ليست دليلا على كسب الحروب، مثلما يريد من يقف خلفها، وربما تكون دليل يأس، وارتباك معا، وهذا ينطبق على هذه الهجمات الأوكرانية الأخيرة، مثل ارسال المسيّرات الى موسكو، او قصف جسر القرم الذي عاد الى العمل بشكل طبيعي بعد اقل من 25 ساعة.  الجنرال فرانز غادي كبير المستشارين في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره في لندن، قال في مقابلة مع محطة تلفزيونية المانية يوم امس “ان القوات المسلحة الأوكرانية ما زالت تفتقر الى المهارات اللازمة للقيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق، وتكبدت خسائر فادحة، والهجوم المضاد سيبقى معركة استنزاف دموية، وجاءت نتائجه مخيبة للآمال بسبب حجم الخسائر ومحدودية الإنجاز”، اما اولينغ سوسكين مستشار زيلينسكي السابق فقد انتقد الرئيس زيلينسكي بشدة وقال “انه قد يجر دول منطقة البحر الأسود الأعضاء في حلف الناتو الى حرب موسعة مع روسيا قد تؤدي الى تدمير المنطقة”. عمليات التسليح المكثف لاوكرانيا من قبل الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا التي زادت عن ما قيمته مئة مليار دولار حتى الآن لم تعط النتائج المأمولة، بل خلقت حالة من التململ في صفوف هذا التحالف الغربي، انعكست في الانتقادات الواسعة للرئيس زيلينسكي اثناء انعقاد قمة حلف “الناتو” الأخيرة لغطرسته وتوجيه اللوم الى الدول المشاركة فيه، وتحميلها مسؤولية فشل الهجوم المضاد، الامر الذي دفع وزير الدفاع البريطاني بن والاس الى توبيخه علنا، وتذكره بأن هذه الدول “ليست شركة امازون مهمتها إيصال الأسلحة المتطورة اليه”، ولعل عدم اعتماد قمة الحلف لعضوية أوكرانيا فيه تجاوبا مع الحاح زيلينسكي، الدليل الأبرز على فتور حماس أعضاء الحلف في هذ المضمار. الولايات المتحدة الامريكية التي مهدت لهذه الحرب الاوكرانية بتوظيف زيلينسكي وجيشه وانصاره من اليمين النازي للقضاء على القوة الروسية، وتفتيتها جغرافيا وسياسيا، بدأت تدرك انها هي التي وقعت في مصيدتها، وليس الرئيس بوتين، ولعل ارسالها لهنري كيسنجر عجوز الدبلوماسي الامريكية الهرم الى بكين في “مهمة سرية” بحثا عن وساطة للخروج من المصيدة”، بأقل الخسائر، ولكن القيادة الصينية ليست في عجلة من أمرها، ولن تقوم بأي دور للوساطة الا بعد رفع الولايات المتحدة الرايات البيضاء والاعتراف بالهزيمة، والتخلي كليا عن دعمها لانفصال تايوان الكامل والابدي عن الصين الوطن الام، فغرق امريكا وحلف الناتو في حرب أوكرانيا “بوليصة أمان” للصين، وفرصة ذهبية لمواصلة صعودها بعيدا عن الضغوط الى قمة العالم اقتصاديا وعسكريا، وتعزيز حلفها الجديد المتمثل في منظومتي “بريكس” و”شنغهاي” البديلين، او بالأحرى المنافسين لحلف “الناتو” ومجموعة الدول السبع. كان لافتا إسراع الصين، وبعد مغادرة كيسنجر لأراضيها، بإصدار بيان يدين بصورة غير مباشرة، ارسال الولايات المتحدة قنابل عنقودية محرمة دوليا الى أوكرانيا، وتحذيرها من خطورة هذه الخطوة، ولعل هذه الإدانة رسالة واضحة تقول انها، أي الصين، أصبحت تملك العذر لتزويد روسيا بالسلاح الصيني في المستقبل المنظور اذا اقتضت الحاجة. *** سكوت ريتر الخبير العسكري الأمريكي لم يجانب الحقيقة عندما قال في مقابلة تلفزيونية قبل يومين ان روسيا ستكسب هذه الحرب ولن تخسرها، فبعد مرور 500 يوم على بدئها، ما زالت تحتفظ بالأقاليم الاوكرانية الأربعة التي ضمتها، الى جانب شبه جزيرة القرم، وما زال الرئيس فلاديمير بوتين على قيد الحياة، وبصحة جيدة، والشعب الروسي لم يثر ضده، وجيشه لم ينقلب لأطاحته، اما تمرد مجموعة “فاغنر” فلم يكن اكثر من زوبعة في فنجان، وبات من الماضي.. والله اعلم.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

موجة طائرات مسيرة تخترق أجواء الاحتلال وإسقاط بعضها بعد مطاردة جوية

أعلن الاحتلال الإسرائيلي اعتراض طائرتين مسيرتين بعد مطاردة تسببت بتفعيل صفارات الإنذار في عدد من مدن الشمال، وذلك بعد أنباء تحدثت عن موجة طائرات مسيرة تحترق أجواء الأراضي المحتلة.

وقالت القناة 12 العبرية إنه جرى تفعيل صفارات الإنذار في مدينتي الخضيرة وقيسارية (شمال) بعد تفعيلها في بيسان (شمال شرق) أيضا، مضيفة أنه جرى لاحقا اعتراض المسيّرة بعد مطاردة من بيسان إلى الخضيرة.

يذكر أن منزل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يقع في مدينة قيسارية.
ومن ناحية أخرى، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن "4 مسيرات إيرانية اخترقت الأجواء الإسرائيلية منذ صباح اليوم".


ولم تذكر الهيئة الجهة التي أُطلقت منها المسيرة، لكن "إسرائيل" أعلنت في الأيام القليلة الماضية اعتراض عدد من المسيرات التي أُطلقت من إيران.

بدوره، أكد أعلن قائد القوات البرية بالجيش الإيراني إنها استهدفت مواقع داخل إسرائيل بعشرات المسيرات خلال اليومين الماضيين.

وقال جيش الاحتلال في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا): "إثر تنبيهاتٍ تم تفعيلها بشأن تسلل طائرات معادية إلى مناطق عدة من البلاد، اعترضت القوات الجوية هدفا جويا مشتبها به، عَبَر البلاد من الشرق".

وفي منشور آخر أضاف: "عقب تنبيهات تم تفعيلها بشأن تسلل طائرات معادية إلى جنوب مرتفعات الجولان (السورية المحتلة)، اعترض سلاح الجو هدفا جويا آخر مشتبها به عَبَر الأراضي الإسرائيلية من الشرق".

وصباح اليوم، أعلن جيش الاحتلال اعتراضه 8 طائرات مسيّرة أُطلقت من إيران الليلة الماضية، ضمن رد طهران على عدوان بدأته تل أبيب، الجمعة.

وبدعم أمريكي، بدأت "إسرائيل" فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بقصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، ما خلف إجمالا 224 شهيدا و1277 جريحا.


ومساء ذات اليوم، بدأت إيران الرد بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة، بلغ عدد موجاتها 11، وخلفت حتى ظهر الاثنين نحو 24 شهيدا ومئات المصابين، وأضرار مادية كبيرة، وفق وزارة الصحة الإسرائيلية وإعلام عبري.

وارتفع عدد القتلى الإسرائيليين جراء الصواريخ الإيراني التي جاءت ردا على الهجوم الإسرائيلي إلى 24 على الأقل وأصيب ما لا يقل عن 100، بينما هدد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، سكان طهران، وفي وقت تحدثت طهران فيه عن "أسلوب جديد" جعل هجومها أكثر فاعلية.

وتعد طائراتي "شاهد 129" و"شاهد 136"، من أبرز المسيرات الإيرانية ، الأولى من الطائرات المسيّرة التكتيكية المتقدمة، وقد طورت على غرار أنظمة غربية مثل "إم كيو-1 بريداتور" الأمريكية.

وتمتلك الطائرة القدرة على التحليق لمدة تصل إلى 24 ساعة، وقطع مسافة تصل إلى 1700 كيلومتر، وهي مسافة كافية للوصول من وسط إيران إلى العمق الإسرائيلي دون الحاجة للتزود بالوقود أو الاعتماد على محطات ترحيل.


وتعد "شاهد 136" طائرة انتحارية أحادية الاستخدام، مصممة لتصطدم بالهدف وتنفجر فيه، محمّلة برأس حربي يزن ما بين 20 و50 كيلوغراما.

وتتميز ببنية بسيطة، تشمل أجنحة مستقيمة، وهيكلا ضيقا، ومحركا صغيرا بمكبس خلفي، ما يجعل تصنيعها رخيصا ويتيح إطلاقها بأعداد كبيرة.

مقالات مشابهة

  • افتتاح الدورة الثانية لمسابقة “رخمانينوف” الموسيقية الدولية في موسكو
  • موجة طائرات مسيرة تخترق أجواء الاحتلال وإسقاط بعضها بعد مطاردة جوية
  • الدفاع الروسية: استهداف مركز قيادة المجموعة الأوكرانية “لوغانسك”
  • “الجمعة الأسود 13”.. معتقدات “يوم الحظ السيئ” ما علاقته بالأحداث الفظيعة؟
  • خارجية روسيا: موسكو مستعدة لدعم جهود تسوية ملف البرنامج النووي الإيراني
  • الرئيس الأوكراني يدعو ترامب لتشديد العقوبات على روسيا
  • زيلينسكي: أوكرانيا أوقفت تقدم القوات الروسية في منطقة سومي
  • بوتين منددًا بالهجوم الإسرائيلي على إيران: قضايا النووي “لا يمكن حلها إلا بالدبلوماسية”
  • “الجمعة الأسود 13”.. معتقدات “يوم الحظ السيء” ما علاقته بالأحداث الفظيعة؟
  • بوتين يؤكد لـ نتنياهو استعداد موسكو للوساطة مع إيران لمنع تصاعد التوتر