مختصون يجيبون عن سؤال الساعة: متى يحق الزواج للمعاق ذهنيا؟ وما هي الشروط؟
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
يعد الزواج المبكر، ظاهرة من أخطر الظواهر، التي شغلت الرأي العام على مدار السنوات الماضية، حيث يعتبرها البعض جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون.
ويحاول العديد من الحقوقيين والمهتمين إيجاد حلول لهذه القضية شديدة التعقيد للحد من انتشارها وتشكيل الوعي وتوجيه أنظار المجتمع إلى خطورتها، الأمر الذي أثار جدلا واسعا خلال الآونة الأخيرة.
ولم تقتصر الزواج المبكر على حداثة سن الزوجين، بل تعدتها إلى متغير جديد تمثل في مسألة زواج ذوي الهمم (أصحاب الاعاقات المختلفة) من قاصرات، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى التساؤل حول صحة عقد الزواج من الناحية الشرعية.
زواج ذوي الهمم من القاصراتيقول إبراهيم عيسى (مأذون شرعي) لـ «الأسبوع» إن زواج من لديه إعاقة ذهنية بأي شكل من الأشكال، من فتاة وافقت على الزواج منه في حضور الأهل والأقارب، وولي أمره أو القيم عليه الذي يدير شؤون حياته، يعد زواجا صحيحا من الناحية الشرعية والقانونية، مشيرا إلى أن دار الإفتاء المصرية في الفتوى رقم 441 لسنة 2005، نصت على أن من حق المعاق عقلياً أن يتزوج، والشرط لعقد الزواج هو وجود ولي وشهود فقط.
شروط عقد زواج ذوي الهممويوضح عيسى، أن من شروط عقد زواج ذوي الهمم، هو موافقة الفتاة دون إجبار على الزواج طبقا للمذهب الحنفي، ولكن إذا أجبرت البنت على الزواج في العقد باطل لا يصح، وبالنسبة للولد يجوز شرعاً أن يتزوج، ولكن دون أن يسبب ضرر أو إيذاء نفسي أو جسدي للطرف الآخر.
ويطالب عيسى بضرورة إجراء تقييم نفسي لأصحاب الإعاقات، حتى يتمكن المأذونون الشرعيون من عقد زواج صحيح، لا تشوبه شائبة.
ويشير عيسى إلى أن هناك شروطا واستثناءات لذوي الهمم لإتمام الزواج، تتمثل في تصريح من محكمة الأسرة بتعيين قيم أو ولي يتولى عقد الزواج نيابة عن المعاق.
خطورة زواج القاصرات والزواج العرفيويلفت عيسى، إلى أنه ليس من حق المأذون أن يمتنع عن عقد الزواج، حتى لو كان الشخص طبيعيا ولكنه يحمل مرضا خطيرا، إذ ليس هذا من تخصصه، بما أن جميع الأطراف موافقة على هذا الزواج.
وفيما يخص ظاهرة الزواج العرفي، يؤكد عيسى أن عقد الزواج من هذا النوع يثبت النسب فقط، ولكنه لا يترتب عليه أي حقوق قانونية للفتاة، مطالبا بتشريع قوانين بتجريم واضح وصريح لزواج القاصرات أو للزواج العرفي، لأن كل أبوابه خلفية لأشياء غير قانونية، مشيرا إلى أن الزواج المبكر، كان منتشرا بكثرة قبل 10 سنوات، ولكن قل بنسبة 90%، مع تشديد الدولة، والتوعية الإعلامية من خطورة ذلك.
دار الإفتاء: يجوز للمعاق ذهنيًّا أن يتزوجتجدر الإشارة إلى أن دار الإفتاء المصرية أفتت بأن من حق المعاق ذهنيًّا أن يتزوج، باعتبار أن الزواج حق من حقوقه، «فهو إنسان مُرَكَّبٌ فيه العاطفةُ والشهوةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، ولكن لا يجوز له أن يباشر عقد الزواج بنفسه، بل وليُّ أمره هو من يُزوِّجه».
وأكدت دار الإفتاء في بيان، أن هذا الحق ثابت للمعاق ذهنيا شرعًا، فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، فإن من كان في مرتبةٍ دون هذه المرتبة -كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة- يكون زواجه جائزًا من باب أولى، ولا حرج في ذلك، ما دام المعاق مَحُوطًا بالعنايةِ وَالرعايةِ اللازمتين.
واقعة عروس الشرقية وعريس متلازمة داونوكان مقطع فيديو مدته 27 ثانية، قد انتشر على نطاق واسع خلال الأيام الماضية، أظهر شاباً من المصابين بمتلازمة داون، يحتفل بزفافه على فتاة ظهرت وهي تبكي أثناء مراسم الفرح، مما أثار حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين انقسمت آراؤهم بين التعاطف والرفض، فيما شكك البعض في مدى أهلية العريس العقلية لعقد هذا الزواج.
اقرأ أيضاًعريس متلازمة داون.. هل يجوز شرعًا وقانونًا زواج ذوي الهمم؟
بعد واقعة عروس الشرقية وعريس متلازمة داون.. خبير نفسي يوضح شروط زواج ذوي الهمم «فيديو»
سفاجا تشهد مبادرة خيرية لدعم المقبلين على الزواج وذوي الهمم
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إبراهيم عيسى ذوي الهمم الزواج المبكر زواج القاصرات دار الافتاء المصرية مأذون شرعي زواج ذوي الهمم زواج ذوی الهمم دار الإفتاء عقد الزواج على الزواج أن یتزوج زواج من إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: كيف يكون الجواب على سؤال: أين الله؟ وما الفهم الصحيح للنصوص الشرعية الوارد في هذا الشأن؟
أين اللهوأجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة:
إنْ قُصد بهذا السؤال طلب معرفة الجهة والمكان لذات الله تعالى بما تقتضي إجابته إثبات الجهة والمكان لله سبحانه فإنه لا يصحُّ؛ إذ لا يليق بالله أن يُسأَل عنه بـ "أين" بهذا المعنى؛ لأن الجهة والمكان من الأشياء النسبية الحادثة، بمعنى أننا حتى نصف شيئًا بجهة معينة يقتضي أن تكون هذه الجهة بالنسبة إلى شيء آخر، فإذا قلنا مثلًا: السماء في جهة الفوق، فستكون جهة الفوقية بالنسبة للبشر، وجهة السفل بالنسبة للسماء التي تعلوها وهكذا، وما دام أن الجهة نسبية وحادثة فهي لا تليق بالإله الخالق سبحانه وتعالى.
وأوضحت انه من ثوابت عقيدتنا أن الله تعالى لا يحويه مكان ولا يحدّه زمان؛ لأن المكان والزمان مخلوقان، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شيء من خلقه، بل هو خالق كلِّ شيء، وهو المحيط بكل شيء، وهذا الاعتقاد متفق عليه بين المسلمين لا يُنكره منهم مُنكِرٌ، وقد عبَّر عن ذلك أهل العلم بقولهم: "كان الله ولا مكان، وهو على ما كان قبل خلق المكان؛ لم يتغير عما كان".
وذكرت انه قد تواردت عبارات السلف الصالح التي تُقرر ذلك المعنى:
يقول الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: "مَنْ زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك؛ إذ لو كان في شيء لكان محصورًا، ولو كان على شيء لكان محمولًا، ولو كان من شيء لكان مُحْدَثًا" اهـ. يُنظر: "الرسالة القشيرية" (1/ 29، ط. دار المعارف بالقاهرة).
وقيل ليحيى بن معاذ الرازي: "أَخْبِرْنا عن الله عزَّ وجلَّ، فقال: إلهٌ واحدٌ، فقيل له: كيف هو؟ قال: ملكٌ قادرٌ، فقيل له: أين هو؟ فقال: بالمرصاد، فقال السائل: لم أسألك عن هذا؟ فقال: ما كان غير هذا كان صفة المخلوق، فأما صفته فما أخبرت عنه" اهـ. يُنظر: "الرسالة القشيرية" (1/ 28).
وسُئِل ذو النون المصري رضي الله عنه عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: 5]، فقال: "أثبت ذاته ونفى مكانه؛ فهو موجود بذاته والأشياء بحكمته كما شاء" اهـ. يُنظر: "طبقات الشافعية الكبرى" للإمام السبكي (9/ 42، ط. دار هجر).
والمسألة هنا هي في فهم اللغة، والقرآن نزل بلغة العرب، والعربي عندما يسمع وصف الله تعالى بأنه ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ فإنه يفهم منه أنه سبحانه وتعالى قَهَر كلَّ شيء، وأن كل المخلوقات تحت سلطانه وقدرته؛ لأنه إذا كان العرش مقهورًا تحت قدرته وهو أعظم المخلوقات فغيره من المخلوقات من باب أولى؛ يقول الإمام الفخر الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (22/ 9-10، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت): [لما خاطبنا الله تعالى بلسان العرب وجب أنه لا يريد باللفظ إلا موضوعه في لسان العرب، وإذا كان لا معنى للاستواء في اللغة إلا الاستقرار والاستيلاء، وقد تعذّر حمله على الاستقرار، فوجب حمله على الاستيلاء، وإلا لزم تعطيل اللفظ، وهذا غير جائز، ولما قامت الدلالة العقلية على امتناع الاستقرار، ودل ظاهر لفظ "الاستواء" على معنى الاستقرار، فليس أمامنا إلا أربعة مسالك؛ إما أن نعمل بكلِّ واحدٍ من الدليلين، وإما أن نتركهما معًا، وإما أن نرجح النقل على العقل، وإما أن نرجح العقل ونؤول النقل.
والأول: باطل، وإلا لزم أن يكون الشيء الواحد منزَّهًا عن المكان وحاصلًا في المكان؛ وهو محال.
والثاني: أيضًا محال؛ لأنه يلزم رفع النقيضين معًا وهو باطل.
والثالث: باطل؛ لأن العقل أصل النقل فإنه ما لم يثبت بالدلائل العقلية وجود الصانع وعلمه وقدرته وبعثته للرسل لم يثبت النقل، فالقدح في العقل يقتضي القدح في العقل والنقل معًا، فلم يبق إلا الرابع، وهو أن نقطع بصحة العقل ونشتغل بتأويل النقل، وهذا برهان قاطع في المقصود.
والقانون: أنه يجب حمل كل لفظ ورد في القرآن على حقيقته إلا إذا قامت دلالة عقلية قطعية توجب الانصراف عنه، وليت مَن لم يعرف شيئًا لم يخض فيه] اهـ بتصرف.
ورحم الله تعالى حجة الإسلام الإمام الغزالي حيث قال في "المستصفى" (ص: 18، ط. دار الكتب العلمية): [اعلم أن كل مَن طلب المعاني من الألفاظ ضاع وهلك، وكان كمن استدبر المغرب وهو يطلبه، ومن قرر المعاني أولًا في عقله ثم أتبع المعاني الألفاظ فقد اهتدى] اهـ.
وقالت بناء على ذلك: يكون ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على علو الله عز وجل على خلقه مرادًا بها علو المكانة والشرف والهيمنة والقهر؛ لأنه تعالى منزَّهٌ عن مشابهة المخلوقين، وليست صفاته كصفاتهم، وليس في صفة الخالق سبحانه ما يتعلق بصفة المخلوق من النقص، بل له جل وعلا من الصفات كمالُها ومن الأسماء حُسْنَاها، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك، والعجز عن درك الإدراكِ إدراكُ، والبحث في كنه ذات الرب إشراكُ، فسبحان مَن لم يجعل للخلق سبيلاً إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.