تترقب الأسواق المحلية في اليمن وسط قلق بالغ، مجريات الأحداث المتصاعدة التي أعقبت الهجمات التي شنتها إسرائيل على إيران والقصف المتبادل بينهما، وانعكاس ذلك على تأجيج واضطراب الأسواق العالمية. وفي استجابة سريعة للحرب الإسرائيلية الإيرانية، سجل سعر صرف العملة المحلية تدهوراً ملحوظاً، أول من أمس السبت، من 2585 ريالا إلى 2614 ريالا مقابل الدولار.

 

يأتي ذلك مع ارتفاع أسعار النفط والذهب، في ظل توقعات بسيناريوهات خطيرة للأحداث قد تشمل المضائق المائية وممرات التجارة الدولية، وسط مخاوف باضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن. وما قد يضيف أعباء على اليمن الذي لا يعتبر بعيداً عما يدور، بل في قلب الأحداث منذ أكثر من عام ونصف العام، سخونة الأوضاع في البحر الأحمر والممرات المائية اليمنية، وتعرّض البلاد لعدوان إسرائيلي كان له تبعات جسيمة على موانئ الحديدة وخطوط الشحن في البحر الأحمر. وجاء ذلك مع استمرار الحوثيين في إطلاق الصواريخ التي تستهدف مطارات وموانئ الاحتلال الإسرائيلي، في ظل موقفهم المساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حسب بيانات رسمية.

 

تدهور العملة المحلية

 

الباحث المصرفي اليمني نشوان سلام، يرجع لـ"العربي الجديد"، سبب التدهور المتجدد للعملة المحلية بهذا المستوى، حيث كانت منذ بداية العام تتأرجح بين 2500 و2590 ريالا للدولار الواحد، إلى التوتر والاضطراب الحاصل في المنطقة بسبب الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، في بلد يفتقد للأدوات التي تمكنه من التعامل مع الأحداث الطارئة، إذ تستجيب الأسواق المحلية بشكل سريع لارتدادات أي اضطرابات بالمنطقة والتي ستجد طريقها بعد الريال إلى أسواق الذهب والنفط، مع اعتماد البلاد بشكل كلي على استيراد احتياجاتها من الخارج.

 

ومع اشتعال الأوضاع في المنطقة وما ينذر ذلك من تبعات كارثية على الدول المرتبطة بما يحصل؛ يعيش اليمن على وقع تبعات العدوان الإسرائيلي على كافة المستويات، حيث أثر بشكل بالغ على الحركة التجارية في الأسواق التي تعاني شحا في المعروض من مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية.

 

ويتزامن هذا مع ارتفاع الأسعار بشكل قياسي في ظل تراجع ملحوظ في القوة الشرائية، حيث يعاني اليمنيون من أزمة سيولة خانقة، يتوقع خبراء اقتصاد تفاقمها بسبب الأحداث المشتعلة في المنطقة التي أعقبت الهجمات الإسرائيلية على إيران، إضافة إلى معاناة التجار والمستوردين من صعوبات وتعقيدات بالغة، سواءً على مستوى توفير الدولار في ظل تفاقم أزمة السيولة من العملات الأجنبية والمحلية، أو في جانب الاستيراد ووصول بضائعهم إلى المخازن والأسواق في مختلف المدن اليمنية.

 

أزمة الممرات المائية

 

الخبير اليمني في الشحن البحري محمد شايف، يؤكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اليمن سيتأثر بشكل بالغ في حال امتداد الأحداث والتوترات والصراع إلى المضائق المائية، إذ قد تلجأ إيران إلى استخدام ورقة مهمة لديها، في ظل الدعم الأميركي والغربي اللامحدود لإسرائيل، تتمثل في إغلاق مضيق هرمز وباب المندب، وبالتالي تعطيل أحد أهم ممرات التجارة العالمية التي تعبر من خلالها نسبة كبيرة من تجارة النفط العالمية.

 

ويشير شايف إلى أن اليمن مرتبط بشكل مباشر بهذه التوترات، فالعدوان الإسرائيلي ومن قبله الأميركي تسبب في اضطراب كبير في سلاسل التوريد، مع توقف الشحن التجاري ودخول السفن المحملة بالوقود والبضائع إلى ميناء الحديدة، بالتزامن مع القصف العنيف للعدوان الذي طاول موانئ البحر الأحمر الثلاثة في الساحل الغربي لليمن، والذي أدى إلى خروجها عن الخدمة لأكثر من مرة طوال الشهرين الماضيين.

 

وحسب مراقبين، يعتبر اليمن في قلب الأحداث الراهنة، حيث تعاني البلاد بشكل ملحوظ منذ مطلع العام الحالي، من انفجار في الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، عدا عن تأثرها بشكل كبير بمجموعة من التحديات الناتجة عن تصنيف الإدارة الأميركية الجديدة للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وبالصراع الدائر في البحر الأحمر. والأهم التبعات الجسيمة التي خلّفها العدوان الأميركي والإسرائيلي على كافة المستويات، إضافة إلى التأثير الناتج عن حرب الرسوم الجمركية التي تسبب فيها ترامب، والآن مع انفجار الأوضاع في المنطقة بسبب الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، وفق المراقبين.

 

استيراد معظم الاحتياجات

 

المحلل الاقتصادي وفيق صالح يقول لـ"العربي الجديد": الوضع الحالي على المستوى المصرفي أو التجاري والأسواق أو في الجانب المعيشي والسيولة متوقع للغاية، في ظل كل هذه المستجدات والأحداث المؤثرة.

 

يشير صالح إلى أن اليمن بلد يستورد معظم احتياجاته من السلع الأساسية والاستهلاكية، وبالتالي أي اضطراب في سلاسل الإمدادات العالمية، يحد من قدرة البلاد على الاستيراد، ويقلص من حجم تدفق السلع والبضائع إلى الموانئ اليمنية، إضافة إلى أن ارتفاع تكاليف الشحن البحري والتأمين على السفن، يؤدي إلى مضاعفة تضخم أسعار السلع في الأسواق المحلية.

 

وتسببت الاضطرابات بالمنطقة في عجز اليمن عن الوصول إلى استيراد أهم المواد الأساسية مثل القمح، وفق حديث صالح، علاوة على أن هكذا وضع يدفع بالدول إلى العزوف عن تقديم المساعدات الإنسانية لليمن التي تعد أحد العوامل التي تساهم في الحركة النقدية والتجارية في الأسواق. واليمن بأمسّ الحاجة إلى استمرار هذه المساعدات لتحسين مستوى الأمن الغذائي والحد من تفاقم الأزمة الإنسانية، حسب صالح. ولمواجهة تكاليف التأمين المتوقع ارتفاعها، وخطوط الشحن الطارئة التي ستفرضها الأحداث والتوترات المتصاعدة؛ يأمل المستوردون والقطاع الخاص اليمني في فتح مسارات برية مؤمنة عبر سلطنة عمان أو السعودية، وحتى ميناء عدن لتقليل كلف الواردات.

 

بدوره، يذهب الباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن التأثير الأهم، خصوصاً في أزمة السيولة، تمثل في تراجع التمويلات الأممية والدولية، وانعكاس ذلك على تقليص أنشطتها التي كانت تعمل على خلق دورة نقدية مهمة تساعد في حركة الأسواق التجارية والمالية والمصرفية، مشيراً إلى التبعات الكبيرة التي ستنتج عن انفجار الأوضاع بهذا الشكل بعد الهجمات الإسرائيلية على إيران، حيث ستعمق من تدهور سعر صرف، وأزمة السيولة وتدهور المعيشة، والتي تتفاقم مع كل حدث جديد وطارئ، سواءً على مستوى اليمن أو المنطقة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد العملة الوطنية أسواق العربی الجدید البحر الأحمر فی المنطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

في ظل الأحداث الإقليمية.. رئيس حماية المستهلك يعقد اجتماعا مع قيادات الجهاز بالمحافظات

عقد ابراهيم السجيني، رئيس جهاز حماية المستهلك، اجتماعاً عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" مع رؤساء القطاعات و مديري الأفرع الإقليمية بكافة محافظات الجمهورية، وذلك لتشديد الرقابة بالأسواق وتابعة مدي توافر وإتاحة السلع الأساسية بالأسواق لاسيما السلع الأساسية التي تهُم المواطن، وذلك في ظل المتابعة المستمرة للأحداث الإقليمية الجارية وما قد يصاحبها من تأثيرات على الأسواق العالمية.

جاء ذلك بحضور كلا من اللواء محمود السيد، المشرف العام علي الرقابة علي الأسواق والتحريات، وشريف توفيق مدير الإدارة العامة لضبط الأسواق ، وهاني نبهان مدير عام فرع القاهرة.

في حملة للتموين وحماية المستهلك.. إعدام منتجات ولحوم فاسدة بقنابالواتساب.. طرق تقديم الشكاوى إلى جهاز حماية المستهلككيف يحافظ جهاز حماية المستهلك على حقوق المواطن أمام جشع التجار؟حماية المستهلك: تسجيل الشكاوى أصبح أسهل وبدون تدخل العنصر البشري

وخلال الاجتماع، أكد إبراهيم السجيني، على ضرورة تضافر جهود كافة قطاعات الجهاز والأفرع الإقليمية بالمحافظات بالتنسيق مع المقر الرئيسي ، لضمان استقرار الأسواق وتوافر السلع بكميات كبيرة وأسعار وجودة مناسبة للمواطنين ، فضلا عن تشديد الرقابة الميدانية والحملات الرقابية المكبرة بمختلف الأسواق بمحافظات الجمهورية خاصة في الفترات المسائية، وذلك لرصد أي ظواهر أو ممارسات سلبية تؤثر علي استمرار وفرة وإتاحة السلع.

وشدد السجيني، خلال اللقاء علي ضرورة استمرار عمل فرق "رصد الأسعار " علي مدار الساعة لضمان عدم أي تحركات قد تطرأ خلال الفترة الحالية ، مؤكدا أن الجهاز لن يتهاون في مواجهة أي مخالفات أو ممارسات سلبية تؤثر على حقوق المستهلكين.

وفي سياق متصل، وجه ابراهيم السجيني، بضرورة المتابعة المستمرة والتنسيق بين كافة الجهات المعنية لضبط الأسواق، وتنظيم حملات رقابية مكثفة بالتعاون مع كافة الجهات الرقابية لرصد المخالفات والتصدي لأي ممارسات احتكارية قد تحدث أو رفع غير مبرر للأسعار، وذلك في إطار حرص الجهاز على حماية المستهلكين وتحقيق استقرار السوق المحلي .

وفي هذا الإطار، أكد رئيس الجهاز على أهمية رفع تقارير دورية حول حركة الأسواق وحالة توافر السلع، والرصد الفعلي لأسعار السلع بالأسواق " لحظيا " وذلك لضمان التدخل الفوري في حال وجود أي مشاكل قد تؤثر على استقرار الأسواق، مشددًا على ضرورة التواجد والمرور الميداني لرؤساء القطاعات ومديري الأفرع الإقليمية ومأموري الضبط القضائي بالمحافظات، والقيام بجولات تفقدية بشكل مستمر للاطمئنان على توافر السلع وضبط حركة الأسواق .

وفي ختام اللقاء، أكد رئيس جهاز حماية المستهلك، أن الرسالة واضحة ومباشرة إلى كافة التجار ، وهي الالتزام بالقانون، وعدم حجب أي سلعة عن التداول أو التلاعب بكمياتها أو أسعارها، مشددًا على أن الجهاز سيتخذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة ضد أي مخالفة تمس حقوق المستهلك أو تخل بتوازن السوق، مشيرا إلي أن عقوبة حبس السلع عن التداول تصل ل "3 مليون جنيه" والحبس مدة سنة .

كما ناشد رئيس الجهاز المواطنين، بعدم اتباع بعض السلوكيات التي تؤثر علي أسعار السلع من تخزين للسلع والشراء بكميات تفوق الإحتياج الفعلي، موضحًا أن تخزين السلع بشكل مفرط يُسهم في خلق طلب غير حقيقي يؤدي إلى اضطراب الأسواق وزيادة الأسعار بشكل غير مبرر ، مؤكدًا على توافر كافة السلع الأساسية في الأسواق ، وأن أجهزة الدولة تتابع عن كثب حركة توافر السلع وضبط الأسواق، بالتنسيق مع الجهات المعنية، لضمان عدم حدوث أي نقص أو ارتفاع غير مبرر في الأسعار. 

طباعة شارك حماية المستهلك السلع الأساسية الأسواق العالمية توافر السلع

مقالات مشابهة

  • انخفاض سعر الذهب 30 ألف ليرة في الأسواق المحلية
  • النقل الدولي: سلاسل الإمداد لم تتأثر بالحرب الإسرائيلية الإيرانية حتى الآن
  • هجمات إيران وإسرائيل تشعل أسواق الطاقة.. الغاز يقفز وتحذيرات من أزمة إمداد عالمية
  • رد سريع على الهجمات الجوية التي شنتها إسرائيل.. صاروخ إيراني بقلب حيفا
  • في ظل الأحداث الإقليمية.. رئيس حماية المستهلك يعقد اجتماعا مع قيادات الجهاز بالمحافظات
  • حرب إيران وإسرائيل: انقلاب موازين أسواق النفط والاقتصاد العالمي
  • بعد إغلاقها مضيق هرمز.. إيران تُربك أسواق الطاقة وتركيا في دائرة الخطر
  • التوترات بين إيران وإسرائيل.. ما هي المخاطر التي تهدّد الاقتصاد العالمي؟
  • الذهب يرتفع 45 ألف ليرة في الأسواق المحلية