لندن: في الثامن من شهرآذار/ مارس الجاري، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً صاغته المملكة المتحدة يدعو إلى وقف فوري للقتال في السودان خلال شهر رمضان، وهو حل مستدام للصراع من خلال الحوار، والامتثال للقانون الإنساني الدولي ووصول المساعدات دون عوائق.

وتقول روزاليند مارسدين، سفيرة المملكة المتحدة السابقة لدى السودان، والزميلة المشاركة في برنامج أفريقيا في معهد تشاتام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية ) البريطاني إنه بعد 11 شهراً من الحرب، هذه هي المرة الأولى التي استطاع فيها المجلس الاتفاق على قرار.

كما مدد المجلس ولاية لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة التي تراقب نظام العقوبات في دارفور. فهل يمثل هذا أملاً في اكتساب الجهود الرامية لإنهاء الحرب زخماً؟ أم أنه من المحتمل أن يواجه السودان حرباً مطولة؟

مارسدين: ..لكنه أيضاً أمر متجذر في تاريخ السودان الطويل من الصراع الداخلي، وتهميش الأطراف وانعدام المساءلة عن الجرائم الشنيعة. ونظام البشير هو الذي أفرز قيادات قوات الدعم السريع والقوات المسلحة النظامية

وتضيف مارسدين، في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس، أن الحرب الدائرة في السودان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة اللواء محمد حمدان دقلو( حميدتي) تعتبر تنافساً على النفوذ والموارد بين فصيلين متنافسين في القوات المسلحة النظامية.

لكنه أيضاً أمر متجذر في تاريخ السودان الطويل من الصراع الداخلي، وتهميش الأطراف وانعدام المساءلة عن الجرائم الشنيعة. ونظام حكم الرئيس السابق عمر البشير هو الذي أفرز قيادات قوات الدعم السريع والقوات المسلحة النظامية.

ولم يهتم كلاهما بأرواح المدنيين السودانيين بخوضهما حرباً في مناطق حضرية ذات كثافة سكانية كبيرة.

ومع تركيز الاهتمام العالمي على غزة وأوكرانيا، لا تحظى حرب السودان سوى بقدر ضئيل من الاهتمام السياسي أو البرلماني أو الإعلامي الدولي على مستوى عال، ما يثير تساؤلات جادة حول ازدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات العالمية، لا سيّما الصراعات في أفريقيا.

وأكدت مارسدين أن السودان يعاني من كارثة إنسانية، حيث تلوح في الأفق مجاعة، وأكبر أزمة نزوح في العالم.

وحذر مدير برنامج الغذاء العالمي من أن الحرب يمكن أن تسفر عن أكبر أزمة مجاعة في العالم. ومع ذلك لا يحظى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة سوى بنسبة 4% فقط. وتهدد الحرب باحتمال زعزعة الاستقرار في دول مجاورة هشة بالفعل، ما سوف يؤدي إلى تدفقات مهاجرين جديدة كبيرة في أوروبا، واجتذاب الجماعات المتطرفة.

وقد استخدم الطرفان المتنافسان في السودان الجوع سلاحاً في الحرب. فقد نهبت قوات الدعم السريع مخازن الإمدادات الإنسانية وحاصرت المدن. وامتنعت لجنة المساعدات الإنسانية التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية عن السماح بوصول المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. وسوف يتعين على الأمم المتحدة تشديد المراقبة لضمان الحيادية في توزيع المساعدات. كما سيتعين على الدول المانحة السعي لمواجهة أزمة الغذاء المتزايدة، من خلال الحد من نقص التمويل الخاص بالمساعدات لدى الأمم المتحدة.

وأشارت مارسدين إلى أن انضمام أمين عام الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية إلى الدعوة لهدنة في رمضان يمثل زيادة كبيرة في الضغط على الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، بدأ رمضان في ظل المزيد من القتال. وليس من الواضح كيف يتوقع مجلس الأمن أن تكون هناك هدنة بدون أي مشاركة دبلوماسية للاتفاق على آلية للتنفيذ والمراقبة.

وأوضحت مارسدين أن هناك تفككاً في القيادة والتحكم بالنسبة للطرفين المتحاربين، وقد فشلا من قبل في الالتزام بهدن مؤقتة سابقة تمت الدعوة إليها في محادثات أجريت في جدة برعاية سعودية وأمريكية.

وحذرت مارسدين من أنه كلما طال أمد الحرب في السودان، كلما زاد خطر تطورها لتصبح حرباً أهلية عرقية واسعة النطاق، وكلما انتشرت المجاعة في البلاد.

مع تركيز الاهتمام العالمي على غزة وأوكرانيا، لا تحظى حرب السودان سوى بقدر ضئيل من الاهتمام السياسي أو البرلماني أو الإعلامي الدولي على مستوى عال، ما يثير تساؤلات جادة حول ازدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات العالمية

وقالت إنه لذلك هناك حاجة ماسة لبذل جهد دبلوماسي موحد على أعلى مستوى. وينبغي أن يكون الهدف هو تغيير حسابات البرهان وحميدتي، ومواجهة نفوذ الإسلاميين المتشددين الذين ينتمون لعهد البشير والذين يعرقلون المفاوضات. ويتطلب هذا عملية وساطة منسقة لمنع لجوء الأطراف المتحاربة إلى عملية انتقاء ما يناسبها من مبادرات الوساطة؛ ومن أجل استهداف التدفقات المالية والإمدادات العسكرية التي تؤجج الحرب، ودعم الجهود الرامية لتوحيد السودانيين الذين يعملون من أجل هدف التحول الديمقراطي.

وأكدت مارسدين أن المدنيين هم ضحية الحرب، وينبغي أن يشاركوا في كل مرحلة من مراحل أي عملية سلام. وينبغي أن يقوموا هم وليس الجنرالات بصياغة التحول ما بعد انتهاء الحرب. ويتعين محاسبة المسؤولين عن ارتكاب القظائع.

واختتمت مارسدين تقريرها بأن هناك حاجة الآن لدفعة قوية لإسكات الأسلحة، ودفع الأطراف المتحاربة إلى استئناف المحادثات التي بدأت في جدة، ويفضّل أن تكون في إطار صيغة موسعة. وهناك حاجة ماسة لالتزام سياسي رفيع المستوى أكثر وضوحاً، حتى لا تظل الحرب في السودان حرباً منسية.

(د ب ا)  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

منال عوض : القاهرة تواصل قيادة دفة الحوار البيئي الدولي بمؤتمر اتفاقية برشلونة

شهد الشق الوزاري لمؤتمر الأطراف الرابع والعشرين لاتفاقية برشلونة COP24 استعراضًا شاملًا للجهود والبرامج المعنية بحماية بيئة البحر المتوسط من التلوث،  وذلك عقب افتتاح الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، ورئيس الدورة الحالية لمؤتمر الأطراف الرابع والعشرين لاتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث (اتفاقية برشلونة) COP24، اليوم 4 ديسمبر 2025، فعاليات الشق الوزاري للمؤتمر، وذلك بحضور الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، والفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية، والفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، وعدد من قيادات محلية ودولية رفيعة المستوى، إضافة إلى ممثلي برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP، ورؤساء وفود 21 دولة متوسطية، ومنظمات إقليمية ودولية وممثلي المجتمع المدني.

وخلال الجلسة، قدمت السيدة تاتيانا هيما، منسقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وخطة عمل البحر المتوسط، عرضًا شاملًا للأنشطة التي تم تنفيذها منذ مؤتمر الأطراف الثالث والعشرين، وقد سلطت الضوء على أبرز الإنجازات والتحديات خلال العامين الماضيين، ومؤكدة استمرار دعم البرنامج للدول الأطراف للوفاء بالالتزامات البيئية.

وأوضحت تاتيانا أن خطة العمل ترتكز على 7 برامج محورية تشمل إزالة التلوث في البحر المتوسط، تعزيز النظم الإيكولوجية، دعم صمود البحر، الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية وفق نهج الاقتصاد الدائري، مواجهة تغير المناخ، دعم الحكومات في بناء القدرات، إضافة إلى برامج الرصد والتقييم والتوعية.

كما أكدت منسقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وخطة عمل البحر المتوسط وجود التزام قوي من الدول المتوسطية للحد من التلوث البحري وخاصة التلوث البلاستيكي، وهو ما انعكس في العديد من الإعلانات الوزارية خلال العقد الأخير، موجهة الشكر لصندوق البحر المتوسط والاتحاد الأوروبي على دعمهما المستمر لبرامج حماية البيئة البحرية.

وقدمت منسقة الأمم المتحدة استعراضًا للإجراءات والبروتوكولات الخاصة بالتعامل مع حوادث السفن والتسربات، وبرامج بناء القدرات البحرية، إلى جانب جهود دعم الدول في إعداد أطر السياسات. كما تناولت التطوير المستمر للبرنامج الحيوي للمناطق البحرية ذات الحماية الخاصة، مشيرة إلى مشروعات ممولة في الجزائر وليبيا ولبنان وتونس لتعزيز حماية التنوع البيولوجي.

وفي سياق متصل، استعرضت تاتيانا التقدم المحقق في برامج حماية الأنواع المهددة، والتحديثات الجارية في أدوات الرصد البيئي، بالإضافة إلى التقارير العلمية المتخصصة بشأن تأثيرات تغير المناخ، والتي يعتمد عليها صناع القرار في الدول الأطراف لاتخاذ التدابير اللازمة. كما تناولت دور المركز الإقليمي لتغير المناخ في تركيا (SBRC) وتحديد اختصاصاته خلال الدورة الحالية.وأشارت إلى تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة للتكيف مع تغير المناخ، واستعراض جهود دعم الاستخدام المستدام للبحار والمحيطات والاقتصاد الأزرق، بما في ذلك التشريعات والخطط الوطنية للمناطق الساحلية.

وأكدت تاتيانا أهمية إشراك المرأة والشباب في الاستراتيجية المتوسطية، معلنة عن فعاليات وجوائز بيئية من بينها "جائزة إسطنبول للمدينة الصديقة للبيئة" في نسختها الخامسة، وجوائز الاقتصاد الأزرق، إضافة إلى العمل على تحديد يوم إقليمي للاحتفال بالسواحل ويوم خاص بالاستدامة.

ويأتي انطلاق الشق الوزاري لمؤتمر COP24 تأكيدًا لالتزام الدول المتوسطية بمواصلة الجهود المشتركة لحماية البيئة البحرية وتعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات البيئية العالمية.

طباعة شارك إزالة التلوث في البحر المتوسط وخطة عمل البحر المتوسط حوادث السفن

مقالات مشابهة

  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: الدعم السريع ارتكبت جرائم حرب في السودان
  • تصاعد القلق الدولي مع تحذير الأمم المتحدة من موجة فظائع جديدة في السودان
  • منال عوض : القاهرة تواصل قيادة دفة الحوار البيئي الدولي بمؤتمر اتفاقية برشلونة
  • الأمم المتحدة: الدعم السريع نفذ عمليات قتل واختطاف وتجنيد قسري
  • مسؤولة في الأمم المتحدة: الدعم السريع تواصل قتل المدنيين في السودان
  • مقتل آلاف الأطفال يشعل الغضب الدولي.. العفو الدولية تتهم الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب
  • شهادات جديدة تكشف مراكز احتجاز الدعم السريع وجرائم الحرب في الفاشر
  • معارك بشمال كردفان واتهامات جديدة للدعم السريع بارتكاب جرائم حرب
  • زيلينسكي يكشف تقدّمًا في تنقيح إطار جنيف وسط معارك دبلوماسية نشطة
  • لأول مرة .. إدانة طفل في السودان حمل السلاح وتعاون مع الدعم السريع في الحرب