مصالحنا مع "روسيا البوتينية" والعالم الجديد
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
مع إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية بروسيا وفوز الرئيس فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة مدتها ستة أعوام، علينا نحن العرب التفكر وإدراك المتحولات العالمية من حولنا، واقتناص المستقبل متمثلًا في كيفية نسج علاقات دولية متوازنة مع الغرب والشرق دون إفراط أو تفريط.
روسيا اليوم قوة عالمية متعددة فرضت نفسها، ولم تعد روسيا الضحية للحرب الباردة وصراع المعسكرين الشرقي والغربي، هذا الصراع الذي ما زال يمارسه الغرب تجاه روسيا اليوم، رغم ليبراليتها وسوقها المفتوح وانفتاحها على العالم بصورة مغايرة تمامًا لموروثها السوفييتي.
ما زلنا نحن العرب اليوم ضحايا للبروباجاندا (الدعاية) الغربية تجاه الاتحاد السوفييتي ووريثته روسيا اليوم، ولم نحاول الانفكاك من هذه الصورة النمطية السلبية بالتقرب أكثر من روسيا، وخلق صورة حقيقية عنها من واقع قناعاتنا دون وسيط.
روسيا البوتينية، دولة حيوية لها مفاهيم وعقائد جديدة، تجعل التقرب منها سياسة ذات جدوى كبيرة ليس على صعيد التوازن الدولي في العلاقات؛ بل وعلى صُعد أخرى كثيرة كذلك منها التعاون في مجالات التقنية والطاقة والصناعات والثروات الطبيعية والتعليم والبحث العلمي، إضافة الى كونها دولة تحترم سيادة الآخرين وخصوصياتهم الثقافية.
روسيا البوتينية اليوم لها عقيدة ومفهوم جديد للأمن القومي الروسي، والذي أصبح يشمل كل جغرافية لروسيا مصالح بها حول العالم، وهذه العقيدة جعلت من روسيا حليفا موثوقا إلى حد كبير، وتجلّى ذلك في الموقف الروسي الصلب تجاه حليفتها الاستراتيجية سوريا، والتي وقفت روسيا إلى جوارها في مواجهة المؤامرة الدولية عليها حتى مقبض السيف.
جعل بوتين من دمشق إعلان ولادة روسيا البوتينية بعقائدها السياسية والعسكرية الجديدة المناقضة للعهد السوفييتي والذي كان لا يعبأ كثيرًا بمصير حلفائه خارج جغرافية الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو؛ الأمر الذي سهّل على الغرب اقتناص الحلفاء والتفرد بهم دون الخوف من أي ردة فعل كبيرة من السوفييت.
الأزمة التي افتعلها الغرب في أوكرانيا كفخٍ مصطنعٍ لاستنزاف روسيا عسكريًا واقتصاديًا، تحولت بفعل قوة روسيا وتخطيطها الاستراتيجي المضاد إلى فخ للغرب واستنزاف عسكري واقتصادي؛ بل وأخلاقي له؛ حيث سقط الغرب بكافة سردياتها للعالم بشأن السيادة وحقوق الإنسان والسلم الدولي، وتحوَّل إلى مجموعة من اللوبيات التي ترفع شعار الغاية تبرر الوسيلة، كما كشف للمجتمع الدولي بأن سيناريو أوكرانيا يمكن تفصيله على أي دولة لا تروق للغرب.
"طوفان الأقصى" اليوم استغلته روسيا للمزيد من إجهاد الغرب وتوسيع جبهات مواجهتها مع الغرب إلى جغرافيات أخرى، وهذا ما سيجعل الغرب يتنازل ويعترف في النهاية لروسيا بحقها في المخاوف بشأن مصير أوكرانيا والعودة إلى الاتفاق المبرم بين روسيا وأوكرانيا بشأن استقلال الأخيرة وأعترافها ببنود الاتفاق وشروطه من قبل الطرف الروسي.
آن الأوان لنا اليوم كعرب أن نُبحر صوب الشرق بقوة وثبات، إذا ما أردنا أن نلحَق بالعالم الجديد ونغادر مساحة الأحلاف الوهمية التي نسجها لنا الغرب وسكبها قسرًا في عقولنا حتى أصبحنا أسرى حقيقيين لخطابه وسياساته أكثر من مصالحنا وأبعد من ثوابتنا بسنوات ضوئية.
قبل اللقاء.. من يقرأ التاريخ، يقرأ المستقبل.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
البرلمان العربي يرفض خطة نتنياهو.. الاحتلال يخطط لابتلاع غزة والعالم يتفرّج
في ظل تصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، خرج البرلمان العربي ببيان شديد اللهجة، عبّر فيه عن إدانته المطلقة ورفضه القاطع لما وصفه بـ"خطة الاحتلال الممنهجة لفرض السيطرة على غزة بالقوة"، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الإنسانية وقرارات الأمم المتحدة.
وقال رئيس البرلمان العربي محمد اليماحي إن خطة الاحتلال "تمثل جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية"، مشيراً إلى أن استمرار المجازر بحق المدنيين في غزة، بمن فيهم النازحون في أماكن لجوئهم، يجسّد سياسة عدوانية ممنهجة ترمي إلى فرض واقع ديمغرافي وجغرافي جديد في القطاع بالقوة.
وأكد اليماحي في بيان صدر اليوم الخميس 8 ماي 2025 من العاصمة المصرية القاهرة، أن هذه الانتهاكات "ليست مجرد خروقات عسكرية، بل هي تحدٍ صارخ للضمير العالمي ولكل القوانين الدولية، من اتفاقيات جنيف إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة"، مضيفاً: "ما يحدث في غزة اليوم هو كارثة إنسانية وإبادة جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، في ظل صمت دولي مخزٍ وغير مبرر."
دعوات للمجتمع الدولي.. تحرك عاجل ومحاسبة قانونية
وطالب البرلمان العربي، عبر رئيسه، المجتمع الدولي ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية والحقوقية، إلى "تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية"، والتحرك بشكل عاجل لوقف العدوان، ومحاسبة كيان الاحتلال على جرائمه المتكررة. كما دعا إلى توفير الحماية الدولية الفورية للشعب الفلسطيني، وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.
وأكد اليماحي أن هذه الجرائم لا يمكن التعامل معها كأحداث عابرة، بل يجب أن تُدرج ضمن ملفات الملاحقة الجنائية الدولية، مشدداً على أن "السكوت عنها سيشجع الاحتلال على مواصلة انتهاكاته".
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة تحت حصار خانق وعدوان عسكري غير مسبوق، تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة. ومع إعلان الاحتلال الصهيوني، منذ مارس الماضي، عن نيته إطلاق عملية جديدة تهدف إلى "الاستحواذ والسيطرة" على القطاع، تصاعدت المخاوف من تنفيذ خطة تطهير عرقي وتهجير قسري لسكان غزة، وسط صمت دولي مريب وفشل مستمر في تمرير قرارات رادعة داخل مجلس الأمن.
وقد زادت حدة الأزمة بعد منع دخول المساعدات الإنسانية منذ 2 مارس 2025، ما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي والصحي في القطاع، وسط اتهامات أممية للاحتلال باستخدام "التجويع كسلاح حرب".
وبينما تمضي سلطات الاحتلال في تنفيذ خطة عدوانية غير إنسانية للسيطرة على قطاع غزة، يكثّف البرلمان العربي من جهوده الدبلوماسية والإعلامية لحشد موقف دولي موحد ضد هذه المخططات. ويبقى السؤال الملحّ: هل يتحرك العالم أخيرًا لإنقاذ غزة، أم يواصل الوقوف موقف المتفرج أمام واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية في القرن؟
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في غزة صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 961 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، وفق معطيات فلسطينية.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 171 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.