الرباط- أصبح من حق النساء المغربيات إصدار وتجديد وسحب جواز سفر أبنائهن القاصرين بموجب دورية أصدرتها وزارة الداخلية على العمال والولاة في مختلف جهات المملكة.

بدورها، راسلت وزارة الخارجية تمثيلياتها الدبلوماسية والقنصلية في الخارج بخصوص هذا الإجراء، لتوجيه خدماتها لتطبيق ذات الضوابط التي عممتها الداخلية على مستوى المملكة وإبلاغ المرتفقين بالوسائل التي تراها مناسبة، مشيرة إلى أن هذه الخطوة الاستباقية سيتم إقرارها بإطار قانوني ملائم.

ولقي هذا القرار ترحيبا في الأوساط الحقوقية النسائية، واعتبرته خطوة في طريق تحقيق مطلب أشمل وهو إقرار الولاية المشتركة للأب والأم على الأبناء.

ويأتي في الوقت الذي ما تزال فيه المشاورات مستمرة بخصوص تعديل قانون الأسرة، حيث استمعت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة لكل الحساسيات السياسية والحقوقية والمدنية والحكومية بهدف إجراء تعديلات متوافق عليها.

وكانت مذكرات عدد من الجمعيات الحقوقية النسائية والأحزاب السياسية والوزارات -بما فيها وزارة الخارجية والتعاون- قد تضمنت مقترحات تعديل المواد المتعلقة بالولاية أو الوصاية على الأبناء القاصرين، مع ما يطرحه النص القانوني الحالي من إشكالات تهم الجوانب الإدارية والقانونية للطفل، خاصة في حالة وجود نزاع أو طلاق بين الأبوين.

وينص قانون الأسرة في المادتين 179 و231 على أن الولاية القانونية في يد الأب في حالة الزواج أو انتفائه.

ووفق المادة 231 من القانون فإن النيابة الشرعية في يد الأب الراشد، ثم الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته.

بشرى عبدو: الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية "مفهومة ومعقولة" بالنظر للمشاكل الإدارية التي تعترض بعض النساء (مواقع التواصل الاجتماعي) مصلحة الطفل

وأوضحت مصادر وزارية للجزيرة نت أن هذه الدورية تأتي في إطار مراعاة المصلحة الفضلى للطفل وتسهيل المساطر الإدارية عبر تمكين الأمهات المغربيات من استصدار جواز السفر لأبنائهن القاصرين، ولحل عدد من الإشكالات التي سجلتها الإدارات الحكومية بهذا الخصوص.

ويطرح صدور هذا القرار على شكل دورية تساؤلات بشأن قيمته القانونية في ظل تنافيه مع مواد قانون الأسرة التي تمنح الولاية حصرا للأب فيما يخص المصالح الإدارية والقانونية للأبناء.

والدورية هي وثيقة إدارية يصدرها الوزير وتحتوي على قرارات أو تعليمات تنشر على جميع الموظفين للعلم بها واتباعها، وقد يكون منشورا توضيحيا لتفسير النصوص القانونية وقد يكون تنظيميا ذا أثر قانوني بأن يضيف قاعدة جديدة.

غير أن بثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، ترى أن حل العديد من الإشكالات القانونية يتم من خلال الدوريات في انتظار تعديل القانون، مشيرة في هذا الصدد إلى الدوريات التي أصدرتها وزارة الداخلية بخصوص تمكين النساء السلاليات من الاستفادة من حق الانتفاع من أراضي الجماعات السلالية أسوة بأعضاء الجماعة الرجال والتي تم العمل بها قبل إصدار قانون في الموضوع.

وفي المغرب، قبائل ودواوير قروية تسمّى سُلالية، ما زالت تطبّق القوانين المعتمدة على أعراف وعادات بائدة، منها حرمان نساء "سلاليات" كثيرات من الحصول على نصيبهنّ من الإرث، بذريعة الخوف من زواجهنّ برجال من خارج القبيلة، فتعود الأراضي بالتالي إلى أشخاص غرباء.

وقالت بثينة قروري للجزيرة نت إن الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية "مفهومة ومعقولة"، بالنظر للمشاكل التي تعترض بعض النساء في القيام بمصالح أبنائهن ذات الطبيعة الإدارية، خاصة إذا كان هناك طلاق، وكانت هناك صعوبات عملية لقيام الزوج بذلك.

وذكرت المتحدثة بوجود سابقة في هذا المجال تتعلق بحق التمدرس (الدراسة)، للطفل المحضون، إذ أصبحت المؤسسات التعليمية تمكن الأمهات من استخراج شهادة مغادرة التلميذ للمدرسة لأجل نقله إلى مدرسة أخرى قريبة من محل سكنهن، بمجرد إدلاء الأم بالحكم القضائي النهائي الذي يمنحها حق الحضانة.

وتنوه بثينة إلى أن "هذا الاستثناء لا يلغي القاعدة التي تجعل الولاية من مسؤولية الرجل"، موضحة أن المقصد الحقيقي للولاية هي أن يتحمل الأب مسؤوليته تجاه أبنائه، لأن الطلاق يتم تجاه الزوجة وليس الأبناء، لكن في حالة وجود صعوبات عملية، أو كان هناك تعسف من طرف الرجل خصوصا في حالة الطلاق -تقول بثينة- فإن منتدى الزهراء للمرأة المغربية الذي تترأسه يرى إمكانية منح الولاية للأم المطلقة بقرار قضائي؛ إذا ثبت للقاضي تعسف من طرف الأب في ممارسة هذه المسؤولية.

حنان رحاب: استفراد الأب بالولاية القانونية يسبب تعطل مصالح الأبناء في حال إخلاله بواجباته (مواقع التواصل الاجتماعي) دعوة إلى توسيع القرار

من جهتها، ثمنت حنان رحاب الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، هذه الخطوة التي اعتبرتها متأخرة.

وأوضحت للجزيرة نت أن القرار الملكي بإعطاء المغربيات المتزوجات من أجانب حق منح الجنسية المغربية لأبنائهن، كان يقتضي منحهن أيضا حق استخراج جواز السفر لأبنائهن القاصرين، لأن آباءهم الحاملين لجنسية أخرى لا يمكنهم مباشرة هذا الإجراء، وبالتالي كان الأبناء ينتظرون بلوغهم السن القانونية لمباشرة إجراءات استخراج جواز السفر.

وقالت رحاب إن هذا الإجراء منح هذا الحق لكل النساء المغربيات، ومنهن المقيمات بالخارج مهما كانت جنسية الزوج، ودعت إلى توسيعه ليشمل منح الحق للأمهات بإنجاز كافة الوثائق الإدارية لأبنائهن.

وأشارت المتحدثة إلى أن استفراد الأب بالولاية القانونية يسبب تعطل مصالح الأبناء، في حال إخلال الأب بواجباته لسبب ما، أو لوجود عذر قاهر في وقت يتطلب إنجاز وثيقة إدارية ما بشكل مستعجل.

ولفتت إلى ورود مجموعة من الإفادات على منظمة النساء الاتحاديات من أمهات حاضنات في الأيام الأخيرة يشتكين تلكؤ الأب، أو امتناعه أو تعذر التواصل معه لإنجاز البطاقة الوطنية للأبناء، والتي يحتاجها طلبة الثانوي لإجراء الامتحانات الإشهادية (الثانوية العامة).

وإلى جانب هذه الحالات التي يتم فيها الإضرار بمصالح الأبناء بعد الطلاق، هناك حالات أخرى ترتبط بإنجاز وثائق لها علاقة بالعلاج من أمراض خطيرة أو مزمنة، أو المشاركة في فعاليات ثقافية أو رياضية داخل المغرب أو خارجه، يكون للغياب عنها بسبب هذا العائق تأثير على نفسية الأبناء وأحيانا حتى مستقبلهم.

وتتفق بشرى عبدو رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة مع هذه الفكرة، كون هذا الاجراء سيحل إشكالا إداريا، لكنه لا يفتح الباب للنساء أمام مسؤوليات قانونية أخرى إزاء الأطفال، لأن الولاية القانونية تبقى في نهاية المطاف في يد الأب فقط.

وأكدت المتحدثة أن دور الأم لا ينحصر فقط في الرعاية المنزلية، بل ينبغي أن يكون لها الحق في القيام بمصالح الطفل الإدارية والقانونية.

وأشارت بشرى عبدو إلى أن جمعية التحدي للمساواة والمواطنة التي تترأسها قدمت إلى جانب الائتلاف النسائي من أجل مدونة قائمة على العدل والمساواة، مقترحات للهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة بخصوص الولاية القانونية المشتركة على الأبناء مع تقييد هذه الولاية لأحد الطرفين إذا كان لا يقوم بمسؤوليته إزاء الأبناء.

وقالت "إذا كان الأب لا يقوم بزيارة الأطفال ولا يؤدي مستحقات النفقة أو إذا كانت الأم غير حاضنة ومهملة لأبنائها، فلا يمكن منحهما الولاية القانونية، فهذه الأخيرة تعطى للطرفين عندما يؤديان مسؤولياتها الكاملة إزاء أبنائهما ويحافظان على مصلحة الطفل".

وتأمل المتحدثتان أن يكون منح الأمهات حق استصدار جواز سفر لأبنائهن مقدمة وإشارة إيجابية تمهد لإقرار الولاية المشتركة على الأبناء في قانون الأسرة مراعاة لمصلحة الطفل وحفظا لحقوقه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات وزارة الداخلیة قانون الأسرة على الأبناء فی حالة إذا کان إلى أن

إقرأ أيضاً:

أبونا مقاطعنا واحنا مقاطعينه .. ما حكم الشرع؟| أمين الفتوى يجيب

أجاب الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد من أحد المتابعين قال فيه: «أبونا تركنا أنا وإخواتي، لا يسأل علينا ولا نحن نسأل عليه، فهل علينا ذنب؟».

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال للقاء تلفزيوني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الوالد أوسط أبواب الجنة»، وهو حديث صحيح يدل على عظيم مكانة الأب، مبينًا أن الجنة لها أبواب كثيرة، فمنها باب الصيام، وباب الصدقة، وباب قيام الليل، لكن هناك بابًا خاصًا بالوالد أو الوالدين، وهو من أعظم الأبواب وأوسطها، أي أقربها وأشرفها، وأن رضا الله سبحانه وتعالى معلق ببر الوالدين.

وأكد الشيخ إبراهيم عبد السلام أن قطيعة الأبناء لأبيهم لا تجوز شرعًا بأي حال من الأحوال، مهما كان الأب مقصرًا أو ظالمًا أو بخيلًا أو سيئ المعاملة، بل حتى لو كان هو الذي قطع أبناءه وأعرض عنهم، فالأبناء سيُسألون يوم القيامة عن أنفسهم فقط، ولن يُقبل منهم الاحتجاج بتقصير الأب، لأن كل إنسان يُحاسب على فعله هو لا على فعل غيره.

هل فيزا المشتريات حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيبحكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح

وبيّن أمين الفتوى أن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب التي حذّر الله منها تحذيرًا شديدًا، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم﴾، مؤكدًا أن تقصير الأب لا يُسقط حقه في البر، حتى وإن كان قد ضيّع الأمانة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يعول»، وقوله: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

وشدد الشيخ إبراهيم عبد السلام على أن الواجب على الأبناء هو صلة الأب وزيارته وبره، ولا يوجد بديل عن هذا الطريق، لأن بر الوالدين هو الوسيلة الأقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يتعارض ذلك مع المشاعر القلبية، فليس مطلوبًا من الإنسان أن يُجبر قلبه على المحبة، لكن المطلوب شرعًا ألا يترتب على هذا الشعور قطيعة أو عقوق، بل يجب أداء البر والإنفاق والرعاية.

وأوضح أن الأب إذا كبر ومرض وافتقر واحتاج إلى الرعاية والزيارة والنفقة، وجب على الأبناء القيام بذلك، حتى لو كان في الماضي مسيئًا إليهم، محذرًا من أن التقصير في حق الوالدين قد يكون سببًا في عدم قبول الأعمال، بينما يكون البر سببًا للتوفيق والنجاح وسعة الرزق في الدنيا والآخرة.

وأضاف أمين الفتوى أن الشرع لم يأمر فقط بالإحسان إلى الوالدين، بل أمر باحتمال الأذى الصادر منهما، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا﴾، موضحًا أن معنى خفض جناح الذل هو الصبر على الأذى ومقابلة الإساءة بالإحسان.

وأكد على أن الوالدين هما الباب الأعظم إلى الجنة، وأن برهما، مهما كانت الظروف، هو الطريق الأصدق لرضا الله سبحانه وتعالى، وأن من أراد التوفيق في دنياه والنجاة في آخرته فعليه ألا يُغلق هذا الباب العظيم.


 

طباعة شارك دار الإفتاء حكم مقاطعة الأب كبائر الذنوب بر الوالدين

مقالات مشابهة

  • 90 نسخة فقط.. بورشه 911 GT3 بإصدار محدود وقدرات كبيرة| صور
  • أبونا مقاطعنا واحنا مقاطعينه .. ما حكم الشرع؟| أمين الفتوى يجيب
  • صراعات بأركان محكمة الأسرة.. العقوبة القانونية لمن يمنع الأب من رؤية أطفاله
  • من البر إلى الابتزاز متى يتحول اعتداء الأبناء على مال والدهم إلى جناية؟
  • الهيئة اللبنانية للعقارات: لعدم السماح للمواطنين بالتواجد بالقرب من الابنية المتضررة
  • السفير الأمريكي بالأمم المتحدة: لا يمكننا السماح ببقاء حماس بغزة
  • عصام عجاج: 750 حالة طلاق باليوم.. و1500 طفل يفقدون ججرعاية الأب
  • جواز الصف القانوني.. مبادرة لترسيخ الهُوية والوعي بالحقوق لطالبات مدرسة أم المنذر الأنصارية
  • حقيقة مفاوضات الأهلي مع بابلو الصباغ
  • الكونغرس يمهد لإلغاء قيصر… تحوّل مفصلي في الملف السوري