شن أحد كُتاب أعمدة الرأي في الولايات المتحدة هجوما عنيفا على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بسبب إشادته بالذين هاجموا الكونغرس في يناير/كانون الثاني 2021، وتهجمه على المهاجرين، وعلى اليهود الأميركيين الذين يصوتون للحزب الديمقراطي.

وعلى الأرجح سيفوز ترامب ببطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وأصبح من شبه المؤكد أن الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل ستكون إعادة لسباق 2020 الذي هزم فيه بايدن سلفه ترامب، وهي المرة الأولى منذ 70 عاما التي تحصل فيها مواجهة ثانية في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وانتقد الكاتب دانا ميلبانك في مقاله بصحيفة واشنطن بوست تصريحات ترامب الأخيرة، التي جاء في أحدها أن أي يهودي يصوت للحزب الديمقراطي هو كاره لدينه.

ووفقا للمقال، فقد استهان ترامب بملايين اليهود الأميركيين الذين لا يدعمون "رفيقه المستبد الطموح" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة.

وقال ميلبانك إن نتنياهو يطيل أمد الحرب في قطاع غزة لأنه يعلم أنه بمجرد ما تنتهي الحرب فإنه لن يُنتخب على الأرجح لتولي السلطة مرة أخرى، وقد يخضع للمحاسبة على إخفاق حكومته التي أدت إلى هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

تصريحات مجنونة

ولأن اليهود الأميركيين -شأنهم شأن كثير من اليهود الإسرائيليين- يريدون وضع حد لما يعتبره المقال "كابوس نتنياهو"، فهم يكرهون دينهم ويمقتون إسرائيل، بحسب ترامب.

واختار كاتب المقال بعض التصريحات التي أدلى بها ترامب مؤخرا في بعض المناسبات، ووصفها بـ"المجنونة والخطرة".

وقال إنه من واقع تجربته الصحفية، فإنه لا بد من أخذ تصريحات الرئيس السابق على محمل الجد، رافضا ما يقوله المدافعون عنه بأنه لا ينبغي أخذها حرفيا، مبرزا أن ترامب "سيفعل، أو على الأقل سيحاول أن يفعل، ما يقول".

ومن بين تلك التصريحات، أنه قال إن بعض المهاجرين "ليسوا بشرا"، بل هم في حقيقة الأمر "حيوانات" و "أفاعي". ولفت ميلبانك إلى أن ترامب اقتبس على ما يبدو تلك التصريحات من كتاب "كفاحي" للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر الذي ورد فيه أن المهاجرين "يسممون دماء بلادنا".

وكان ترامب قد أشاد بالمتظاهرين الذين أدينوا بالهجوم على مقر الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021. وألمح إلى أنه يؤيد فرض حظر على عمليات الإجهاض، وتوعد بطرد السفير الأسترالي لدى الولايات المتحدة والأمير هاري نجل ملك بريطانيا.

لكنه عندما سئل في المقابلة التي أجراها معه السياسي البريطاني نايجل فاراج على قناة "جي بي" عما إذا كان يمكنه التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رد بالإيجاب.

حمام دم

وهدد ترامب في حشد من أنصاره بولاية أوهايو قائلا: "إذا لم أُنتخب، فسيكون هناك حمام من الدم يطال الجميع، وهذا أقل ما يمكن أن يحدث. سيكون حماما من الدم يعم البلاد".

وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي، سئل ترامب عن الأسباب التي تدعوه لاستخدام ألفاظ مثل "الهوام" و"تسميم الدم"، في معرض انتقاده للمهاجرين والمعارضين، رغم إدراكه بأنها ستقارن بخطب هتلر والزعيم الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني، أجاب: "لأن بلدنا يتعرض للتسمم".

وخلص كاتب المقال إلى أن ترامب -مثله مثل نتنياهو- يولي الأسبقية لمصلحته السياسية على مصالح بلده، مشيرا إلى أن كلا الرجلين سيجعلان إسرائيل دولة منبوذة وسيضعانها على مسار سريع نحو دمارها من أجل مكاسبهما الشخصية.

وأكد ميلبانك أن ترامب توعد بحمام دم في حال خسر انتخابات الرئاسة، إلا أن "حمام الدم قد بدأ بالفعل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات أن ترامب إلى أن

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن لجنوب أفريقيا تشكيل حكومة وحدة من رؤى مختلفة ومتباينة؟

تقول عدة تحليلات إن المحادثات الرامية لتشكيل حكومة وحدة بعد الانتخابات في جنوب أفريقيا ستحتاج إلى الجمع بين أحزاب ذات أهداف مثل مصادرة المزارع والمناجم المملوكة للبيض، وأخرى مناقضة لها تدعو للتخلي عن سياسات تمكين السود وتمزيق الدستور.

إن مدى نجاح حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" في التوفيق بين هذه الرؤى المتباينة والمتناقضة أحيانا سوف يحدد مدى استقرار الحكومة، وقدرتها على اتخاذ القرارات، وأولوياتها السياسية على مدى السنوات الخمس المقبلة. كما أنها ستشكل اختبارا لتطلعات نيلسون مانديلا عام 1994 إلى "دولة قوس قزح تعيش في سلام مع نفسها"، حيث يحاول الساسة التغلب على العداوات العرقية والعنصرية التاريخية التي كشفت عنها انتخابات 29 مايو/أيار بشكل صارخ.

يحتاج حزب المؤتمر الوطني الأفريقي -الذي خسر أغلبيته للمرة الأولى في انتخابات الشهر الماضي- للاتفاق مع منافسيه على حكومة وحدة ليستمر في السلطة. وأمام الحزب مهلة حتى الجلسة الأولى للبرلمان يوم الجمعة المقبل للقيام بذلك، مع وجود عدة خيارات حول كيفية هيكلتها.

تفضيل حكومة الوحدة

وقال الرئيس سيريل رامافوزا الأسبوع الماضي إن حزبه يفضل حكومة وحدة وطنية تضم عددا كبيرا من الأحزاب، بدلا من ائتلاف رسمي يضم حزبا أو حزبين. فقد كان مانديلا هو الزعيم الأخير الذي شكّل حكومة وحدة وطنية عام 1994، ولكن خلال الأسبوعين التاليين للانتخابات، وبعيدا عن البحث عن أرضية مشتركة، تشددت الأحزاب في مواقفها وتبادلت الاتهامات.

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (الأناضول)

والأسبوع الماضي، أرجع رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، جويدي مانتاشي، نجاح حزب "أومكونتو وي سيزوي" الذي يتزعمه الرئيس السابق جاكوب زوما -والذي جاء في المركز الثالث- إلى قبلية الزولو، مما أثار رد فعل عنيفا من القبيلة وأعضاء الحزب الذين وصفوا تصريحاته بأنها "خطيرة ومهينة". وفي الوقت نفسه، زعم زوما حدوث تزوير واسع النطاق في الانتخابات، في حين اعتبرتها جميع الأحزاب الأخرى أنها حرة ونزيهة.

وعلى عكس رامافوزا، لم يشكل نيلسون مانديلا، بطل التحرير السابق، حكومة وحدة وطنية بدافع الضرورة السياسية، بل لطمأنة أمة منقسمة بسبب الفصل العنصري بأنه لن يتم تهميش أي مجموعة مرة أخرى.

الانقسام العرقي والعنصري

لقد كشفت انتخابات الشهر الماضي عن أن جنوب أفريقيا منقسمة على أسس عرقية وعنصرية لا تقل عما كانت عليه قبل 3 عقود من الزمن. وقال أوسكار فان هيردن، أحد المطلعين على بواطن الأمور في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي والمؤلف والباحث البارز في جامعة جوهانسبرغ، إن "الأحزاب التي حققت أداء جيدا في هذه الانتخابات… قامت بحملاتها الانتخابية على أساس سياسات هوية قومية ضيقة للغاية".

وأضاف أن ما حدث في الانتخابات أعاق التقدم نحو "مجتمع موحد وغير عنصري". وفي حديثه لرويترز، رفض المتحدث باسم حزب "إم كيه" نلامولو ندلهيلا هذا الرأي، وانتقد تصريح مانتاشي واعتبره "مثيرا للانقسام". ومع ذلك، فقد اكتسح حزب زوما ما يقرب من نصف الأصوات في معقل الزولو في كوازولو ناتال، في حين لا يزال التحالف الديمقراطي يحظى بشعبية ساحقة بين البيض، ويظل أكبر حزب معارض بنسبة 22% من الأصوات، بينما يحظى حزب مقاتلو الحرية الاقتصادي بأكبر قدر من الدعم بين السود في المناطق الحضرية، في حين يتمتع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بولاء قوي بين الناخبين السود في المناطق الريفية.

يرى المستثمرون أن التحالف بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي والتحالف الديمقراطي المؤيد للأعمال هو الأكثر ملائمة للسوق. لكن مسؤولي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قالوا لرويترز إن مثل هذا الخيار قوبل بالرفض من قبل الشخصيات ذات الوزن الثقيل في حزبهم، وبعضهم -مثل عضو اللجنة التنفيذية ماثيوز فوسا- يعتبرون حزب التحالف الديمقراطي هو حزب الامتياز الأبيض وسيكون الخاسر في التصويت على المدى الطويل.

يحاول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بدلا من ذلك تخفيف تأثير التحالف الديمقراطي في أي ائتلاف من خلال انضمام أحزاب أصغر إليه. وقالت نيكول بيردسوورث زميل الأبحاث في جامعة ويتواترسراند "إذا دخل رامافوزا للتو في ائتلاف مع التحالف الديمقراطي، فسيكون ذلك بمثابة انتحار لوحدة الحزب". وأضافت أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي كان دائما مثل مظلة واسعة، تضم الليبراليين الجدد مثل رامافوزا وجناحا يساريا، بما في ذلك الحزب الشيوعي.

نقابات العمال في جنوب أفريقيا أثارت مخاوف بشأن التوصل إلى اتفاق يتماشى مع جدول أعمال التنمية. وأضافت في بيان "لذا فإنهم بحاجة إلى إشراك… أحزاب أصغر وأكثر راديكالية من أجل تحقيق التوازن بين مطالب يسار المؤتمر الوطني الأفريقي. لكن التوصل إلى إجماع ينهي الشلل ويشكل حكومة عاملة لإنعاش اقتصاد جنوب أفريقيا المتعثر أمر محفوف بالتحديات".

التناقض في السياسات

من جهته، أشار المحلل المستقل دانييل سيلك إلى التناقض في السياسات، فعلى سبيل المثال، يلتزم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بمصادرة الأراضي المملوكة للبيض لاستخدامها من قبل المزارعين السود الفقراء، وهي سياسة يعارضها حزب التحالف الديمقراطي الممثل للبيض الذي يريد إلغاء سياسات تمكين السود التي أدت في الغالب إلى إثراء النخبة السياسية السوداء، وهو خط أحمر بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.

اقتصاد جنوب أفريقيا يعد أحد أكبر اقتصاديات القارة (مواقع التواصل)

وفي الوقت نفسه، يريد كل من حزب الحرية الاقتصادية وحزب "إم كيه" -الذي يتزعمه زوما- إصلاح الدستور، إذ يضع الأول جميع الأراضي والمياه والمناجم في أيدي الدولة، ويريد استبدال ذلك بآخر يمنح مزيدا من السلطة للزعماء التقليديين. ومما زاد من اللغز أن التحالف الديمقراطي استبعد العمل مع حزب "إم كيه" بزعامة زوما الذي يطالب باستقالة رامافوزا، وهو شرط رفضه المؤتمر الوطني بشدة.

ويتعرض حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لضغوط للتوصل إلى اتفاق بسرعة، لأن الجمعية الوطنية الجديدة من المقرر أن تعقد جلستها الأولى يوم الجمعة. وسيكون أحد الإجراءات الأولى للهيئة التشريعية الوطنية هو انتخاب الرئيس المقبل، والذي لا يزال من المتوقع أن يكون رامافوزا، إذ لا يزال حزبه هو أكبر حزب في البلاد.

وحصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على 159 مقعدا من أصل 400 مقعدا في الجمعية الوطنية بما يمثل 40% من أصوات الناخبين متراجعا عما حققه في انتخابات عام 2019 عندما حصل على أكثر من 57%.

وأقرب منافسي حزب المؤتمر الوطني هو التحالف الديمقراطي المؤيد لقطاع الأعمال، والذي حصل على 87 مقعدا، وحزب "أومكونتو وي سيزوي" الشعبوي بقيادة الرئيس السابق جاكوب زوما الذي حصل على 58 مقعدا، وحزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" اليساري الذي حصل على 39 مقعدا.

مقالات مشابهة

  • هآرتس: العداوة أبدية بين اليهود الدينيين والقوميين المتطرفين
  • ما بعد طوفان الأقصى.. مواجهة عدوان الاحتلال بسلام الشجعان أو الرّهان الخاسر
  • كيف يمكن لجنوب أفريقيا تشكيل حكومة وحدة من رؤى مختلفة ومتباينة؟
  • «الكنيست» يوافق على مشروع قانون لإعفاء اليهود المتشددين من التجنيد
  • الكنيست يمرر قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.. رغم رفض غالانت
  • ضياء السيد يوجه نصيحة لحسام حسن بعد التعادل مع غينيا بيساو
  • أزمة تجنيد «الحريديم» تُهدد حكومة نتنياهو.. ماذا يحدث في تل أبيب؟
  • إسرائيل.. تصويت مرتقب للكنيست على مشروع قانون التجنيد المثير للجدل
  • حزب "البديل من أجل ألمانيا" يحتل المرتبة الثانية في انتخابات البرلمان الأوروبي في ألمانيا
  • حيث غاب ترامب.. بايدن يكرم قتلى الحرب الأميركيين بزيارة مقبرة