القدرات الخارقة عند البشر ومِبضَع البحث العلمي
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
أ. د. حيدر أحمد اللواتي **
مُنذُ النهضة العلمية، استطاعت علوم الطبيعة أن ترفع الكثير من الغموض حول الظواهر الطبيعة، وتقوم بتفسيرها تفسيرًا علميًا مدعومًا بتجارب علمية دقيقة، إلّا أن من أكبر التحديات التي ما زالت تواجه هذه العلوم بصورة خاصة هي القدرات الخارقة التي تظهر عند بعض الأشخاص؛ كقدرتهم على التخاطر مع الآخرين، أو قدرتهم على تنبؤ المستقبل، أو قدرتهم على التأثير على جسم مادي من خلال التركيز أو مشاهدة الأشباح والتخاطب مع الموتى، وغيرها من هذه الظواهر الخارقة التي يعتقد البعض منا بأنه يمتلكها.
فقد لفتت هذه القدرات الخارقة بعض الباحثين مما جعل بوصلة البحث العلمي تتجه لدراسة هذه الظواهر والتحقق منها، من خلال علم يعرف بعلم "البارا سيكولوجي"، ومنذ منتصف القرن الماضي أُعِدَتْ مراكز بحثية في عدد من الجامعات، للكشف عن حقيقة خوارق القدرات البشرية إلّا أن أغلب تلك المراكز البحثية أُغلِقَت فيما بعد، وهناك عدد منها ما زال موجودًا ومن أشهرها مركز بحثي في جامعة إدنبرة، وآخر في جامعة لندن، كما إن هناك عددًا من الجامعات تدرس مقررات دراسية حول خوارق القدرات البشرية.
غير أن وجود هذه المراكز ووجود علماء متخصصين في هذا المجال لا يعني أنهم يؤمنون بوجود هذه القدرات الخارقة، فأغلب الباحثين يشككون أو ينفون وجود هذه القدرات، ويرون أن البحث العلمي وبعد قرابة أكثر من 5 عقود لم يثبت وجود هذه القدرات الخارقة، إلّا أن الكثير منهم ما زال يعتقد بأهمية مواصلة البحث في هذا المجال لأنه يكشف عن الكثير من الجوانب الغامضة عند الإنسان، مما يساعد في تطوير علم النفس كثيرًا.
ولاحظ الكثير من هؤلاء الباحثين، أن أولى التحديات التي تواجههم هو أن الكثير ممن يدعون امتلاك قدرات خارقة يرفضون الخضوع للبحث العلمي والتجارب العلمية، كما أن البعض منهم كان يقوم بحركات كثيرة وسريعة أثناء ملاحظته، مما يشكك في أنه يقوم بخدع معينة، وأنه لا يمتلك تلك القدرات في الواقع!
هذا ما جعل هذه البحوث تنتقل الى مرحلة أخرى، يراها البعض أكثر تطورًا؛ وهي مرحلة التجارب المخبرية، ففي البحوث السابقة كان الباحثون يقومون بالتجارب في الأماكن التي يتواجد بها من يدّعي أنه يمتلك تلك القدرات، أما في التجارب المخبرية، فإن التجارب تتم في مختبرات مُعدة ومُخصصة للقيام بذلك، وبها أدوات رصد ومراقبة دقيقة، وقد لاحظ هؤلاء الباحثون أن الكثير من المدعين يمارسون خُدعًا أقرب الى الخدع السحرية يصعب الكشف عنها إلّا من خلال أدوات مراقبة دقيقة.
لكن التحدي الكبير الذي تواجهه هذه المراكز البحثية يتمثل في مدى حيادها في تقييم نتائج البحوث؛ فهناك تخوف كبير من الماديين من اثبات بعض القدرات البشرية الخارقة والتي لا يُمكن تفسيرها بالتفسير المادي، وهي بذلك تُثبت وجود بعد لا مادي في الإنسان، وهو ما يعرف في الثقافات الدينية بـ"عالم الأرواح"، ومن هنا فإن هؤلاء الماديين يشنون حملات عنيفة على العلماء الذي يقرون بوجود أبعاد لا مادية في الإنسان، بحيث أنهم يتهمونهم بأنهم يُخرجون البحث العلمي الرصين عن مساره الصحيح، ولذا هناك تخوف من قبل بعض الباحثين من اقراره بوجود هذه القدرات الخارقة.
كما إن هناك تحديًا من نوع آخر؛ فالنتائج التي توصّلت إليها عدد كبير من الأبحاث أن نسب النجاح في التجارب التي يخضع لها أصحاب هذه القدرات الخارقة لا تزيد عن نسب احتمال الصُدف في صدق التوقع، فمثلًا في عدد من تجارب عملية التخاطر الذهني فإن أصحاب هذه القدرات لم تتجاوز نسب نجاحهم في تلك التجارب، نسب الصدف المتوقعة، وفي بعض التجارب الأخرى ارتفعت هذه النسبة بهامش بسيط جدًا عن نسب الصدفة المتوقعة! مما يعني أن الباحث سيصل الى نتيجة مفادها أن هؤلاء يمتلكون قدرات خارقة، لكن هناك من العلماء من يرى أن ذلك لا يكفي لإثبات وجود هذه القوى الخارقة، ويطالبون بأدلة دامغة وقوية لإثبات ذلك؛ فالادعاء بوجود قوى خارقة للطبيعة يحتاج الى دليل يُضاهي قوة الادعاء، ولذا فلا يمكننا الاعتماد على هكذا أدلة.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، فإن البحث العلمي مستمر ومراكز الأبحاث ما زالت تحاول الغوص في هذا العالم الغامض.. فهل ستزيل الستار عنه في يوم ما؟ أم سيزداد غموضًا؟!
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأم الخارقة.. صورة ليفيت ورضيعها في البيت الأبيض تُشعل الشبكات الاجتماعية
حققت صورة للمتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، انتشارا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت وهي تمارس عملها بينما يجلس رضيعها نيكو على حجرها.
الصورة التي نشرتها مارغو مارتن، مساعدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) لاقت تفاعلا كبيرا، ووصفت ليفيت بأنها "الأم الخارقة"، تقديرا لقدرتها على التوازن بين مسؤولياتها كأم شابة ومتحدثة سياسية في البيت الأبيض.
Walked in to @PressSec typing with one hand, and feeding her son with the other ????
Super Mom! pic.twitter.com/UOMkHj5mV8
— Margo Martin (@MargoMartin47) May 8, 2025
أصغر ناطقة باسم البيت الأبيضوتُعد كارولين ليفيت، البالغة من العمر (27 عاما)، أصغر من تولى منصب المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض في تاريخ الولايات المتحدة. وقد أنجبت طفلها الأول، نيكو، في يوليو/تموز 2024، لكنها عادت سريعا إلى ممارسة مهامها السياسية بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا، معتبرة أن وجودها ودعمها للحملة في تلك اللحظات كان "ضرورة وطنية".
ورغم الضغوط، شددت ليفيت في تصريحات سابقة على أنها تحاول ألا تدع شعور الذنب يسيطر عليها بسبب ترك طفلها، مؤكدة أن الأمر يتطلب قدرا كبيرا من التنظيم والدعم العائلي لتجاوز تلك التحديات.
إعلانلكن ليفيت أشادت بما وصفته بـ"البيئة العائلية الداعمة" داخل البيت الأبيض، مؤكدة أن العديد من زملائها من الآباء والأمهات الذين يفهمون جيدا ما يعنيه التوفيق بين العمل وتربية الأطفال. كما أعربت عن تقديرها للرئيس ترامب لما قالت إنه "دعم مباشر للنساء والأمهات العاملات في الحياة السياسية".
وبعيدا عن المكتب، تلقت ليفيت دعما قويا من والدتها التي تركت عملها لتتفرغ لمساعدتها في رعاية الطفل، ومن زوجها نيكولاس ريتشيو، الذي يكبرها بـ32 عاما، ويلعب دورا محوريا في حياتها العائلية.
ليست "الأم الخارقة" الأولىليفيت ليست أول من يكسر الصور النمطية حول الأمهات في مناصب السلطة، ففي عام 2018، لفتت رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة جاسيندا أرديرن الأنظار عندما اصطحبت ابنتها الرضيعة "نيف" إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مشهد اعتُبر رمزا عالميا لتمكين المرأة وتعزيز مفهوم العمل المتوازن.
New Zealand PM brings her baby to UN General Assembly #UNGA73 https://t.co/4PSOe76S7a pic.twitter.com/eBqRJLatpJ
— CGTN (@CGTNOfficial) September 27, 2018
وفي الولايات المتحدة، شهد العام ذاته سابقة تاريخية عندما أصبحت إحدى عضوات مجلس الشيوخ أول من يلد أثناء شغلها المنصب، ورافقت طفلتها إلى جلسات التصويت، مما دفع المجلس لتغيير قواعده والسماح للرضع بالحضور لأول مرة.
Senator Tammy Duckworth took her newborn to work today ????????
Since senate rules require votes to be made in person, lawmakers voted unanimously yesterday to let parent senators hold their infants while voting. pic.twitter.com/BPHRlBlJE3
— AJ+ (@ajplus) April 19, 2018
أما السيناتورة كيرستن جيليبراند، فكانت تُعرف بتصريحاتها الصريحة حول معاناتها في التوفيق بين مهامها في الكونغرس ورعاية أطفالها. كانت تصطحب أطفالها معها إلى المكتب، وتدافع بشراسة عن حقوق الأمهات العاملات، بما في ذلك إجازة الأمومة المدفوعة الأجر.
Spanish MP provokes criticism by taking her baby into parliament and breastfeeding him https://t.co/94ceubPxHI pic.twitter.com/3U85gQ7a43
— BBC News (World) (@BBCWorld) January 13, 2016
إعلانوفي إسبانيا، أثارت النائبة عن حزب "بوديموس" كارولينا بيسكانسا جدلا واسعا عندما حضرت إلى البرلمان حاملة طفلها البالغ من العمر 5 أشهر، وأرضعته خلال جلسة رسمية في عام 2016.