شبكة اخبار العراق:
2025-12-15@01:20:44 GMT

عالميَّة الفن التشكيلي العراقي

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

عالميَّة الفن التشكيلي العراقي

آخر تحديث: 28 مارس 2024 - 1:28 مجمال العتابي

حينما كان الفن التشكيل العراقي يبحث عن آفاق جديدة في العالم، نمت الفكرة في أعماق ذواتنا البعيدة، وجدنا أن مواقعنا الفنية – تاريخاً ومستويات – تسمح لنا من الاقتراب من قلب العالم وسماع وجيبه.والانطلاق نحو أفق أبعد مدى يتطلب تجارب أصيلة متأنية ووعياً حضارياً خارج حدود التمنيات، أن الانتظار عند حافة العالم، لم يعد حلم الفنانين العراقيين وهما في حاضر تصب فيه أنهار ماضٍ لم ينقطع تدفقها على مرّ العصور، ومستقبل يُصنع في كل لحظة معاشة بحماسة حياة تتطلع دوماً الى الحرية، وبحركة من دينامية التطور، وايماءات الروح إلى أفق أعلى، تنطلق نحو المستقبل كجزء من حقائقه، وارادة من إراداته، وصوت نبوي من أصواته، من دون تطليق لكل ماغربت عليه شمس، ولكل ما انتمى إلى
أمس!
إن أحد أبرز الميادين التي تأثر بها فنانونا طيلة العقود الماضية، هو الفن التشكيلي في الغرب، باتجاهاته الفنية، وطريقة التعبير والنقد، إذ حاولوا الاستفادة مما حققه الفنانون العالميون، من دون التبعية لهم، فقدّموا رؤى فنية متنوعة تعكس تارة القبول بالتأثر، أو ترفضه أحياناً بخجل، أو البحث عن حلول أخرى، توفيقية أحياناً، أو صياغة إبداعية جديدة تارة أخرى، يظهر فيها الابداع، والابتكار والأصالة.

وتجدر الاشارة إلى أن التغييرات الفنية قد وسعت آفاق التعبير الفني، وفتحت الباب لدخول تيارات فنية جديدة، وأسهم الفنانون الذين درسوا في معاهد الغرب في خلق هذه التيارات الحديثة.هكذا، تغدو تطلعاتنا على مستوى الأثر الفني، مبنية على اعتبار أن المؤسسات الفنية ليست لوحدها هي الهياكل الأساسية لبناء ثقافة فنية وطنية متكاملة، بل هي الجهود المشتركة للأروقة وللمراسم والمشاغل والجماعات، لأن الفن لا يمكن أن يوجد إلا في جدال مع تاريخه الخاص، ويتحدد هذا المستوى في كل مرحلة زمنية، بالتباين بين ما كان عليه خطه البياني، وما آل إليه.وما دام الفن، هو الذي يهب لحظات السعادة لكل البشر من دون استثناء، فالحدود الجغرافية لن تكون حائلا، من دون التمتع برؤية الأثر الفني، فإن ما يبقى في الأذهان منه، هو ذلك الأثر المتوازن مع حركة العصر، والصوت العميق المتناغم مع الذات الإنسانية، وهما حدّا المعادلة الذهبية لكل معرفة، لأن أحدهما يعود لجاذبية تلك القوة الداخلية، والثاني إلى الحركة التي قادتها، ولا تفرض هذه الحركة نفسها علينا إلا لأنها خاصّتُنا، وهي تتجه إلينا بود، من دون أن تجد حرجاً في لقيانا.
ان حقيقة يدركها المتتبع للحركة التشكيلية العراقية، هي ما بلغه الفنان العراقي من مستوى من الوضوح في الرؤى، وتعدد الاساليب وتنوع التقنيات على مدى قرن من الزمن، ثم ازداد عمقاً في منتصف القرن الماضي في تعدد موضوعاته وانفتاحه على التجارب الفنية العالمية، وبما يحمله من موروث حضاري، وبمزيد من الاجتهاد والبحث الهادئ في امتلاك مقومات التفرد على صعيد الموضوع  والطروحات الفكرية والفلسفية، فضلاً عن الموقف الوطني والوعي الانساني.ولا تزال تتأرجح الحركة التشكيلية العراقية بين مخزون ثقافي وموروث فني ممتد عبر تاريخها، وبين اغراءات تقليد الاتجاهات الغربية رغبة في مجاراة الحداثة، والانتماء إلى اشكال العصر.
ولكي تتوازن تلك الحركة وتصبح قادرة على ابداع فن تشكيلي له قيمة حقيقية وأصيلة يضاف الى رصيد الإبداع الانساني، فانها تحتاج الى توازن ثقافي – فني، وثقة في النفس، وقدرة على الاختيار والانتخاب بما يكفل لها استقلالية النظرة وتفردها، وذلك بالطبع لن يحدث لخلية واحدة من خلايا هذا الكيان، انما هو توجه عام يتبناه المجتمع يترك آثاره في مختلف الفنون ووسائل التعبير.مثل هذا الامتداد للفكر الفني، قد يلامس جانباً مثيراً من أحلامنا، وقد يغمرنا بالزبد مثل الأمواج التي تضرب الجرف القاري، وربما يصل بنا إلى قلب العالم، حيث لا نستطيع بعد ذلك أن نطعن في ثقافتنا الخاصة، لأنها جزء منا.وقبل أن نرغب في إطلاق مفهومنا حول الفن من خلال الاستنارة بخلاصات الثقافات الأخرى، ينبغي علينا أولاً البرهنة على أن تلك الخلاصات تستطيع أن تقف في مواجهة مجدية، وهو احتراز ضروري للكشف، من دون كثير من المخاطر عن حقل ما زلنا نجهل حدوده٠ وهذا يعني بأن ينبوع الفن الحقيقي هو الانسان المبدع بمعناه الكلي، وليس بحدود جغرافية تؤطره وتواصل عمليات الفصل بينه وبين ما يؤدي الى تكامله مع الجنس البشري، وسوف لن يتعلق ذلك بتقليد الأساليب التي أبدعها الفنانون في الشرق أو في الغرب، بل يتركز في صهر أشد العناصر تنوعاً وتناقضاً في تلك الفنون لتحقيق ما يمكن أن يشكل تركيباً اندماجياً، لانجازات هؤلاء وتوصلات أولئك من دون التضحية بالشخصية الوطنية التي تمدنا بمبررات وجودنا في الفن والحياة على حد سواء.
وهذا هو المنهج الصحيح  الذي يمكن أن يصل بالفن العراقي الى حالة نوعية جديدة، لعل من أبرز سماتها هو الاستعداد العالي للمضي بالفن العراقي نحو أفق (العالمية) بمعنى الانتشار..كم كان على بلد يعود إشعاعه الثقافي إلى أعماق التاريخ ألا يستجيب الى متطلبات العصر، ويفتش عن تكافئه الثقافي مع تجارب العالم؟والنفاذ إلى تيارات الفن الحديث، يقتضي الأمر تعيين المواقع الحقيقية لمنطلقات هذا التوجه وفق  أسس بناء حركة فنية مجددة، أصيلة المنابع، منفعلة بالأحداث غير غائبة عن العصر.وهذا ما يدعونا الى تفهم العالمية في معالجات الفن، تلك المعبرة عن أعماق الانسان ومصيره القادم، الذي يواجه أزمات متقاربة، إذ لا يمكن فصل الفن التشكيلي عن الزمن الذي يرافقه، ولا المكان الذي نشأ فيه.فهو لغة تجمع بين الابداع والتنوع،تروي حكايات وجماليات حياة الانسان.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: من دون

إقرأ أيضاً:

الفنان والأكاديمي المصري الدكتور أحمد جمال عيد يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي في دورتها الـ16

فاز الفنان والأكاديمي المصري الأستاذ الدكتور أحمد جمال عيد بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي في دورتها الـ16 لعام 2025، وذلك عن كتابه المتميز بعنوان "الذاكرة البصرية: التراث العربي في تجليات الفن التشكيلي المعاصر".
يأتي هذا الإنجاز العلمي والثقافي، ضمن منافسة قوية ضمت 46 مشاركة من جميع أنحاء العالم، ليكون الدكتور أحمد جمال عيد واحدًا من أبرز الأسماء في مجال النقد التشكيلي على المستوى العالمي.
تعد جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي من أهم الجوائز المتخصصة في هذا المجال، وهي جائزة تمنح كل عام للبحوث النقدية التي تساهم في تطوير الفهم الفني والفكري للفن التشكيلي المعاصر. وتعكس هذه الجائزة تميز الفائزين بها في الإسهام في إغناء النقد التشكيلي من خلال أعمالهم القيمة والمتعمقة.
الدكتور أحمد جمال عيد، أستاذ التصميم الجرافيكي بكلية الفنون الجميلة في جامعة الأقصر ومعار خارج مصر بكلية الفنون والتصميم بالأردن، وحصل سابقًا على العديد من الجوائز المحلية والدولية، من بينها جائزة الشارقة للإبداع العربي مجال النقد في عام 2015، وجائزة لجنة المسرح للدراسات المسرحية من المجلس الأعلى للثقافة عام 2024، بالإضافة إلى جائزة الباحث العربي المتميز من جامعة أبو ظبي عام 2024، وجائزة اتحاد كتاب مصر في الدراسات النقدية عام 2025.

طباعة شارك الدكتور أحمد جمال عيد جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي الذاكرة البصرية التراث العربي في تجليات الفن التشكيلي المعاصر

مقالات مشابهة

  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • عبلة كامل.. النجمة التي ما زالت حاضرة في قلوب محبيها رغم الغياب
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • الفنان والأكاديمي المصري الدكتور أحمد جمال عيد يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي في دورتها الـ16
  • الأكاديمي المصري الدكتور أحمد جمال عيد يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي
  • تأهّل الأردن إلى كأس العالم يعزّز حضوره السياحي عالميًا
  • جامعة محمد الخامس تمنح الباحث اليمني خالد بريك الدكتوراه عن دراسة جمالية القبح في الفن التشكيلي
  • مسؤول بالاتحاد الدولي للصحفيين: اختيار مهندسي الذكاء الاصطناعي كشخصية العام اعتراف عالمي بقوة التقنية وتأثيرها المتصاعد
  • تحذيرات من وباء عالمي.. سلالة متحورة من الإنفلونزا تجتاح العالم