التغيرات المناخية تغير خريطة الإرهاب في إفريقيا
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا تقتصر آثار التغيرات المناخية على البشر والحيوانات والزروع فحسب، وإنما تمتد لما هو أبعد من ذلك، بحيث تؤدي إلى تنامي ظاهرة الإرهاب وانتقال التنظيمات الإرهابية من منطقة إلى أخرى، حيث يمكن لهذه التغيرات أن تؤدي لظهور صراعات جديدة أو تؤجج الصراعات القائمة.
وقد رصد الباحثان دميلو، جيه آر، ونوديكر، سي إتش، في دراسة بعنوان: " اللصوص الموسمية والعنف الصيفي: استكشاف العلاقة المكانية بين تغير المناخ والنشاط الإرهابي في الهند" تأثير عوامل مناخية مثل درجات الحرارة المرتفعة وكميات الأمطار الغزيرة على تحول أنماط النشاط الإرهابي، مؤكدين على وجود علاقة مكانية بين العوامل المناخية والحوادث الإرهابية في الهند.
وأكدا خلال دراستهما المنشورة بداية 2024، وجود تحول في أماكن حدوث العنف الإرهابي في الهند خلال فصول السنة المختلفة، حيث ينتقل النشاط الإرهابي إلى مناطق مختلفة بناءً على التغيرات المناخية وفصول السنة المختلفة، ففي خلال فصل الشتاء، ينتقل النشاط الإرهابي إلى مناطق مختلفة مثل تاميل نادو وكيرالا في جنوب الهند، بالإضافة إلى دلهي في الشمال.
وأرجعا هذا التحول في أماكن العمليات الإرهابية إلى تغيرات في العوامل المناخية مثل درجات الحرارة وكميات الأمطار التي تؤثر على دوافع وفرص وسلوكيات الجماعات المتورطة في العنف، واستهدافها لمناطق معينة في فترات زمنية محددة.
وأوضحت الدراسة أن العلاقة بين الإرهاب والتغيرات المناخية علاقة معقدة، حيث ينظر العديد من العلماء للتغير المناخي باعتباره محركًا هامًا لعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، خاصة أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتغير أنماط هطول الأمطار، والظواهر الجوية المتطرفة لها تأثير عميق على المجتمعات الضعيفة، لا سيما البلدان النامية، التي ستعاني بسبب هذه التغيرات البيئية من ندرة الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، والهجرة والنزوح، والصعوبات الاقتصادية، مما يخلق أرضًا خصبة للاضطرابات والصراعات الاجتماعية.
المناطق المعرضة للإرهابهناك مناطق أكثر عرضة للإرهاب بسبب التغيرات المناخية من غيرها، من بينها تلك المناطق التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي وضعف الحكم، مثل منطقة الساحل الإفريقي، حيث أدى التصحر والجفاف إلى زيادة التنافس على الموارد المحدودة، مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة والرعي، مما أتاح للجماعات الإرهابية الفرصة لاستغلال مظالم المجتمعات المهمشة.
كما يمكن أن يساهم التدهور البيئي الناجم عن تغير المناخ في زيادة التجنيد والانضمام للتنظيمات الإرهابية، في ظل هذه الندرة في الموارد والظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها المجتمعات، مما يشكل فرصة للجماعات المتطرفة لتقدم خطابًا بديلًا، يعد بالاستقرار والحماية والشعور بالانتماء، الأمر الذي يؤدي بدوره لجذب الأفراد الذين يشعرون بالإهمال أو التهميش من قبل حكوماتهم، ويوفر لهم منصة للتعبير عن إحباطهم.
الهجرةتعد الهجرة إحدى العواقب غير المباشرة لتغير المناخ، حيث يؤثر على صلاحية السكن في بعض المناطق، مما يضطر السكان لمغادرة منازلهم بحثًا عن مناطق أكثر ملاءمة للسكن، بسبب الظروف البيئية الصعبة، مما قد يؤدي إلى توترات بينهم كمهاجرين وبين المجتمعات المضيفة، حيث تنظر هذه المجتمعات إليهم باعتبارهم منافسين لهم على الموارد والفرص، فيؤدي ذلك للصراع فيما بينهم، الأمر الذي تستغله المنظمات الإرهابية كأداة لتجنيد الأفراد الذين يشعرون بالحرمان من حقوقهم وتزويدهم بالشعور بالانتماء، مما يزيد من تفاقم دائرة العنف.
الظروف الاقتصادية الصعبةيمكن للتغيرات المناخية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات، أن تدمر سبل العيش الزراعية والاقتصادات المحلية. وهذا يمكن أن يؤدي بدوره إلى فقدان الوظائف والفقر، الذي تقابله التنظيمات الإرهابية بمزيد من الدعم المالي والفرص الاقتصادية، التي يسعى المواطنون للحصل عليها، فيقعون فريسة سهلة لهذه التنظيمات، التي تسعى دائمًا للسيطرة على الموارد للتحكم فيها، واستغلالها كوسيلة عقاب للمتمردين من السكان المحليين الذين يرفضون تنفيذ تعليماتهم.
ويساعد على ما سبق هشاشة أنظمة الحكم السياسية في العديد من الدول التي توصف بأنها دول هشة مثل الكثير من الدول الإفريقية، خاصة أن تغير المناخ قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والسياسية القائمة، وخلق حالة من انعدام الثقة بين المواطنين والحكومات، التي تصبح عاجزة عن تلبية احتياجات مواطنيها يومًا بعد يوم، مما يخلق بيئة مناسبة لترسيخ الأيديولوجيات المتطرفة، ويمكن للجماعات الإرهابية استغلال هذه الفجوات في الحكم واستخدامها كأرضية خصبة للتجنيد.
على الرغم من أن التغيرات المناخية ليست العامل الوحيد للإرهاب، ولا تتسبب وحدها في وجوده، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الصراعات وتوفير أرض خصبة لازدهار الأيديولوجيات المتطرفة. ومن ثم فإن فهم طبيعة العلاقة بين التغير المناخي والإرهاب قد يؤدي لتوقع أنماط العنف المستقبلي، واتخاذ إجراءات وقائية وتدابير أمنية للتصدي له.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: التغيرات المناخية الارهاب أفريقيا خريطة خريطة الإرهاب تغير التغیرات المناخیة تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
هل يؤدي الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية إلى كارثة إشعاعية؟
نشر موقع "ويللا" العبري، مقالا، للكاتب أودي عتصيون، جاء فيه أنّ: "الوكالة الدولية للطاقة الذرية تُراقب عن كثب، مستويات الإشعاع في إيران، بعد الأضرار التي لحقت بموقع التخصيب في "نطنز"، فيما تتركز مخاوف العالم بشأن هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية خشية آثارها الجانبية".
وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "الضربة التي يتعرض لها مفاعل نووي نشط قد تسبّب تسربا إشعاعيا يؤثر على السكان المدنيين، وأحيانا على بعد مئات الكيلومترات، اعتمادا على قوة التسرب".
وتابع بأنّ: "العالم لم ينسَ بعد الكوارث التي وقعت في محطتي تشيرنوبيل للطاقة النووية عام 1986 وفوكوشيما عام 2011، فقد تسبّب الحدث الأول، الذي شهد مستوى أعلى من التسرب بوفاة نحو 50 شخصاً بشكل مباشر، وأدي لوفاة أربعة آلاف آخرين بسبب أمراض الإشعاع على مدى عقود من الزمن، بجانب عشرات الكيلومترات التي أُعلنت خطرة على الحياة".
"بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن دولة الاحتلال لم تلحق الضرر بمفاعل بوشهر النووي الذي تستخدمه إيران لإنتاج الكهرباء، لكنه قد يوفر البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في البرنامج النووي العسكري" وفقا للمقال نفسه.
وأضاف: "في الحالتين اللتين هاجم فيهما الاحتلال مفاعلات نووية من قبل، أوزيراك في بغداد عام 1981 والمفاعل السوري في دير الزور عام 2007، تم استدعاء القوات الجوية لضرب المرحلة قبل تشغيل المفاعل، واستكمال بناء الدرع الخرساني حوله، وبدء النشاط النووي المنتظم، الذي قد يؤدي إلحاق الضرر به لتسرّب إشعاعي خطير".
وأشار إلى أنّ: "الوكالة الدولية للطاقة الذرية بيّنت أن منشأة التخصيب الإيرانية في نطنز تعرضت لأضرار بالغة، لكن لم يتم قياس أي تسرب إشعاعي أو كيميائي غير طبيعي في الموقع، لأنها لا تحتوي على مفاعل نووي، ويتم إنتاج الطاقة العادية من خلال عملية الانشطار النووي الخاضع للرقابة، وبدلا من ذلك، يتم تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي للمستوى الذي يسمح باستخدامه في القنبلة النووية".
وأبرز أنّ: "المواد الانشطارية، التي تشكل في الأصل أقل من واحد في المائة من كتلة خام اليورانيوم، يتم تخصيبها لاستخدامها في المفاعل النووي إلى مستوى يتراوح بين 4-5%، ولتخصيبه إلى المستوى العسكري، يجب أن يصل إلى 90%، وبناء على ذلك، قرّرت الوكالة أن المواد المخصبة إلى مستوى 20% تعتبر صالحة للاستخدام للأغراض العسكرية، وتخضع لنظام تفتيش مماثل".
وأشار إلى أنّ: "تخصيب اليورانيوم يزيد من نسبة المواد الانشطارية، ولكن بما أنه لا تجري أي عملية نووية، فإن مستويات الإشعاع تكون أقل بكثير، وكذلك خطر التسرب، ولذلك فإن أي ضربة اسرائيلية لأجهزة الطرد المركزي قد تسبب إشعاعات من شأنها أن تضر بالفريق الذي يقوم بتشغيلها، وتنشر مواد كيميائية عادية، لكن لا يوجد خطر وقوع انفجار نووي، أو ضرر واسع النطاق للبيئة والسكان المدنيين".
ونقل المقال عن رئيس الوكالة، رافائيل غروسي، قوله إنّه: "لم يتم قياس أي تلوث إشعاعي أو كيميائي حول منشأة "نطنز"، وأن المفاعل في "بوشهر" لم يتضرر، مع أن "نطنز" بالفعل كانت هدفًا لهجمات في الماضي، ففي عام 2011، تعرضت لهجوم بفيروس الكمبيوتر "ستوكسنت"، في واحدة من أولى العمليات السيبرانية المصممة لتدمير أجهزة الطرد المركزي في موقع سيمنز".
واسترسل: "تمّت العملية بالتعاون الإسرائيلي الأميركي، وفي عام 2020، وقع انفجار في المصنع، وعزت إيران ذلك لهجوم إلكتروني، وبعد مرور عام، تسبب انقطاع التيار الكهربائي في المنشأة بتدمير نظامها الكهربائي، واتهمت إيران إسرائيل بالمسؤولية عن الحادث".
من جهته، آيال بينكو، وهو المسؤول العسكري السابق والباحث بجامعة بار إيلان، أكّد وفقا للمقال نفسه، أنّ: "هناك اختلاف في طريقة تخصيب المادة الخام للقنبلة، ففي منشأة التخصيب، تدور الذرّات بسرعة في أجهزة الطرد المركزي، ونتيجةً لعوامل فيزيائية، يرتفع مستوى التخصيب، أما في المفاعل النووي، فيرتفع مستوى التخصيب من خلال تفاعل تسلسلي مُتحكم به، وقد يُسبب عطل في المفاعل انفجارًا إشعاعيًا، وفي ظل ظروف معينة، انفجارًا نوويًا، لذا تُعتبر صلاحية المفاعل هدفًا أكثر صعوبة من حيث الضرر البيئي".
واختتم المقال بالقول: "إنّ منشأة بوشهر تقع على بُعد 20 كيلومترًا من الإمارات العربية المتحدة، لذا فإن حساسيتها في هذا الصدد أعلى، مع أنه كان لدى إيران 13-14 منشأة مرتبطة بتطوير الأسلحة النووية ومنها مفاعلات نووية، ومنشآت تخصيب، وتطوير رؤوس حربية، وغيرها".
واستدرك: "في منطقة "فوردو"، على سبيل المثال، هناك نشاط تخصيب، ولكن هناك موقع تحت الأرض على عمق كبير، ستتضرر أجهزة الطرد المركزي فيه أيضًا، ومن المتوقع أن يكون الضرر البيئي مُركزًا، وليس مُنتشرًا".