دعاء حلمي تكتب: جودر.. الفارس الذي طال انتظاره
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
بعد سنوات عجاف من الانتظار لذلك الفارس المغوار الذي يمتطي خيله قاطعا ظلمة الليل الطويل .. فارس جدع عارف الفرق بين الصبر والانتظاريعرف الفرق بين الحق والعدل ... فالعدالة عوراء قد تظلم صاحب الحق لانها تقوم على البراهين والدفوع .. ولكن الحق وحده من صاحب الحق يأتي بالعوض الوفير للصبر الجميل .. فارس ظل يؤمن و يسعى ويستعد لصافرة القدركان يقينه انه هو المستحق هو المبدع هو القادر هو الخليفة الأصلي لصاحب الابداع كله الذي بث فيه من روحه .
فكانت النار مجرد نسخة لا يفرق بين الكلمتين سوى حرف ..فأما ان يكون الانسان كائنا يغلبه النور كما كان في البدء او فريسة من نار يضربه الشيطان من المسوحتى يتمكن الانسان من شرف الاختيار والقدرة عليه ليتمكن من التمييز بين الأصلي والمنسوخ ليس امامه سوى تحقيق التوازن بين الكنوز الأربعة التي سكنت حجرات القلب الاصلية كي يصبح انسانا سويا مصدرا للنور رأسه مرفوعا يسير بمنتهى القوة والمرونة في ذات الوقت على صراطه المستقيموها قد فتح الباب على يد حاملات أقراص الشمس البهيات في احتفالية المومياوات وكأنه كان موعد مع أصحاب النور كي ينهضوا ويعرفوا قيمتهم انهم هذا الفارس الساعي الصابر المستحق المنقذ ليأخذ مكانته الحقيقية كمبدع وخالق وخليفة ...مسلسل جودر ليس مجرد عمل درامي بل علامة فارقة في تاريخ الدراما المصرية لان الحكاية تعود الى اصلها بعيدا عن الادعاء والشيفونية وتصدر النسخ المزيفة.
كنا لسنوات طويلة في انتظار العملة الاصلية التي تطرد العملة المنسوخةفشكرا لاصحاب نور الابداع الحقيقي والنور المضيء فريق عمل جودر وعلى رأسهم المبدع الأصلي للكلمة الكاتب أنور عبد المغيث الذي يعود بعد غياب ولكنه كان غياب الصابر للحظة الشروق فارس مصري نبيلوشكرا لمن حمل لواء هذا العمل البديع كي يظهر على الشاشة وهو النجم المثقف ياسر جلال يظهر امكانياته الإنسانية قبل التمثيلية تظهر جلية في نظرة عينيه وتعبيراته فهو أيضا فارس نبيل مؤمن بأن شمس الابداع الحقيقية ستسطع رغم كل الغيوم التي حاولت حجبهاوالشكر موصول للشركة المتحدة حاملة قرص الشمس لانتاجات تحمل توقيع الأصليين ووداعا للمنسوخين .. لكي يتحقق الوعد في الجمهورية الجديدة بفرسان ورجال يليقون بالحق والعهد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الفارس أنور عبد المغيث إسلام خيري
إقرأ أيضاً:
نجاة عبد الرحمن تكتب: حرب الهوية
في حياتنا اليومية، تمر علينا أحداث تبدو للوهلة الأولى كصدف عابرة، لكنها عند التدقيق وربطها ببعضها البعض، يظهر لنا أنها ليست بريئة على الإطلاق. ما يحدث في المجتمع المصري اليوم ليس مجرد تغير في الأذواق أو أسلوب الحياة، بل هو عملية متكاملة لتغيير وعي الأفراد، تدوير القيم، وتفريغ الهوية من جوفها بطريقة هادئة، ناعمة، ومنظمة بدرجة تجعلها تبدو طبيعية، وكأنها لم تؤثر فينا، وكأن كل ما يحدث عابر وغير مهم.
إن مراقبة الشهرة السريعة لبعض الشخصيات التي تظهر فجأة وكأنها خرجت من العدم، وتلك التي يتم تضخيم صوتها أكثر من حجمها الحقيقي، تكشف لنا أن الأمر ليس مجرد حظ أو صدفة، بل هو توجيه متعمد. إن رفع التفاهة، وإخفاء القيمة، وتقديم قدوات مشوهة للشباب، يجعل المجتمع غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ، بين المهم والتافه. هذه الاستراتيجية تعمل على فصل الأجيال الجديدة عن جذورها الثقافية والقيمية، وتجعلها مرتبطة بما هو سطحي وعابر، بعيدًا عن جوهر هويتها الحقيقية.
الإعلام، الذي كان دوره يومًا نقل الخبر والمعلومة، أصبح اليوم أداة مركزية لإعادة برمجة الذوق العام وصناعة الرأي الجمعي. حين تتكرر نفس المحتويات يوميًا: العري، البذاءة، التفاهة، الفضائح، العنف، الجدل التافه، والمحتوى الفارغ، يصبح المجتمع مشغولاً ومشتتًا باستمرار، فلا يجد الوقت أو القدرة على التفكير النقدي والتحليل. المجتمع الذي يفكر ويحلل صعب التأثير عليه، بينما المجتمع المشغول والمنشغل بما هو سطحي يكون سهل التأثير عليه، وبالتالي يسهل توجيهه نحو مصالح خارجية دون وعي حقيقي.
تكسير الذوق العام يعد خطوة استراتيجية أخرى في حرب الهوية. اختفاء الأزياء المحتشمة، انتشار محتوى العري، تطبيع الألفاظ السوقية، وتشويه أي شيء محترم، لا يحدث فجأة، بل يتم تدريجيًا خطوة بخطوة، حتى يصبح المنظر الخاطئ مألوفًا، والصحيح يُنظر إليه على أنه ماضٍ وتراث لا قيمة له في الزمن الحالي. عندما يفقد المجتمع ذوقه واحترامه، يفقد وعيه أيضًا، ويفتح هذا الباب أمام مشاريع خارجية لإعادة تشكيله بما يخدم مصالح القوى العالمية، بعيدًا عن جوهره وهويته الأصلية.
ضرب الرموز ورفع الأقزام هو جزء آخر من هذه الحرب على الوعي. حين يتم تهميش الشخصيات التي تمثل القيم الحقيقية، ويهيمن على المشهد السطحيات العابرة، يصبح الشباب غير قادر على العثور على قدوة حقيقية. المبادئ، الكلمة، الرجولة، والشرف تتحول إلى موضوعات مضحكة أو غير مهمة عند بعض الناس، بينما تكتسب الأقزام قيمة زائفة تتجاوز حجمها الطبيعي. هذه العملية ليست مصادفة، بل هي منهج واضح لتقزيم العمالقة وعملقة الأقزام، بحيث تكون الأجيال الجديدة مرتبطة بقدوات غير حقيقية وفارغة من أي قيمة جوهرية، مما يجعلها أكثر قابلية للتأثر بما يُفرض عليها من خارج حدود الثقافة الأصلية.
تفريغ الهوية من جوفها يتم بأساليب دقيقة ومتدرجة. لا حاجة لأن يقول لك أحد صراحة: “سوف نغير هويتك”، فالأمر يحدث تدريجيًا عبر جعل العري طبيعيًا، السفالة كوميديا، القبح فنًا، الانحراف حرية، الأسرة قيودًا، الدين تشددًا، الأنثى سخرية، والرجولة رجعية. ومع مرور الوقت، سيجد المجتمع نفسه مفصولًا عن جذوره، دون أن يلاحظ أحد، وبعيدًا عن القيم الحقيقية التي كانت دائمًا مصدر قوته.
حتى الرياضة، التي يفترض أن تكون مصدرًا للترفيه والتواصل الوطني، تتحول إلى أداة للتعصب والانقسام، حيث يصبح الخناق والسب والشتم أمرًا مألوفًا. الشخص المشغول والغاضب أسهل في السيطرة عليه من الشخص الواعي الهادئ، وتحويل الرياضة إلى ساحة صراع يساهم في قتل السلام الداخلي داخل المجتمع، وإبقائه في حالة توتر دائم، بحيث يصبح مستعدًا لتلقي أي تأثير خارجي بسهولة.
إلى جانب ما سبق، يجب أن ننتبه إلى التأثير النفسي والاجتماعي للتكنولوجيا الحديثة على الهوية. وسائل التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، صممت بطريقة تجعل الفرد دائم الانشغال بالمظاهر، والمقارنات، وملاحقة النجوم والمحتوى السطحي. كل صورة، كل فيديو، كل ترند، يسرق جزءًا من وعي الفرد ويصرفه عن القضايا الحقيقية، ويزرع في ذهنه قيمًا سطحية وغير متجذرة. الشباب، أكثر من غيرهم، يصبحون عرضة لهذه الموجات الإعلامية، فيتكون لديهم شعور بأن العالم الحقيقي محدود بالمشاهد الرقمية، وأن القيم التقليدية أو التاريخية قديمة ومملة.
هناك أيضًا حرب على اللغة والفكر، فاللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي وعاء للهوية والثقافة. حين تُهمل اللغة العربية الفصحى وتُستبدل باللهجات المستوردة أو بالمصطلحات الأجنبية الغريبة، تتآكل مفاهيم الثقافة والأخلاق تدريجيًا. من يسيطر على اللغة، يسيطر على التفكير، ومن يسيطر على التفكير، يسيطر على المجتمع بأكمله. هذا يفسر لماذا نشهد اليوم محتوى إعلاميًا وفنيًا يركز على التعابير السطحية، والألفاظ السهلة، والتقليد الأعمى لما يأتي من الخارج، بدلاً من بناء جيل قادر على التحليل والفهم العميق.
إضافة لذلك، هناك محاولات لتقزيم التاريخ والذاكرة الجمعية. يُعرض التاريخ بشكل انتقائي، تُطمس البطولات، ويُضحك على الرموز الوطنية الحقيقية، بينما تُرفع الشخصيات غير المؤهلة أو الفارغة. الشباب الذين ينشأون على هذا النسق لا يمتلكون شعورًا بالفخر أو الانتماء، بل يعيشون في حالة ارتباك دائم تجاه هويتهم. هذه الاستراتيجية تعمل على تعطيل الشعور بالمسؤولية الوطنية، وتجعل المجتمع أكثر هشاشة أمام أي تدخل خارجي، سياسي كان أو اقتصادي.
من ناحية أخرى، هناك حرب على الأسرة والمجتمع الصغير، فالأسرة التي هي العمود الفقري للهوية والقيم، تتعرض لهجوم غير مباشر من خلال ما يُقدم للشباب من محتوى يسيء إلى صورة الوالدين، ويعطي فكرة أن الحرية تعني التمرد على كل ما هو تقليدي. حين يضعف رابط الأسرة، يضعف المجتمع بأكمله، ويصبح الشباب غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ، مما يسهل السيطرة على توجهاته وأفكاره.
ولا يمكن إغفال الجانب الاقتصادي في حرب الهوية، فالفقر والبطالة يسهلان التحكم في المجتمع. الفرد المشغول بمعاناته اليومية، غير القادر على تأمين حياته الأساسية، يصبح غير مهتم بالقيم أو الثقافة أو التاريخ. القوى الخارجية تعرف هذا جيدًا، فتعمل على توجيه الرسائل الإعلامية والترفيهية نحو هذا الفرد المشتت، ليصبح التركيز على المتعة الفورية والسطحية بدل التفكير الاستراتيجي أو الوطني.
الهدف من كل هذا ليس انهيار المجتمع بين ليلة وضحاها، ولا انقلابًا مفاجئًا، بل تفتيته تدريجيًا، بطريقة ناعمة، هادئة، ومنظمة، حتى تسقط الهوية الوطنية تدريجيًا دون أن يلاحظ أحد. من أهم أدوات هذه الاستراتيجية: رفع التفاهة، تلميع الانحراف، خلق قدوات مزيفة، تشويه الرموز، إسكات الفكر الحر، تحويل القيم إلى تراث بلا تأثير، وتقديم نمط غريب مكان الثقافة الأصلية.
وهنا يظهر الرابط الواضح مع المؤامرة الصهيوأمريكية والسعي لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة، يسهل السيطرة عليها، وتكون متناحرة فيما بينها، بحيث تصبح أي مقاومة وطنية ضعيفة وغير مؤثرة. مخطط برنارد لويس جاء ليعزز هذا المشروع الفكري والثقافي، حيث اقترح تقسيم العرب، التركيز على النزاعات الطائفية، وتشويه الوعي الجمعي، وذلك لإضعاف الهوية الوطنية وتقويض الوحدة المجتمعية.
في هذا السياق، نشهد اليوم محاولات ممنهجة لتحويل المجتمعات إلى نسخة ضعيفة من نفسها، بعيدًا عن جذورها وقيمها، بحيث يصبح الشباب مرتبطًا بمحتوى سطحي لا يعكس تراثه وثقافته. كل ما يحدث من تضخيم للشخصيات الفارغة، انتشار للمحتوى الفارغ، التركيز على الفضائح، أو الترفيه السطحي، هو جزء من خطة أكبر تهدف إلى تعطيل الفكر النقدي، خلق أجيال سهلة التأثير، وحرف الانتباه عن القضايا الحقيقية التي تهدد أمن المجتمع واستقراره.
إن تحليل هذه الظواهر بشكل موضوعي يظهر كيف يتم استخدام أدوات مختلفة لزعزعة الهوية الوطنية، مثل الإعلام الموجه، الرياضة المشتتة، الشهرة المزيفة، والفن الذي لا يعكس القيم الأصيلة. كل هذه العناصر تعمل كشبكة متكاملة لإشغال الشباب عن التفكير المستقل، وخلق حالة من الانقسام الثقافي والاجتماعي، بما يخدم مصالح القوى الخارجية الساعية إلى تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير.
من هذا المنطلق، يصبح الدفاع عن القيم والهوية والثقافة أصلاً لا غنى عنه لكل مصري يهتم بمستقبل وطنه. حماية الرموز الحقيقية، تعزيز القيم المجتمعية، دعم التعليم الواعي، وصيانة الأسرة، كلها وسائل ضرورية لمواجهة محاولات تفكيك المجتمع وتشويهه. لأن المجتمع الواعي، المرتبط بقيمه وتراثه، هو المجتمع الذي يستطيع مواجهة أي مخطط خارجي، سواء كان فكريًا أو سياسيًا، بما يحافظ على استقلاله وكرامته.
اللهم احفظ مصر، وأهلها، ووعيها، وهويتها من أي محاولة لطمسها، وأثبت شبابها على قيمها وثقافتها العريقة، فالحفاظ على الهوية هو حماية لمستقبل الأمة، في مواجهة مشاريع التدمير الصهيوأمريكية ومخطط برنارد لويس، الذي يسعى لإعادة تشكيل مجتمعاتنا، وتحويل أمتنا إلى نسخة ضعيفة، مشتتة، بعيدة عن جذورها وقيمها الأصيلة.