هل تنقذ الطاقة التكيفية الهواتف فائقة النحافة من أزمة البطارية؟
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
مع كلّ طفرة تقنية نشهدها، يبرز سؤال جوهري: كيف نطيل عمر الأجهزة التي تتطور بوتيرة أسرع من قدرتها على الاحتفاظ بالطاقة؟
فبينما تتسابق الشركات في تحسين المُعالجات، وتعزيز الكاميرات، وتصغير التصاميم، تبقى البطارية الحلقة الأضعف والمعضلة الفيزيائية في قلب الثورة الرقمية.
ومع تحول الهواتف الذكية إلى امتداد دائم لحياة المستخدم، لم يعد تحسين الأداء ترفا تقنيا، بل ضرورة تمس تجربة المستخدم اليومية.
في هذا السياق، لم يعد من الغريب أن تتجه الشركات نحو حلول برمجية تتجاوز إدارة الأداء إلى إدارة الطاقة نفسها، مدفوعة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. ومن هذا المنطلق، أعلنت آبل ضمن نظام "آي أو إس 26" (iOS 26) عن ميزة جديدة تحمل اسم "الطاقة التكيفية" (Adaptive Power)، في خطوة قد تمثل بداية لتحول نوعي في علاقة المستخدم بجهازه، خاصة في ظل ما يُتداول عن التصميم فائق النحافة لهاتف "آيفون 17 آير" المرتقب.
رغم أن آبل لم تبرزها في الكلمة الافتتاحية لمؤتمرها (WWDC)، تظهر ميزة "الطاقة التكيفية" (Adaptive Power) كواحدة من أكثر إضافات "آي أو إس 26" إثارة للاهتمام، إن لم تكن الأكثر أهمية.
فهي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومصممة خصيصا لإطالة عمر بطارية الآيفون عبر مجموعة من التعديلات الذكية، مثل خفض سطوع الشاشة، وتفعيل وضع الطاقة المنخفضة (Low Power Mode) تلقائيا عند وصول الشحن إلى 20%، مما يحد من الأنشطة في الخلفية ويطيل عمر البطارية أكثر.
لكن الميزة تتجاوز ذلك، إذ تسمح للنظام بإجراء "تعديلات بسيطة في الأداء"، مثل السماح لبعض المهام بأن تستغرق وقتا أطول بهدف خفض استهلاك الطاقة في الخلفية دون أن يشعر المستخدم بتراجع كبير في الأداء.
إعلانمن جهة مماثلة، آبل ليست الوحيدة التي تراهن على الذكاء الاصطناعي، فشركات مثل سامسونغ وغوغل تتبع إستراتيجيات متقدمة في هذا المجال. وتستخدم سامسونغ عبر واجهتها "وان يو آي" (One UI) تقنيات التعلم الآلي لتحليل أنماط استخدام التطبيقات وتعديل استهلاك الطاقة في الخلفية (Background Power Consumption) بناء على ذلك.
بينما تعتمد غوغل في هواتف "بيكسل" على ميزة "البطارية التكيفية" (Adaptive Battery) التي تسمح للنظام بتحديد التطبيقات التي تستهلك الطاقة بشكل كبير وتقليل نشاطها في الخلفية.
لماذا الآن؟ وما الذي تغير؟وجود ميزة كهذه ضمن إعدادات الطاقة، وليس كتطبيق مستقل أو ميزة بارزة في واجهة النظام، يعكس بوضوح توجه آبل لتقديم حلول ذكية خلف الكواليس، تتدخل فقط عند الحاجة.
والمثير أن الوصول إلى هذه الميزة في النسخة التجريبية للمطورين يتطلب التنقل عبر عدة قوائم داخل تطبيق الإعدادات، مما يزيد الشعور بأنها لم تأخذ نصيبها من تسليط الضوء، رغم أنها قد تغير تجربة الاستخدام اليومية بشكل ملموس، خاصة في السيناريوهات التي تُستهلك فيها طاقة الجهاز بشكل مكثف، كتحرير الصور والفيديو أو أثناء الألعاب.
في السياق ذاته، هذه الميزة ليست حكرا على طراز واحد، حيث ستكون متاحة لجميع أجهزة آيفون الداعمة لـ"آي أو إس 26″. ومع ذلك، فسيكون المستفيد الأكبر منها على الأرجح المستخدمين الذين يمتلكون أجهزة ببطاريات أصغر، مثل "آيفون 16" و"آيفون 16 برو"، أو أولئك الذين يفضلون التصميمات النحيفة على حساب البطارية.
في ظلّ ما يُتداول عن إطلاق "آيفون 17 آير"، الهاتف الأنحف في تاريخ آبل، يتجدد النقاش حول المفاضلة الأزلية بين جمالية التصميم وأداء البطارية. فالهواتف النحيفة، مهما بلغت أناقتها وخفة وزنها، تأتي غالبا على حساب سعة البطارية، كما أظهرت تجارب واقعية مع أجهزة مثل "سامسونغ غلاكسي إس 25 إدج" و"أوبو فايند إن 5″ (Oppo Find N5)، التي لا تكاد تصمد حتى نهاية اليوم دون شحن.
هنا تحديدا، تبرز ميزة "الطاقة التكيفية" كحل برمجي مبتكر يسعى لسدّ هذه الفجوة. فهي لا تكتفي بتقليص استهلاك الطاقة، بل تعيد هندسة طريقة إدارة الأداء في الجهاز نفسه، لتعويض ما يخسره المستخدم مع كل مليمتر يُقتطع من سماكة الهاتف.
وإذا تمكنت آبل من إطالة عمر بطارية "آيفون 17 آير" بشكل ملحوظ، فسيكون ذلك بفضل هذه الطبقة البرمجية الذكية، التي لا تعمل على تحسين تجربة الاستخدام فقط، بل تحمي فلسفة التصميم ذاته من أن تتحول إلى عبء على المستخدم.
هل هي بالفعل قوة خارقة؟ أم ذكاء في الوقت المناسب؟مع كل الحماس المحيط بـ"الطاقة التكيفية"، يبقى التحدي الحقيقي في التنفيذ اليومي. فهي لا تعد بإحداث ثورة شاملة، لكنها تشير إلى اتجاه جديد: أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أفضل وسيلة لتعويض قيود العتاد، لا سيما مع الأجهزة فائقة النحافة التي يصعب دعمها ببطاريات كبيرة.
فما يُختبر هنا ليس فقط مدى صمود البطارية، بل قدرة النظام بأكمله على التكيف مع القيود الفيزيائية من دون التضحية بجوهر التجربة. وهذا ما يجعل من "الطاقة التكيفية" أكثر من مجرد تحسين تقني، إنها اختبار مبكر لمستقبل يُعاد فيه رسم العلاقة بين الذكاء، والأداء، والتصميم.
الذكاء الاصطناعي يَعد.. والتجربة هي الحَكمرغم الوعود الكبيرة التي تحملها "الطاقة التكيفية"، فإن قيمتها الحقيقية لن تتضح إلا بعد أن تصل إلى أيدي المستخدمين. فالذكاء الاصطناعي وحده لا يكفي، ما لم يُترجم إلى تجربة يومية تحسّن الأداء، وتطيل عمر البطارية فعليا، لا نظريا.
إعلانولا يمكن تجاهل السياق التسويقي الذي تتحرك فيه الشركات اليوم. إذ إن التصميمات فائقة النحافة، رغم جاذبيتها البصرية، قد تبدو للبعض مجرد حيلة دعائية. من الذي طلبها أصلا؟ ومع ذلك، لا شك أنها تحظى بلحظتها الآن، في ظل سباق مستمر لإعادة اختراع الهاتف كمفهوم بصري وتجاري.
حتى ذلك الحين، تبقى ميزة "الطاقة التكيفية" خطوة طموحة في الاتجاه الصحيح، ومحاولة من آبل لإعادة تعريف حدود ما يمكن أن تقدمه البرمجيات، خاصة حين تصبح البطارية عبئا على التصميم. ومع اقتراب موعد إطلاق "آيفون 17 آير" المرتقب، ستصبح هذه الميزة تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى. فإما أن تؤسس لتحول حقيقي في علاقة المستخدم بجهازه، أو تبقى فكرة واعدة لم تنضج بعد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات حريات الذکاء الاصطناعی آیفون 17 آیر فی الخلفیة
إقرأ أيضاً:
مستشفى يــاس كلينك تنقذ حياة طفلة بعمر شهرين عبر زراعة نخاع عظم عاجلة
أنقذ مستشفى ياس كلينك حياة طفلة لا يتجاوز عمرها شهرين بعد أن خضعت لزراعة نخاع عظم عاجلة في لحظة كان فيها الوقت ينفد والوسائل العلاجية تكاد تنعدم.
وصلت الطفلة الباكستانية آيرا (Ayra) إلى أبوظبي في حالة حرجة، عاجزة تمامًا عن مقاومة أبسط أنواع العدوى، فيما كانت صحتها تتدهور بسرعة مقلقة.
قبل وصولها إلى المستشفى، أمضت آيرا أسابيع في أحد مستشفيات دبي، موصولة بجهاز التنفس الاصطناعي وتعاني من التهابات حادة في الصدر والدم. ورغم كل جهود الرعاية المركزة، لم تتحسن حالتها، وبدأ الأطباء يشكون بوجود مشكلة أعمق. جاءت الفحوصات المتقدمة لتكشف الحقيقة المؤلمة: آيرا تعاني من نقص مناعي شديد، وهو اضطراب نادر يولد به الطفل دون قدرة حقيقية على محاربة أي عدوى.
وازداد الموقف ألمًا عندما أوضح الوالدان أن طفلتهما الأكبر كانت قد توفيت بعمر سنة ونصف نتيجة مشكلة مشابهة لم تُشخّص في حينها. هذه المعلومة كانت المفتاح الذي قاد الأطباء في مستشفى ياس كلينك إلى التشخيص الصحيح وإلى الأمل الوحيد لإنقاذ آيرا.
عندما وصلت إلى مستشفى ياس كلينك مدينة خليفة، كانت آيرا تقاوم ثلاثة فيروسات خطيرة في الوقت نفسهCMV، وفيروس الأدينو، وفيروس الـPCP ، بينما تعمل رئتاها ومستويات ضغط دمها بصعوبة شديدة، وجهازها المناعي شبه غائب تمامًا.
وفي خضم هذا السباق مع الزمن، جاءت مفاجأة غير متوقعة حملت بصيص أمل: أظهرت الفحوصات أن والدها متطابق معها تطابقًا كاملاً في فحوصات" HLA"التي تثبت مدى تطابق عينات الدم لزراعة نخاع العظم، وهو أمر نادر للغاية في مثل هذه الحالات العاجلة. لكن آيرا كانت ضعيفة جدًا بحيث لا يمكن إعطاؤها العلاج الكيماوي أو التهيئة المعتادة قبل الزراعة ، إذ كان ذلك سيشكل خطرًا كبيرًا على حياتها.
لم يكن أمام الفريق الطبي سوى قرار واحد وهو زراعة نخاع عظم إسعافية، مباشرة ودون تهيئة، باستخدام خلايا والدها السليمة على أمل أن تعيد لجسدها القدرة على مواجهة الفيروسات العنيفة.
تحت قيادة الدكتورة مانسي ساشديف، استشارية أمراض الدم والأورام وزراعة النخاع للأطفال، تحرك فريق الزراعة بسرعة، مدركين أن كل دقيقة يمكن أن تصنع الفارق. وقالت الدكتورة مانسي:
"لم يكن أمامنا خيار آخر لإنقاذ حياتها. كانت ضعيفة للغاية ولا تحتمل العلاج الكيماوي. اعتمدنا على خلايا والدها لتعيد لجسدها القدرة على مقاومة العدوى." كان القرار محفوفًا بالمخاطر لكنه كان الأمل الوحيد.
واليوم، وبعد مرور شهرين فقط على الزراعة، تعيش آيرا تحولًا مذهلًا. تخلصت من جهاز التنفس منذ أكثر من شهر، وأصبحت تتنفس بشكل طبيعي دون أي دعم. اختفت الفيروسات الثلاثة من جسدها تمامًا، وأصبحت تتغذى جيدًا وتستعيد قوتها تدريجيًا. ومن المتوقع خروجها من المستشفى قريبًا جدًا.
قصة آيرا، التي كانت على حافة الحياة، أصبحت اليوم قصة شفاء وأمل وطفولة تعود لتبتسم. وهي شهادة على مستوى التخصص والجاهزية التي يقدمها فريق زراعة النخاع في مستشفى ياس كلينك.
وفي هذا الصدد صرحت الدكتورة ميسون آل كرم، المدير التنفيذي للشؤون الطبية في مستشفى ياس كلينك، بقولها:
"تجسّد هذه العملية المستوى المتقدم من التميّز الطبي في مستشفى ياس كلينك. التعامل مع طفلة بهذا العمر وبهذه الضعف العام دون تهيئة قبل الزراعة يتطلب خبرة استثنائية وتنسيقًا دقيقًا. كما إن تعافي آيرا يؤكد التزامنا بتقديم رعاية عالمية المستوى وتعزيز مكانة أبوظبي كمركز رائد للرعاية التخصصية."
قصة آيرا لا تُبرز فقط أهمية التشخيص والتدخل المبكر، بل تؤكد أيضًا الدور الجوهري للتطابق العائلي وجاهزية الفرق المتخصصة. وبفضل هذا التكامل، مُنحت هذه الطفلة فرصة جديدة للحياة.
جدير باللذكر أن مستشفى ياس كلينك يواصل التزامه بتقديم رعاية متقدمة في زراعة النخاع للأطفال والبالغين، بما يوفر الأمل والشفاء للمرضى وعائلاتهم في دولة الإمارات والمنطقة.