سريلانكا تواجه أمطارا جديدة وإندونيسيا تكافح تبعات الفيضانات
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
أصدرت السلطات السريلانكية تحذيرات جديدة من انهيارات أرضية بسبب أمطار غزيرة في مناطق دمرتها أصلا الفيضانات وانزلاقات التربة، جراء إعصار قوي أودى إلى الآن بأكثر من 1800 شخص في جنوب آسيا، في حين تحاول إندونيسيا تكثيف عمليات الإغاثة وإيصال المساعدات.
وضربت أمطار غزيرة أمس الأحد مجددا مناطق دمرها أصلا إعصار عنيف في سريلانكا، مما رفع عدد القتلى إلى 627 شخصا، بحسب أحدث حصيلة للحكومة التي أفادت أيضا بأن 190 شخصا لا يزالون في عداد المفقودين.
وفي المجمل، قُتل أكثر من 1800 شخص في إندونيسيا وسريلانكا وماليزيا وتايلند وفيتنام جراء سلسلة من العواصف الاستوائية والأمطار الموسمية التي تتسبب بانزلاقات تربة وفيضانات مفاجئة.
وتضرر أكثر من مليوني سريلانكي -أي نحو 10% من السكان- من تداعيات الإعصار ديتواه الذي ضرب البلاد الأسبوع الماضي ويُعد أسوأ عاصفة تشهدها منذ مطلع القرن.
وأفاد مركز إدارة الكوارث أمس بأن العواصف الموسمية تسببت بمزيد من الأمطار وجعلت المنحدرات غير مستقرة، خصوصا في المنطقة الجبلية الوسطى والمناطق الداخلية الشمالية الغربية.
واستخدمت السلطات السريلانكية مروحيات وطائرات أمس الأحد لإيصال مساعدات إلى مناطق في وسط البلاد عزلتها الانزلاقات الأرضية.
وقدّرت السلطات أن تكلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى 7 مليارات دولار، في حين أعلن صندوق النقد الدولي أنه يدرس طلبا من كولومبو للحصول على مساعدات بقيمة 200 مليون دولار لإعادة الإعمار.
وفي إندونيسيا، وصل عدد قتلى العواصف المدمرة إلى 940 شخصا، وفق آخر إحصائيات أجريت الأحد، في حين لا يزال 274 في عداد المفقودين، وزار الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إقليم آتشيه شمال غرب جزيرة سومطرة التي تأثرت بشدة بالكارثة.
وأفادت وزارة أمانة الدولة بأن هذه الزيارة تهدف إلى "تسريع جهود الاستجابة للطوارئ وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة".
إعلانوتتجاهل الحكومة الإندونيسية حتى الآن ضغوط السكان المتضررين الذين يطالبون بإعلان حالة الكارثة الوطنية، الأمر الذي من شأنه أن يوفر مزيدا من الموارد ويسمح للوكالات الحكومية بتنسيق أعمالها.
وفاقمت الفيضانات والانهيارات الأرضية في جزيرة سومطرة الإندونيسية معاناة السكان، مع تسجيل انتشار متسارع للأمراض ونقص حاد في الأدوية، بحسب بيانات رسمية صدرت أمس.
وتشير بعض الدراسات إلى أن إزالة الغابات في المنطقة كانت سببا رئيسيا في تفاقم مخاطر الفيضانات في الجزيرة.
وحسب ديفيد غافو مؤسس منظمة مراقبة إزالة الغابات "نوسانتارا أطلس"، فإن سومطرة فقدت بين عامي 2001 و2024 نحو 4.4 ملايين هكتار من الغابات (44 ألف كيلومتر مربع)، أي أكبر من مساحة سويسرا، غالبا بسبب التعدين وتغيير نمط الزراعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات حريات تغي ر المناخ
إقرأ أيضاً:
كيف حوّلت إزالة الغابات فيضانات سومطرة إلى كارثة؟
عندما ضربت العواصف المدارية إندونيسيا مسببة خسائر فادحة، لم تكن مجرد كارثة طبيعية ناجمة عن أمطار غزيرة، ولم يكن الطقس سوى جزء من القصة، فقد وقع الضرر الحقيقي عندما اصطدمت الأمطار الغزيرة بنظام بيئي ضعيف أصلًا، وكانت النتيجة كارثة مميتة.
وضرب إعصار سنيار دول جنوب شرق آسيا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني. وفي إندونيسيا، كانت جزيرة سومطرة، وخاصة أجزاؤها الشمالية، الأكثر تضررا.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4دراسة: إزالة الغابات بالأمازون تؤدي إلى مواسم أكثر جفافاlist 2 of 4تدهور الغابات يعرقل أهداف المناخ الأوروبيةlist 3 of 4علماء: تدهور الفطريات الجذرية يدمر التنوع البيولوجيlist 4 of 4تلوث التربة "قاتل صامت" في نظامنا البيئيend of listوأدت الفيضانات والانهيارات الأرضية الناجمة عن الأعاصير إلى مقتل المئات، وتضرر حوالي مليون شخص في مقاطعات غرب سومطرة وشمال سومطرة وآتشيه، وفقا لبيانات حكومية.
وغمرت المياه العديد من المنازل في تلك المناطق أو جرفتها بالكامل، بينما تحولت الأنهار إلى سيول جارفة مفاجئة وعنيفة جراء تآكل التربة، وتدهور المصدات بسبب تدهور الغطاء الغابي.
عندما تُزال الغابات وتتدهور الأراضي، يفقد النظام البيئي قدرته الطبيعية على العمل كـ"إسفنجة". فمياه الأمطار التي كانت تتسرب ببطء إلى أرض الغابة، تتدفق فوق الأرض، متحولة إلى جريانٍ غزير يجرف كل ما يعترض سبيله.
ولم تكن الفيضانات الأخيرة في سومطرة ظاهرة هيدرولوجية، بل تعد علامة على انهيار النظام البيئي، فدورة التربة والغابات والمياه تتدهور وتتفاقم، بسبب عقود من إزالة الغابات وتغيير استخدام الأراضي.
تعمل التربة السليمة كالإسفنجة، فهي غنية بالمواد العضوية ومليئة بالمسام والقنوات التي تُنشئها الجذور والكائنات الحية في التربة التي تكون قادرة على امتصاص كميات كبيرة من الماء، إذا تم الاعتناء بها جيدا، ولم يتم تجريفها.
ولا تعد الغابة مجرد مجموعة من الأشجار، بل هي نظام هيدرولوجي تمتد وظائفه من باطن الأرض إلى الغلاف الجوي. فجذور النباتات تُنشئ مسارات لتسرب الماء إلى التربة، وتُبطئ المظلة سقوط الأمطار، وتحمي بقايا الأوراق السطح من التعرية. وتمتص الأشجار الماء من التربة وتُطلقه عبر النتح أو التبخر، مما يُساعد على تنظيم الرطوبة وأنماط هطول الأمطار.
إعلانعندما تُزال الغابات لأغراض الزراعة أو التعدين أو التوسع الزراعي، تنهار قدرة التربة على امتصاص الماء، وتتحلل الجذور التي كانت تربط التربة التي تفقد حمايتها، ويختفي تساقط الأوراق، وبالتالي تتناقص المواد العضوية، وتصبح التربة مضغوطة ومتآكلة ومتضررة.
نتيجةً لذلك، تفقد التضاريس قدرتها على امتصاص المياه، ويزداد الجريان السطحي، وتصبح المنحدرات في المناطق الجبلية والوعرة غير مستقرة. وفي الوقت نفسه، تستقبل الأنهار كميات هائلة من المياه في وقت قصير، وعندما تعجز عن احتوائها تفيض، مسببة فيضانات مدمرة.
ففي شمال سومطرة، يتدفق نهر باتانغ تورو، وهو نهر رئيسي في مرتفعات تابانولي سيلاتان، عبر واحدة من أكثر السلاسل الجبلية تنوعا بيولوجيا. وتوفر مستجمعات المياه الخاصة بها المياه للري والاستخدام المنزلي ومصايد الأسماك والطاقة الكهرومائية الصغيرة.
تشكل الغابات المطيرة الاستوائية المحيطة آخر كتلة غابات أساسية في هذه المنطقة، حيث تعد موطنا للتنوع البيولوجي الهائل وتعمل كحاجز طبيعي ضد الفيضانات والانهيارات الأرضية، لكن تلك المرونة تتلاشى بسرعة، حسب الخبراء.
باتت المنطقة الشمالية من باتانغ تورو، على ارتفاع يتراوح بين 300 و400 متر، مفتوحة للتعدين منذ عام 2010، كما استمرت إزالة الغابات لزراعة نخيل الزيت حتى عام 2024.
وتُظهر تحليلات الأقمار الاصطناعية أن ما يقرب من 1550 هكتارا من الغابات في المنطقة فقدت غطائها النباتي، مما يجعل التربة العارية عرضة بدرجة كبيرة للتآكل في مستجمعات المياه في باتانغ تورو.
وحسب ديفيد غافو مؤسس منظمة مراقبة إزالة الغابات "نوسانتارا أطلس" فإن جزيرة سومطرة فقدت ما بين عامي 2001 و2024 نحو 4.4 ملايين هكتار من الغابات (44 ألف كيلومتر مربع)، أي أكبر من مساحة سويسرا، غالبا بسبب التعدين وتغيير نمط الزراعة.
ولم تعد المنحدرات المتدهورة كهذه قادرة على امتصاص مياه الأمطار أو تثبيت مستجمعات المياه. وتزداد المجتمعات الواقعة أسفل النهر عرضة للخطر عند هبوب العواصف الشديدة.
في غرب سومطرة، هطلت أمطار غزيرة على مدينة بادانغ. وارتفع منسوب الأمطار بشكل حاد، وزاد إجمالي الهطول اليومي من 37 ملليمترا في 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 145 ملليمترا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وتجاوز إجمالي التراكم 770 ملليمترا، مما أدى إلى انهيار التربة، فلم تعد قادرة على الاحتفاظ بمزيد من الماء في مسامها.
فُقد عمليا ما يُقدر بـ 152 هكتارا من الغابات في المناطق الواقعة أعلى نهري باتانغ كورانجي وباتانغ آي دينجين في مدينة بادانغ. ونتيجةً لذلك، تعطلت دورة المياه بأكملها، وانخفض معدل تغذية المياه الجوفية، وزاد الجريان السطحي، وأصبحت الأنهار "مُنهكة"، مع ارتفاع مُفاجئ في كميات التصريف، مما تسبب في فيضانات.
بعد 4 أيام من الفيضانات المفاجئة، ظل نهرا باتانغ كورانجي (19.68 كيلومترا) وباتانغ آي دينجين (14.27 كيلومترا) في بادانغ بلون أصفر بني، ويتدفقان بسرعة نحو شاطئ بادانغ. وعانت المجتمعات من العواقب، وأصبحت النظم الإيكولوجية الساحلية مختنقة بشكل متزايد بالرواسب.
عواقب كارثية
كثيراً ما ينظر إلى إزالة الغابات وتدهور التربة كقضايا محلية، لكن حجم الآثار يُظهر أن لهذه المشاكل عواقب وطنية وربما عالمية كارثية. ومع تزايد وتيرة هطول الأمطار الغزيرة، فإن كل مستجمع مائي متضرر يصبح مصدرا لمضاعفة المخاطر.
إعلانوفي المناطق ذات التربة السليمة والغابات السليمة، قد تُسبب العواصف أضرارا، لكن النظام البيئي يمتص جزءًا من التأثير، أما في المناطق المتدهورة بشدة، فقد تتفاقم العواصف لتتحول إلى كارثة كبرى.
وبالاستناد إلى درس سومطرة، يُظهر هذا أن إستراتيجية التكيف مع تغير المناخ لا يمكن أن تعتمد فقط على السدود أو الاستجابة للطوارئ، إذ ينبغي إعادة بناء البنية التحتية البيئية التي تدير وتُنظّم تدفق المياه.
يشير الخبراء إلى أن الحفاظ على العلاقة بين التربة والغابات والمياه أمر ضروري حماية الغابات المتبقية، وخاصة مستجمعات المياه، ومنع أعمال التعدين وتغيير الأنماط الزراعية.
كما يؤكدون على ضرورة استعادة التربة المتدهورة من خلال زيادة المادة العضوية، وتوسيع الزراعة الحرجية، وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة، وإدراج مؤشرات صحة التربة والغطاء الأرضي في التخطيط لمخاطر الفيضانات.