إيران وإسرائيل.. ماذا بعد الخروج من "الظل الاستراتيجي"؟
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
بادرت إيران بأول مواجهة عسكرية مباشرة عبر مسيرات وصواريخ ضد إسرائيل، بعد عقود من تبادل الأدوار في حروب ظل يشنها الجانبان، جوا وبرا وبحرا وسيبرانيا.
ووفق خبراء معنين في الشؤون الإيرانية والإسرائيلية والعلاقات الدولية، تحدثوا بشكل منفصل مع "سكاي نيوز عربية"، فإن هذا التحول اللافت من "حروب الظل" عبر وكلاء إيران بالمنطقة إلى المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب ستفتح الأبواب لتصعيد كبير بالمنطقة، متوقعين ألا تتجه إسرائيل لتصعيد مباشر مماثل، واللجوء لمسارها الأول عبر حروب الظل.
ضربة إيرانية مباشرة وتأهب إسرائيلي
قال كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري، الأحد: "لقد خُضنا معركة جوية معقدة وناجحة تمكّن فيها جيش الدفاع، بالتعاون مع تحالف إقليمي قوي (شمل أميركا وفرنسا وبريطانيا)، من منع وإحباط الهجوم الإيراني، (..)"، واصفا إياه بـ"هجوم فاشل".
وشنّت إيران السبت انطلاقا "من أراضيها" نحو 350 عملية إطلاق هجوما بمسيّرات على إسرائيل، "تستغرق عادة ساعات للوصول إلينا"، وفق ما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في كلمة متلفزة.
ويأتي الهجوم ردا على ضربة إسرائيلية استهدفت مقرا دبلوماسيا إيرانيا في دمشق، وقتلت ضباطا بارزين في الحرس الثوري مطلع أبريل الجاري.
وجاء الهجوم الإيراني وكأنه مجدول ومعروف توقيته سلفا، حيث أشارت تقارير إعلامية غربية وإسرائيلية عن مفاوضات جرت في الأيام الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران لتحديد سقف الهجوم بحيث لا يوقع أضرارا على الجانب الإسرائيلي مما يستدعي ردا يوسع دائرة الصراع.
تصعيد كبير ونتائج مقلقة
أميد شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والأستاذ الزائر في جامعة جورج ميسون الأميركية، يرى في تصريحات إلى "سكاي نيوز عربية"، هجوم إيران على النحو التالي:
• يمثل الهجوم الإيراني، تصعيدًا كبيرًا في الصراع بينهما، وهو أول هجوم مباشر لإيران على إسرائيل من أراضيها.
• يشير الهجوم، الذي يُعتقد أنه انتقامي لضربة إسرائيلية مزعومة في سوريا، إلى الاستعداد لشن ضربات متبادلة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوترات.
• تؤكد الإجراءات الأمنية المشددة في إسرائيل وإغلاق الدول المجاورة للمجال الجوي على التأثير الإقليمي، وأن يمثل هذا الهجوم مرحلة جديدة خطيرة من التوترات، مع احتمال نشوب حرب أوسع نطاقًا إن لم يتم تقييدها دبلوماسيًا.
ووفق المحلل الاستراتيجي أميد شكري، فإن المواجهة المباشرة لن تترك دينامكات الصراع السابقة لاسيما حروب الظل قائلا:
• يشير الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى خروج ملحوظ عن ديناميكيات الصراع السابقة، وهذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل بشكل مباشر من أراضيها، بدلاً من الاعتماد على الوكلاء أو حروب الظل
• لا يبدو أن هذا الهجوم الإيراني يمثل خروجًا دائمًا عن "حرب الظل" السابقة بين البلدين. بل يبدو إنه تصعيد كبير قد يؤدي إلى العودة إلى مزيد من المواجهات السرية وغير المباشرة أيضاً.
وعن تأثيرات الخروج من حروب الظل للمواجهة المباشرة يرى أميد شكري التالي:
• هذا التحول من تكتيكات "حرب الظل" السرية إلى المواجهة العلنية يزيد من خطر حدوث المزيد من التصعيد الإقليمي والصراع الأوسع، الذي قد يشمل الولايات المتحدة.
• تثير المخاوف بشأن الانتقام والضربات المضادة من الجانبين شبح صراع إقليمي أوسع، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على المشهد الجيوسياسي الأوسع.
مرحلة جديدة
محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسيات الإيرانية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رأى تلك المواجهة الجديدة بين إيران وإسرائيل على النحو التالي:
• تلك المواجهة لا تعني أن حروب الظل ستنتهي بينهما لكن يمكن القول بأن ما حدث حالة هجينة بين تلك الحروب والمواجهة المباشرة، والتي رسخت مرحلة جديدة حطمت فيها طهران الخطوط الحمراء بعدم المواجهة في جغرافيا كل من إيران وإسرائيل
• نحن إزاء حدث فريد من نوعه منذ قيام الثورة الإيرانية في التسعينيات، بين طهران وتل أبيب، وأضخم هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ ويعد تحولا نوعيا في الصراع والحسابات الاستراتيجية وحسابات الردع بين الجانبين.
• هذه المرة تجاوزت طهران الخط الأحمر، وقامت بالضربة مباشرة بنفسها، ومن داخل أراضيها بشكل مختلف عن حروب الظل أو استخدام الوكلاء سابقا، وضربت في العمق الإسرائيلي.
• تعد تلك أول عملية شرق أوسطية مباشرة ضد إسرائيل، بعد ما قامت بها العراق سابقا ضد تل أبيب في التسعينيات، ولكن تأخذ هذه المرة بعدا آخرا بخلاف عملية بغداد، وهو أنها تأتي في ظل أحداث غزة، وتطورات القضية الفلسطينية.
وعن مستقبل ذلك الهجوم الإيراني، يرى الدكتور محمد محسن أبو النور التالي:
• في المجمل هذه العملية لن تتوسع أكثر من ذلك، الرد الإيراني الذي كان ردا جراحيا ضد أهداف عسكرية فقط، واتخذ شكلا جديدا من الاستهداف وحمل رسالة لإسرائيل.
• هناك ضغوط أميركية وغربية بعدم رد إسرائيل، وعدم توسيع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.
• لا أعتقد أن إسرائيل سترد وستسدل الستار على ما تم لأن أي رد ستواجه إيران برد مماثل، وهذا ما قد يوسع زمام الصراع إلى حرب موسعة لا تريد أميركا ودول غربية أن تحدث خاصة مع توقع دخول قوى عالمية أخرى داعمة لإيران في المواجهة مثل روسيا، وهناك تفاهمات دولية في إطار عدم توسيع الصراع.
رد إسرائيلي مختلف
خالد سعيد، الباحث فى الشؤون الإسرائيلية والتاريخ العبري، في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، يرى مستقبل ما حدث كالتالي:
• هذه أول مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإسرائيل بعد فترة طويلة من حروب الظل وتعد حالة فارقة في الصراع الإيراني الإسرائيلي.
• الفترة المقبلة لن تشهد مواجهة عسكرية من جانب إسرائيل، ولكن استغلال آخر عبر مواجهة دبلوماسية سياسية ضد إيران.
• ستسعى إسرائيل أن تتحرك سياسيا ودبلوماسيا في جلسات مجلس الأمن تارة وأخرى عبر تكوين حلف ضد ما ستسميه الإرهاب الإيراني، وفي مقدمة من سينضم له أميركا وبريطانيا وفرنسا، وكل من شارك في التصدي مع إسرائيل بمواجهة المسيرات الإيرانية.
• حروب الظل ستبقى مستمرة ولن تنتهي بهذه المواجهة المباشرة، لأن كل طرف يدرك قوة الطرف الآخر ولا يريد التوسع في مواجهات مباشرة جديدة كلفتها كبيرة.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الشؤون الإيرانية إيران دانيال هاغاري إيران إسرائيل الظل الشؤون الإيرانية إيران دانيال هاغاري أخبار إيران المواجهة المباشرة الهجوم الإیرانی
إقرأ أيضاً:
اعتراف خطير من محافظ بنك إسرائيل . ماذا سيحدث في حال استمرار الحرب على قطاع غزة؟
قال محافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون، اليوم الثلاثاء “إن استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة لستة أشهر أخرى ينذر بخفض نمو الاقتصادالإسرائيلي بنحو نصف نقطة مئوية في عام 2025 وزيادة أعباء الديون”.
وأضاف بعد يوم من إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، بعد خفضها في يناير كانون الثاني 2024، أن هناك حاجة لتوخي الحذر بشأن السياسة النقدية نظرا لعدم استقرار الوضع الجيوسياسي ووضع التضخم على المدى القريب، مشيرا إلى استعداد صانعي السياسات لتأجيل أي خفض لأسعار الفائدة حتى يتراجع التضخم.
وقال يارون لرويترز على هامش المؤتمر الاقتصادي السنوي لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي “يتركز تأثير الحرب على الاقتصاد بشكل خاص في الوقت الحالي على سوق العمل”، مشيرا إلى الإسرائيليين الذين جرى استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية العسكرية إذ سيتركون عملهم خلال فترة الخدمة.
وتوقع البنك المركزي في وقت سابق بدء تراجع معدل استدعاء جنود الاحتياط في الربع الثاني من العام الحالي.
لكن يارون قال “نشهد الآن عكس ذلك… إذا… تصاعدت حدة الحرب في غزة لستة شهور أخرى، فسيؤدي ذلك بالفعل إلى انخفاض النمو نصف بالمئة إضافية خلال 2025″، وسترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 69 بالمئة إلى 71 بالمئة.
وعبر يارون عن أمله في أن يعود الاقتصاد إلى سابق عهده بإمكاناته المتمثلة في تحقيق نمو سنوي لمدى بعيد يبلغ أربعة بالمئة.
ويتوقع خبراء الاقتصاد في بنك إسرائيل أيضا انخفاض سعر الفائدة القياسي من 4.5 بالمئة إلى أربعة بالمئة بحلول أوائل عام 2026، على أمل انحسار التضخم. وارتفع معدل التضخم إلى 3.6 بالمئة في أبريل نيسان من 3.3 بالمئة في مارس آذار ليبقى فوق المستوى المستهدف الذي يتراوح بين واحد بالمئة وثلاثة بالمئة.
واستنادا إلى عوائد السندات، لا تزال الأسواق المالية تتوقع تراجع التضخم إلى 1.8 بالمئة في العام المقبل.
وعبر يارون أيضا عن أمله في أن يتوازن العرض، المقيد بسبب الحرب، مع الطلب بشكل أكبر، مما يدفع التضخم إلى الانخفاض. غير أن صانعي السياسات يقللون من أهمية توقعات التضخم على المدى القريب نظرا للوضع المتقلب.
وقال يارون “إذا لم نشهد بعض هذه التصحيحات (التضخمية)، فقد يستغرق الأمر وقتا أطول (لخفض أسعار الفائدة). وإذا استغرق الأمر وقتا أطول، فسنستمر في تشديد (السياسة النقدية) لفترة أطول”.
وأضاف أنه في حال استمرار الارتفاع الأحدث في قيمة الشيقل، فإن ذلك من شأنه أن يساعد في انخفاض التضخم