تكتيكات كي.جي.بي الوحشية تعود للحياة في روسيا تحت حكم بوتين
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف بالاسم المدينة نفسها.
من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال.
وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب.
وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن".
هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.
ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة.
واليوم تواجه آلسو كرماشيفا الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب لإذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي يواجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.
فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو.
وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة.
سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن.
في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمسة عشر دقيقة من صعودها إلى الطائرة.
اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا.
وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".
وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.
وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا.
فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات.
وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المائة من التتار ذوي الأصول التركية.
ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية بريتني غرينر قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت في ديسمبر 2022.
ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال إيفان غيرشكوفيتش وجندي البحرية السابق بول ويلان.
ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين.
ماذا يريد بوتين؟إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية.
كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت.
لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.
وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.
زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري.
وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر.
وأثارت قصة هايكه فاتيركوت هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عامًا في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة.
كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت.. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم.
#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت "شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 25 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي بات موسكو تتبعها في عهد بوتين.المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ألمانیا الشرقیة کی جی بی
إقرأ أيضاً:
تنمية ليبيا بين الماضي المُهدر والمستقبل الممكن
مهما اختلفت المسميات، يبقى التعريف شبه المتفق عليه للتنمية أنها تهدف في النهاية إلى تحسين حياة الأفراد والمجتمعات، عبر عدة محاور متكاملة تؤثر وتتأثر ببعضها البعض، مثل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الثقافية.
في ليبيا، يظل الحديث عن التنمية الاقتصادية موضوعًا للجدل والنقاش الدائم: إلى أين وصلنا؟ وما هي محاور المسار التنموي؟ وبينما يكثر الحديث عن الابتكار والمواكبة، لا يُمنح إرث التنمية المعلّقة الاهتمام الجاد الذي يستحقه.
في عالم الاقتصاد، لا تُقاس جدوى المشروعات بالوسط السياسي المحيط بها أو الجهة التي تتبناها. وعليه، فإن العديد من المشاريع التنموية التي أُعلن عنها في عهد النظام السابق كانت على صلة مباشرة بحاجات المواطنين، وقادرة على تقديم حلول لمشكلات حرجة، لكن ما أحاط بها من فساد سياسي وإداري أفسد مسارها وواقعها، ويبرز مشروع القطار الليبي هنا كمثال على ذلك.
وينطبق الأمر نفسه على العديد من المشاريع التي اعتمدت على التعاون الدولي، إذ كانت في جوهرها خطوة صحيحة لتعزيز التنمية والاستفادة من الالتزامات الدولية. ومع ذلك، فإن شبهات الفساد والتراخي الإداري والقصور القانوني أضاعت سنوات من جهود التنمية، التي كان من الممكن أن تُحدث فارقًا ملموسًا في حياة المواطنين وفي مسار الاقتصاد الليبي.
استعادة الحقوق وتحويل الالتزامات إلى واقع
هذا المسار المهدر للتنمية أدركته حكومة الوحدة الوطنية، وتجلّى بشكل واضح في مراسم توقيع تنفيذ القطاع الفرعي “العزيزية – رأس اجدير” من مشروع الطريق السريع “امساعد – رأس اجدير”، أحد أكبر المشاريع الاستراتيجية للبنية التحتية في ليبيا، وذلك بحضور رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، ونائب وزير الخارجية الإيطالي ممثلًا عن الحكومة الإيطالية.
وخلال كلمته في حفل التوقيع، أكد رئيس الوزراء أن هذا اليوم يسجّل لحظة وطنية فارقة لاستعادة حقوق ليبيا، وتحويل التزامات دولية طال انتظارها إلى واقع ملموس. المشروع يُنفّذ بتمويل مباشر من الحكومة الإيطالية، في إطار اتفاقية الصداقة والشراكة والتعاون الموقعة بين ليبيا وإيطاليا في 30 أغسطس 2008، والتي نصّت على التزام الجانب الإيطالي بتمويل مشاريع للبنية التحتية بقيمة خمسة مليارات دولار أمريكي.
إحياء مشروعات واتفاقيات خاملة بهذا الحجم يمثل خطوة تنموية هامة، قادرة على دفع البلاد اقتصاديًا لسنوات، مع ضرورة التركيز على سلامة المنهجية والتنفيذ لضمان تحقيق أثر ملموس في الاقتصاد وحياة المواطنين.
تصحيح البوصلة في الاستثمار الأفريقي
لا يمكن الحديث عن إرث التنمية المهدور دون الإشارة إلى ملف الاستثمارات الخارجية الليبية. فعند تقييم التجربة خلال عهد القذافي، قد تبدو وكأنها خاطئة بالكامل، لكن الحقيقة أن التوجه لم يكن خاطئًا في جوهره، بل كان التنفيذ غير متزن.
كان النهج يتسم بضخ استثمارات ضخمة في بيئات أفريقية غير مستقرة، وتحميل الاستثمار شعارات سياسية مثل “القضاء على الهيمنة الغربية” أو تقديمه كردّ فعل على العزلة الدولية. لكنه في جوهره افتقر إلى رؤية اقتصادية واضحة، ما حوّل المشاريع إلى مبادرات عشوائية ضعيفة الإعداد، غالبًا بلا تنظيم مؤسسي أو وضوح قانوني، الأمر الذي جعلها عرضة للفشل أو النزاعات الطويلة أو الاستيلاء.
صحوة محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار
وفي سياق الاستثمار الخارجي، تبرز محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار كإحدى الجهات المسؤولة عن إدارة بعض هذه الاستثمارات.
المحفظة التي تأسست عام 2006 برأس مال يقارب خمسة مليارات دولار، عانت من ظروف صعبة منذ البداية؛ بدءًا من الاندفاع الاستثماري في بيئات غير مستقرة، مرورًا بالأزمات العالمية، ووصولاً إلى القيود الدولية التي كبّلت العديد من الأموال الليبية في الخارج، حتى أصبح مسارها غير واضح.
لكن مع وصول مجلس إدارة جديد برئاسة وزير الاقتصاد الليبي السابق مصطفى أبوفناس، يمكن القول إن المحفظة شهدت صحوة ملحوظة وشجاعة في اتخاذ المسار. وقد صرّح أبوفناس سابقًا بعد شهور من تولّيه منصبه بأن إدارة المحفظة تركز على توظيف مواردها في الاقتصاد الليبي الداخلي، مع الحفاظ على استثماراتها الخارجية عبر آليات مناسبة لكل استثمار وفقًا لحالته.
وشدد كذلك على سدّ القصور في التواصل مع الرأي العام بدرجة كبيرة من الشفافية. وقد انعكس ذلك بوضوح على منصات المحفظة الرسمية، التي تنشر بشكل شبه يومي تفاصيل اجتماعاتها وتوجهاتها، في أداء مؤسسي متطور ولافت للانتباه.
تناغم مع الاحتياجات الوطنية
الأهم هنا أن مسار المحفظة في التنمية الداخلية يمكن القول إنه واضح ومحدد، حيث تتوافق توجهاتها مع أهداف الدولة واحتياجاتها.
ومن صور ذلك مصنع أسمنت مصراتة الذي تعيد المحفظة تفعيله بعد توقفه منذ 2011، لدعم صناعة وطنية للأسمنت وتحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم مسار البناء والإعمار.
كذلك مشروعات تحسين جودة الحياة التي أعلنت عنها، مثل المدينة الذكية في تاجوراء، والمشروع السياحي في غوط الرمان.
ومن ثم مشروع طريقي العبور (ليبيا أفريقيا لممري العبور)، المشروع الأبرز والأكثر طموحًا، الذي تسعى المحفظة لتنفيذه بالتعاون مع عدة جهات وتحت إشراف وزارة المواصلات.
ويمثّل المشروع نقلة نوعية نحو تعزيز الربط الداخلي والإقليمي، من خلال إنشاء ممرين استراتيجيين يربطان ليبيا بالنيجر والسودان، عبر مساري “مصراتة – تمنهنت – أغاديس” و”بنغازي – الكفرة – السودان مرورًا بتشاد”. وهو مشروع ذو جذور تاريخية مرتبطة بمحاولات ليبيا السابقة لإحياء تجارة العبور واستغلال موقعها اللوجستي، مما يعني أنه يُوضع تحت مظلة مشروعات التنمية المعطلة. كما أنه على تماس مباشر مع مشروع القطار الليبي، حيث تشمل الخطط الفنية، إلى جانب الطريق البري، إنشاء بنية تحتية متكاملة تتضمن خطوط سكك حديدية.
وقد شهدت جهود إحيائه تعاونات جادة واجتماعات مطولة بين المحفظة ووزارة المواصلات، حتى جاء القرار الحاسم لمجلس الوزراء رقم (535) لسنة 2024، الذي أذن للمحفظة بالتعاقد لإعداد دراسات الجدوى، وطرح المشروع للاستثمار، كما قضى بتشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن وزارة المواصلات والمحفظة وعدة جهات حكومية أخرى.
المحفظة واللجنة العليا، وبحسب المتابعة الصحفية المستمرة لتحديثات المحفظة، تبدوان وكأنهما تخطوان خطوات استراتيجية ودبلوماسية مهمة، من أبرزها اجتماع المحفظة، ممثلة في أبوفناس وبرفقة مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي، مع ممثلي مفوضية الاتحاد الأفريقي، والذي انتزعت فيه المحفظة دعمًا رسميًا للمشروع، مع ضمان تبنيه ضمن برنامج تطوير البنية التحتية في أفريقيا (PIDA).
كما نجحت اللجنة في الاجتماع بالقائم بأعمال سفارة النيجر لدى ليبيا، حيث جرى التوافق على الشروع في إعداد مذكرة تفاهم تُشكل إطارًا أوليًا للتعاون المشترك بين البلدين فيما يتعلق بالمشروع، وهو الأمر نفسه مع القائم بأعمال سفارة نيجيريا.
وهنا يجب الالتفات إلى حقيقة مهمة، وهي أن ملف المشروعات ذات البعد الإقليمي، وكذلك ملف الاستثمارات الخارجية، ليس فقط في حاجة لإدارته من قبل اقتصاديين، بل من الضروري أن يكون الاقتصادي ملمًا بالعمل الدبلوماسي.
وبالنظر إلى السيرة الذاتية لأبوفناس كمثال، فإلى جانب مؤهلاته العلمية المنشورة بسيرته الذاتية (بكالوريوس العلوم السياسية من كلية الاقتصاد بجامعة بنغازي، ودبلوم عالٍ في العلاقات الدولية)، فإن تواجده في مناصب ذات أبعاد دبلوماسية سابقة مثل “مدير التعاون الدولي بوزارة الصناعة الليبية” و”منسق أعمال غرف التجارة والصناعة بالاتحاد المغاربي”، إضافة إلى كونه وزيرًا سابقًا للاقتصاد، يؤهله ليكون اسمًا ذا ثقل وحجر أساس في المشروعات الاستراتيجية التي تسعى المحفظة لتنفيذها، وأحد القادرين على فك الاشتباك في ملف الاستثمارات الخارجية. وهذا ما نحث عليه دائمًا في اختيار من يتولون الملفات الاستثمارية الحساسة: أن يجمع المختار بين الكفاءة الاقتصادية والقدرة الدبلوماسية.
الانتصارات القانونية ودورها في استعادة الاتزان
ويمكن رؤية الانعكاس الإيجابي لهذا النهج في ملف الاستثمارات الخارجية للمحفظة، في صحوة شركة أولى إنرجي التابعة. فبعد تخبطات عديدة، تعود الشركة لاستعادة عافيتها وتعزيز أدائها التشغيلي، وتحسن أدائها المالي وفقًا للبيانات المالية المعلنة من قبل المحفظة.
ويبرز هنا رفع الحظر عن الشركة في موريشيوس عام 2025، ما يعني استعادة كامل الأهلية القانونية والتحرك بحرية دوليًا، وهو إنجاز قانوني مهم ينسجم مع الأداء الدبلوماسي للمحفظة.
وفي المسار القانوني، سجلت المحفظة انتصارًا مهمًا منذ شهور في قضية الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ومعاونيه، بإلزامهم بدفع 8.3 ملايين يورو لصالح المحفظة كتعويض عن أضرار مادية ومعنوية.
وفي تقييم الأداء العام للمحفظة، لا يمكن القول إن الأمور مثالية بالكامل، خاصة أن العقبات ضخمة، لكن يمكن الجزم بأنها على المسار الصحيح في معالجة مشكلات الاستثمارات الخارجية، عبر الجمع بين المسارين القانوني والدبلوماسي، مع تركيز جاد على تنفيذ مشروعات قادرة على تغيير معادلة التنمية في ليبيا. وهو مسار نتمنى استمراره وتحقيقه.
ومن خلال ما استعرضناه، كمثال على ذلك المحفظة، يتضح أن جهود الدولة في إنعاش المشروعات الاستراتيجية وتنظيم الاستثمار الخارجي تسير على مسار متزن، ورغم بعض التعثرات المتوقعة بفعل ضخامة التحدي، فإن هذا التنسيق يعكس جدية الجهات المعنية ويشكّل خطوة إيجابية في دفع عجلة التنمية وتحقيق أثر ملموس للمواطنين.
وفي الختام، يظل مسار الدولة نحو إحياء المشروعات المتوقفة وتنقية الإرث الاستثماري خطوة أساسية لبناء قوة اقتصادية وسياسية مستدامة، تعزز جودة الحياة وتفتح آفاقًا أوسع للتنمية الوطنية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.